الاثنين، 25 أبريل 2011

مجلس الظروف القاهرة في مهمة استثنائية


مجلس الظروف القاهرة في مهمة استثنائية

الإثنين , 25 أبريل 2011 م

تضاعف عمره إلى الضعف في تعديل 2009 مقارنة بدستور دولة الوحدة.. ويعول عليه تنفيذ اهم بند في المبادرة الخليجية حال اعتمادها: قبول استقالة الرئيس بأغلبية مطلقة

سامي نعمان

تنتهي الثلاثاء القادم 26 ابريل فترة ولاية مجلس النواب، المحظوظ عمراً، بعد ست سنوات أصلية، وعامين زيادة، وهي فترة ولاية ربما تدخله موسوعة جينيس لأطول البرلمانات عمراً في العالم، في وقت لا زال المجلس إياه مدرجاً ضمن الخطط الزمنية لرحيل رئيس النظام الحالي علي عبدالله صالح، الذي يواجه موجة احتجاج واسعة النطاق تطالبه بالتنحي عن الحكم الذي عُمر فيه لزهاء ثلاث وثلاثون عاماً، والذي يفترض الجدول الزمني المقترح من الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي والملحق بالمبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن أن يقبل مجلس النواب استقالة الرئيس المقدمة إليه بعد ثلاثين يوماً من قبول المبادرة والشروع في تنفيذها بالبند الاول الذي يقضي بنقل الرئيس جميع صلاحياته الفعلية لنائبه في اليوم الأول..

طويل العمر!!

غير أن المادة 65 من الدستور اليمني، التي تم تعديلها لإطالة عمر مجلس النواب الحالي بغطاء اتفاق فبراير 2009، بين حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وأحزاب اللقاء المشترك، والتي تم بموجبها اضافة عامين لعمر المجلس المحدد بست سنوات شمسية، تفتح المجال لإطالة عمر المجلس الحالي بحجة تعذر اجراء الانتخابات والظروف القاهرة.. وبذلك يكون مجلس النواب الحالي قد ضاعف عمره مقارنة بمدة ولايته وفقاً لدستور دولة الوحدة الذي جرى الاستفتاء عليه في سبتمبر 1991، والذي حدد فترة مجلس النواب باربع سنوات، زيدت بعامين في تعديلات 2001 ارضاء للنواب، مقابل زيادة عمر ولاية الرئيس صالح من خمس إلى سبع سنوات، ضمن حزمة تعديلات أخرى كرست حكم الفرد، وأتاحت له استحداث غرفة جديدة باسم مجلس الشورى يعين جميع أعضائه من قبله، فضلا عن نصوص اخرى عززت من صلاحيات الرئيس على حساب المؤسسات المختلفة.

تنص المادة 65 من الدستور على أن "مدة مجلس النواب ست سنوات شمسية تبدأ من تاريخ أول اجتماع له، ويدعو رئيس الجمهورية الناخبين إلى انتخاب مجلس جديد قبل انتهاء مدة المجلس بستين يوما على الأقل، فإذا تعذر ذلك لظروف قاهرة ظل المجلس قائماً ويباشر سلطاته الدستورية حتى تزول هذه الظروف ويتم انتخـاب المجلـس الجديد.. واخراجاً لاتفاق فبراير أضيفت المادة ب على هذه المادة لتنص على: استثناءاً من أحكام الفقرة (أ) من المادة (65) تمدد فترة مجلس النواب الحالي سنتين شمسيتين لمرة واحدة مراعاة للمصلحة الوطنية العليا.

يومها سُجل رفض واحد لهذا التعديل بتوقيع النائب المستقل أحمد سيف حاشد، وامتنع النائب عن الحزب الحاكم عبدالعزيز جباري عن التصويت الذي هلل له 230 نائباً من جميع الأحزاب باعتباره مخرجاً اضطرارياً لفترة احتقان سياسي امتدت لعدة اشهر تعذر معها التوافق على اجراء الانتخابات، "مراعاة للمصلحة الوطنية العليا"... لم تسجل حالة استقالة واحدة على التمديد كما فعل المرحوم المهندس فيصل بن شملان، عندما استقال من برلمان 1997 احتجاجا على تعديلات 2001 التي زادت من عمر المجلس عامين.

كان مفترضاً ان تستغل فترة التمديد هذه لاجراء حوارات سياسية بين مختلف الاطراف تنفيذاً لاتفاق فبراير، غير أن ما أمكن تنفيذه من ذلك الاتفاق كان التعديل الدستوري الخاص بالتمديد فحسب، فيما ظلت المصلحة الوطنية العليا طريقها التي نص عليها التعديل اياه في تنفيذ بقية بنود الاتفاق التي قادت إلى التمديد، وتبدد الشوطان الاضافيان اللذان كانت الحاجة لهما ملحة ?للقيام? ?بالاصلاحات الضرورية? التي تشمل اقرار التعديلات الدستورية ?اللازمة? ?لتطوير? ?النظام? ?السياسي? ?والنظام? ?الانتخابي? ?بما? ?في? ?ذلك? ?القائمة? ?النسبية?، و?تمكين? ?الأحزاب? ?السياسية? ?الممثلة? ?في? ?مجلس? ?النواب? ?من? ?استكمال? ?مناقشة? ?المواضيع? ?التي? ?لم? ?يتفق? ?عليها? ?أثناء? ?إعداد? ?التعديلات? ?على? ?قانون? ?الانتخابات? ?وتضمين? ?ما? ?يتفق? ?عليه? ?في? ?صلب? ?القانون و?إعادة? ?تشكيل? ?اللجنة? ?العليا? ?للانتخابات? ?وفقاً? ?لما? ?ينص? ?عليه? ?القانون.

الازمات تبدأ من هنا

وكعادة الحوار اليمني، مضى الاتفاق نحو مزيد من التأزم، فالمماطلة والمزاجية في الحوار وعدم الاتفاق على اجندته، وتأويل الاتفاق بتفسيرات مختلفة من كل طرف، وتأزم الاوضاع السياسية والاقتصادية، مع تجدد حرب صعدة، وتفاقم حالة الاحتقان في الجنوب، ورفض الحزب الحاكم لادراج القضية الجنوبية ضمن اجندة الحوار، وقبل كل ذلك غياب الثقة بين أطراف الحوار أفضت كلها إلى انسداد آفاق الحوار بين الطرفين، رغم توقيعهما على محضر اتفاق في 17 يوليو وهي الذكرى الثانية والثلاثين لتولي الرئيس صالح الحكم، وكان ذلك اكبر انجاز حواري تم التوصل اليه، بيد أنه لم يفض سوى لإعادة انتاج الاحتقان السياسي السابق لاتفاق فبراير 2009، ليعلن الحزب الحاكم في اكتوبر الماضي عن وفاة الحوار، واعتزامه المضي منفرداً في اجراءات التحضير للانتخابات، ضارباً عرض الحائط بكل الاتفاقات السابقة.

أكثر من ذلك، أقر الحزب الحاكم بأغلبيته الكاسحة تعديلات قانون الانتخاب، وزاد على ذلك بتقديم مسودة تعديلات دستورية مطلع يناير الماضي تؤبد بقاء الرئيس صالح في الحكم، مع تعديلات أخرى تمس جوهر النظام السياسي في البلاد، وتزيد من وزن الفرد على حساب المؤسسات، وتسلم حكم البلاد برمتها إلى أسرة الذي بدى وفقاً لتلك المعطيات أن مسألة توريث الحكم لنجله بات مسلمة ، يحكمها عامل الوقت لا أكثر.

حتى منتصف يناير كان اللاعب الاوحد مطمئنٌ للغاية، متيقناً من توالي الانتصارات، التي زاد من رصيدها الحديث عن نجاح بطولة خليجي 20 التي اثارت جدلاً واسعاً حول قدرة اليمن على اقامتها في ظل ظروفها الامنية والاقتصادية الحرجة، ونظراً لتوقعات الفشل او الالغاء فقد كان لمجرد مرورها بسلام التهليل الاكبر باعتباره نجاحاً منقطع النظير أثبت قدرة النظام على تنظيم بطولة رياضية اقليمية متواضعة، ومعها سيكون التشكيك في قدرته على ادارة ازماته الداخلية ضرباً من العبث غير المسموع.. كما استلهم النظام مرور تجارب انتخابية عربية بأقل قدر من الانتقادات الدولية، كما حدث في السودان التي جرت فيها انتخابات رئاسية قاطعتها اطياف واسعة ومؤثرة في المعارضة، ورحبت بها الولايات المتحدة، وانتخابات مجلس الشعب المصري التي افرزت مجلساً اشبه ما يكون بلجنة مركزية للحزب الحاكم وسط تهميش وإقصاء لكافة المكونات الأخرى.. فكر وقدر أن المؤشرات المحلية والاقليمية تسير وفقاً لما يخطط له..

الثورات تعيد رسم الخارطة

تلك الغطرسة لم تدم طويلاً، فشرارة الانتفاضة الشعبية التي اشعلت الثورة في تونس، لتنتهي بفرار رئيسها رئيسها زين العابدين بن علي، ثم انتقالها إلى مصر لتطيح بأقوى نظام عربي مدعوم غربياً في 11 فبراير، وانتقال شرارتها إلى اليمن أعادت حسابات صانع القرار اليمني إلى مربع لم يكن يتوقعه.

في 2 فبراير أعلن الرئيس صالح استباقاً لأول خروج شعبي كبير دعت اليه المعارضة ممثلة بتكتل اللقاء المشترك، خلال اجتماع مشترك لمجلسي النواب والشورى "ان لا تمديد ولا توريث"، كما وتعليق مشروع التعديلات الدستورية، وتأجيل الانتخابات النيابية حتى يتم التوافق بين جميع الاطراف على تعديلات قانون الانتخابات والاصلاحات الدستورية، وأعلنت حزمة اغراءات اقتصادية بزيادة الرواتب وتخفيض الضرائب عليها، وزيادة عدد الحالات التي ستتلقى معونات ضمن شبكة الضمان الاجتماعي، والوعد بفرص عمل للشباب العاطل، وتوسيع قاعدة الحكم المحلي ..

ورغم الاستجابة المبدئية من المعارضة إلا أنها كالعادة لم تنجح في الاتفاق على اطار للحوار، ولم تفلح وعود صالح في وأد المحاولات التي بدأت خجولة من قبل المئات من طلاب الجامعة والناشطين لتحريك الشارع والاعتصام قبل ان تبدأ الثورة المصرية، لهدف واحد هو اسقاط النظام، غير ان شباب الثورة المصرية نجحوا في الاطاحة بنظام حسني مبارك في غضون اسبوعين، لتتشكل من عشية تنحيه اول ساحة اعتصام في مدينة تعز، في 11 فبراير الماضي، لتتوالى بعدها الساحات في معظم المحافظات اليمنية وتستقطب إليها مئات الآلاف من اليمنيين الحالمين بدولة مؤسسات ونظام وقانون ومواطنة متساوية وعدالة اجتماعية..

توالت بعدها مبادرات الرئيس، التي شملت بعضها كل المطالب التي كانت تنادي بها المعارضة في السابق، بما فيها اعتماد النظام البرلماني والقائمة النسبية، لكن سقف المطالب تجاوز تلك مرحلة نظيرتها السابقة بكثير، واتضح انها لم تعد ترضى بسقف ادنى من سقوط نظام الرئيس صالح، وتلاشت كل محاولات الحوار على أساس البقاء، إذ أن من يعرض الحوار لا يضمن في أجندته سوى خيار الرحيل..

وفي 10 مارس أوضح مصدر مسؤول بمكتب رئاسة الجمهورية إنه ذلك اليوم يصادف موعد صدور قرار رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين إلى الانتخابات النيابية إبريل2011م بموجب نص المادة (65) من الدستور، مشيراً إلى تعديل قانون الانتخابات والحاجة لإجراء عملية قيد لمن بلغوا السن القانونية والتي تحول دون إجراء الانتخابات في موعدها القانوني، وحرصا على "الحق الدستوري" لمن بلغوا السن القانونية فإن اللجنة العليا للانتخابات ستقوم بإجراءاتها القانونية بفتح جداول الناخبين وفقاً للقانون.. ولم يشر المصدر إلى إلغاء الدعوة للانتخابات، أو إلى أسباب تعذر إجرائها في موعدها غير ما ذكر!

ماذا بعد؟

ابتداءً من الاربعاء القادم يكون مجلس النواب اليمني قد مضى فترته الدستورية المزيدة، وعلى الأرجح فإن النص الدستوري سيتيح له الاستمرار في أداء مهامه، بداعي الظروف القاهرة، ما لم يكن هناك رؤية دستورية وقانونية أقوى تلغي استمرار المجلس الحالي في مهامه، غير أن خارطة مجلس النواب بتركيبته بعد الثورة قد تغير كثيراً عن تركيبته قبلها، مع استقالة قرابة ستين نائباً من الحزب الحاكم واعلان تأييدهم لثورة الشباب السلمية.

كانت آخر تجارب المجلس الهزلية في جلسة 23 مارس الماضي الذي التأم لاقرار قانون الطوارئ غير الموجود لاخراج الاعلان الرئاسي بحالة الطوارئ عقب مجزرة الجمعة 18 مارس الماضي... كعادة المجلس طيلة سني عمره في كولسة القوانين والقضايا المطروحة للنقاش، تم إضفاء الشرعية، اسقاطاً للواجب رغم عدم وجود قانون للطوارئ، وتم استدعاء القانون الشطري الذي كان سارياً شمال اليمن في ستينيات القرن الماضي، مع ان دستور الوحدة قد جب ما قبله.. يومها وكما ذكرت مصادر متطابقة عقدت الجلسة دون نصاب، وحضر على وسائل الاعلام متابعة الجلسة، وخرج محضر الجلسة البرلمانية للحديث عن 162 نائباً، أقروا القانون من اصل 164 نائباً حضروا الجلسة، في حين تؤكد مصادر المعارضة ونوابها ان العدد يقدر بنصف العدد المذكور، وبالتالي فإن الجلسة كانت مجرد تحصيل حاصل.

وإذا ما مضت الأطراف المختلفة في تنفيذ المبادرة الخليجية سيكون على المجلس الالتئام بتركيبته الجديدة، لتنفيذ أهم بند في المبادرة، وهو قبول استقالة الرئيس بعد 30 يوماً من بدء سريان المبادرة وتعيين نائب له ...

هي الاستقالة التي لا تضمن هواجسها، فموافقة الرئيس تقتصر على تقديم الاستقالة دون تأكيد نفاذها، لكن الاخراج سيكون مختلفاً على الارجح، فالاستقالة تستدعي أغلبية مطلقة وفقاً للمادة 115 من الدستور، وهي الأغلبية التي يبدو الرئيس واثقاً تماماً أنها لن تتحقق، وستعلن تمسكها به وسيستمر رئيساً "في إطار الدستور" لـ 3 اشهر اضافية، قبل أن يقدمها ثانية للمجلس الذي يتوجب عليها قبولها حينئذ!!

وبهذه المهمة الاستثنائية المفترضة التي تعد الابرز في تاريخه سيختم مجلس النواب فترته السلبية، خارج فترته الدستورية بتقرير مصير الثورة اليمنية، وهو المجلس الذي لم يفلح طيلة عمره المديد في الانتصار لنائب تعرض لانتهاك، ولم يحضر وزيراً للاستجواب، ولم يوقف قرضاً او اعتماداً إضافياً أو مشروع قانون ربما تحفظ عليه في بعض الاحيان الاغلبية، لكنها الاوامر أو الهواتف العليا التي تحسم قرار المجلس دون الحاجة لرأي أعضائه، وضداً على قناعات الكثيرين.

بالتأكيد، فإن أغلبية من في الساحات المنتشرة طولاً وعرضاً في مختلف المحافظات، إن لم يكونوا جميعهم لا يعولون البتة على مجلس كهذا ليس في رصيده انجاز واحد جدير بالذكر انحاز به إلى مصلحة الناخبين.. ولا ينتظر من المجلس الذي انتهكت حقوق اعضائه في اروقته، وهمشت بعض المحاولات الجريئة للقيام بمهامه كمجلس تشريعي ورقابي، بأوامر عليا أن يكون له موقف في حق صاحب تلك الاوامر.. إنهم لا يعولون على شيء بقدر انفسهم وثباتهم وعملهم الدؤوب والمستمر من أجل تحقيق الهدف الذي خرجوا لأجله قبل بضعة اشهر.. اسقاط النظام الذي يعد مجلس النواب القائم فيه ليس أكثر من ديكور لديمقراطية زائفة تستجلب القروض والمساعدات وتفي ببعض اشتراطات المانحين، وليس في شكلها اي حسبة لحقوق المواطنين وكرامتهم، التي يبدو أنهم اصبحوا اليوم اكثر إدراكاً لها واصراراً على نيلها بوسائل ديمقراطية طالما عوملوا بغيرها.

http://alnedaa.net/index.php?action=showNews&id=4136

مشعل الحماطي.. أقدم سجين في سجن الوثبة بأبوظبي ينتظر حريته


مشعل الحماطي.. أقدم سجين في سجن الوثبة بأبوظبي ينتظر حريته

الثلاثاء , 19 أبريل 2011 م

سامي نعمان

درس الاعدادية والثانوية مع وزير الخارجية عبدالله بن زايد، وحكم بالاعدم، وتدخل الشيخ زايد لتخفيف العقوبة إلى المؤبد، وأهله يناشدون خليفة الافراج عنه بعد 22 عاماً

تقضي أماني الحماطي أيامها متنقلة بين ساحات الاعتصام في عدد من محافظات الجمهورية للتعريف بقضية أخيها مشعل بدر ناصر الحماطي الذي يقضي عامه الـــ22 في سجن الوثبة بأبوظبي بدولة الامارات العربية المتحدة، على ذمة قضية قتل اتهم بها وهو حدث وأدين بالاعدام، وخفف الحكم إلى المؤبد، أملاً في أن تثمر جهودها في حشد رأي عام يثمر تضامناً محلياً يسهم في الإفراج عن أخيها، بعد أن يئست من قيام الدولة بواجبها في هذا الجانب.

تنقلت أماني بين مدينتها عدن، وتعز، وإب، والعاصمة، لتوزع منشورات تتضمن صورة أخيها مشعل، ونبذة عن قضيته وسجنه وتخاذل السلطات اليمنية عن تحمل مسؤوليتها في متابعة رعاياها وإهمال السفارة هناك وعدم تجاوبها في متابعة السلطات الاماراتية والتدخل لديها للافراج عنه.

مشعل الحماطي، وحيد أسرته، وله ثلاث أخوات، إحداهن أماني التي تتولى متابعة القضية، في زحمة الثورة الشعبية المنادية بإسقاط النظام، يقبع في سجن الوثبة بأبوظبي منذ عام 1990 على ذمة قضية قتل أدين بها، وهو حدث في الــ17 من عمره، وحكم عليه بالاعدام، لكن الرئيس الاماراتي السابق الشيخ زايد بن سلطان، خفف عنه الحكم إلى المؤبد، في مبادرة منه، واستجابة لنداء منظمة العفو الدولية عام 94 له للتدخل بصلاحياته لتخفيف الحكم، وهو ما كان، غير أنهم اليوم ينتظرون لفتة كريمة من أبناء الشيخ زايد تنهي معاناة أخيها وأسرته.

إلى يمين الصورة المرافقة يظهر وزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبدالله بن زايد، ومشعل الحماطي على يسارها.. إنهما زميلا دراسة، أحدهما صار وزيراً، والآخر قضى شبابه في السجن.. تتحدث أسرة الحماطي بفخر عن زمالة ابنهم السجين مع الوزير عبدالله بن زايد، ويذكرون بتقدير وامتنان كبيرين موقف الشيخ زايد، وعفوه عن ابنهم وتخفيف العقوبة عنه إلى المؤبد، ويؤكدون أنهم اليوم ليسوا بصدد الحديث عن القضية ولكن مناشدة السلطات الاماراتية، ممثلة بالشيخ خليفة بن زايد، أن يتدخل لإطلاق سراح ابنهم بعد أن قضى فترة المؤبد التي تحدد في القانون الاماراتي بـ 20 عاماً، بعد أن زاد عليها عامين "نحن نناشد السلطات الاماراتية ورئيسها الموقر الشيخ خليفة النظر إلى معاناة والدي ووالدتي الكبيرين في السن الذين غادروا الامارات منذ 8 أعوام، ولم يروا ابنهم، واخواته الثلاث اللاتي لا يتذكرنه إلا قليلاً، وتسمح له إدارة السجن بالاتصال 5 دقائق شهرياً"، قالت أماني الحماطي لـــ«النداء».

هي أشارت إلى أن أسرتها تابعت 3 سفراء يمنيين تعاقبوا على السفارة، جميعهم وعدوا بفتح الموضوع مع كبار المسؤولين الاماراتيين، وجميعهم خلفوا وعودهم، بحجة أنهم لم يجدوا الوقت الكافي لمناقشة القضايا الاساسية، كون قضية مشعل هامشية.

وتضيف أماني أنها تسعى من خلال طرح قضيتها في خضم الاصوات المتعالية حالياً للتعريف بتخاذل الحكومة في القيام بواجبها في متابعة اليمنيين في الخارج الذين أصبحوا بلا قيمة ولا كرامة، لأن الحكومة لا تتعامل معهم كمواطنين، مشيرة إلى أنها تسعى في هذا السياق لإيصال مناشدة إنسانية خالصة للأشقاء في الحكومة الاماراتية عبر سفيرها في صنعاء عبدالله المزروعي، لإطلاق سراح أخيها مشعل ليعيش بقية عمره إلى جوار والديه، ويعول أسرتهم، خصوصاً أنه من المفترض أن يكون عائلها الوحيد بعد أن تقدم والدها في السن، وعدم قدرته على تحمل مسؤولية الاسرة، وكي يكمل أخوها حياته بصورة طبيعية، راجية أن يكون للشيخ خليفة وسلطات أبوظبي لفتة إنسانية كريمة في هذا الجانب استمراراً لنهج والدهم الكريم الشيخ زايد رحمه الله.

تعز على صفيح ساخن .. دماء الشباب ثمناً للحرية

صدور عارية في مواجهة آلة قمع وحشية

الخميس , 14 أبريل 2011 م

تعز على صفيح ساخن .. دماء الشباب ثمناً للحرية

سامي نعمان

عاشت مدينة تعز أسبوعاً طغت الدماء على معظم أيامه، في ظل إصرار متنامٍ لشباب الثورة على تأكيد حقهم في التظاهر السلمي ورفع سقف الاحتجاج ليتجاوز حدود ساحة الحرية التي تقول قيادة المحافظة إنها ملتزمة بحماية المحتجين طالما لازموها.. هو بالتأكيد إيحاء، بل تصريح لا مسؤول يتضمن تهديداً مبطناً بالقمع اذا مارسوا حقهم الدستوري في تنظيم المسيرات وتصعيد الاحتجاج خارج إطار ما يطلق عليه مسؤولو السلطة ساحة صافر.

قرابة 20 شهيداً سقطوا طيلة أيام الأسبوع، ابتداء بالأحد، قبل الماضي، ليتلوه يومٍ دامٍ لم تشهده المدينة منذ بداية الحركة الاحتجاجية المطالبة بتنحي الرئيس قبل شهرين تماماً إلى هذا اليوم الذي تدخل فيه شهرها الثالث.. مئات الاصابات يومياً تقريباً في صفوف المتظاهرين جراء تعرضهم للرصاص الحي، واختناق غالبيتهم جراء إطلاق الغازات المسيلة للدموع بكثافة كبيرة في أوساط المتظاهرين، الذين يظل شعارهم الأبرز في هذه الاجواء الساخنة "يا للعار يا للعار.. سلمية تضرب بالنار!".

أيام حمراء.. ليال دخانية

ابتداء بالسبت، الرابع من أبريل الجاري، جابت مسيرات شارك فيها مئات الالاف، عدداً من شوارع تعز.. كان اليوم الأول خالياً من أي اعتداءات، وابتداءً باليوم التالي، حيث كانت هناك محاولات لتجاوز المسار المعتاد من غرب ووسط المدينة إلى أمام مدرسة الشعب نزولاً إلى الساحة، وصولاً إلى أمام مبنى المحافظة، باشرت قوات الامن والحرس الجمهوري ممارسة القمع في حق المتظاهرين، لتبلغ آلة القمع الأمنية والعسكرية ذروتها يوم الاثنين، بوصول مسيرة مليونية إلى جولة حوض الاشراف، ناشدة اجتيازها باتجاه مبنى المحافظة الذي لم تبلغه أنظارهم بعد حتى باشرت قوات الامن والحرس الجمهوري إطلاق الرصاص الحي، أفقياً باتجاه المتظاهرين، مستخدمة أسلحة كلاشينكوف، بل وحتى الرشاشات الثقيلة التي تعتلي الاطقم العسكرية.. يضاف لهم مجموعة بلباس مدني بعضهم مسلحون وآخرون رشقوا المتظاهرين بالحجارة، فيما بدا أشبه بمحاولة استفزاز للمتظاهرين لافتعال تبرير للقمع، يدرك الجميع أنه لم يعد مقبولاً لتبرير جرائم قتل جماعية بحق صدور عارية.

أزيد من 15 شهيداً قضوا هذا اليوم، وأطلقت عشرات القنابل الدخانية إلى أوساط الجموع المحتشدة في جولة الحوض، لترفع عدد المصابين بالاختناقات إلى المئات، ولتجبر المحتجين على التراجع إلى شارع الهريش الذي توسعت الساحة لتشمله حتى مدخله أمام مدرسة الشعب.

وكالعادة، تولت الدراجات النارية مهمة الإسعاف، تبعتها سيارات تتبع الهلال الأحمر، ومنعت سيارة إسعاف تابعة لمستشفى الثورة من إسعاف بعض المصابين إلى المستشفى، وأجبرت على نقلهم إلى المستشفى الميداني، في جامع الكوثر شمال الساحة، واللجنة الطبية وسطها، حيث اكتظ مئات المصابين هناك، ونقلت بعض الحالات الحرجة إلى مستشفى الصفوة وسط الساحة أيضاً، وتحدثت مصادر شبابية عن نقل بعض الجثث والمصابين الذين وقعوا على مقربة من المحافظة، إلى جهات غير معلومة اتضح بعدها أن 4 جثث في المستشفى العسكري.

وعدا الاربعاء، حيث نظمت المسيرة الحاشدة أحزاب اللقاء المشترك، وأشرفت على عودتها إلى الساحة دون السماح بمحاولة اتجاهها نحو المحافظة، فقد استمرت الاعتداءات يوم الثلاثاء ومساء الخميس والجمعة، مخلفة بضعة قتلى، أحدهم قتل، كما ذكرت مصادر إعلامية متظابقة، أمام القصر الجمهوري، حينما هتف سائق دراجة نارية ومرافق له برحيل النظام، فأسقطوا أحدهما قتيلاً والآخر جريحاً.

وفيما شهدت المدينة يوماً هادئاً نسبياً حتى مساء أمس، قتل شخص، وأصيب المئات في مسلسل القمع اليومي في المحافظة.

إمكانات طبية متواضعة

رغم الجهود المضنية التي يبذلها الاطباء والممرضون والمتطوعون في المستشفى الميداني، ومتابعتهم الحثيثة لكل الحالات التي تصل المستشفى، إلا أنهم يعملون في ظروف غاية في الصعوبة والارهاق، خصوصاً في ظل فقر الامكانيات والعجز الواضح في الادوية والمعدات الطبية وحتى مستلزمات الاسعاف الاولية.

وأطلق المستشفى الميداني نداءً إنسانياً بحاجته الماسة للأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لمداواة آلاف الجرحى والمختنقين يومياً، كما ناشد الاطباء في مختلف المستشفيات للمساعدة في إسعاف الجرحى، ودعا للتبرع بالدم، وهي الدعوة التي لباها مئات المعتصمين، إلا أن العجز في الكادر والأدوية وقلة الامكانات يبقى أبرز العوائق التي تواجههم في أداء مهمتهم الانسانية.

اعتقالات.. ونهب

اعتقل عشرات المحتجين في أماكن متفرقة من المدينة، وروى معتقلون أفرج عنهم لــ«النداء» تعرضهم للاعتداء ومصادرة متعلقاتهم من قبل قوات الحرس الجمهوري.

تحدث مطهر حسن (48 عاماً)، من أبناء مديرية ماوية، عن اعتقاله من قبل قوات الحرس الجمهوري أمام فرزة صنعاء حينما كان يصور عدداً من الجنود ومعهم بلاطجة يتواجدون في المنطقة، ويشير إلى أن أفراداً من الحرس اقتادوه إلى سيارة نوع حبة وربع رصاصي، تابعة لقائد معسكر الحرس مراد العوبلي، وهناك صادروا تلفونه ونظارته، ومبلغاً مالياً بسيطاً كان بحوزته، إضافة لبعض الأوراق، ومباشرة الاعتداء عليه بأعقاب البنادق والضرب والشتم.

كذلك يؤكد بشير قاسم الشرعبي من مديرية شرعب السلام في اواخر الثلاثينيات من عمره، مصادرة جنبية كانت بحوزته، وتعرضه للاعتداء كسابقه، قبل ان ينقلا، كل على حدة إلى ادارة أمن المحافظة، حيث أجري معهما تحقيق روتيني، وتم إحالتهم إلى قسم الجحملية، حيث تم الافراج عنهما بعد منتصف الليل بعد متابعة محامين من الناشطين في الساحة، ويتمسكون بحقهما في استعادة ما صودر منهما من قبل قوات الحرس الجمهوري، ورد اعتبارهما.

مسؤولية المحافظ

أفاد شريط الأخبار العاجلة لقناة الجزيرة مساء السبت بتنديد وإدانة المحافظ حمود خالد الصوفي لقمع المحتجين في تعز، حيث ارتفعت في الايام الاخيرة هتافات شديدة اللهجة تدين المحافظ وتحمله مسؤولية أعمال القتل والقمع بحق المحتجين.

طيلة الشهرين الماضيين، دأب الصوفي على التأكيد على نقطة واحدة تؤكد التزامه بحماية المحتجين طالما ظلوا مرابطين في الساحة، ويؤكد على ضمان سلامتهم فيها، وهو ما حمل بحسب كثيرين تصريحاً مبطناً بعدم المسؤولية عن حياتهم ودمائهم خارج حدود الساحة.. ذلك ما أكد عليه كثيراً خصوصاً منتصف مارس الماضي حينما أصيب مئات المتظاهرين أمام مدرسة زيد الموشكي التي تبعد عن الساحة قرابة كيلومتر ونصف، ورأى أن وقوع الاعتداءات خارج الساحة مبرر كافٍ لدرء المسؤولية عنه وأجهزة أمنه.

يجيد الصوفي التلاعب بالألفاظ ويتجنب مهاجمة المحتجين بشكل مباشر، كذلك يبقي على اتصاله الدائم مع قيادات أحزاب اللقاء المشترك، لكن لهجته الحصيفة لم تعد مقنعة للشباب بعدم تحميله ومدير أمنه المسؤولية عما يقع في كافة أرجاء المدينة، ويوم الاثنين كان المحافظ يبرر قتل المواطنين، بقيامهم بالاعتداء على مبنى المحافظة، بالاسلحة النارية، رغم أن حجراً واحداً لم يقذف باتجاهها، فضلاً عن أن أعمال القتل والاعتداء على المتظاهرين حدثت بعيداً عن المبنى بعشرات الأمتار، وامتداداً حتى أمام مدرسة الشعب.

ويوم السبت ذكر موقع التغيير نت أن المحافظ الصوفي تسلم سيارتين مصفحتين من الرئيس علي عبد الله صالح، هو بالتأكيد في غنى عنهما إذا كان يحتاط بهم من هجمات شباب يؤكدون على سلميتهم وحقوقهم، وهم من يتعرضون للقتل دون قوات الأمن والجيش التي لم يؤكد حتى اللحظة خبراً بإصابة أحدهم بجرح بسيط من حجر طائش، حتى من بلاطجة السلطة الذين ينتشرون بالتوازي إلى جانب قوات الامن والحرس الجمهوري.

معسكر خالد.. أمل الثوار!

الاثنين الماضي، انتشرت مدرعات وآليات عسكرية وضباط من معسكر خالد يرتدون بزة عسكرية مماثلة لبزة منتسبي الفرقة الأولى مدرع، واقتصر تواجدهم إلى أمام مدرسة الشعب، ومعهم أفراد وضباط من الأمن العام.. تبادلوا التحايا والمصافحة والورود مع عشرات المتظاهرين الذين شعروا بالاطمئنان لسلوك عسكري طالما استجدوه من مختلف الوحدات الامنية والعسكرية.. لكنهم اصطدموا بفرق الموت التابعة للامن المركزي والحرس الجمهوري والشرطة العسكرية قبل بلوغ مبنى المحافظة حيث ارتكبت المجزرة بحقهم.

في الايام التالية، حرص أفراد وضباط معسكر خالد على تأمين مسيرات المتظاهرين، حتى وإن كان ذلك بالحيلولة دون استمرارهم باتجاه مبنى المحافظة، وترجيهم النزول إلى الساحة، كما أنهم لم يلوحوا بأسلحتهم في وجوه العشرات ممن اجتازوا حواجزهم وتركوهم وشأنهم.. بل إن مصادر في أوساط المتظاهرين ذكرت أن تلك القوات حالت في إحدى مواجهات الاسبوع دون تمكين قوات الأمن المركزي من إطلاق النار والقنابل الدخانية باتجاه المعتصمين في الهريش وأمام مدرسة الشعب.

ورغم أن معسكر خالد الذي يقوده العميد عصام الحاشدي، لم يتخذ موقفاً كما فعل علي محسن الأحمر والمحسوبون عليه بعد مجزرة صنعاء في 18 مارس الماضي، إلا أن المتظاهرين يؤملون كثيراً على قوات خالد، بأن تتحمل مسؤوليتها في حماية المتظاهرين، وتأييد الثورة، ويوم الخميس اصطحب المتظاهرون عددا من الأفراد والضباط إلى الساحة، وهو ما يشير إلى موقف محايد على الأقل من قبل قوات معسكر خالد، كفيل ببعث جزء من الطمأنينة في نفوس المتظاهرين.

رؤى متباينة للتصعيد

وكما تصر قيادة محافظة تعز على مصادرة حق الناس في المظاهرات السلمية والتنصل من مسؤوليتها عن أعمال القتل والاعتداء على المتظاهرين الذين يجوبون الشوارع، وتعزو قتلى وإصابات الاثنين وغيرها إلى عدم التزام أحزاب اللقاء المشترك بخط سير المظاهرة من غرب ووسط المدينة وصولاً إلى مدرسة الشعب وتوجهاً إلى الساحة، كما تم التنسيق لذلك مسبقاً، تميل أحزاب اللقاء المشترك في المحافظة إلى عدم استفزاز السلطات الامنية بتسيير مظاهرات ومسيرات باتجاه المحافظة والقصر الجمهوري، حقناً للدماء.

هي ذاتها الدماء التي تؤكد عدد من الحركات المستقلة الفاعلة في الساحة، على استعدادها للتضحية بها تأكيداً لحقهم في التظاهر السلمي إلى مختلف أرجاء المحافظة، ومؤسساتها، وهي إحدى أهم نقاط الخلاف بين قيادات الاحزاب والتيارات الشبابية، وحتى بين قيادات الاحزاب وقواعدها التي كثيراً ما تتمرد على تعليمات منصة الساحة بعدم مغادرتها والتزام خط السير إلى الساحة في المسيرات.

الاربعاء الماضي، اعتلى أحد النشطاء الحزبيين سيارة مجهزة بصوتيات، وهتف في الجموع المحتشدة أمام مدرسة الشعب، بالعودة إلى الساحة ومن يرفض ذلك فهو "مندس".. رفض هذا الكلام من قبل معظم الشباب كما رفض من قبل زملائه الحزبيين وعادوا للاعتذار عنه.

ورابط مئات الشباب طيلة أيام وليالي الاسبوع الماضي في شارع الحوض أمام مدرسة الشعب، وكانوا يقطعون الشارع بالاحجار بين الحين والآخر، ويجبرون أحيانا للتراجع إلى شارع الهريش جراء الهجمات عليهم من قبل الامن والبلاطجة، في حين يتمترسون في بعض الأحيان في جولة الحوض مرددين الهتافات المنادية بإسقاط النظام، قبل أن يتم تفريقهم بالرصاص الحي والقنابل الدخانية.

بين مرجح لضرورة الحفاظ على الدماء حتى يحين الوقت المناسب، ومطالب بالتصعيد السلمي كحق أصيل لا تسقطه آلة القمع الهمجية، تبقى الساحة منقسمة في وسائل وتكتيكات إسقاط النظام وآليات التصعيد.

غير أن ما يبدو متفقاً عليه رغم الخلاف أن الجميع يؤمنون بحتمية التصعيد، والعمل على إسقاط النظام بأسرع وقت وبالوسائل السلمية.. وبينهما طرف ثالث يبدو أنه لا زال يصر على رؤيته باستخدام العنف وتوجيه السلاح إلى صدور عارية، دون أن يكون هناك داعٍ أصلا حتى لمجرد إطلاق النار في الهواء.

تعز تنتفظ لاسقاط النظام .. وشبابها يؤكدون على حقهم في التظاهر

المستشفى الميداني يعجز عن استيعاب كافة الحالات ونساء حي الهريش يساعدن الأطباء على إنقاذ المختنقين بالغازات

قتيلان وأكثر من 1200 مصاب في قمع الأمن للمحتجين بتعز

الثلاثاء , 5 أبريل 2011 م

"النداء"- تعز- سامي نعمان:

قتلا شخصان وأصيب أزيد من ألف شخص من معتصمي ساحة الحرية بتعز، أثناء تنظيمهم مسيرة سلمية جابت عددا من شوارع المدينة، للمطالبة برحيل الرئيس علي عبدالله صالح، وإسقاط نظامه، في إطار تصعيد الاحتجاجات الذي تتبناه بعض الكيانات الشبابية في الساحة.. قبلها جابت مسيرة شاركت فيها آلاف النساء لتستقر في ساحة الاعتصام، دون تسجيل اعتداءات تذكر.

وحالت قوات من الأمن المركزي دون استمرار المسيرة إلى مبنى المحافظة، وباشرت إطلاق النار في الهواء، والقنابل الدخانية وسط جموع المعتصمين، ما أدى إلى إصابة المئات بحالات اختناق تقول مصادر طبية إن بعضها خطير، فيما تحدثت مصادر في اللجنة الإعلامية لـ"النداء" عن اعتقال قرابة 30 شخصاً في قسم صالة التابع للاستخبارات.

واستمر إطلاق القابل الدخانية على المعتصمين في شارع الهريش حتى بعد حلول الظلام، وشوهد مساءً انتشار كثيف لقوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري على امتداد شارع الحوض، وفي مداخل الشوارع المتفرعة منه، وسط إغلاق شبه تام لمعظم المحلات التجارية في المنطقة، ومساء أيضاً أصيب العشرات بحالات اختناق، وشوهدت دراجات نارية تقلهم إلى المستشفى الميداني وبعضهم بحالة إغماء.

مغازلة للجنود في منطقة التماس

في منطقة التماس، التي تضيق وتتسع تبعاً لحالات الكر والفر، لتهدأ أحياناً، ويقترب فيها المئات من شباب الثورة من جنود الأمن المركزي، مرددين هتافات الرحيل، وأخرى تستهدف الجنود من قبيل "يا جندي يا مسكين.. الراتب حقك عشرين".. "إحنا والجيش والشرطة.. يجمعنا ظلم السلطة".. "إحنا والشرطة والجيش.. يجمعنا رغيف العيش".

يظهر المشهد عدم اقتناع الجنود بالمهمة الموكلة إليهم.. إذ تبدو عليهم علامات التعاطف مع شباب الثورة، ويترجى بعضهم الشباب عدم الاقتراب والتصعيد تجنباً لمواجهة، تبدو ثقيلة عليهم. وعلى مقربة من نهاية شارع الهريش كان الجنود يتراجعون رويداً باتجاه التقاطع مع الحوض، ليتقدم الشباب معهم، وبعضهم يستعرض صدره العاري أمامهم تأكيداً لسلميتهم، وانتفاء المبرر لإطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع.

ومن حين لآخر يتقدم ضباط أمنيون رفيعو المستوى، أحدهم برتبة عقيد، يجري اتصالات متوالية، ليعطي إشارته إلى جنود في المؤخرة بإطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع، مع استمرار تقدم المتظاهرين.

وإلى جوار أفراد الأمن المركزي ببزاتهم المميزة، يتواجد أفراد مدنيون، بعضهم من أفراد وضباط الأمن السياسي، الذين يمسكون بأجهزة اتصال لاسلكية خاصة، ويقول المحتجون إن غالبيتهم من البلاطجة محميين من الأمن، ويقومون بالاعتداء عليهم بالأسلحة ورمي الأحجار.

الإسعاف بالدراجات

تسلك عشرات الدراجات النارية طريقها في شارع الهريش بسرعة كبيرة، لتخترق ساحة الاعتصام مقلة مصاباً ومرافقاً له من منطقة مواجهة من طرف واحد، وتولت لجان النظام في الساحة تسهيل طريق إغاثة عاجلة تخلو من العوائق البشرية.

وأظهر سائقو الدراجات النارية استبسالاً كبيراً في أداء هذا الواجب، مع أنهم ليسوا بمنأى عن الإصابة بالاختناق الذي يحتاطون له قدر الاستطاعة باستخدام الكمامات، والمشروبات الغازية والبصل، التي يستخدمونها كإسعافات أولية عاجلة لهم أو للمصابين الذين يقلونهم.

وانضمت عدد من باصات الأجرة الصغيرة (مايكروباص) وسيارات خصوصية إلى قائمة المسعفين، قبل أن تنضم إليهم سيارتان تابعتان للهلال الأحمر اليمني.

نساء وأطفال يسعفون المصابين

لوحظت العديد من نساء حي الهريش اللاتي تشرف منازلهن على الشارع، وهن يلقين بقطع البصل من على أسطح أو نوافذ المنازل، وأحيانا يحمل الأطفال قطع البصل والمشروبات الغازية أمام أبواب المنازل، ويتجولون لنجدة المصابين بما يقدرون عليه، رغم أنهم أيضاً لم يكونوا هم ومنازلهم بمنأى عن الخطر، إذ بلغت بعض القنابل الدخانية إلى أفنية وأسطح بعض المنازل، ولم يتسنَّ التأكد من حدوث حالات اختناق فيها.

ساحة تتسع.. وجمهور يتكاثر

ووسع المعتصمون نطاق ساحة الاعتصام لتمتد بطول شارع الهريش المؤدي إلى الساحة والمتفرع من حوض الأشرف قبالة مدرسة الشعب، حيث يتمركز العشرات من جنود الأمن المركزي والحرس الجمهوري الذين يُنقلون في ناقلات جند، وأطقم عسكرية، إلى المنطقة.

ويبدو أن حالات التململ والخمول التي تشهدها الساحة بعض الأيام، تعود إلى الذروة، حتى في غير أوقاتها.

صباحاً حين كانت الساحة طيلة الشهرين الماضيين تشهد الحضور الأقل كثافة مقارنة بالفترة المسائية، والتي كان طلاب المدارس يغطونها أكثر الأيام، أصبحت هذه الأيام أكثر زخماً، حيث تصل مسيرات لآلاف من الشباب والطلاب والنساء والأطفال، وحتى كبار السن، ليملأوا فراغاً كان معتاداً مشاهدته في السابق.

ويوم السبت وصلت الساحة مسيرة كبيرة شارك فيها عشرات الآلاف، وإضافة إلى شعارات وهتافات إسقاط النظام، لوحظ فيها بروز للوحات تضامنية مع الإعلامي الدكتور عبدالغني الشميري الذي اختطف من منزله مساء الجمعة.

جدل حول التصعيد

وتشهد ساحة الحرية جدلاً كبيراً حول جدوى التصعيد وطبيعته، ويبدو أن بعض التيارات السياسية في الساحة تعارض خروج المسيرات، وتفضل التريث حتى يتوافق الجميع على نوعية التصعيد.

وترتفع النداءات من على منصة الاعتصام لدعوة المتواجدين في الساحة لعدم مغادرتها إلى المنطقة الساخنة، وتدعو اللجان النظامية إلى إقناع المعتصمين بعدم الخروج، والاكتفاء بالبقاء في الساحة، ولا يخلو الأمر من تعريض بأصحاب فكرة الخروج غير المدروس والمنظم والمجمع عليه، ويتبنى هذا الرأي أحزاب اللقاء المشترك، وبعض الكيانات المحسوبة عليه، غير أن كثيراً من قواعدها لا تلتزم هذه التعليمات، وتتفق مع خيار التصعيد.

ارحل.. مزاج عام في تعز

لا يقتصر خيار المطالبة بإسقاط النظام على المعتصمين في الساحة، فالأمر أصبح أقرب إلى المزاج العام في المحافظة التي قضى فيها الرئيس شطراً من حياته قائداً لأحد الألوية العسكرية الذي غادره إلى سدة الحكم.

في شوارع المدينة ومعظم مديرياتها، تسمع هتافات وشعارات الرحيل في الأسواق، وبين طلاب المدارس، وفي وسائل النقل العامة، وتكتب الشعارات على جدران المنازل والمباني الحكومية والشركات، وحتى على السيارات، والطرق الإسفلتية. أكثر من ذلك انتشرت وبشكل لافت للغاية الأعلام الوطنية، فيما تسمع الأغاني والأناشيد الوطنية، خصوصاً أغاني الفنان الكبير أيوم طارش، في المنازل والمحلات التجارية والسيارات.

في المقابل، وعلى استحياء، تتسلل شعارات المؤيدين للرئيس، وصوره، في مشهد يوحي أن موازين القوى والتأثير قد تبدلت بشكل كبير.. فقبل عام كانت صور الرئيس طاغية حتى على العلم الوطني الذي كان كثير من رافعيه اليوم يرونه رمزاً خاصاً بالنظام وليس بالبلد. لكنها إرادة الشعوب التي تقلب موازين القوى، وتعيد في أيام رسم ملامح سياسية واجتماعية وثقافية نال منها النظام لعقود، بل وعمل على تشويهها.

http://alnedaa.net/index.php?action=showNews&id=4084

كيف يقضي معتصمو ساحة الحرية في تعز أوقاتهم؟

يتبادلون الآراء السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، ويشكلون خارطة البلد الذي يحلمون به

سامي نعمان- تعز

الثلاثاء , 22 مارس 2011 م

يتواصل الليل بالنهار في ساحة الحرية بتعز، التي باتت أشبه بمنطقة حرة، لكن لغرض آخر غير التجارة.. إنها منطقة لتبادل الآراء السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، وحتى الدينية والفنية، وتصب كلها في خانة واحدة ذات الهدف الأوحد والملح ممثلاً في إسقاط النظام كهدف يختزل كل المشاكل المتعلقة بالمجالات السابقة، وتطلعات الناس لوضع مختلف يكون أقرب إلى المثالية في تصورهم لمستقبل البلاد.

يتوافد عشرات الآلاف يومياً إلى ساحة الحرية وسط تعز، من مختلف أنحاء المحافظة الأكبر سكانياً، وكذا مختلف الشرائح والمكونات الاجتماعية.. لا تكاد الحركة تنقطع عن الساحة دخولاً وخروجاً من الساحة، ويصل عدد المعتصمين الذروة يومياً في الفترة المسائية، عدا الجمعة التي تشهد صلاتها أكبر حشد بشري في اليمن تكسر أحياناً حاجز المليون في بعض التقديرات، كما حدث الجمعة الماضية التي تزامنت مع مجزرة دامية في صنعاء سقط فيها زهاء 50 قتيلاً في إصابات مباشرة من قبل قناصة اعتلوا بعض المنازل، إضافة إلى مئات الجرحى بعضهم في حالة حرجة. وفي تعز طغت فاجعة المجزرة على أجواء الاعتصام، إذ تضاعف عدد الماكثين في الساحة، وتصدرت مجزرة صنعاء البرنامج اليومي لمنصة الاعتصام، وتعالت الهتافات التضامنية مع المعتصمين بساحة التغيير بصنعاء. وواصل عشرات الآلاف من الوافدين على الساحة بقاءهم في الساحة حتى وقت متأخر من مساء الجمعة.

إصابات واستعداد للأسوأ

لا يرى المعتصمون أنفسهم بمنأى عن هجوم مشابه، رغم تأكيدات قيادة محافظة تعز على حماية المتظاهرين، خصوصاً أنهم قد تعرضوا لهجمات بالرصاص الحي والقنابل الدخانية السامة حسب تأكيداتهم، فضلاً عن استشهاد أحد شباب الثورة وإصابة أزيد من 80 آخرين بجروح في هجوم بقنبلة على جموع المعتصمين في فبراير الماضي. وتحدثت بعض وسائل الإعلام عن انتشار مسلحين وقناصة في مبانٍ محيطة بالساحة، وهو ما نفته السلطات الأمنية في المحافظة.

والخميس الماضي أصيب 20 شخصاً بجروح جراء تعرضهم لإطلاق رصاص حي من مسلحين بزي مدني، وأصيب قرابة 450 آخرين، اثنان منهم بحالة حرجة، بحالات اختناق جراء إطلاق قوات الأمن لقنابل دخانية تقول قوات الأمن إنها مسيلة للدموع، لكن المصابين بها يتعرضون لتشنجات عصبية، واختناق وانهيار للجهاز العصبي والتنفسي، وهي تأثيرات لا تورثها القنابل العادية، وفقاً لأطباء وأخصائيين في المستشفى الميداني.

وفي كثير من الحالات لم تجدِ الأدوية المتوفرة في المخيم الطبي نفعاً في إنهاء آثار استنشاق الأدخنة، حيث تعود النوبات العصبية وضيق التنفس للمصابين بشكل متكرر، بعد بضع دقائق، وأحياناً بعد يوم.

وحال بلاطجة مسلحون، وفي وجود قوات الأمن، دون استمرار مسيرة لطالبات قرب مدرسة زيد الموشكي تقصد ساحة الحرية، وأصيب العديد منهن جراء إطلاق النار، وهو ما حدا بالمئات من المعتصمين التوجه إلى المدرسة لمساعدتهن والتضامن معهن، وشكلت قوات الأمن سياجاً فاصلاً بين الطرفين، وباشرت إطلاق القنابل الدخانية على المعتصمين، بحجة منع حدوث الاشتباك، ويؤكد المعتصمون أن إطلاق القنابل وصل إلى أطراف الساحة، حيث أصيب العشرات هناك. فيما تبرر الرواية الرسمية الأمر بأن قوات الأمن أطلقت الرصاص في الهواء والقنابل المسيلة للدموع، وهي قنابل عادية، وتؤكد أن المعتصمين ذهبوا لإخراج الطالبات من المدارس بالقوة، وأن ما حدث هو احتكاكهم بأولياء الأمور، ما استدعى قوات الأمن لإطلاق النار في الهواء والقنابل المسيلة للدموع لتفريق الاشتباك بين الطرفين.. تلك هي الرواية الرسمية.

وأثناء زيارتنا للعيادة الطبية وسط ساحة الاعتصام، تبين أن معظم المصابين كانوا من الشباب بين الفئة العمرية 18 - 30 عاماً.. وكان العدد مرشحاً للتفاقم لولا أن المئات من المعتصمين وأعضاء اللجان الأمنية والنظامية كانوا قد احتاطوا باستخدام الكمامات وقطع الأسفنج على وجوههم.

برنامج المنصة

يتداول المنصة يومياً عشرات المشاركين من مختلف الأعمار والميول والاتجاهات السياسية والثقافية والاجتماعية، بمداخلات تتفاوت بين إلقاء الكلمات التي تعبر عن الرأي، والقصائد الشعرية المتفاوتة بين الجيدة والرديئة، والخطب الدينية الشبيهة بخطب الجمعة، والمسرحيات، والأناشيد والأغاني التي يلقيها المشاركون، وتتخللها إذاعة أناشيد مسجلة، وأغانٍ وطنية، وإعلانات عن مفقودات، وتحذيرات من مندسين ومنشورات لا تعبر عن المعتصمين.

لجان الاعتصام

يشارك مئات الشباب على مدار الساعة في حراسة محيط ساحة الاعتصام، التي تضم آلاف المعتصمين ومئات الخيام المتوسطة والكبيرة والصغيرة. ويتولى آخرون مهام التنظيم والإعلام والنظافة والعلاج. وتشارك عشرات الفتيات في تلك اللجان.

وتوجد عدة أطر تتقاسم أعضاء لجان الاعتصام، تضم كيانات شباب الثورة، وأحزاب اللقاء المشترك. ورغم وجود حساسيات تطفو على السطح من حين لآخر بين تلك المكونات، إلا أنها لا تؤثر في الغالب على الجو العام للمعتصمين غير المحتكين باللجان.

حضور نسائي

تتواجد المرأة بكثافة في الطرف الغربي للساحة، وتتولى فتيات مؤطرات في لجنة النظام تفتيش المشاركات. وتبدي المشاركات حماساً زائداً في ترديد الهتافات والحضور الكثيف في أوقات ضعف الإقبال الذكوري، خصوصا في الفترة الصباحية. ويستمر تواجد عشرات الفتيات حتى المساء.

تجارة مزدهرة أيضاً

خلافاً لما كان متوقعاً في البداية ربما، ازدهرت حركة البيع والشراء لمعظم المحلات التجارية في ساحة الاعتصام، ويؤكد العاملون في البقالات ومحلات الهاتف النقال، والغسالات والمطاعم والباعة المتجولون وبائعو الصور والإعلام الوطنية أن حركة المبيعات ارتفعت أضعافاً كثيرة خصوصا بعد الأسبوع الأول.

خيام للمناطق والكيانات

تنتشر بطول الساحة وعرضها، عشرات الخيام المتفاوتة في الحجم.. غالبيتها تشير إلى جغرافيا معينة "قررت إسقاط النظام"، وتشير الأخرى إلى كيانات عمالية واجتماعية مختلفة انضمت إلى المطالبين برحيل النظام.

الأمطار زادت الحماس

رغم أن هاجس سقوط الأمطار كان يشغل الكثيرين في ظل المخاوف من أن تؤدي إلى إزعاج المعتصمين، خصوصاً أن كثيراً من الخيام تقع على أراضٍ ترابية منخفضة أو على الإسفلت في منطقة منخفضة، إلا أن هطول الأمطار، مساء الثلاثاء الماضي، زاد من حماس المعتصمين الذين صمدوا وسط الأمطار، وارتفعت أصواتهم بالهتاف ضد الرئيسين صالح والقذافي، وجابوا الساحة طولا وعرضاً حاملين الأعلام، ومرددين الهتافات وسط المطر.

وانشغل عشرات المعتصمين بحماية الخيام من تسرب المياه من أرضياتها، ودهموها بحواجز ترابية لحمايتها، وحماية أمتعتهم من البلل.

الجنوب في صدارة الاهتمام

لا يخفى على أي متابع أو مشارك للأنشطة اليومية، أن وحدة اليمن والقضية الجنوبية تتصدر اهتمامات المعتصمين، ويستبسل المتحدثون في الساحة، والمناقشون في التجمعات والخيام التي أصبحت أشبه بمنتديات سياسية إلى التأكيد على وحدوية أبناء الجنوب، وأن إسقاط النظام لن يقود إلى الانفصال بقدر ما سيرسخ الوحدة، ويشعر الجنوبيين بالدولة التي كانوا يحلمون بها.. هو الهاجس الحاضر الذي يبقى قائماً، ويعقد الأمل على العهد الجديد في إزالة الآثار التي أفرزت النزعة الانفصالية لدى كثير من أبناء المحافظات الجنوبية.

تعز في الساحة

يلتئم في ساحة الحرية بتعز ممثلون لكل المديريات والمناطق والكيانات والفعاليات في المحافظة.. يتفاعل المعتصمون مع كل التفاصيل سواء على المنصة أو على الشاشتين اللتين نصبتا في ضفتي الساحة.. هنا في الساحة يرتفع سقف الخطاب الموجه للنظام الحاكم والرئيس والمقربين منه إلى اللاسقف، سوى ما قد يتعارض مع أهداف الثورة. لجان تعمل على مراجعة المشاركات المكتوبة وتنظيم المشاركين الذين ينتظرون ربما في الساحة ليوم كامل حتى يصل دورهم.

وكما تتجلى في الساحة كثير من الإيجابيات، إلا أن هناك الكثير من الاحتكاك بين المكونات الشبابية والسياسية المختلفة.. بيد أنها لا تؤثر على الجو العام للاعتصام، ولا يعرف عنها المشاركون إلا أنها تبقى هموماً يومية تؤثر على جهود اللجان النظامية المختلفة، بسبب التجاذبات والاتهامات المتبادلة حول الاستحواذ على المنصة واللجان، كما أن الآلاف من المعتصمين يظلون حبيسي الخيام ليلاً ونهاراً، ونادراً ما يغادرونها إلى الساحة للمشاركة في فعالياتها المختلفة، وزيادة العدد في أقل التقديرات.

غير أن الساحة تبقى أمل الغالبية العظمى من المشاركين الذين يتعاملون مع سقوط النظام باعتباره مسألة وقت لا أكثر، ويزداد وعيهم وإصرارهم كل يوم على البقاء هنا حتى يتحقق مطلبهم بإسقاط النظام وبناء دولة مدنية حديثة تقوم على العدل والمساواة والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية.

http://alnedaa.net/index.php?action=showNews&id=4062

الثلاثاء، 5 أبريل 2011

تعز تنتفض لاسقاط النظام .. وشبابها يؤكدون على حقهم في التظاهر

المستشفى الميداني يعجز عن استيعاب كافة الحالات ونساء حي الهريش يساعدن الأطباء على إنقاذ المختنقين بالغازات
قتيلان وأكثر من 1200 مصاب في قمع الأمن للمحتجين بتعز
الثلاثاء , 5 أبريل 2011 م
قتلا شخصان وأصيب أزيد من ألف شخص من معتصمي ساحة الحرية بتعز، أثناء تنظيمهم مسيرة سلمية جابت عددا من شوارع المدينة، للمطالبة برحيل الرئيس علي عبدالله صالح، وإسقاط نظامه، في إطار تصعيد الاحتجاجات الذي تتبناه بعض الكيانات الشبابية في الساحة.. قبلها جابت مسيرة شاركت فيها آلاف النساء لتستقر في ساحة الاعتصام، دون تسجيل اعتداءات تذكر.
وحالت قوات من الأمن المركزي دون استمرار المسيرة إلى مبنى المحافظة، وباشرت إطلاق النار في الهواء، والقنابل الدخانية وسط جموع المعتصمين، ما أدى إلى إصابة المئات بحالات اختناق تقول مصادر طبية إن بعضها خطير، فيما تحدثت مصادر في اللجنة الإعلامية لـ"النداء" عن اعتقال قرابة 30 شخصاً في قسم صالة التابع للاستخبارات.
واستمر إطلاق القابل الدخانية على المعتصمين في شارع الهريش حتى بعد حلول الظلام، وشوهد مساءً انتشار كثيف لقوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري على امتداد شارع الحوض، وفي مداخل الشوارع المتفرعة منه، وسط إغلاق شبه تام لمعظم المحلات التجارية في المنطقة، ومساء أيضاً أصيب العشرات بحالات اختناق، وشوهدت دراجات نارية تقلهم إلى المستشفى الميداني وبعضهم بحالة إغماء.
مغازلة للجنود في منطقة التماس
في منطقة التماس، التي تضيق وتتسع تبعاً لحالات الكر والفر، لتهدأ أحياناً، ويقترب فيها المئات من شباب الثورة من جنود الأمن المركزي، مرددين هتافات الرحيل، وأخرى تستهدف الجنود من قبيل "يا جندي يا مسكين.. الراتب حقك عشرين".. "إحنا والجيش والشرطة.. يجمعنا ظلم السلطة".. "إحنا والشرطة والجيش.. يجمعنا رغيف العيش".
يظهر المشهد عدم اقتناع الجنود بالمهمة الموكلة إليهم.. إذ تبدو عليهم علامات التعاطف مع شباب الثورة، ويترجى بعضهم الشباب عدم الاقتراب والتصعيد تجنباً لمواجهة، تبدو ثقيلة عليهم. وعلى مقربة من نهاية شارع الهريش كان الجنود يتراجعون رويداً باتجاه التقاطع مع الحوض، ليتقدم الشباب معهم، وبعضهم يستعرض صدره العاري أمامهم تأكيداً لسلميتهم، وانتفاء المبرر لإطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع.
ومن حين لآخر يتقدم ضباط أمنيون رفيعو المستوى، أحدهم برتبة عقيد، يجري اتصالات متوالية، ليعطي إشارته إلى جنود في المؤخرة بإطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع، مع استمرار تقدم المتظاهرين.
وإلى جوار أفراد الأمن المركزي ببزاتهم المميزة، يتواجد أفراد مدنيون، بعضهم من أفراد وضباط الأمن السياسي، الذين يمسكون بأجهزة اتصال لاسلكية خاصة، ويقول المحتجون إن غالبيتهم من البلاطجة محميين من الأمن، ويقومون بالاعتداء عليهم بالأسلحة ورمي الأحجار.
الإسعاف بالدراجات
تسلك عشرات الدراجات النارية طريقها في شارع الهريش بسرعة كبيرة، لتخترق ساحة الاعتصام مقلة مصاباً ومرافقاً له من منطقة مواجهة من طرف واحد، وتولت لجان النظام في الساحة تسهيل طريق إغاثة عاجلة تخلو من العوائق البشرية.
وأظهر سائقو الدراجات النارية استبسالاً كبيراً في أداء هذا الواجب، مع أنهم ليسوا بمنأى عن الإصابة بالاختناق الذي يحتاطون له قدر الاستطاعة باستخدام الكمامات، والمشروبات الغازية والبصل، التي يستخدمونها كإسعافات أولية عاجلة لهم أو للمصابين الذين يقلونهم.
وانضمت عدد من باصات الأجرة الصغيرة (مايكروباص) وسيارات خصوصية إلى قائمة المسعفين، قبل أن تنضم إليهم سيارتان تابعتان للهلال الأحمر اليمني.
نساء وأطفال يسعفون المصابين
لوحظت العديد من نساء حي الهريش اللاتي تشرف منازلهن على الشارع، وهن يلقين بقطع البصل من على أسطح أو نوافذ المنازل، وأحيانا يحمل الأطفال قطع البصل والمشروبات الغازية أمام أبواب المنازل، ويتجولون لنجدة المصابين بما يقدرون عليه، رغم أنهم أيضاً لم يكونوا هم ومنازلهم بمنأى عن الخطر، إذ بلغت بعض القنابل الدخانية إلى أفنية وأسطح بعض المنازل، ولم يتسنَّ التأكد من حدوث حالات اختناق فيها.
ساحة تتسع.. وجمهور يتكاثر
ووسع المعتصمون نطاق ساحة الاعتصام لتمتد بطول شارع الهريش المؤدي إلى الساحة والمتفرع من حوض الأشرف قبالة مدرسة الشعب، حيث يتمركز العشرات من جنود الأمن المركزي والحرس الجمهوري الذين يُنقلون في ناقلات جند، وأطقم عسكرية، إلى المنطقة.
ويبدو أن حالات التململ والخمول التي تشهدها الساحة بعض الأيام، تعود إلى الذروة، حتى في غير أوقاتها.
صباحاً حين كانت الساحة طيلة الشهرين الماضيين تشهد الحضور الأقل كثافة مقارنة بالفترة المسائية، والتي كان طلاب المدارس يغطونها أكثر الأيام، أصبحت هذه الأيام أكثر زخماً، حيث تصل مسيرات لآلاف من الشباب والطلاب والنساء والأطفال، وحتى كبار السن، ليملأوا فراغاً كان معتاداً مشاهدته في السابق.
ويوم السبت وصلت الساحة مسيرة كبيرة شارك فيها عشرات الآلاف، وإضافة إلى شعارات وهتافات إسقاط النظام، لوحظ فيها بروز للوحات تضامنية مع الإعلامي الدكتور عبدالغني الشميري الذي اختطف من منزله مساء الجمعة.
جدل حول التصعيد
وتشهد ساحة الحرية جدلاً كبيراً حول جدوى التصعيد وطبيعته، ويبدو أن بعض التيارات السياسية في الساحة تعارض خروج المسيرات، وتفضل التريث حتى يتوافق الجميع على نوعية التصعيد.
وترتفع النداءات من على منصة الاعتصام لدعوة المتواجدين في الساحة لعدم مغادرتها إلى المنطقة الساخنة، وتدعو اللجان النظامية إلى إقناع المعتصمين بعدم الخروج، والاكتفاء بالبقاء في الساحة، ولا يخلو الأمر من تعريض بأصحاب فكرة الخروج غير المدروس والمنظم والمجمع عليه، ويتبنى هذا الرأي أحزاب اللقاء المشترك، وبعض الكيانات المحسوبة عليه، غير أن كثيراً من قواعدها لا تلتزم هذه التعليمات، وتتفق مع خيار التصعيد.
ارحل.. مزاج عام في تعز
لا يقتصر خيار المطالبة بإسقاط النظام على المعتصمين في الساحة، فالأمر أصبح أقرب إلى المزاج العام في المحافظة التي قضى فيها الرئيس شطراً من حياته قائداً لأحد الألوية العسكرية الذي غادره إلى سدة الحكم.
في شوارع المدينة ومعظم مديرياتها، تسمع هتافات وشعارات الرحيل في الأسواق، وبين طلاب المدارس، وفي وسائل النقل العامة، وتكتب الشعارات على جدران المنازل والمباني الحكومية والشركات، وحتى على السيارات، والطرق الإسفلتية. أكثر من ذلك انتشرت وبشكل لافت للغاية الأعلام الوطنية، فيما تسمع الأغاني والأناشيد الوطنية، خصوصاً أغاني الفنان الكبير أيوم طارش، في المنازل والمحلات التجارية والسيارات.
في المقابل، وعلى استحياء، تتسلل شعارات المؤيدين للرئيس، وصوره، في مشهد يوحي أن موازين القوى والتأثير قد تبدلت بشكل كبير.. فقبل عام كانت صور الرئيس طاغية حتى على العلم الوطني الذي كان كثير من رافعيه اليوم يرونه رمزاً خاصاً بالنظام وليس بالبلد. لكنها إرادة الشعوب التي تقلب موازين القوى، وتعيد في أيام رسم ملامح سياسية واجتماعية وثقافية نال منها النظام لعقود، بل وعمل على تشويهها.