رضية المتوكل تنعي أباها:
نعرف أن المصاب ليس مصابنا لوحدنا ،
وأنكم قريبون جداً منا .. نشعر بنبض قلوبكم وصدق فجيعتكم.. ونبكي وإياكم هذا الفقد
الأليم.
اقل مايستحقه فقيد بحجم الدكتور
محمد عبد الملك المتوكل هو تحقيق جاد يكشف عن الجناة الحقيقيين بعيداً عن
التراشقات السياسية .
كانت أربع رصاصات على جسده ، جسده
الذي أصر على أن يكون حامله الوحيد من شارع إلى شارع ،بلا سلاح ولا مرافقين ولا
حتى سيارة.
ليت تلك الدماء التي انسكبت من جسده
تكون آخر دم يسفك في اليمن .. ليت هذا الرحيل لرجل جسد المدنية سلوكاً في حياته
يكون حاجزا منيعاً ضد كل أشكال العنف المتبادلة.
شكراً لكل من حضر واتصل وأرسل وكتب
، واعتذر عن عدم قدرتي على الرد.
والحمد لله على كل حال.
***
(قوتي في ضعفي)
عبدالرشيد الفقيه
لطالما
ردد الدكتور محمد عبدالملك المتوكل مع كل نقاش حول تجوله في شوارع العاصمة
، راجلاً ، وحيداً ، أعزلاً ، " حارسي أجلي " ، ولطالما ردد على مسامعنا "
من هدأ ضميره نام الرعود تقصف" ، و"عمر الشقي بقي" ، لطالما قال " قوتي في
ضعفي " .
كان أقدس تسابيحه "بناء الدولة" ، لم يتوقف يوماً واحداً عن الدعوة والعمل لأجل هذا الهدف ، يثابر يومياً بروح شاب عشريني .
حتى حين غيبته محاولة الإغتيال الأولى في 1 نوفمبر 2011 لأسابيع كانت تمتمته في غيبوبته الأنيقة فكرة الدولة والديمقراطية والحقوق .
يحرص
على مناقشة سائق التاكس ، وعامل البقالة ، والشخص الجالس على الرصيف ،
والبائع المتجول ، كما يناقش السفراء والوزراء والقيادات العليا ، بذات
الحماس ، وذات القدرة على الإستماع .
يبادر بالتواصل والسؤال والسلام ، لا يرد أي شخص يتواصل به أو يطلب زيارته ومناقشته ، لا يسأل من هو وما هي خلفيته .
نتناقش
كثيراً ، نتفق ونختلف ، ترتفع أصواتنا ، ونحتد ، ويبقى هادئاً ، مستمعاً ،
مبتسماً ، وإن أحس بشيء في نفوسنا بعد كل نقاش بادر بتطييب الخاطر ،
برمانة ، أو برتقالة ، أو بقفشة من قفشاته النادرة .
كان أباً وصديقاً أنيقاً ، حيوي ، خلاق ، بلا ضغائن ، ولا عقد ، يعيش الهم العام وقضايا الناس في كل لحظة .
لقد
كنتُ محظوظاً إذ اقتربت من شخصية فذة ونادرة كما الدكتور محمد عبدالملك
المتوكل ، عايشت معه الكثير من التفاصيل ، تعلمت الكثير من مدرسته
الإستثنائية ، كان أباً وصديقاً لقلما يجود الزمان بمثله .
كثيراً
ما طلب في اجتماعات العائلة أن نقيمه ، ويطلب الآراء الناقدة ، كان يستمع
للكبار والصغار باهتمام وتركيز ، ويردد في مفتتح هكذا نقاش : رحم الله
امريء أهدى إلي عيوبي " .
ما
نستطيع أن نفعله الان - ونحن العُزل مثلك - في مواجهة القاتل ومن يقف خلفه
هو سرد مناقبك وسيرتك ، التذكير بجوهرك ومشروعك ، مشروع السلام الذي حملته
على عاتقك لسبعة عقود ، حتى اللحظة الأخيرة من حياتك ، حلمك المنشود ،
الوطن اللائق لنا ولأولادنا .
أبي الدكتور محمد عبدالملك المتوكل ..
سأفتقدك كثيراً ، كنموذج مدني ، ديمقراطي ، يمشي على الأرض ، سنفتقدك كإنسان ، كأب ، كصديق .
لا يمكن أن تفيك الكلمات ولو بعض حقك ..
عزاؤنا أبي الدكتور في الرصيد الذي تركته ، سيرتك الحافلة والعطرة بالعمل من أجل الناس ، وبالمثابرة والنزاهة ، حب ملايين الناس .
عزاؤنا
أبي الدكتور في الثروة التي أودعتها هذا البلد ، الدكتورة إلهام ،
والدكتورة إنطلاق ، وريدان ، وقبول ، ورضية ، ككفاءات معطاءة مثلك ، تلتزم
قيمك وتقتفي أثرك .
وعزائي أنا بالإضافة لكل ذلك ، في بعض منك يشاركني كل حياتي ، مثلك قيم تمشي على الأرض ، قرة عيني ، إبنتك ، وإبنة قلبي .. رضية
***
رجل صبور.. ومظلته
خالد عبدالهادي:
وأنت ترى بياض لحية محمد عبدالملك
المتوكل وهو ملقى على رصيف الشارع ينازع أنفاسه الأخيرة, يعيدك ذهنك تلقائياً إلى
حسين مروة: شيخان عالمان لم تعصمهما عالميتهما ولا سنهما من رصاص القتلة, وحينئذ
ينبغي التحقق من أن الاحتراب الطائفي يأتي على هذا النحو القذر ولا يوفر أحداً, بل
يدفع المسالمون المتنورون أفدح أثمانه.
رحم الله الدكتور محمد عبدالملك
المتوكل الذي شكلت حياته الممتدة سبعة عقود مثالاً للسياسي الصبور, شديد المثابرة
والأكاديمي المربي.
المتوكل الذي تلقى معارفه الأولى
على يد الأستاذ أحمد محمد نعمان, شق طريقه وسط متاعب السياسة بصبر جميل وأناة بلا
يأس وأثمرت رفقته للشهيد جار الله عمر في تطوير مجلس التنسيق المعارض لنظام الرئيس
السابق علي عبدالله صالح إلى فكرة اللقاء المشترك, ثم ها هو ينال خاتمة شديدة
الشبه بخاتمة جار الله وهي خاتمة لطالما لحقت بالعلماء والسياسيين الذين يشكلون
خطراً على انحراف الدين وتسلط الحاكم السياسي.
ما ينبغي قوله هنا إن التصفيات
المماثلة لهذا الاغتيال المحزن تتواصل بحق عسكريين وبسطاء كثيرين, لكنها تمر
كحوادث عابرة لأن ضحاياها لا تتوافر أسماؤهم على شهرة كافية.
والمؤسف أن القتلة ينتقون هؤلاء
الضحايا على أساس السلالة. أفلا ينبغي للأطراف المحتربة التي دفعت بالأمور إلى هذا
المنحى أن تتمثل هذه الآلام والأحزان, فتكبح غيها وتطلعاتها غير الوطنية وتدع
للمواطنين فرصة أن يتعايشوا بسلام.
كان المتوكل مسالماً بقدر ماهو صبور,
يعبر شوارع صنعاء راجلاً في الغالب وليس معه غير مظلته, ينشرها لاتقاء قيظ الهجيرة
ومع ذلك أطلق المتوحش النار عليه؛ وهكذا لا يمكن التعليل لوقائع القتل التي يغذيها
التشوه الديني أو الجشع السلطوي.
واحسرتاه!
***
إغتيالٌ للعقل وترسيخٌ للجنون!
خالد الرويشان
كارثة اغتيال الدكتور محمد عبدالملك
المتوكل مساء اليوم أكبر من أن يعي نتائجها كثيرون! صحيح أن الكوارث باتت الغذاء
اليومي لبلادٍ بكاملها، لكنّ اغتيال رجلٍ بحجم وتأثير وذكاء الدكتور المتوكل هو
كارثة بكل المقاييس.
ليس من مهمات كلماتي الحزينة هذه أن
تجيب على االتساؤل.. لماذا الإغتيال الآن؟ بقدر أن تشير بل تقرّر أنّ اغتيال
الدكتور المتوكل هو :
اغتيالٌ للإعتدال والمنطق السياسي ..
والعقل! أي أنّ مقاصد الجريمة هو:
التأكيد على التطرف والدعم للفوضى
والترسيخ للجنون!
لن يُعوّض الدكتور المتوكل في المدى
المنظور.. ولن يحلّ محلّه أحدٌ في إطار مساره ومسيرته وتجربته. وكلما أوغلت البلاد
في الجنون سنتذكّر رجل العقل السياسي والمنطق.. والإعتدال!
يريدون البلاد ساحةً للجنون.. لذلك
يقتلون العقلاء!
كمال حيدرة
لا زلت أتذكر اندهاشاتي المتوالية
في قاعات قسم العلوم السياسية وانا أحملق في وجه أستاذي الجليل د/ محمد عبدالملك
المتوكل وهو يلتمع بتجليات بدت لي متفردة بوضوحها ونضوجها بين كل محاولات مد جسور
الاتصال بين الديمقراطية والتراث الديني الاسلامي، ومحاولة تأصيل مفاهيم الاجتماع
والدولة الحديثين ضمن سياقات تجربة عربية يراد لها انتشال شعوب هذه المنطقة من
براثن الاستبداد والاحتراب المجتمعي الطويل.
كان فرحي عظيماً بوجود فكر كهذا ،
وأنا المهتم بوجوده وكان الدافع الأساسي لي لدراسة السياسة لأكون على تماس مع
رجالاته وربما لأكون أحدهم يوماً ما بحكم قراءاتي السابقة في هذا المجال (هكذا كان
الطموح يومها!!).
أتذكر أنني في أحد الأيام وقد بلغ
بي الاعجاب مبلغاً عظيماً بفكرة عرضها الدكتور وربطها بنصوص دينية كانت من الوضوح
بحيث بدى لي أنها لا تقبل أي تأويل آخر غير ذلك التأويل الحديث الذي أورده أستاذي
المتوكل لدعم فكرته الحديثة والمتقدمة.. لحظتها قلت لأستاذي : أنت متأكد يا دكتور
أن هذا النص الذي أوردته موجود بالفعل لدينا، وأن هذا التفسير قد قدمه فقهاء
العصور القديمة؟!! قال لي: نعم يا ابني والا من فين جبته؟ من بيتنا ؟!! هذا موجود
ويحتاج الى اشتغال... الخ.
تحقق لي مناقشة بعض القضايا الفكرية
والسياسية التي كانت تشغل بالي مع الدكتور محمد، وفي كل مرة كان يزداد اعجابي به،
وبعد تخرجي وخلال العامين الاخيرين اختلفت معه في بعض القضايا السياسية، وانتقدت
كثير من آراءه السياسية، ومع ذلك بقي اعجابي الكبير بفكره لم ينتقص، وكنت لازلت
أشعر بشيء من الاطمئنان كونه يعتبر شخصاً قريباً من الحركة الحوثية لما يمكن أن
يحدثه رجل بفكره وتاريخه السياسي من أثر ايجابي في ترشيد سلوكها، وجعلها أنضج
وأقرب الى العمل السياسي والتخلي عن مشروعها العنفي الذي يهدد المجتمع والدولة.
أشعر الآن بخسارة كبيرة برحيل شخصية
بحجم أستاذي محمد المتوكل.. أشعر بصدمة وخيبة أمل عميقة
أشعر بالخوف.. من الذي يريد أن يفرغ
البلد والمكونات السياسية والاجتماعية من عقلاءها ورموزها الفكرية والسياسية ليبقى
رجالات القتل والانتهازيين المقامرين بوجودنا على هذا الوطن لتفوز نزواتهم
الطفولية الاجرامية؟!!
رحم الله أستاذي الكبير محمد عبدالملك المتوكل
وأسكنه الجنة وألهم أهله وتلامذته ومحبيه الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا البه
راجعون***سامي نعمان:
فاجعتنا كبيرة بمقتلك..
الاب الفاضل
المربي القدير
السياسي المحنك
المتحدث الصادق
الدكتور محمد عبدالملك المتوكل.
امتدت اليك يد الاجرام والوحشية
والارهاب..
اغتالتنا جميعا..
اغتالت صوتا يعبر عن الحلم والامل
والسلام والمستقبل ..
جريمة ارهابية وحشية جبانة، تبعث
على الخوف من مستقبل يتنازعه صدارته ارباب القتل والارهاب..
قلوبنا معكم، ريدان رضية، انطلاق،
قبول، وجميع اخوانهم واقاربهم، من برثون التركة الانسانية الثقيلة في العمل الحوقي
والانساني والتنموي..
مصابكم ومصاب الوطن فادح.
هو مصاب كل يمني حر شريف يحمل الحلم
بمستقبل وسلام في هذا البلد الذي عز فيه الوطنيون المخلصون، وتعاظم فيه رواد مشروع
الجريمة والقتل والظلام..
***
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق