متطرفون يحرضون المئات على هدم منزلين في العاصمة، بحجة تمزيق المصحف والدوس عليه، وآخرون يقتلون مدير مدرسة في البيضاء
* نائف حسان
خلال الـ20 عاماً الماضية؛ تجلت اليمن بأكثر من صورة، غير أنها بدت الأربعاء بصورة مخيفة ومرعبة. مئات الأشخاص هاجموا منزلين وهدموهما مستخدمين "شيول"؛ بدعوى أن أحد أبناء الأسرة التي تملك المنزلين مزق المصحف وداس عليه. عندما هاجموا المنزلين؛ كان هؤلاء الأشخاص يكبرون، ثم بدأوا بإخراج أثاث المنزلين إلى الشارع حيث تولوا إحراقه مع سيارتين. وخلال موجة الغيرة على المصحف والدين، لم ينسَ بعض المعتدين تغطية وجوههم بـ"الشيلان". لقد استيقظت الهوية الطالبانية في صنعاء، وقدمت عرضاً غير مسبوق.
بدأت القصة الثلاثاء، عندما قال عدد من سكان حارة جامع سنهوب، الواقعة خلف مركز الأطراف في الحصبة، إن الشاب عبدالملك علي صالح البيضاني مزق، في الثالثة عصراً، المصحف وداسه أمام منزله. ومساء الخميس تجاوزت التهم عبدالملك لتنال من سمعة والدته (مكية صالح النهمي)، وأسرته إجمالاً.
مساء الخميس كانت "مكية" تتنقل بين سجني مباحث العاصمة، والنيابة المناوبة، فيما كان المعتدون على منزلها يتجولون في المواقع الإلكترونية مواصلين التنكيل بها عبر تصريحات وتهم من قبيل القول بأنها تدير شبكة دعارة وبيع الخمور والمخدرات. وقد بلغ الأمر بإمام جامع العنقاء، نبيل العنسي، القول إنه تم العثور، داخل منزل "مكية"، على مقابر يعتقد أنها لفتيات استخدمتهن للدعارة! (يبدو أن الرجل متأثر بقصة "ريا وسكينة").
قبل مغرب الخميس؛ زار صلاح، الأخ الأصغر لعبدالملك، مقر صحيفة "الشارع". روى صلاح (28 عاماً) القصة، وبين حين وآخر كان ينتحب.
مغرب الثلاثاء جاء طقم عسكري يبحث عن عبدالملك، بعد تلقي قسم شرطة الحصبة بلاغاً عن قيامه بـ"تشطيط" المصحف. لم يكن عبدالملك موجوداً حينها في بيت أمه أو في الحي. ويقول صلاح إن المعتدين حاولوا، قُرب فجر الأربعاء، إحراق سيارته (كراسيدا موديل 87) غير أنه صحا وتمكن من إخماد الحريق. بعدها أبلغ البحث وقيادة المنطقة، التي أخذت أقواله وأقوال والدته: "جاء المعمل الجنائي، وقلنا للبحث إن غرماءنا هم الذين يبحثون عن عبدالملك".
صباح الأربعاء استمر البحث الجنائي وقسم الشرطة في البحث عن عبدالملك، تاركين المعتدين، ورموز التحريض، طلقاء: "في الصباح جاء عسكر من قسم الشرطة قالوا: يا صلاح توقف.. العُقال عيخربوا لك البيت.. تعال إتوقف حتى يهدؤوا. رحت القسم أتوقف، وبعد قليل ما شفت إلا أمي وأختي جائين للقسم.. جابهن القسم وقالوا يحموهن من عُقال الحارة".
هكذا تعامل رجال الأمن ابتداءً مع المعتدين باعتبارهم عُقالاً، يجب حبس صلاح وأفراد أسرته وإخراجهم من بيوتهم حتى يهدأ هؤلاء الذين أُطلق عليهم لقب العُقال!
أخذ صلاح (متزوج ولديه 3 أولاد) يلهج كطفل مذعور، وبعد دقائق استعاد أنفاسه: "زوجتي بقت، هي وعيالي وأخي الصغير، في بيتي القريب من بيت أمي.. بعدها جاء المتجمعين (يبدو أن هذه تسمية أنسب من "العُقال") إلى القسم، وأمام القسم كسروا سيارتي (فيتارا موديل 2007).. كسروا اثنين من فريماتها وبابها الخلفي". بدلاً من إيقاف المعتدين، أخذ قسم الشرطة صلاح وأخته وأمه إلى نيابة شمال الأمانة. المتجمعون، الذين أصبحوا "العصابة الإرهابيين" في هذا الجزء من القصة عند صلاح، لحقوا طريدتهم إلى النيابة.
"النيابة قالت: أين عبدالملك؟ قلنا: واصلي ذلحين". وطبقاً لصلاح فقد اتصل عند ذاك عبدالملك. كان حينها عاد إلى البيت، وأخذ يسأل شقيقه صلاح:
"أين أسلم نفسي؟". النيابة كلفت 3 أطقم عسكرية الذهاب لإحضار عبدالملك، الذي انضم إلى بقية أفراد أسرته الـ3 في سجن النيابة. بعد نحو ساعة ونصف تلقت الأسرة المُطاردة من "المتجمعين" اتصالاً هاتفياً إلى السجن. كان صوت أحد الجيران يقول على سماعة الهاتف: "يخربوا بيتكم، وحرقوا الثنتين السيارات".
كان عبدالملك قد دخل السجن، لكن يبدو أن الغيورين على المصحف كانوا يريدون تصفية حساب متراكم مع الأسرة برمتها. لقد غادروا النيابة إلى الحي، حيث بدأوا اعتداءهم الهستيري المخيف.
"طردوا زوجتي وأولادي.. قالوا عايفجروا البيت.. مخلوش زوجتي تخرج حتى بملابس عيالها، ولا الشنطة.. ما خلوهاش حتى تقفل البيت". ينتحب صلاح مجدداً. يمسح دموعه ثم يقول بصوت متقطع: "خربوا البيتين كامل، ثم أخذوا التراب بالشيول إلى فوق السيارتين (كرولا 2005، وكرسيدا 87) التي كانوا قد انتهوا من إحراقهما تماماً". بدأ "المتجمعين" أولا بإخراج أثاث البيت وراكموه فوق السيارتين ثم أحرقوه.
لدى صلاح 3 أطفال (محمد 6 سنوات، غيداء 4 سنوات، وسام عامين) شهدوا بشاعة ما حصل. وكان في بيت صلاح أيضاً أخوه سليم (13 عاماً)، الذي قال صلاح إنه لم يتم العثور عليه حتى صباح الجمعة. حين ذكر صلاح أن أخاه سليم مفقود أخذ يلهج في البكاء مجدداً.
عدد صلاح الأثاث الذي في بيت أمه وفي بيته، بما في ذلك ذهب بـ3 ملايين، كما قال، وبصائر، وأشياء ثمينة أخرى. كان صلاح يتساءل: "إذا أخي يتهموه بتشطيط المصحف.. ليش يحرقوا بيتي ويهدموها، ويحرقوا السيارتين حقي؟ كان المفروض يشتكوا بأخي إذا كانوا صادقين، والدولة تحكم".
عندما كنت أودعه، تذكر صلاح شيئاً فعاد إلى البكاء بصوت أعلى. لقد تذكر أن المعتدين أحرقوا أيضاً إقامته التي يعمل بموجبها في السعودية.
هوجة الغاضبين للمصحف، طالت منزل شخص آخر لا علاقة له بالأمر. يتكون منزل أم صلاح من 3 طابق، الطابق الأرضي مؤجر لشخص مغترب في الخارج. طبعاً منزل الرجل مغلق، وفيه أثاث، غير أن "المتجمعين" اقتحموه، وأحرقوا ما فيه!
سألت صلاح عن المعتدين، فأورد قائمة طويلة: يحيى سنهوب (عاقل الحارة)، عزيز السماوي (في البحث الجنائي)، فضل الروني، فيضي الروني (عاقل الحارة المجاورة)، محمد سعد المطري (عسكري متقاعد)، أحمد العريف (ضابط)، البعادنة، أحمد المعلمي (مأذون شرعي)، أحمد الزنداني (تاجر)، الجعادبة (عسكر)، عبده الروميثا وأولاده (عسكري)، محمد الوادعي وإخوانه، علي الوادعي، نبيل العنسي (خطيب جامع العنقاء).. وناس آخرون قال إنه لا يعرفهم.
نفى صلاح التهم التي وجهها هؤلاء لأسرته، وأرجع سبب هذا العداء الشديد نحوهم إلى مشاكل قديمة.
وقال صلاح إن قسم الشرطة حاول، الخميس، توجيه تهم لأمه: "بعد أن حققوا مع أمي احتجزوها، وبعدها قالوا إنهم عندما خربوا بيتها لقوا حشيش وسلاح!". يواصل: "أمي قالت أنا أنكر.. مع عيالي سلاحهم الشخصي فقط".
مصدر في النيابة المناوبة أكد لـ"الشارع"، مساء الخميس، أن البحث الجنائي كان يصر على حبس "مكية"، غير أن النيابة رفضت ذلك. رفضت النيابة حبس المرأة كونها المُعتدى عليها، وقالت للبحث إنها لن تسجنها، وإنه إن أراد أن يخالف القانون فليفعل. وبسبب موقف النيابة تم الإفراج عن "مكية" في الساعة الثانية من صباح الجمعة.
في الـ8 من صباح أمس، تواصلت "الشارع" مع المرأة، التي قالت إن السلطات مازالت تتحفظ على شقيقها عبدالعزيز، الذي من المتوقع الإفراج عنه بعد ظهر الجمعة.
وأفادت المرأة بأن عدداً من رموز المعتدين، عرضوا عليها في وقت متأخر من مساء الخميس، 60 مليون ريال كتعويض ومقابل بيتيها وبيت ابنها صلاح، شريطة أن تغادر الحي، غير أنها رفضت ذلك.
بعد مغرب الخميس، كان مصدر رفيع في وزارة الداخلية قال لـ"الشارع" إن هناك 8 معتقلين من المعتدين على ذمة القضية، غير أن "مكية" أكدت، في الاتصال الهاتفي معها، أن المعتقلين أصبحوا 4 هم الذين حرضوا العامة، وكانوا على رأس المعتدين: فيضي الروني، يحيى سنهوب، صاحب الشيول، وشخص آخر.
وصباح الجمعة قال صلاح إنه وأمه وأخته لدى أشخاص من أسرتهم، فيما زوجته وأولاده في الحتارش.
لا خلاف أن هذا اعتداء بشع، وغير مقبول أياً كانت مبرراته؛ إذ يفترض أن يحتكم الناس للقانون. وطبعاً يعرف الجميع أن المشكلة الأساسية للمتطرفين والإرهابيين هي أنهم خارجون على القانون ويقدمون أنفسهم كغيورين وكحراس مدافعين عن الدين.
حراس آخرون غيورون على الدين قاموا، مساء الأربعاء الماضي، بقتل مدير مدرسة في مديرية "صباح" محافظة البيضاء. كان القتلة 4 سلفيين متشددين غادروا مديريتهم الرضمة، التابعة لمحافظة إب، تجاه مديرية "صباح". استقبلهم أحمد محمد الذرواني، وهو مدير لمدرسة ظفار ويعالج بالقرآن، في بيته. قرأ على أحدهم آيات من كتاب الله، وبعد أن أنهوا العشاء على مائدته صوبوا 7 رصاصات قاتلة على جسده.
حاول القتلة الهرب من قرية "عبي"، التي ينتمي إليها الذرواني، غير أن أهالي قرية "مسورة" القريبة تمكنوا من إلقاء القبض سيارتهم وسائقها (يدعى عبده توفيق الذيباني)، فيما الـ3 الآخرون تمكنوا من الفرار.
يتزعم القتلة شخص يدعى عبدالرزاق ثابت علي علوان، وهو تاجر مبيدات وإمام جامع أبو بكر الصديق في الرضمة. القاتل الآخر هو غمدان عبده العرامي (بائع قات متشدد دينياً)، فيما الثالث يدعى مطهر عبده الحنش.
الخميس، عقد مشائخ ووجهاء مديريات صباح والجبيشية وقيفة وعمار والرضمة اجتماعاً في حدود محافظتي البيضاء وإب لمناقشة القضية. وقال لـ"الشارع" المحامي محمد ناجي علاو، الذي حضر الاجتماع، إن الشيخ آزال عرام قام بتسليم القاتل غمدان إلى أمن محافظة إب. واعتبر علاو أن تلك مسألة يُشكر عليها الشيخ عرام.
وأوضح علاو أن المجتمعين أجمعوا على إدانة الفعل أياً كان سببه ودافعه، والتزموا بعدم إيواء أو حماية القتلة.
ودُفن الذرواني الجمعة، ولديه 7 أبناء ذكور، و5 بنات، وهو رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام في قرية "عبي".
خلال الـ20 عاماً الماضية؛ تجلت اليمن بأكثر من صورة، غير أنها بدت الأربعاء بصورة مخيفة ومرعبة. مئات الأشخاص هاجموا منزلين وهدموهما مستخدمين "شيول"؛ بدعوى أن أحد أبناء الأسرة التي تملك المنزلين مزق المصحف وداس عليه. عندما هاجموا المنزلين؛ كان هؤلاء الأشخاص يكبرون، ثم بدأوا بإخراج أثاث المنزلين إلى الشارع حيث تولوا إحراقه مع سيارتين. وخلال موجة الغيرة على المصحف والدين، لم ينسَ بعض المعتدين تغطية وجوههم بـ"الشيلان". لقد استيقظت الهوية الطالبانية في صنعاء، وقدمت عرضاً غير مسبوق.
بدأت القصة الثلاثاء، عندما قال عدد من سكان حارة جامع سنهوب، الواقعة خلف مركز الأطراف في الحصبة، إن الشاب عبدالملك علي صالح البيضاني مزق، في الثالثة عصراً، المصحف وداسه أمام منزله. ومساء الخميس تجاوزت التهم عبدالملك لتنال من سمعة والدته (مكية صالح النهمي)، وأسرته إجمالاً.
مساء الخميس كانت "مكية" تتنقل بين سجني مباحث العاصمة، والنيابة المناوبة، فيما كان المعتدون على منزلها يتجولون في المواقع الإلكترونية مواصلين التنكيل بها عبر تصريحات وتهم من قبيل القول بأنها تدير شبكة دعارة وبيع الخمور والمخدرات. وقد بلغ الأمر بإمام جامع العنقاء، نبيل العنسي، القول إنه تم العثور، داخل منزل "مكية"، على مقابر يعتقد أنها لفتيات استخدمتهن للدعارة! (يبدو أن الرجل متأثر بقصة "ريا وسكينة").
قبل مغرب الخميس؛ زار صلاح، الأخ الأصغر لعبدالملك، مقر صحيفة "الشارع". روى صلاح (28 عاماً) القصة، وبين حين وآخر كان ينتحب.
مغرب الثلاثاء جاء طقم عسكري يبحث عن عبدالملك، بعد تلقي قسم شرطة الحصبة بلاغاً عن قيامه بـ"تشطيط" المصحف. لم يكن عبدالملك موجوداً حينها في بيت أمه أو في الحي. ويقول صلاح إن المعتدين حاولوا، قُرب فجر الأربعاء، إحراق سيارته (كراسيدا موديل 87) غير أنه صحا وتمكن من إخماد الحريق. بعدها أبلغ البحث وقيادة المنطقة، التي أخذت أقواله وأقوال والدته: "جاء المعمل الجنائي، وقلنا للبحث إن غرماءنا هم الذين يبحثون عن عبدالملك".
صباح الأربعاء استمر البحث الجنائي وقسم الشرطة في البحث عن عبدالملك، تاركين المعتدين، ورموز التحريض، طلقاء: "في الصباح جاء عسكر من قسم الشرطة قالوا: يا صلاح توقف.. العُقال عيخربوا لك البيت.. تعال إتوقف حتى يهدؤوا. رحت القسم أتوقف، وبعد قليل ما شفت إلا أمي وأختي جائين للقسم.. جابهن القسم وقالوا يحموهن من عُقال الحارة".
هكذا تعامل رجال الأمن ابتداءً مع المعتدين باعتبارهم عُقالاً، يجب حبس صلاح وأفراد أسرته وإخراجهم من بيوتهم حتى يهدأ هؤلاء الذين أُطلق عليهم لقب العُقال!
أخذ صلاح (متزوج ولديه 3 أولاد) يلهج كطفل مذعور، وبعد دقائق استعاد أنفاسه: "زوجتي بقت، هي وعيالي وأخي الصغير، في بيتي القريب من بيت أمي.. بعدها جاء المتجمعين (يبدو أن هذه تسمية أنسب من "العُقال") إلى القسم، وأمام القسم كسروا سيارتي (فيتارا موديل 2007).. كسروا اثنين من فريماتها وبابها الخلفي". بدلاً من إيقاف المعتدين، أخذ قسم الشرطة صلاح وأخته وأمه إلى نيابة شمال الأمانة. المتجمعون، الذين أصبحوا "العصابة الإرهابيين" في هذا الجزء من القصة عند صلاح، لحقوا طريدتهم إلى النيابة.
"النيابة قالت: أين عبدالملك؟ قلنا: واصلي ذلحين". وطبقاً لصلاح فقد اتصل عند ذاك عبدالملك. كان حينها عاد إلى البيت، وأخذ يسأل شقيقه صلاح:
"أين أسلم نفسي؟". النيابة كلفت 3 أطقم عسكرية الذهاب لإحضار عبدالملك، الذي انضم إلى بقية أفراد أسرته الـ3 في سجن النيابة. بعد نحو ساعة ونصف تلقت الأسرة المُطاردة من "المتجمعين" اتصالاً هاتفياً إلى السجن. كان صوت أحد الجيران يقول على سماعة الهاتف: "يخربوا بيتكم، وحرقوا الثنتين السيارات".
كان عبدالملك قد دخل السجن، لكن يبدو أن الغيورين على المصحف كانوا يريدون تصفية حساب متراكم مع الأسرة برمتها. لقد غادروا النيابة إلى الحي، حيث بدأوا اعتداءهم الهستيري المخيف.
"طردوا زوجتي وأولادي.. قالوا عايفجروا البيت.. مخلوش زوجتي تخرج حتى بملابس عيالها، ولا الشنطة.. ما خلوهاش حتى تقفل البيت". ينتحب صلاح مجدداً. يمسح دموعه ثم يقول بصوت متقطع: "خربوا البيتين كامل، ثم أخذوا التراب بالشيول إلى فوق السيارتين (كرولا 2005، وكرسيدا 87) التي كانوا قد انتهوا من إحراقهما تماماً". بدأ "المتجمعين" أولا بإخراج أثاث البيت وراكموه فوق السيارتين ثم أحرقوه.
لدى صلاح 3 أطفال (محمد 6 سنوات، غيداء 4 سنوات، وسام عامين) شهدوا بشاعة ما حصل. وكان في بيت صلاح أيضاً أخوه سليم (13 عاماً)، الذي قال صلاح إنه لم يتم العثور عليه حتى صباح الجمعة. حين ذكر صلاح أن أخاه سليم مفقود أخذ يلهج في البكاء مجدداً.
عدد صلاح الأثاث الذي في بيت أمه وفي بيته، بما في ذلك ذهب بـ3 ملايين، كما قال، وبصائر، وأشياء ثمينة أخرى. كان صلاح يتساءل: "إذا أخي يتهموه بتشطيط المصحف.. ليش يحرقوا بيتي ويهدموها، ويحرقوا السيارتين حقي؟ كان المفروض يشتكوا بأخي إذا كانوا صادقين، والدولة تحكم".
عندما كنت أودعه، تذكر صلاح شيئاً فعاد إلى البكاء بصوت أعلى. لقد تذكر أن المعتدين أحرقوا أيضاً إقامته التي يعمل بموجبها في السعودية.
هوجة الغاضبين للمصحف، طالت منزل شخص آخر لا علاقة له بالأمر. يتكون منزل أم صلاح من 3 طابق، الطابق الأرضي مؤجر لشخص مغترب في الخارج. طبعاً منزل الرجل مغلق، وفيه أثاث، غير أن "المتجمعين" اقتحموه، وأحرقوا ما فيه!
سألت صلاح عن المعتدين، فأورد قائمة طويلة: يحيى سنهوب (عاقل الحارة)، عزيز السماوي (في البحث الجنائي)، فضل الروني، فيضي الروني (عاقل الحارة المجاورة)، محمد سعد المطري (عسكري متقاعد)، أحمد العريف (ضابط)، البعادنة، أحمد المعلمي (مأذون شرعي)، أحمد الزنداني (تاجر)، الجعادبة (عسكر)، عبده الروميثا وأولاده (عسكري)، محمد الوادعي وإخوانه، علي الوادعي، نبيل العنسي (خطيب جامع العنقاء).. وناس آخرون قال إنه لا يعرفهم.
نفى صلاح التهم التي وجهها هؤلاء لأسرته، وأرجع سبب هذا العداء الشديد نحوهم إلى مشاكل قديمة.
وقال صلاح إن قسم الشرطة حاول، الخميس، توجيه تهم لأمه: "بعد أن حققوا مع أمي احتجزوها، وبعدها قالوا إنهم عندما خربوا بيتها لقوا حشيش وسلاح!". يواصل: "أمي قالت أنا أنكر.. مع عيالي سلاحهم الشخصي فقط".
مصدر في النيابة المناوبة أكد لـ"الشارع"، مساء الخميس، أن البحث الجنائي كان يصر على حبس "مكية"، غير أن النيابة رفضت ذلك. رفضت النيابة حبس المرأة كونها المُعتدى عليها، وقالت للبحث إنها لن تسجنها، وإنه إن أراد أن يخالف القانون فليفعل. وبسبب موقف النيابة تم الإفراج عن "مكية" في الساعة الثانية من صباح الجمعة.
في الـ8 من صباح أمس، تواصلت "الشارع" مع المرأة، التي قالت إن السلطات مازالت تتحفظ على شقيقها عبدالعزيز، الذي من المتوقع الإفراج عنه بعد ظهر الجمعة.
وأفادت المرأة بأن عدداً من رموز المعتدين، عرضوا عليها في وقت متأخر من مساء الخميس، 60 مليون ريال كتعويض ومقابل بيتيها وبيت ابنها صلاح، شريطة أن تغادر الحي، غير أنها رفضت ذلك.
بعد مغرب الخميس، كان مصدر رفيع في وزارة الداخلية قال لـ"الشارع" إن هناك 8 معتقلين من المعتدين على ذمة القضية، غير أن "مكية" أكدت، في الاتصال الهاتفي معها، أن المعتقلين أصبحوا 4 هم الذين حرضوا العامة، وكانوا على رأس المعتدين: فيضي الروني، يحيى سنهوب، صاحب الشيول، وشخص آخر.
وصباح الجمعة قال صلاح إنه وأمه وأخته لدى أشخاص من أسرتهم، فيما زوجته وأولاده في الحتارش.
لا خلاف أن هذا اعتداء بشع، وغير مقبول أياً كانت مبرراته؛ إذ يفترض أن يحتكم الناس للقانون. وطبعاً يعرف الجميع أن المشكلة الأساسية للمتطرفين والإرهابيين هي أنهم خارجون على القانون ويقدمون أنفسهم كغيورين وكحراس مدافعين عن الدين.
حراس آخرون غيورون على الدين قاموا، مساء الأربعاء الماضي، بقتل مدير مدرسة في مديرية "صباح" محافظة البيضاء. كان القتلة 4 سلفيين متشددين غادروا مديريتهم الرضمة، التابعة لمحافظة إب، تجاه مديرية "صباح". استقبلهم أحمد محمد الذرواني، وهو مدير لمدرسة ظفار ويعالج بالقرآن، في بيته. قرأ على أحدهم آيات من كتاب الله، وبعد أن أنهوا العشاء على مائدته صوبوا 7 رصاصات قاتلة على جسده.
حاول القتلة الهرب من قرية "عبي"، التي ينتمي إليها الذرواني، غير أن أهالي قرية "مسورة" القريبة تمكنوا من إلقاء القبض سيارتهم وسائقها (يدعى عبده توفيق الذيباني)، فيما الـ3 الآخرون تمكنوا من الفرار.
يتزعم القتلة شخص يدعى عبدالرزاق ثابت علي علوان، وهو تاجر مبيدات وإمام جامع أبو بكر الصديق في الرضمة. القاتل الآخر هو غمدان عبده العرامي (بائع قات متشدد دينياً)، فيما الثالث يدعى مطهر عبده الحنش.
الخميس، عقد مشائخ ووجهاء مديريات صباح والجبيشية وقيفة وعمار والرضمة اجتماعاً في حدود محافظتي البيضاء وإب لمناقشة القضية. وقال لـ"الشارع" المحامي محمد ناجي علاو، الذي حضر الاجتماع، إن الشيخ آزال عرام قام بتسليم القاتل غمدان إلى أمن محافظة إب. واعتبر علاو أن تلك مسألة يُشكر عليها الشيخ عرام.
وأوضح علاو أن المجتمعين أجمعوا على إدانة الفعل أياً كان سببه ودافعه، والتزموا بعدم إيواء أو حماية القتلة.
ودُفن الذرواني الجمعة، ولديه 7 أبناء ذكور، و5 بنات، وهو رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام في قرية "عبي".
* صحيفة الشارع عدد السبت 18 ابريل 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق