محمد القاضي
ما حدث في الحصبة، الأربعاء الماضي، شيء مروع ومفجع للغاية، حيث قام مجموعة من المتشددين، ومعهم مواطنون، بتهديم منزل مواطن يدعى عبدالملك المنصور -حسب موقع "نيوزيمن"- وإحراق محتوياته، وحرق سيارتين تابعتين له، بتهمة أنه قام بتمزيق المصحف الشريف والدوس عليه تحت قدميه.
يقال إن الفاعلين تقاطروا من عدد من المساجد بعد صلاة فجر الأربعاء، وقرروا -بناءً على ما قيل إنها فتوى صدرت من بعض رجال الدين- تهديم منزل المنصور، واستأجروا "شيول" للقيام بعملية الهدم والحرق أمام أنظار قوات الأمن والإطفاء التي تقاطرت إلى المكان، وظلت تشاهد عملية الهدم والحرق التي استمرت 6 ساعات، دون عمل أي شيء يذكر.
إننا أمام مشهد درامي جدا. أشخاص يقال إنهم ينتمون إلى هيئة الفضيلة التي أعلن العام الماضي عن إنشائها، اتهموا الرجل وحاكموه وأصدروا الحكم ثم نفذوه بصورة مستعجلة. عملية حرق وتهديم لمنزل وتشريد لأسرته تتم بكل بساطة، وفي العاصمة صنعاء، وعلى بعد مئات الأمتار من وزارة الداخلية، التي كان لأفرادها شرف الإشراف على هذا المشهد الذي أستغرب سكوت الأحزاب والمنظمات المهتمة بحقوق الإنسان عنه، باستثناء الناشط الحقوقي والمحامي خالد الآنسي الذي أدان العملية واعتبرها انتهاكاً صارخاً للدستور والقانون.
عملية تمزيق القرآن والدوس عليه أمر يستفزنا جميعا ولا نقبل به على الإطلاق، لكن وبما أن هناك دولة لها مؤسساتها ومحاكمها، فإن أمر معاقبة الرجل على فعلته –إن كان قد ثبت فعلها- فهي من مسؤوليات الدولة ومؤسساتها، وليس الأفراد.
إن البرلمان مسؤول عن مساءلة الحكومة ووزير الداخلية عن عدم تدخل أفراد الأمن لوقف عملية التهديم والحرق للمنزل وتدمير ممتلكات صاحبه وتشريد أسرته.
إن أمر محاسبة صاحب المنزل عن تهم تمزيق المصحف أو إدارة شبكة دعارة في منزله، كما تحدثت بعض وسائل الإعلام، هي من مهمة القضاء الفصل فيها. كما أن حماية حياته وحياة أسرته وممتلكاته هي أيضا مسؤولية الدولة.
التقيت شخصاً في مكتبة "أبو صلاح" بشارع الزراعة، صباح الخميس، وقال لي: "إن ما حدث في الحصبة أمس أثار فيّ الخوف والرعب، إذ باستطاعة أي شخص اختلفت معه أن يلفق لي تهمة كهذه ويباشر بمعاول المواطنين هدم منزلي وقطع رأسي".
نعم، من حق صاحبنا ومن حق أي شخص أن يخشى على نفسه بعد أن وصل الأمر والاستخفاف بالدولة الى هذه الدرجة. يوماً تلو آخر ونجد أنفسنا أمام مشاهد طالبانية في اليمن. من خول لهؤلاء الناس القيام بهذه العملية؟ وكيف نصبوا من أنفسهم قضاة ومحاكم شرعية تحاكم وتصدر أحكاما بهذه السرعة؟
إن حادثة الحصبة خطيرة جدا إذا نظرنا إلى أبعادها، فهي تعني انهيار وسقوط مؤسسات الدولة، وفي العاصمة صنعاء، وتسليم أمر الناس إلى مجموعة من الأشخاص يريدون أن يجعلوا من أنفسهم محاكم تفتيش وأدوات لـ"طلبنة" اليمن. أعتقد أن حياة الناس ستتحول إلى فوضى يسود فيها قانون الغاب إذا ما تنصلت الدولة من مسؤوليتها في احترام سيادة القانون، وما حادثة الحصبة إلا نذر لذلك.
باصرة وجامعة الحديدة
تصرف الدكتور صالح باصرة وزير التعليم العالي تجاه حادثة غرق عدد من طلاب جامعة الحديدة، يعكس شعوره بالمسؤولية واحترامه لنفسه. لكن ما يثير الأسى هو إصرار رئيس جامعة الحديدة على أن الأمر قضاء وقدر، وأن الأمر لا يستحق استقالته من منصبه. إن الاستقالة أو الإقالة من المنصب هي ثقافة لم نتعود عليها في حياتنا، ولذا عليك أن تدرك يا دكتور صالح أنك تؤسس لثقافة وسلوك جديدين.
mhalqadhi@hotmail.com
صحيفة الشارع
ما حدث في الحصبة، الأربعاء الماضي، شيء مروع ومفجع للغاية، حيث قام مجموعة من المتشددين، ومعهم مواطنون، بتهديم منزل مواطن يدعى عبدالملك المنصور -حسب موقع "نيوزيمن"- وإحراق محتوياته، وحرق سيارتين تابعتين له، بتهمة أنه قام بتمزيق المصحف الشريف والدوس عليه تحت قدميه.
يقال إن الفاعلين تقاطروا من عدد من المساجد بعد صلاة فجر الأربعاء، وقرروا -بناءً على ما قيل إنها فتوى صدرت من بعض رجال الدين- تهديم منزل المنصور، واستأجروا "شيول" للقيام بعملية الهدم والحرق أمام أنظار قوات الأمن والإطفاء التي تقاطرت إلى المكان، وظلت تشاهد عملية الهدم والحرق التي استمرت 6 ساعات، دون عمل أي شيء يذكر.
إننا أمام مشهد درامي جدا. أشخاص يقال إنهم ينتمون إلى هيئة الفضيلة التي أعلن العام الماضي عن إنشائها، اتهموا الرجل وحاكموه وأصدروا الحكم ثم نفذوه بصورة مستعجلة. عملية حرق وتهديم لمنزل وتشريد لأسرته تتم بكل بساطة، وفي العاصمة صنعاء، وعلى بعد مئات الأمتار من وزارة الداخلية، التي كان لأفرادها شرف الإشراف على هذا المشهد الذي أستغرب سكوت الأحزاب والمنظمات المهتمة بحقوق الإنسان عنه، باستثناء الناشط الحقوقي والمحامي خالد الآنسي الذي أدان العملية واعتبرها انتهاكاً صارخاً للدستور والقانون.
عملية تمزيق القرآن والدوس عليه أمر يستفزنا جميعا ولا نقبل به على الإطلاق، لكن وبما أن هناك دولة لها مؤسساتها ومحاكمها، فإن أمر معاقبة الرجل على فعلته –إن كان قد ثبت فعلها- فهي من مسؤوليات الدولة ومؤسساتها، وليس الأفراد.
إن البرلمان مسؤول عن مساءلة الحكومة ووزير الداخلية عن عدم تدخل أفراد الأمن لوقف عملية التهديم والحرق للمنزل وتدمير ممتلكات صاحبه وتشريد أسرته.
إن أمر محاسبة صاحب المنزل عن تهم تمزيق المصحف أو إدارة شبكة دعارة في منزله، كما تحدثت بعض وسائل الإعلام، هي من مهمة القضاء الفصل فيها. كما أن حماية حياته وحياة أسرته وممتلكاته هي أيضا مسؤولية الدولة.
التقيت شخصاً في مكتبة "أبو صلاح" بشارع الزراعة، صباح الخميس، وقال لي: "إن ما حدث في الحصبة أمس أثار فيّ الخوف والرعب، إذ باستطاعة أي شخص اختلفت معه أن يلفق لي تهمة كهذه ويباشر بمعاول المواطنين هدم منزلي وقطع رأسي".
نعم، من حق صاحبنا ومن حق أي شخص أن يخشى على نفسه بعد أن وصل الأمر والاستخفاف بالدولة الى هذه الدرجة. يوماً تلو آخر ونجد أنفسنا أمام مشاهد طالبانية في اليمن. من خول لهؤلاء الناس القيام بهذه العملية؟ وكيف نصبوا من أنفسهم قضاة ومحاكم شرعية تحاكم وتصدر أحكاما بهذه السرعة؟
إن حادثة الحصبة خطيرة جدا إذا نظرنا إلى أبعادها، فهي تعني انهيار وسقوط مؤسسات الدولة، وفي العاصمة صنعاء، وتسليم أمر الناس إلى مجموعة من الأشخاص يريدون أن يجعلوا من أنفسهم محاكم تفتيش وأدوات لـ"طلبنة" اليمن. أعتقد أن حياة الناس ستتحول إلى فوضى يسود فيها قانون الغاب إذا ما تنصلت الدولة من مسؤوليتها في احترام سيادة القانون، وما حادثة الحصبة إلا نذر لذلك.
باصرة وجامعة الحديدة
تصرف الدكتور صالح باصرة وزير التعليم العالي تجاه حادثة غرق عدد من طلاب جامعة الحديدة، يعكس شعوره بالمسؤولية واحترامه لنفسه. لكن ما يثير الأسى هو إصرار رئيس جامعة الحديدة على أن الأمر قضاء وقدر، وأن الأمر لا يستحق استقالته من منصبه. إن الاستقالة أو الإقالة من المنصب هي ثقافة لم نتعود عليها في حياتنا، ولذا عليك أن تدرك يا دكتور صالح أنك تؤسس لثقافة وسلوك جديدين.
mhalqadhi@hotmail.com
صحيفة الشارع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق