الأربعاء، 23 فبراير 2011

محاولات جريئة لاسقاط النظام بعيداً عن اجندة الاحزاب


اربكت حسابات أطراف الحوار.. وصمدت في مواجهة القمع والبلطجة

محاولات جريئة لاسقاط النظام بعيداً عن اجندة الاحزاب

النداء - سامي نعمان وجيه الدين

تدخل الاحتجاجات الشبابية المطالبة بتغيير النظام في اليمن أسبوعها الثاني، في ظل حالة احتقان شديد تشهدها البلاد بفعل طريقة تعاطي النظام مع المطالبين بإسقاطه.. ورغم أنها تتفاوت من محافظة إلى أخرى، إلا أنها تؤكد أن ردة الفعل الرسمية تأخذ حتى الآن ذات المنحى الذي سبق إليه النظام الرسمي في تونس ومصر، وانتهى بسقوطهما.

بلطجة في صنعاء

في صنعاء يواجه الشباب المتظاهرون باعتداءات بلاطجة مسلحين، بأسلحة نارية، وأخرى حادة، وعصي، وأحجار، واحتلال للساحات العامة، وسط تضييق وتحريض على الصحفيين، رغم أن الخطاب الرسمي يقول بعكس هذا... والأنكى من ذلك أن أجهزة الأمن تقف على الحياد في تلك الممارسات، إن لم تكن ضالعة في دعم ممارسات البلاطجة... وأجهزة الأمن هذه التي تنصب عشرات النقاط العسكرية في مداخل وشوارع العاصمة للتفتيش عن السلاح، تغض الطرف هذه الأيام عن عشرات المسلحين في قلب العاصمة، ما يبعث على التساؤل حول هويتهم، وفي أحسن الأحوال دواعي إباحة العاصمة أمام البلاطجة المسلحين الذين أوقعوا أزيد من 20 جريحا، بعضهم بإصابات خطيرة، خلال أسبوع البلطجة الطائف أمام أهم منبر ثقافي وتعليمي في قلب عاصمة البلاد، بيد أن أخبار الأمس تحدثت عن هدوء نسبي في الاعتداءات، وتمكن المحتجون من فرض سيطرتهم على الساحة المقابلة لمدخل الجامعة الشرقي المغلق منذ أسبوع تقريباً، وشرعوا في نصب خيامهم لاعتصام دائم أسوة بنظرائهم في تعز.

إصرار على سلوك الفوضى

يبدو المشهد مختلفاً بعض الشيء في تعز، فأمام حشود الشباب المعتصمين في ساحة الحرية بشارع صافر، والتي تقدر بالآلاف، ارتفعت إلى عشرات الآلاف في جمعة البداية، وتشكيل لجان تنظيمية، كان من الصعوبة مهاجمتهم بأسلوب صنعاء، فلجأ رجالات الحزب الحاكم إلى حشد أنصارهم في ذات الجمعة، إضافة لحشود من الأمن والجيش تملأ الفراغ، وتحدث بعض أولئك الأنصار عن تقاضي مبالغ مالية.

حتى تلك النقطة كان الأمر يسير على ما يرام، وهو ما لم يرُق لكثيرين من الغيورين على النظام، فعمدت عصابة مسلحة تستقل سيارة خصوصي مغلفة بصور الرئيس وشعارات الحزب الحاكم، إلى إلقاء قنبلة في وسط الشباب أسقطت أزيد من 70 جريحا، وتواترت الأنباء بين سقوط قتيل وقتيلين، وفي أحسن الأحوال هما وآخرون في حالة حرجة للغاية.. بُرر الأمر بالاستفزاز المتبادل، واكتفى المسؤولون بالحديث عن إلقاء القبض على بضعة متهمين يجري التحقيق معهم دون الكشف عن أي من تفاصيل ذلك التحقيق المزعوم مع عصابة مسلحة تجاوزت كل نقاط التفتيش لتلقي حمولتها القاتلة على اعتصام شبابي حضاري بكل سهولة، وتلوذ بالفرار.

عدن: أولوية إسقاط النظام

وفي عدن، سقط قرابة 10 قتلى، وأضعافهم من الجرحى، ابتداء من الثلاثاء وحتى الجمعة.. وعلى خلفية قتيلين وبضعة عشر جريحا في المنصورة الأربعاء الماضي، شكل الرئيس لجنة تحقيق في تلك الأحداث ليرتفع عدد القتلى في اليومين التاليين، وتحدثت أنباء عن إقالة مدير أمن عدن العميد عبدالله قيران، أو توقيفه، وتكليف نائب وزير الداخلية اللواء صالح الزوعري بمهامه، وعلقت المجالس المحلية بالمنصورة والشيخ عثمان أعمالها، أو قيل استقال أعضاؤها احتجاجاً على الاستخدام المفرط للقوة في مواجهة المتظاهرين، فيما تواترت أنباء عن استقالة محافظ عدن عدنان الجفري، على خلفية عدم اتخاذ إجراء جدي بحق مدير الأمن، لكن نائب الرئيس رفضها، وفقاً لعدد من وسائل الإعلام.

هناك في عدن، حيث شهدت جانباً من الانفلات الأمني وحالة فوضى أحرقت معها عدد من المرافق الحكومية وأقسام الشرطة، في ظل انتشار كثيف لآليات الجيش في الشوارع، كان شباب المحافظة خرجوا بمطالب جديدة، ربما هي أكثر استفزازاً للنظام من فك الارتباط.. لقد ضموا أصواتهم إلى زملائهم في صنعاء وتعز المنادين بإسقاط النظام، على أن بعض المطالب السابقة حضرت بشكل باهت.

وشهد الأسبوع الماضي خروجاً للآلاف في محافظات الحديدة، وإب والبيضاء والضالع وحضرموت، اشتركت بعضها في ذات المطالب السابقة، فيما كانت بعض المظاهرات خصوصا في بعض المدن الجنوبية، تتضامن من قتلى عدن، في ظل خفوت ملحوظ لأنشطة قيادات الحراك الجنوبي خلال أيام الأسبوع، غير أن اعتقال القيادي في الحراك حسن محمد باعوم، مساء السبت، من مستشفى النقيب بعدن، بعد أن نقل إليه وهو بحالة سيئة، يعيد إلى الواجهة الممارسات التعسفية الاستفزازية بحق الرجل الذي اعتاد السجون وتدهور الوضع الصحي معاً... وهذا الإجراء على غرابته في المرحلة الراهنة يوحي بأن النظام يجهد لاستدعاء حضور الحراك ليطغى على خيارات الشعوب في الوقت الراهن المطالبة بإسقاط الأنظمة.

مشهد تراجيدي للحوار

كالعادة، لا جديد على صعيد الحوار الذي لم يبدأ –على شدة الحاجة الماسة إليه- منذ الدعوة الرئاسية لاستئنافه في الثاني من شباط الجاري، بحزمة إغراءات طالما حلمت بها المعارضة، وآخر ما استجد في هذا الأمر هو العودة إلى الاتهامات المتبادلة بعرقلة الحوار.

وأمس اعتبرت أحزاب اللقاء المشترك، وشركاؤها في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني، ما يثار من قبل السلطة وأجهزتها الإعلامية عن الحوار لا يعدو كونه ضجيجا لتضليل الرأي العام المحلي والإقليمي، وأكدت أنه لا حوار مع الرصاص وأعمال البلطجة، ولا حوار مع سلطة تحشد المرتزقة والمأجورين لاحتلال الساحات العامة ومداخل المدن وإرهاب الأهالي وتعكير السكينة العامة.

وفي مقابل الكثير من الانتقادات الموجهة للتكتل المعارض لضبابية موقفه من الاعتصامات الشبابية، دعا كافة المكونات الحزبية والمجتمعية إلى الالتحام بالشباب المحتجين وجماهير الشعب في فعالياتهم الرافضة لاستمرار القمع والاستبداد والقهر والفساد، مدينا جرائم القتل وكافة أعمال القمع والإرهاب التي تعرض لها الشباب، وأكد أن تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم.

وبالأمس أيضا أكد الرئيس علي عبدالله صالح استعداده لتلبية الطلبات المشروعة لأحزاب المعارضة والتجاوب معها ورعاية الحوار بصفته رئيسا للدولة وليس رئيسا للحزب الحاكم.

رئيس البلاد أبدى أسفه لما وقع من أحداث "غير مسؤولة" في عدن نفذتها من وصفها بـ"عناصر خارجة عن النظام والقانون"، كما أسف لتضرر الصحفيين ورجال الأمن نتيجة أعمال عنف من عناصر مدسوسة، مبديا رغبته بعدم تكرارها... هو أشار أيضا إلى مؤامرات خارجية وراء تلك الأحداث تستهدف أمن واستقرار البلاد.

خارج السياق السابق لأطراف الحوار الرئيسية، تقدم حزب رابطة أبناء اليمن بموقف جريء، معلناً وقوفه مع مطالب الشارع بـ"إسقاط النظام"، وقال الأمين العام للحزب محسن أبو بكر بن فريد إنه "لا سبيل ولا بديل للنظام إلا الرحيل"، وهو الموقف الذي أثار حفيظة المؤتمر الشعبي العام الحاكم، واصفاً اياه بـ"الانتهازي" لقيادة الحزب.

هو مفترق طرق أكثر تشعباً إذن، فقبل الالتقاء عند نقطة اتفاق بعد حزمة الإغراءات الرئاسية السابقة، والتي قبلتها المعارضة كمقترحات، عادت تلك الأطراف إلى سبيلها المتوازي بلا نقطة التقاء، تتجاذبها هواجس الانفصام عن نبض الشارع الذي يسلك هو الآخر وجهة لا تراعي محاذير الساسة، وربما لا تكون نتائج أي حوار محتمل مقنعة أو ملزمة للشارع الذي استلهم الثورات الشعبية في تونس ومصر، وقرر أن يحذو حذوهما بالمطالبة السلمية بإسقاط النظام.

حمى مغازلة القبائل

لا تقتصر حمى السباق على الميادين وحشد الأنصار، فهناك سباق على كسب تأييد القبائل، وضمها إلى صفوف المؤيدين، أو المعارضين، وإن كانت المعارضة أو أطراف الاحتجاج لم تخطب ودهم بشكل مباشر.

فعلى مدى الأسبوع الماضي، كثف الرئيس لقاءاته بشيوخ وأعيان قبائل صنعاء وعمران وحجة، التي تتقاسم مع كافة مكونات الشعب معاناة وتدهور الأوضاع، وربما أكثر منهم.

بدت اللقاءات أشبه بحالة استنفار لتلك القبائل في مواجهة ما يصفها الإعلام الرسمي بدعوات الفوضى والتخريب، ودغدغة مشاعرهم بالحديث عن تاريخ نضالي لتلك القبائل في تحقيق الثورة والوحدة والدفاع عنهما.. ويخلص الإعلام الرسمي إلى الحديث عن تجديد تلك القبائل الولاء للرئيس، واستعدادهم للدفاع عن الوطن من المتآمرين ودعاة الفوضى.

في المقابل خرج رئيس مجلس التضامن الوطني الشيخ حسين الأحمر بإجراء مماثل إذ حشد نهاية الأسبوع الماضي، عددا من قبائل حاشد وبكيل، وخطب ودهم في الإخاء، وذكرهم بتاريخ النضال والمصالح المشتركة، وأكد في تصريحات لصحفيين عقب اللقاء، وقوف قبائل حاشد مع التغيير، معتبراً لقاءات الرئيس بالقبائل مجرد ظاهرة إعلامية، هدفها الوداع الأخير.

أكثر من ذلك فقد أكد أن قبائل حاشد ستتدخل لحماية المتظاهرين سلمياً وحماية الممتلكات العامة في صنعاء إن لم تتوقف السلطة عن بلطجتها في مواجهة المتظاهرين.

حسين الأحمر، عضو مجلس النواب عن الحزب الحاكم، الذي تشوب علاقته بالرئيس علاقة شد وجذب، يكون هو الطرف الأكثر تصعيداً فيها، لم يعلن استقالته من الحزب الحاكم أسوة بزميلين له في كتلة الحزب البرلمانية، ولم يدرج اسمه في قائمة تضم قرابة 10 نواب آخرين هددوا بالانسحاب، احتجاجا على قمع المظاهرات، رغم موقفه المتقدم في انتقاد أعمال البلطجة، والشعارات المناطقية التي يرفعها بلاطجة النظام الحاكم في وجه المتظاهرين.

وكانت عدد من المنظمات الحقوقية اليمنية اتهمت الرئيس علي عبدالله صالح بالسعي لإثارة الانقسامات القبلية بين المجتمع، محذرة من خطورة الورقة المناطقية التي يلجأ لها النظام، حيث تهدد بشكل خطير السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية.

الاحتجاجات في صدارة التفاعل المحلي

تستحوذ الاحتجاجات الشبابية على صدارة الاهتمام والتفاعل المحلي في الوقت الراهن، ويبدو أن جميع الأطراف باتت تبني مواقفها آخذة في جل اعتبارها حركة الشارع التي لا يستبعد أنها قادرة على رسم مستقبل البلاد كما حدث في تونس وبعدها مصر.

والتقى الرئيس بمن وصفهم الإعلام الرسمي ممثلين لطلاب جامعة صنعاء في ظل تواتر الأخبار عن إقالة رئيس الجامعة الدكتور خالد طميم وتكليف نائبه بمهامه، كما سبق أن أعلن فتح مكتبه أمام المواطنين لمعرفة مشاكلهم وهمومهم عن كثب، وإضافة للقاءاته بشيوخ القبائل التقى بعدد من المجالس المحلية للمحافظات، ومنظمات المجتمع المدني المقربة من السلطة، وكان هاجس الاحتجاجات هو محرك تلك اللقاءات.

وإضافة للنائب عبدالكريم الأسلمي، استقال زميله الدكتور عبدالباري دغيش من عضوية الحزب الحاكم، احتجاجاً على قمع المظاهرات السلمية وأعمال البلطجة والقتل بحق المتظاهرين والمعتصمين، كما انسحب 10 برلمانيين ينتمون للحزب الحاكم من مجلس النواب، السبت، احتجاجا على تجاهل رئيس البرلمان مناقشة الأوضاع الجارية في البلد، وهددوا بالاستقالة من عضوية الحزب الحاكم.

ورفض المعتصمون في تعز الحوار مع لجنة برلمانية التقتهم السبت في ساحة اعتصامهم، وطالبوا أعضاء اللجنة بالاستقالة من الحزب الحاكم والانضمام إليهم، وأكدوا على مطلبهم الأساسي المتمثل برحيل نظام الرئيس صالح.

وانضم عدد من أعضاء نقابة هيئة التدريس بجامعة تعز، السبت، إلى المعتصمين، وقاموا بنصب خيمة خاصة بهم في ساحة الحرية. وأكد أعضاء هيئة التدريس أن ساحة الحرية تمثل نواة لثورة شعبية ستطيح بسلطة الفساد وتقتلعها من جذورها، وتؤسس لمرحلة جديدة، مدينين الاعتداء الذي تعرض له المحتجون الجمعة بإلقاء قنبلة خلفت عشرات الجرحى.

والجمعة، دعا الرئيسان الجنوبيان السابقان علي ناصر محمد، وحيدر أبو بكر العطاس، إلى "تركيز مطالب أنصار الحراك الجنوبي السلمي والمتظاهرين في صنعاء وتعز ومحافظات أخرى بإسقاط النظام، لإجباره على الرحيل"، بحسب بيان صدر عنهم وقيادات أخرى في الخارج.

وأعلنت جماعة الحوثي تأييدها لمطالب المحتجين من أبناء الشعب اليمني ودعمها لمطلبهم بإسقاط النظام، مؤكدة أنها ستلتحم بجموع الشعب في حال خروجه بشكل واسع، وأكد الناطق باسم الجماعة محمد عبدالسلام في تصريح لـ"نيوزيمن" أن مسيرات سلمية ستخرج في العديد من مديريات صعدة للمطالبة بإسقاط النظام، والمطالبة بالتغيير، وإزالة الفساد والظلم وإنهاء الاستبداد.

وتركيز دولي حذر..

تنافس أحداث اليمن على نحو خجول للاستحواذ على الاهتمام الدولي والإعلام الخارجي، ربما لتزامنها مع أحداث أكثر دموية في ليبيا، وأكثر تسارعاً في البحرين، ورغم ذلك احتلت أحداث اليمن موقعها في الاهتمام الدولي المراقب بحذر أوضاع العالم العربي، كما أولتها المنظمات الحقوقية الدولية اهتماما بارزا وصدرت مواقف أكثر قوة من مواقف بعض قوى الضغط المحلية.

فقد دعت السفارة الأمريكية بصنعاء الحكومة اليمنية إلى الالتزام بمسؤوليتها في حماية حياة وممتلكات كافة اليمنيين وصون حقوقهم الأساسية الإنسانية والمدنية، مشيرة إلى أن تواجد مسؤولين حكوميين أثناء وقوع هذه الاعتداءات، يتعارض مع التعهدات التي التزم بها الرئيس في حماية حقوق المواطنين اليمنيين في التجمع السلمي للتعبير عن آرائهم.

وعبرت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون، عن قلقها مما يجري في اليمن، خاصة الأحداث التي وقعت في عدن، وعبرت عن أسفها لوقوع الضحايا، مشددة على ضرورة احترام وحماية حرية الشعب في التعبير عن مصادر قلقه.

وندد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والمفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، والبرلمان الأوروبي، ووزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط اليستر بيرت، بأحداث العنف التي اندلعت في كل من اليمن البحرين وليبيا الجمعة، والتي أسفرت عن سقوط العديد من القتلى والجرحى، وأدانوا لجوء الحكومات إلى استخدام العنف في مواجهة الاحتجاجات، داعين حكومات تلك الدول إلى احترام حق المتظاهرين في التعبير عن آرائهم.

وقد حذرت فرنسا مواطنيها من السفر إلى اليمن، وحثت رعاياها هنا على تجنب أماكن المظاهرات والتجمعات.

ودعت هيومن رايتس ووتش الرئيس علي عبدالله صالح إلى أن يوقف فوراً الهجمات التي تشنها قوات الأمن على المتظاهرين السلميين والصحفيين، مشددة على ضرورة ضبط قوات الأمن ونزع أسلحة العناصر الاستفزازية المؤيدة للحكومة، وإجراء تحقيق مستقل ونزيه في أحداث الأسبوع الماضي، وملاحقة المسؤولين الحكوميين المسؤولين عن الانتهاكات".

واستنكرت منظمة العفو الدولية الهجمات الوحشية ضد المتظاهرين المسالمين على أيدي قوات الأمن، وقالت إن "اليمن يحتاج إلى كبح جماح قوات الأمن على الفور ووقف الاستخدام المفرط للقوة واستخدامها للعصي والهراوات الكهربائية على المتظاهرين".

ونددت منظمة مراسلون بلا حدود، ولجنة حماية الصحفيين الدولية بالاعتداءات التي تطال الصحفيين من قبل رجال الأمن وضباط الشرطة ورجال يرتدون ملابس مدنية، ودعتا السلطات اليمنية إلى السماح للصحفيين بالقيام بعملهم دون التعرض للاعتقال أو الاعتداء, مطالبتين بالتحقيق في الاعتداءات عليهم.

صحيفة النداء - www.alnedaa.net

هيومن رايتس ووتش: وعود الرئيس صالح بوقف العنف لا تعني شيئاً طالما المتظاهرين السلميين ما زالوا تحت الهجمات القذرة.

(نيويورك، 23 فبراير/شباط 2011) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن الشرطة سمحت لجماعات مسلحة موالية للحكومة بمهاجمة متظاهرين سلميين في العاصمة اليمنية صنعاء ليلة 22 فبراير/شباط 2011. قتلت الجماعات المسلحة متظاهراً واحداً معارضاً للحكومة وأصابت 38 آخرين، طبقاً لشهود عيان.

وقال شهود عيان لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة انتشرت بحجة حماية المتظاهرين المعارضين للحكومة على بوابات جامعة صنعاء، ثم تنحت جانباً للسماح بهجوم من قبل مجموعة كبيرة من المؤيدين للحكومة مسلحين ببنادق كلشينكوف وعصي وخناجر. وصلت المجموعة المسلحة في شاحنات، واحدة منها تعرض صورة كبيرة للرئيس. في 20 فبراير/شباط وعدت الشرطة بحماية المتظاهرين. وتعهد الرئيس علي عبد الله صالح بأن قواته لن تطلق النار إلا دفاعاً عن النفس.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "عناصر الشرطة التي وقفت جانباً وتركت الآخرين يؤدون عملها القذر نيابة عنها، يجب أن تُحاسب. وعود الرئيس صالح بوقف العنف لا تعني شيئاً طالما المتظاهرين السلميين ما زالوا تحت الهجوم".

وقال طبيب كان حاضراً أثناء الهجوم لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة شكّلت في بداية الأمر صفاً فاصلاً للمتظاهرين عن المؤيدين للحكومة المسلحين على جانبي الميدان، وأضاف: "فجأة سمحت الشرطة لهم بالدخول وبدأوا في رشقنا بالحجارة. ثم غادرت الشرطة وفتح البلطجية النار، وكانوا على مسافة نحو 100 متر منّا".

قال شاهد آخر إنه رأى سيارة تدخل إلى الميدان ويهبط منها رجلان ويبدآن في إطلاق النار مباشرة على المتظاهرين ببنادق كلاشينكوف. قال إنه رأى مؤيدين آخرين للحكومة يحملون المسدسات. أظهر المتظاهرون لـ هيومن رايتس ووتش مظاريف نحو 20 رصاصة بندقية كلاشينكوف ومسدس قالوا إنهم عثروا عليها في الميدان بعد الهجوم مباشرة. قال نشطاء حقوق الإنسان لـ هيومن رايتس ووتش إن المسلحين شوهدوا وهم يطلقون النار من بناية مجاورة.

ولم تكن الشرطة قريبة من المكان طيلة خمس دقائق استمر فيها إطلاق النار من جانب المجموعة الموالية للحكومة، حسب قول شهود العيان لـ هيومن رايتس ووتش. بعد أن وصلت تعزيزات الشرطة، بدأت الشرطة في إطلاق النار في الهواء، لكنها أخفقت في منع مؤيدي الحكومة طيلة 20 دقيقة أخرى بينما استمر إطلاق النار بشكل متفرق، حسب قول شهود العيان.

قال الطبيب إن بعد بدء إطلاق النار مباشرة، تم نقل أربعة مصابين من صفوف المتظاهرين إلى الخيمة الطبية. وقال: "كانوا جميعاً مصابين برصاصات في مختلف أنحاء الجسد. أحدهم أصيب برصاصة في رأسه". قال إن أحدهم مات على الفور وهناك آخر في حالة حرجة. ورد في تقارير إعلامية وعلى لسان نشطاء حقوقيين يمنيين أن شخصاً ثانياً مات متأثراً بجراحه، لكن لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد.

نحو 10 من بين المصابين الـ 38 في حالة حرجة ونُقلوا إلى المستشفى. طبقاً لطبيب، فإن مستشفى القويت، وهي مؤسسة حكومية، رفضت استقبال 4 مصابين. اضطروا للانتقال إلى منشأة طبية أخرى، على حد قول الطبيب.

حتى الساعة 1:30 صباح 23 فبراير/شباط، كان هناك العديد من المتظاهرين المعارضين للحكومة ما زالوا في الميدان. ما زال مؤيدو الحكومة يحتلون جزءاً كبيراً منه ويرقصون وينشدون شعارات مؤيدة للحكومة.

وقام المتظاهرون المطالبون بتنحي صالح بتنظيم مسيرات يومية في المكان منذ 11 فبراير/شباط، وبدأواف ي اعتصامات على مدار عطلة نهاية الأسبوع. بعد عدة هجمات من العناصر الاستفزازية المؤيدة لصالح، وعدت الشرطة البلدية في 20 فبراير/شباط المتظاهرين بأنها ستضمن حمايتهم.

وأكدت الحكومة اليمنية مقتل شخص في الهجوم بتاريخ 22 فبراير/شباط ومقتل 4 في مسيرات ساعية لتنحي صالح منذ 16 فبراير/شباط، طبقاً لمعلومات حصلت عليها هيومن رايتس ووتش من منظمات حقوقية يمنية. أحد المنظمات الحقوقية قالت إن العدد أكبر، وقدمت أسماء 16 شخصاً قالت إنهم قُتلوا في مدينة عدن الساحلية وحدها، ومن بينهم صبي في الرابعة عشرة من عمره. قالت المنظمات اليمنية أن المتظاهرين في عدن قُتلوا على يد الجيش أو وحدات أمنية حكومية أخرى أثناء التظاهرات السلمية بالأساس. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد من ملابسات الوفيات.

ومات ضحية آخر في 20 فبراير/شباط متأثراً بإصاباته من هجوم بقنبلة يدوية من قبل مجهول قبل ثلاثة أيام في مدينة تعز. وحصلت منظمات حقوقية يمنية على أسماء القتلى من المستشفيات والأقارب.

بدأت الاحتجاجات في شتى أنحاء اليمن في 3 فبراير/شباط، وخلفت أكثر من مائتي مصاب، حسبما قالت منظمات حقوقية يمنية لـ هيومن رايتس ووتش. أفادت تلك المنظمات بأن 76 من المصابين أصيبوا أثناء احتجاجات عدن في 16 إلى 18 فبراير/شباط. وفي تعز، أصيب 87 شخصاً في 18 فبراير/شباط من هجوم القنبلة اليدوية.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة أن تحقق فوراً في دور الشرطة والجيش وأية مؤسسات أمنية أخرى في الهجمات.

وقالت سارة ليا ويتسن: "دفع 18 شاباً يمنياً على الأقل الثمن بأرواحهم، لمجرد مطالبتهم حكومتهم باحترام حقوقهم الأساسية". وتابعت: "على السلطات اليمنية أن تسمح للمتظاهرين السلميين بالتعبير عن مظالمهم دون تعريضهم للموت أو الإصابة، على أيدي قوات الأمن أو جماعات مسلحة موالية للحكومة".

سبق لـ هيومن رايتس ووتش أن وثقت الدور الظاهر للحكومة في تنسيق تواجد العناصر المثيرة للشغب الموالية للحكومة والمتظاهرين الموالين لصالح، منذ بدء المظاهرات اليومية بدءاً من 11 فبراير/شباط.

وقال مسؤولون حكوميون يمنيون إنهم يحتجزون تسعة أشخاص على صلة بهجوم القنبلة اليدوية في تعز. في 21 فبراير/شباط، قال الرئيس صالح – الذي وصف المظاهرات المعادية للحكومة الزاحفة من تونس ومصر بأنها "فيروس" – إنه أمر قوات الأمن بعدم إطلاق النار إلا دفاعاً عن النفس.

اليمن بصفتها دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فهي مُلزمة بحماية الحق في الحياة وأمان الأفراد على أنفسهم، والحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي. كما أن على اليمن الالتزام بمبادئ الأمم المتحدة الأساسية الخاصة باستخدام القوة والأسلحة النارية، التي تنص على عدم استخدام القوة المميتة إلا لكونها لا بديل عنها لحماية الأرواح، وأن تُمارس مع ضبط النفس وبشكل متناسب.

الأربعاء، 16 فبراير 2011

حكام... وبلاطجة... سامي غالب

جريدة النداء

التكرار لا يعلِّم الحكام في العالم العربي! والبلطجة التي استخدمت في الأيام الثلاثة الماضية ضد تظاهرات سلمية في عدة مدن يمنية آية ساطعة على أن السلطة لم تقرأ جيداً الدرسين التونسي والمصري.

ليس هذا فحسب، بل إن ما تحقق في مصر من انجاز ثوري باهر و فريد أطاح بحكم ديكتاتوري فاسد هو في عقل السلطة اليمنية «أمر لا يشرف مصر ولا أبناءها» حسبما قال يحيى الراعي رئيس مجلس النواب، المعهود بعفويته الشديدة.

الشعوب العربية تتعلم والحكام المشاغبون «يزوغون» من المدرسة. وصباح أمس أرسل المشاغب اليمني مئات البلاطجة لمنع الشباب اليمني المتشوق للحرية والحياة الكريمة من ممارسة حقه في التعبير.

في عدن وصنعاء وتعز والحديدة نفذ البلاطجة انتهاكات جسيمة ضد شباب من الجنسين، ما يفيد بأن الحكم في اليمن عاجز تماماً عن التكيف مع المتغيرات والمستجدات الأخيرة والتي تقطع بأفول «البلطجة» في العالم العربي.

لم يكتف النظام التونسي بقمع المعارضين والصحفيين والحقوقيين فوق الأراضي التونسية، بل كان يتعقبهم جواً إلى خارج الحدود، مرسلاً بلاطجة من الحزب الحاكم والأجهزة الأمنية يحملون هويات صحفية أو مدنية أو حقوقية، وذلك لغرض ترويعهم والتنكيل بهم.

وفي مصر تنامي دور البلطجة في الانتخابات البرلمانية دورة تلو أخرى على مدار عقدين حتى بلغ أوجه في الانتخابات الأخيرة (نوفمبر 2010). وهي -أي البلطجة- كانت السلاح، الأخير والبائس، في جعبة الفرعونية السياسية التي انحدرت إلى دور الحضيض في عهد حسني مبارك. وقد تكفل «الشعب المعلم» بدحر الطاغية وبلاطجته نهائياً من أرض مصر.

إلى البلاطجة الذين اطلقتهم الأجهزة الأمنية وحزب الرئيس اليمني في شوارع وميادين عدن وصنعاء وتعز والحديدة، عاودت السلطة الحاكمة التلويح بسلاح الاقتتال القبلي والمناطقي وهو سلاح تقليدي وأثير لدى الحكام في اليمن الحديث والمعاصر.

وليس هناك ما يوجب الاندهاش لكل من يتابع اللقاءات التي يجريها كبار المسؤولين في الدولة مع بعض الجماعات القبلية بعد ساعات فقط من دعوة الحوار التي وجهها الرئيس صالح إلى احزاب المعارضة.

الشباب اليمني يتشرب قيم العصر ويتعلم استخدام أدواته مستلهماً النموذجين التونسي والمصري، والحاكم يشهر أسلحته التقليدية لأنه أدمن «التزويغ من المدرسة» ويوشك على اللحاق برفيقيه التونسي والمصري.

الثلاثاء، 15 فبراير 2011

اليمن: قوات الأمن تعتدي على النشطاء

هجمات على متظاهرين وصحفيين في مسيرات صنعاء

يبدو أن الرئيس صالح يقتبس من كتاب مناورات مبارك منتهي الصلاحية، عن كيفية التعامل مع المظاهرات. لو كان هناك يجب أن يتعلمه الرئيس صالح، فهو أن الهجمات العنيفة على المتظاهرين لن تُخمد المعارضة.

(صنعاء) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن قوات الأمن اليمنية اعتدت على متظاهرين ونشطاء ومحامين وصحفيين في صنعاء العاصمة يوم 14 فبراير/شباط 2011، على ما يبدو دون مبرر لذلك.

رصدت هيومن رايتس ووتش وشهود آخرون الهجمات، وأغلبها وقعت أثناء تظاهرة بدأت من جامعة صنعاء. تعرضت مجموعة من الصحفيين اليمنيين للضرب من قبل قوات الأمن ومجموعات من مؤيدي الحكومة ورجال أمن في ثياب مدنية، وقاموا باعتقال والاعتداء على ومصادرة مواد من صحفيين دوليين، منهم مراسل قناة "بي بي سي" العربية.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يبدو أن الرئيس صالح يقتبس من كتاب مناورات مبارك منتهي الصلاحية، عن كيفية التعامل مع المظاهرات. لو كان هناك يجب أن يتعلمه الرئيس صالح، فهو أن الهجمات العنيفة على المتظاهرين لن تُخمد المعارضة".

كما يبدو أن قوات الأمن الحكومية تُنظم مجموعات من المؤيدين للحكومة للاعتداء على المتظاهرين المعارضين للحكومة، رغم أن الشرطة في بعض الحالات لجأت لمنع التصادمات. في إحدى الحالات ظهر بين المؤيدين للحكومة بعض الأطفال.

بدأ الطلاب ونشطاء الشباب في التظاهر ضد الحكومة من الساعة 10 صباحاً أمام الحرم الجامعي الجديد لجامعة صنعاء. وانضم إلى المظاهرة النائب البرلماني أحمد سيف حاشد.

اتصل فايز نعمان - الناشط الشبابي الذي ضربته الشرطة أثناء مظاهرات 13 فبراير/شباط - بمصدر تابع لـ هيومن رايتس ووتش ليقول إنه تعرض للاعتقال قبل بدء المظاهرة بقليل. يقول زملاء نعمان إنه محتجز في مركز شرطة 22 مايو.

مع تجمع نحو 100 متظاهر في مقر جامعة صنعاء وهم يرددون الهتافات، انضم إليهم المئات غيرهم. التواجد المبدئي للأمن كان حوالي 30 رجلاً وزاد عددهم إلى 50، منهم عناصر من الشرطة والجيش - ضابط قوات خاصة واحد وأمن مركزي وشرطة الطوارئ ورجال أمن مدنيين، جميعهم تم التعرف عليهم من زيهم.

بدأ المتظاهرون الموالون للحكومة الانتظام بعد نصف ساعة. قال نشطاء وصحفيون يمنيون لـ هيومن رايتس ووتش إنهم شاهدوا قوات الأمن تنقل المتظاهرين الموالين للحكومة إلى ميدان التحرير بجامعة صنعاء، حيث يوجد مقر دائم لمؤيدي الحكومة. بدا عليهم أنهم شباب، وبعضهم في سن المدارس الثانوية، لكن لم تقع مصادمات لأن الشرطة فصلت بين الطرفين.

حوالي الساعة 11 صباحاً، خرج 500 عضو بنقابة المحامين في مسيرة إلى الجامعة الجديدة من مقرهم وسرعان ما انضموا إلى مظاهرة الطلاب. قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن دافعهم الأساسي لهذا كان هجوم في وقت مبكر على رئيس النقابة، عبد الله راجح. من بين قيادات احتجاج المحامين خالد الأ،يسي، الذي قبضت عليه قوات الأمن أثناء أحداث 13 فبراير/شباط ثم أفرجت عنه. وردد المحامون هتافات تنتقد الفساد الحكومي والادعاء الحكومي.

ثم اتجهت هذه المجموعة المتضخمة من المتظاهرين المعارضين للحكومة إلى وزارة العدل. حاولت قوات الأمن أن توقفهم، واخترق المحامون الحاجز الأمني بعد أن لوح بعض رجال الأمن بالهراوات تهديداً لهم. لكن مع التقدم على الطريق، ظهرت مجموعة جديدة من مؤيدي الحكومة.

كانت المجموعة الجديدة تضم صبية يبدو أنهم في المدارس الإعدادية أو الثانوية، يحملون العصي والهراوات ويرفعون صورة الرئيس. حاول الصبية مهاجمة المحامين، لكن الشرطة منعتهم. إلا أن هيومن رايتس ووتش رصدت وجود عناصر في ثياب مدنية وثياب رسمية من الأمن اليمني ينظمون ويوجهون مؤيدي الحكومة. وسرعان ما عادت المظاهرة المناهضة للحكومة أدراجها إلى الجامعة.

وقالت سارة ليا ويتسن: "نشر الأطفال كالقوات وفي أيديهم الأسلحة وسط ما قد يتحول بسهولة إلى مواجهة عنيفة، هو أسلوب خسيس ومتدني للغاية لإخماد الاحتجاجات العامة". وتابعت: "هذا لا يعني إلا أن الحكومة اليمنية قد بلغت الحضيض في تعاملها مع التظاهرات".

كما هاجمت قوات الأمن ومؤيدو الحكومة المسلحون صحفيين أجانب ويمنيين. بالقرب من التقاطع الرئيسي المطل على الجامعة، هاجم متظاهرون حكوميون مسلحون بالعصي عبد الله غراب، مراسل البي بي سي العربية، إذ ضربوه على رأسه ووجهه وجسده. أُجبر غراب على الإيجاز في تقريره الميداني.

وقد راقب ضباط الأمن الهجوم ولم يتحركوا لوقفه، بدلاً من ذلك شجعوا المهاجمين، وهم يصيحون بأن غراب جاسوس ويجب أن يُهاجم، على حد قول غراب والطاقم المرافق له. المهاجمون قالوا إن غراب ماسوني، وجاسوس، وكلب، واتهموه بـ "بيع بلده لأجل الدولارات". قابلت هيومن رايتسو وتش غراب بعد ذلك، وكان أنفه منتفخاً وهناك جرح دموي كبير على وجهه، من أعلى الوجه إلى أسفله.

قال غراب إن المهاجمين نقلوه إلى سيارة لاند روفر بيضاء، حيث رأى حافظ مؤيد، رئيس الجمعية الاقتصادية اليمنية، وأحد كبار رعاة الجمعيات الحكومية ومسؤول كبير في الحزب الحاكم، وكان يجلس في المقعد الأمامي للسيارة.

قال غراب إن مؤيد نعته بالجاسوس. ضباط الأمن المركزي خارج السيارة نصحوا مؤيد بأن يترك غراب. وقال غراب وشهود آخرون إنهم رأوا بعض المعتدين يخرجون من سيارة مؤيد.

وقال غراب بغضب لـ هيومن رايتس ووتش: "أنا لست بغير والبلد ليس بخير. هذه هي نتيجة قول الحق".

أفادت شبكة السي إن إن بأن قوات الأمن اليمنية صادرت تسجيلات فيديو للشبكة يوم الأحد، لكنها أعادتها بعد ذلك.

وقالت سارة ليا ويتسن: "مهما حاولت الحكومة اليمنية إخفاء عنف قوات الأمن ضد المتظاهرين السلميين عن أعين العالم وأذانه، فسوف تفشل. في هذا اليوم وفي هذا العهد، سوف تظهر الحقيقة".

عبد الرحمن برمان، المحامي والمسؤول في منظمة هود اليمنية الحقوقية المعروفة، أبلغ هيومن رايتس ووتش أيضاً بأنه شهد على اعتقالات وأعمال عنف في 14 فبراير/شباط. نحو 100 عامل مياومة تجمعوا في الصباح قرب محطة حافلات بيت، حيث يتجمعون عادة للعمل، وبدأوا في التظاهر ومطالبة الرئيس بالتنحي لأنهم لا يجدون عملاً. برمان رأى رجال الشرطة وضباط الأمن العام يقبضون على رجل كان ينظم المتظاهرين، بالإضافة إلى آخرين. قال إنه رأى 15 عنصر من شرطة مكافحة الشغب يهاجمون المتظاهرين، ويفرقونهم بعنف، ويقبضون على ستة أو سبعة منهم. من بينهم يوسف عبد الله الجيل ومازن أحمد وصدام العلي وعبد الرحمن حسن وقيس صادق. وليس من الواضح إن كانت الشرطة قد نسبت اتهامات إليهم أو مكان احتجاز الرجال.

حوالي الواحدة والنصف مساءً، شاهد برمان متظاهرين مؤيدين للحكومة يهاجمون مظاهرة طلابية بالزجاجات الفارغة والحجارة قرب الجامعة الجديدة. تراجع الطلاب إلى الجامعة، مع فتح شرطة الجامعة البوابات لهم. بالداخل، رأى برمان ستة أو سبعة من شرطة الجامعة يضربون سبعة متظاهرين.

الأحد، 13 فبراير 2011

صناعة النهاية بأقل قدرٍ من التضحيات!

سامي نعمان*

انهم أنانيون للغاية...

بالنسبة لشعوب عربية عاطفية، وانظمة مصلحية، جمهورية كانت او ملكية، سيكون بإمكان الحاكم ان يحافظ على مصالحه ويطيل أمد حكمه

دون مشاكل تذكر، فقط بمراعاة الجزء اليسير من مصالح المواطنين.

لكن ان تُحكم بنظرية فرعون : "أليس لي ملك مصر"! و " ما أريكم إلا ما أرى"..

أن يكون الشعب في نظر الحاكم عالة عليه.. رعايا لا مواطنون..

فتلك أنانية خالصة لا تستند إلى مسوغات من عقل أو منطق..

ان تحكم بنظرية أنا ودوني الطوفان.. ولا بديل لي سوى الفوضى أو الصوملة أو العرقنة.

تلك نماذج فعلية لا تعترف أنها مستنسخة من الصومالي محمد سياد بري والعراقي صدام حسين؟ رغم اقرارها ان البديل هنا سيكون كما البديل هناك.. هي مفارقة غير منطقية أيضاً!!

لكن الشعوب تحكي اليوم خياراً أكثر واقعية وجدوى وأقل كلفة من خيارات الحكام تلك التي يسوقونها كبديل لاستبدادهم..

تدرك الشعوب أن بناء المجتمعات لا يكون بترك التضحيات، أو تأجيلها.

هذا هو البديل المؤرق للحكام، الخلاق للأمم إذ يُعمّد بشرعية الإرادة الشعبية الحقّة.

إنها ثورات الشباب التي لا يملك الحاكم وسيلة لمواجهتها سوى استنفاد آخر أدواته السلطوية الفارغة.. أسلوب البلطجة!!

وذلك ما أوردهم المهالك.

حسنته الوحيدة انه فقط، وبأسلوب البلطجة هذا يضعف علاقته بكرسيه ويعجل بنهايته دون إرادته، ظانّاً انه بذلك يُدعّم أركان حكمه المهترئ بمساوئ عقود عجاف استغرقها في المنفعة الشخصية والاستبداد والدكتاتورية المغلفة بالديمقراطية والشرعية الشعبية الزائفة، وإن عُمدت يوماً بنتيجة الـ 99%.

هل يملك مبارك أو بن علي اليوم 1% من ذلك الاجماع الوطني..

غيرهم لازالوا يملكون، طالما أنهم يمسكون بتلابيب حكم البلدان التي صُيّرت مزارع خاصة لأسر بعينها.

لكننا نستحضر الآن أن بن علي سيّر عشية رحيله آلاف الهتّافين في الشوارع مسبحين بحمد خطاب الفهم الاخير..

كذلك فعل مبارك في أسلوب بلطجي مشين حين اخرج رعاع حاشيته بالبغال والخيول والحمير لشق ثورة الشعب في مشهد مخزٍ ومذل، ترى فيه حاكماً لم يكن لأتباعه ما يباهون به الآخرين سوى ما يزعمونها خبرة طويلة لصاحب ملك عضود اكتسبها في عشرات السنين المنهوبة من أعمار الناس، يصل بعدها إلى هذا المستوى من الانحطاط في التعامل مع ثورة فجرها شباب بصدور عارية..

واليوم أكثر المنتفعين من تلك الانظمة يصمونهم بأقذع العبارات والألفاظ.

لقد استوعبوا مقدمة الدرس فقط لكن في وقت متأخر لحسن حظ الشعوب..

السابق قال فهمتكم.. واللاحق "وعيت مطالبكم"..

يستذكرون وقت الغرق أن لشعوبهم فتات حقوق، يعدون بها على أمل زيادة العمر في الكرسي.. حتى يوماً واحداً..

يالها من شهوة زائلة ومهينة.. بعد عقود من التسلط على رؤوس العباد تستجدي بضعة اشهر، أو ثلاث سنوات، أملاً في تجاوز المرحلة.

لا يستذكرون اليوم من عقود الحكم سوى رعب اللحظات الاخيرة.. حين تلاحقهم لعنات الشعوب، وفي أحسن الأحوال أحذيتها.

لا تجدي المسكنات نفعاً لدى شعوب طالما أمِلت بلفتة انسانية، ليس لتحقيق حياة كريمة بل التماسا في استعادة حق منهوب أو كرامة مغتصبة، من رجال حكم وسطوة ونفوذ، طاعنين في السن والحكم، موغلين نهباً وسلباً في ثروات البلاد وانتقاصاً لأعمار الاجيال ايضاً.

لم يعد ذلك ممكناً الآن، فأحلام الشعوب تجاوزت لقمة العيش إلى اللاسقف، حيث الحرية والعدالة ودولة المؤسسات والمواطنة التي طالما استجداها كثيرون..

لكنها الحقوق تنتزع لا تستجدى..

إذا ثارت الشعوب فإنها تنسى فقرها وفتات الحقوق الذي حلمت به حيناً من الدهر، وتتطلع نحو الحرية والكرامة فقط وبأي ثمن..

يحسبون القبضة الأسرية والعصبوية على مؤسسات الحكم المدنية والعسكرية إنقاذاً لهم من غضبة الشعب يوما ما... لكن العكس ما يكون...

فكلما كان الدكتاتور اكثر استخداما لأدواته الأسرية خصوصا الجيش والأمن، كلما كان أكثر ضعفاً وجبناً ورعباً.. تلك معادلة المصالح التي حكمت علاقتهم بالمحكومين على الدوام واوردتهم مصيرهم المحتوم، حين أوصلوا الشعب إلى لحظة لم يعد يفكر فيها أن لديه شيئاً يخسره أو يخاف عليه.

إن الحاكم اذا زادت مصالحه واسرته، وتوسعت شبكة المنتفعين من فساده على حساب شعب يجني فتاتاً يتآكل كل يوم، ولا يكاد يفي حتى بحق الحياة.. كلما تعاظمت في المقابل حدة الغضب منه، و تناسلت هواجسه حتى من اقرب المقربين إليه، وكلما أصبح أكثر عرضة للانهيار بهزات هي الأضعف بـ "رخيتر" ثورات الشعوب..

وبأقل قدر من التضحيات!!

* صحفي وكاتب يمني

saminsw@gmail.com

نشر المقال في موقع لكم المغربي

بيان الثورة الطلابية الشبابية السلمية


صنعاء:

انتصاراً لنهج ومبادئ الثورة الطلابية الشبابية السلمية والتي ما زالت تسير في طريق الحرية

وهي واثقة الخطى بإرادة أبطالها الأحرار الذين خرجوا في مسيرة الغضب صباح يوم الأحد الموافق 13 فبراير 2011 وواجهوا قمع السلطة التي فقدت صوابها وهي ترى جماهير الشعب الثائرة تهتف بالشعار المقدس (الشعب يريد إسقاط النظام)ولجأت هذه السلطة برجال أمنها وبلاطجتها الذين يقودهم بعض قيادات حزب الحاكم إلى الاعتداء على المتظاهرين بالعصي الكهربائية والهراوات والسلاح الأبيض وأحدث الوسائل التكنولوجية التي ينفق عليها المليارات من أموال الشعب حيث طالت هذه الاعتقالات طلاب الجامعة العزل والناشطين الحقوقيين والإعلاميين وقام البلاطجة بالاعتداء على بعض المتظاهرات ومحاولة اختطفهن دون مراعاة لقيم وأخلاقيات وقوانين وأعراف المجتمع اليمني ولم يكتف بلاطجة النظام بهذه الاعتداءات حيث قام رجال الأمنوالذين اعترضوا المسيرة بلباس مدني باعتقال العشرات من المتظاهرين ولهذا فإننا نحذر البلاطجة ومن يقومون بتمويلهم بغرض التخريب والاعتداء على المتظاهرين وأننا نقوم برصدهم وسيأتي اليوم الذي نقوم بمحاكمتهم لينالوا جزاءهم العادل.

يا جماهير شعبنا اليمني العظيم..

إننا في الثورة الطلابية الشبابية السلمية نؤكد أن هذه الممارسات الهوجاء التي تقدم عليها السلطة وبلاطجتها لنتثنينا عن مواصلة المسيرة النضالية المستندة على إرادة الشعب التي لا تقهر وهو ما يجعل ثقتنا بالنصر تزداد يوماً بعد يوم رغم الاعتداءات والاعتقالات والاستهدافات التي يتعرض لها الطلاب من قبل أجهزة السلطة بل نؤكد أننا سنستمر في ثورتنا المباركة وندعو جميع أبناء الشعب إلى حضور الاعتصام التضامني مع المعتقلين والأحرار وذلك في ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء في الساعة التاسعة من صباح الاثنين 14 فبراير

أسلاك شائكة تمنع متظاهرين من الوصول إلى القصر الرئاسي بصنعاء والأمن يعتدي على مسيرة تطالب بتنحي صالح


المصدر أونلاين – خاص


منعت قوات الأمن مسيرة من الوصول إلى ميدان السبعين حيث يقع القصر الرئاسي، كما نصبت أسلاك شائكة صباح اليوم الأحد بصنعاء.

وقال شهود عيان لـ"المصدر أونلاين" إن قوات الأمن ومسلحين بلباس مدني اعتدت يوم الأحد على متظاهرين نظموا مسيرة في صنعاء تطالب الرئيس علي عبدالله صالح بالتنحي، وأدى الاعتداء إلى إصابة عدد من المتظاهرين واعتقال آخرين بينهم صحافيون.

وتحرك المئات اليوم في مسيرة انطلاقاً من بوابة جامعة صنعاء محاولين الوصول إلى القصر الجمهوري، ومرديين شعارات تطالب الرئيس صالح بالتنحي عن السلطة. غير أن قوات الأمن وأسلاك شائكة نصبت في الطريق المؤدي إلى السبعين جعلت المتظاهرين يعودون إلى جولـة الرويشان بصنعاء.

واعترض جنود من الأمن المركزي ومسلحين بلباس مدني مسيرة عند جولة الرويشان بصنعاء واعتدوا بالضرب على المشاركين مستخدمين الهراوت والعصي الكهربائية.

ومن بين المصابين الصحفية والناشطة سامية الأغبري. وقالت شقيقتها فاطمة لـ"المصدر أونلاين" إن جنديين أحدهما بلباس مدني حاولا اختطافها وعندما قاومت تم رميهاً على الأرض ما أسفر عن إصابتها برضوض استدعى إسعافها إلى المستشفى الجمهوري.

وقال شهود عيان إن قوات الأمن اعتقلت العديد من المشاركين في المسيرة بينهم المحامي خالد الآنسي قبل أن تفرج عنه في وقت لاحق. ومن بين المعتقلين الصحفي رياض الاحمدي مدير تحرير موقع نشوان نيوز.

وتجمع المئات من الطلاب والناشطين أمام البوابة الرئيسية لجامعة صنعاء، ورددوا هتافات مؤيدة لثورة الشعب المصري وأخرى مناهضة لنظام الرئيس صالح ومطالبة برحيله على غرار ما حدث في مصر وتونس، منها "يا علي عطف فرشك.. قررنا نسقط عرشك".

لكن عشرات آخرين تجمعوا بالمكان ذاته رافعين صور الرئيس صالح ومرددين هتافات تؤيد حكمه، ومناهضة لأحزاب اللقاء المشترك المعارضة، كما حاولوا اقتحام الاعتصام المناهضين واشتبكوا بالأيدي معهم، إلا أن أفراد الأمن وصلوا لتخليصهم من أيدي المتظاهرين.

الأمن يفرق بالقوة آلاف المعتصمين بتعز ويعتقل 20 منهم

المصدر أونلاين – خاص

فرقت قوات الأمن والجيش فجر اليوم الأحد بالقوة اعتصاماً في شارع التحرير بمدينة تعز للمطالبة بتنحي الرئيس علي عبدالله صالح، واعتقلت عشرات منهم.

وقال شاهد عيان لـ"المصدر أونلاين" إن قوات الأمن داهمت اعتصاماً شارك فيه الآلاف بشارع التحرير وسط مدينة تعز في الثالثة من فجر اليوم، واعتقلت مالا يقل عن 20 شخصاً، كما اعتدت بالضرب على المعتصمين.

وأضاف أن شارع التحرير يشهد حالياً (ظهر اليوم) تواجداً أمنياً كثيفاً للعشرات من أفراد الأمن والحرس الجمهوري.

وكان نحو ألفي متظاهر قرروا المبيت في شارع التحرير مرددين شعارات مناوئة للرئيس صالح وحكومته وهتافات "ارحل ارحل يا ريس ...اليمن أصبح تعيس". وهتافات أخرى تحيي الشعب المصري لانتصار ثورته التي أسقطت نظام حسني مبارك.

وتخشى الحكومة اليمنية من انتقال عدوى الاحتجاجات العارمة التي اندلعت في تونس ومصر، وأدت إلى إسقاط النظامين هناك. وتدفع الحكومة بالعشرات من أنصار الحزب الحاكم للتصادم مع المتظاهرين المناهضين لها.

الصورة للاعتصام كما نشرها ناشطون على موقع "فيس بوك".

السبت، 5 فبراير 2011

مبادرة رئاسية تربك المعارضة وتؤجل ثورة الشباب


سامي نعمان

انفضت حشود خميس الغضب دون منغصات جديرة بالذكر، خلافا للكثير من التوقعات التي كانت تنظر إليها باعتبارها شرارة ثورة تحاكي الانتفاضة المصرية... بل بدا ان منظموها كانوا اكثر حرصاً على انهائها دون تصعيد.. مكتفين بتوجيه رسالة للنظام الحاكم مفادها هذا حجمنا وتلك مطالبنا.. وهو ذاته النظام الذي بدا اكثر حرصا على تفادي ما قد يعكر صفو التظاهرة السلمية، وتجنب حدوث أي احتكاك بين انصار المعارضة من جهة، وانصاره وأفراد أمنه على الطرف الاخر.

استبق الرئيس علي عبدالله صالح تلك المظاهرة بدعوة لإلغائها، مبادراً بإعلان حزمة تطمينات لهواجس المعارضة، واستجابة خطابية لبعض المطالب، وتلبية بعض الاشتراطات المرحلية، في إطار مساعي امتصاص موجة الغضب المتفاعلة مع ما يشهده الشارع المصري، بعد التونسي من ثورات شعبية، اسقطت النظام في تونس، وتوشك على فعل ذلك في مصر..

بالتأكيد هي مبادرة أعادت صياغة الكثير من الحسابات رغم كونها - حتى ساعتها- مجرد اعلان مشكوك في صدقيته لدى غالبية القيادات والانصار في تظاهرة الغضب، التي كان لا بد من انفاذها، استعراضا للقوة، وتحاشياً لاحباط المشاركين من جدية المعارضة في حال إلغائها..

أمام اجتماع مشترك لمجلسي النواب والشورى الاربعاء الماضي، اعلن الرئيس تجميد مشروع التعديلات الدستورية، وفتح السجل الانتخابي لتسجيل من بلغوا السن القانونية، وهذه الاجراءات من شأنها أن تقود إلى تأجيل تلقائي للانتخابات التي كان الرئيس وحزبه الحاكم، قد شرع في اولى خطواتها انفراديا، وحتى الاربعاء الماضي كان الموقف الرسمي يتحدث عن انتخابات في موعدها، مرحبا بمن يشارك، وغير مأسوف على من يقاطع..

هو دعا ايضا اللجنة الرباعية التي تضم عبدربه منصور هادي، وعبدالكريم الارياني من الحزب الحاكم، وعبدالوهاب الانسي، وياسين سعيد نعمان من اللقاء المشترك، إلى الالتئام مجددا تحضيراً للحوار الوطني الشامل، تفاديا للفوضى التي ستنجم عن تعبئة اربع سنوات من الاحتقان والتعبئة الخاطئة... وحدد مهام اللجنة بوضع سقف زمني للتعديلات الدستورية والسجل الإنتخابي وللإنتخابات النيابية بما في ذلك القائمة النسبية... كما دعا المعارضة أن تأتي لتوزيع الثروة وتشكيل حكومة وحدة وطنية تجسد الشراكة، بعيدا عن حسابات الاغلبية..

بذلك يكون الرئيس قد لبى مطالب المعارضة الطارئة منذ منتصف سبتمبر الماضي، حينما شرع حزبه في اجراءات احادية تحضر للانتخابات، وزيادة على ذلك، طرحت مشروع تعديلات دستورية مثيرة للجدل تتيح احدى موادها للرئيس الحق في الترشح إلى ما لا نهاية دستورية سوى الاجل، او تكرار السيناريو الشعبي ثالثا هنا.. وبالنسبة لحساباته فالاخير هو الفوضى والغوغاء التي يصم بها ما حدث في تونس، ويحدث حاليا في مصر، والتي يتخوف من انطلاق شرارتها في بلاده في اليوم التالي، ويسعى للسيطرة عليها قبل ان يفقد العقلاء قدرتهم على فعل ذلك..

ولئن كانت الانتخابات التشريعية التي افرزت مجلس شعب بلون واحد في مصر قد عملت بمثابة حافزٍ هامٍ للمغامرة في اجراءات الانفراد في اليمن بعيداً عن حسابات التوافق، فإن تبعات تلك الانتخابات - كسبب مهم وغير وحيد للانفجار- التي تتجلى فيما تشهده كافة المدن هناك اليوم، كانت اشارة كافية لصاحب القرار هنا للتراجع قبل ان تستشري العدوى السريعة التي تنتاب الشعوب فتهوى لحرارتها رؤوس الانظمة، دون مراعاة لخصوصيات او اعتبار لحدود.

صالح فضل ان يذهب ابعد من ذلك تجاوبا مع شعارات تردد في دول سبقت ثوراتها وتقاسم اليمن تركيبة النظام، وباتت تتسلل إلى التجمعات الاخيرة، اسقاط النظام، والدعوة للرحيل، إذ ارسل تطمينات بعدم سعيه للتمديد أو التوريث لنجله. قال رابعاً: لا تمديد ولا توريث ولا تصفير ولا قلع للعداد كما جاء في الاسطوانة المشروخة، ان الرئيس يريد ان يورث ابنه"..

تلك اجتهادات صدرت من بعض الاشخاص المخلصين إذن، لم يتضمنها برنامجه الانتخابي الذي حدد مدة الرئاسة بدورتين فقط من خمس سنوات، كما تحدث.
كرئيس للبلاد، قدم صالح ما اعتبرها تنازلات على طاولة المعارضة، استجابة لمطالبهم دون عناد وقال

"لبيك للمصلحة العامة"، داعيا إلى تجميد المسيرات والاعتصامات، مناديا الشعب "إلى الدفاع عن ماله وعرضه إذا حلت الفوضى والغوغائية".. وهي الدعوة التي رأت فيها المعارضة دعوة لحرب أهلية..

مبادرة الاربعاء الرئاسية لم تحل دون إقامة اعتصام المعارضة الخميس، وإن افلحت في إعادة تقدير الامور، رغم كل ما زامن تلك المبادرة من اجراءات استفزازية تمثلت في منع اقامة اعتصام المعارضة في ميدان التحرير بقلب العاصمة، وحشد الحزب الحاكم لانصاره في مظاهرة مؤيدة له في الميدان ذاته، فضلاً عن استعدادت امنية مكثفة بآليات وعربات عسكرية وأمنية، ظلت على أهبة الاستعداد للمواجهة حتى ساعات قليلة بدء الفعالية.

تراوحت ردود قيادات المعارضة التلقائية، بين الاشادة والتشكيك، على ان الاشادة مشروطة بالمصداقية، وكان الرد الاكثر حصافة تصريح رئيس مجلس المعارضة الاعلى بأن هذه المبادرة لم تطرح رسمياً عليهم، وانهم سيبدون رأيهم فيها حال تسلمها.

استذكر بعض رموز المعارضة مبادرة جريئة للرئيس عام 2005، جاءت في ظروف اكثر استقرارا من هذه، حين قرر عدم الترشح لكن المشهد الاخير اقتضى ان يتراجع الرئيس عن قراره ذاك ترجمة لارادة شعبية هو اشد ما يخشاها اليوم.

وتالياً لتظاهرة الخميس خرجت قيادات المشترك بتصريحات تشكك في جدية مبادرة الرئيس، داعية إلى إقالة أقاربه من قيادة المؤسسات العسكرية ليترجم عملياً تعهده بعدم توريث السلطة لنجلـه، قال زيد الشامي عضو مجلس النواب عن حزب الاصلاح.

واعتبر أمين عام اللجنة التحضيرية للحوار الوطني الشيخ حميد الاحمر، ان الرئيس لم يقدم أي تنازلات في مبادرته، وما قاله هو تراجع عن أخطاء ارتكبها من قبل، مؤكداً على حديث الشامي بأن الحديث عن عدم التوريث "يتناقض مع وجود الورثة بمناصب قيادية في مؤسسات الجيش والأمن"، مطالباً بإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية وإسناد رئاستها لشخصيات جنوبية، حتى يتحقق مبدأ الشراكة الوطنية.

وبعيدا عن طبيعة استجابة المعارضة لتلك المبادرة، كان الرئيس الامريكي باراك اوباما الاسرع التقاطاً لها، اذ اتصل بصالح مساء الاربعاء، مثمنا وعوده التي اطلقها، وطالبه بالوفاء بها.. وحثه على ان تلتزم قوات الامن اليمنية ضبط النفس وان تمتنع عن استخدام العنف ضد المتظاهرين الذين يمارسون حقهم في التجمع وحرية التعبير"، وفق البيت الابيض، الذي بات يحاذر تكرار السيناريو المصري في اليمن، التي تتركز فيها معظم هواجسه على مستوى المنطقة، ويحرص على عدم اندلاع بؤرة انتفاضة شعبية في بلد تتجاذبه الازمات، واخطرها بالنسبة للامريكيين تنظيم القاعدة الذي تقول انه وجد في اليمن بيئة خصبة لممارسة انشطته ضدها..

وكما كان للانتفاضة الشعبية في مصر رجع صدى قوي في صنعاء دفع الرئيس إلى مراجعة حساباته السياسية فقد عملت الثورة التونسية التي اطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي منتصف يناير الماضي، أثرها ايضا في اطلاق مصفوفة محفزات اقتصادية بعضها تم البت فيها ابتداء من الشهر ذاته..

فالرئيس كان قد وجه بتنفيذ المرحلة الثالثة من استراتيجية الاجور ابتداء من فبراير الجاري، بالنسبة لموظفي القطاع المدني، ورفع مماثل لافراد القوات المسلحة والامن، وتخفيض الضرائب ابتداء من يناير الجاري، ومنح الموظفين الاداريين في قطاع التربية امتيازات كانوا محرومين منها، واعفاء الطلاب الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة من رسوم الجامعات، واعفاء الطلاب الدارسين بنظام الموازي من بقية الرسوم لهذا العام، ومراجعة تلك الرسوم في الاعوام القادمة، وانشاء صندوق لدعم الشباب الخريجين وذلك لتتكامل الفرص، مع وعود بمليون فرصة وظيفية تشمل 25% من خريجي الجامعات، واعتماد 500 الف حالة ضمان اجتماعي ابتداء من فبراير الجاري...

وبانتظار مخاض تلك المبادرة، تقول المعارضة انها ستواصل احتجاجاتها الشعبية، التي لا زالت فاعلا رئيسيا حتى اللحظة في اثارتها واخمادها، وستعمل على المسار السياسي تزامنا مع ذلك.. ولا يبدو ان المستقبل يتحمل تكراراً لسيناريو ازمات ما قبل انتخابات 2009، وانتخابات 2011.. فالمرحلة تقتضي ارادة سياسية جادة في الحوار والاصلاحات التي يجد المواطن اثراً لها على الواقع، مالم فإن خيارات الشعوب ستبقى مفتوحة على خيارها الابسط وإن كان مكلفاً خصوصا اذا ترسخت مزيد من القناعات بعدم جدوى المعارضة كرافعة لمطالبهم وتحقيق الحد الادنى منها، وان ما أعلن من مبادرات لم تكن سوى لعب بالوقت لتجاوز مرحلة فرض المعادلة الصعبة -بالنسبة للانظمة- المثارة حالياً والتي تظهر التجربة المصرية ان كفة الشعوب ترجح داخليا، وخارجياً حتى عند اكثر المؤثرين والحلفاء .. وسيكون على الانظمة ان تنتظر طويلا جداً اذا عولت على عامل الوقت لالهاء ثورات الشباب عن مطالبهم بإسقاط الانظمة المنتكسة في ارذل العمر..