في الميثولوجيا الدينية لليمين المسيحي المتصهين بأمريكا والغرب، ثمة ضرورة حتمية لوجود إسرائيل. تنهض
هذه الفكرة على مزاعم تلتقي مع بعض المرويات الإسلامية بخصوص معركة "هرمجدون" الكبرى .
لكي تتحقق عودة المسيح بالنسبة للمسيحيين الصهاينة، لا بد من إقامة دولةيهودية في فلسطين، ويجب أن تذهب التناقضات إلى نهايتها في المنطقة بعد بلوغ " الفساد في الأرض " ذروته، ليتسنى للمسيح لعب دور " المخلّص " ووضع حد للشرور والآثام التي غمرت العالم .
هذا الاتجاه في أمريكا يعبر عنه اليمين المحافظ، وغالبا ما يكون الحزب الجمهوري هو اللافتة "التبشيرية" التي ينشط من خلالها غلاة المسيحيين الصهاينة.
كان بوش الابن يعتقد انه يتصرف بإيحاء من "الرب " عندما كان يشن حروبه " المقدسة " في العراق وأفغانستان. وكان الرئيس الأسبق رونالد ريجان يعتقد أنه سيكون صاحب الحظ في " الضغط على الزر النووي " لخوض معركة "هرمجدون المقدسة" .
مع ذلك فان الاعتقاد بأن الموقف الأمريكي الراسخ والمتعصب لدولة إسرائيل على الدوام، محكوم بهذا الدافع الأيدلوجي، سيكون ضربا من السذاجة. فرغم تعاقب الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي المحسوب على اليسار والأكثر ليبرالية، على البيت الأبيض، لم تتغير مواقف واشنطن المتصلبة، والمؤمنة بضرورة وجود إسرائيل قوية ومتفوقة في المنطقة .
العقيدة السياسية البراجماتية لأمريكا هي دين أمريكا الحقيقي، فهي تسلك كل الطرق لتحقيق هدف وحيد: مصالح الدولة العظمى . لذلك يمكن لهذا البلد الذي ذهب بعيدا في مجال فتوحات العقل العلمية، واحتفى بكل تيارات الحداثة، السير خلف الأساطير، طالما ستقوده لتحقيق ما تر سمه الأدمغة المخططة ومراكز التفكير الإستراتيجي لترسيخ مصالحه في العالم .
شطط الأيدلوجية وتهويماتها قد تستوطن مراكز صناعة القرار في واشنطن، لكن دين هذا البلد العملاق هو المصلحة، وأينما تكون، فثم فرصة " لعودة المسيح المخلّص " !
إسرائيل لا تمانع، بالطبع، أن تكون هدفا تكتيكيا، للأيدلوجية التي تتلبس اليمين المسيحي، فهي أيضا لها تفسيرها الخاص للتاريخ، حيث الوعد في ميثولوجيا التوراة، يجب أن يصبح دولة على الأرض، وعلى يهود العالم "الصهاينة " الانهماك في تدبير خلاصهم الخاص، ولو كان ذلك باضطهاد وطرد وقتل شعب آخر، وحسب.
هي ليست معركة السماء بالنسبة لهم، لكن ذلك لا يمنع من توظيف مزاياها التحشيدية على الأرض . الأرض باعتبارها مجال التنافس على المصالح الاقتصادية والسياسية، إذ يخضع الصراع فيها لمنطق الجغرافيا السياسية، ومقتضيات هذه الأخيرة تحرك الأيدلوجيات وتستدعي الأديان ضمن أدوات صراع يجب أن تضمن لأمريكا أولا، والعالم الغربي تاليا، السيطرة على مصالح اقتصادية وجيوسياسية ضخمة، لا تستهدف السيطرة على هذه المنطقة الحيوية فحسب، بل ووضع اليد على مفاتيح القوة في العالم أيضا .
وجود إسرائيل يصبح مهما بالضرورة لـ "مجمع وول ستريت" الاقتصادي وأذرعه البنتاجون، وشركات الطاقة العملاقة، أكثر من كونها حاجة لأفكار بوش وريجان الفاسدة !
من وجهة النظر الأمريكية ليس ثمة ما يمنع وضع العقل والأسطورة في سلة واحدة، على تناقضهما، طالما كان ذلك يصب في مصلحة الإمبراطورية الأكبر في التاريخ.
بعد الإطاحة بـ" مصدق"، رئيس الوزراء الإيراني في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، وإعادة الشاه محمد رضا بهلوي إلى العرش، كانت هذه هي خلاصة النصيحة التي قدمها رئيس جهاز الاستخبارات الأمريكي للطاووس الإيراني : لكي تستطيع البقاء أكثر على العرش، عليك الحضور مع الناس صلاة الجمعة . قال رومني روزفلت للشاه العائد لتوه من المنفى.
مسئول الاستخبارات، منفذ مهمة الإطاحة بمصدق، بالقطع ، لم يكن مهتما بإنقاذ الشاه من "النار" لعدم تأديته فريضة دينية، وربما لا يكن أي احترام للإسلام أصلا، لكنه يهتم لمصالح أمريكا بالاهتمام بمستقبل حليفها الذي سيصبح معروف لاحقا، بشرطي أمريكا المخلص في الخليج.
كانت نصيحة، لتملق المشاعر الدينية المشبوبة للشارع الإيراني والتأثير على مواقفه حيال حاكم " يؤدي الفرائض " وملتزم دينيا " والهدف في الأصل ابقاء حليف امريكا اطول فترة ممكنة على سدة الحكم ! .
تماما مثلما كان الدافع، حاجة واشنطن للدين الوهابي في السعودية، لضمان الهيمنة على أكبر بحيرة نفط ضخمة تحوزها دولة واحدة في المنطقة، وتحكمها أسرة باسم "الإسلام " ولا تهتم بأكثر من البقاء في السلطة وتوارث الحكم.
هذه الدولة نشأت على أساس تحالف بين أسرة آل سعود وأسرة آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس الاتجاه الأكثر تشددا بين التيارات الدينية السنية. الأسرة الأولى تتولى الحكم، والثانية تقود تيار الشرعنة الدينية وصبغ الحكم بمسوح إسلامية. وإذا سالت عن دستور هذه الدولة سيقولون لك: القرآن ويحكمها الإسلام، ولا أظن أن للاثنين بصورتهما المفترضة، وجودا في الممارسة !
لكن هذا الصنف من الدين الذي يحرم قيادة المرأة للسيارة، ويفتح مناحة لا تنتهي ضد شرب السجائر، لم يتعرض بسوء للشرب والشفط الشره للنفط، الثروة التي كرست لخدمة مصالح الأسرة والحكومات الأجنبية !
هذا التيار يتبنى تفسيرا متشددا ومشوها للإسلام، سيما حيال الأديان الأخرى والمذاهب، خصوصا داخل حدود الدولة الواحدة، لضرب النسيج الاجتماعي متعدد الإثنيات والطوائف، لكنه في نفس الوقت، ليس له موقف واضح من قضية احتلال فلسطين على يد الصهاينة، بل وأخرج شيوخه يفتون، بحرمة الخروج في تظاهرات مناهضة للعدوان على الفلسطينيين !
رغم تشدده فيما يخص الأديان والطوائف، لا يبدو الدين الوهابي نقيضا على المستوى العملي للأيدلوجيات الصهيونية في الإنجيل والتوراة بخصوص وجود إسرائيل، بل هو متطابق ومكمل للأيدلوجيتين من حيث الفعل السياسي. فوق ذلك هو يقدم خدمة جليلة لأتباع هؤلاء حين يفرض نموذجه السلوكي على الناس، فضلا عن الأثر المدمر للمسلمين والعرب أنفسهم الناجم عن انتشار هذا التيار الذي شوه الإسلام وقدمه بصورته المزرية كما يحدث الآن.
لا يمكن مثلا، النظر إلى داعش التي يعمل عناصرها الآن بين سوريا والعرق إلا باعتبارها التطور الطبيعي لذات الاتجاه المتشدد، ولا يبدو أنها مخلوقات غريبة عن مختبرات أجهزة الاستخبارات التي ترعاها السعودية.
في الإجمال، تجني أمريكا من التحالف مع نظام يقوم على مزاعم " دينية " كالسعودية، أكثر مما كانت ستحصده من أي نظام علماني مثلا، وبواسطة نسختها الدينية خاضت حروبا باردة وساخنة، وقوضت محاولات نهوض عربية بإمكانياتها المالية الضخمة، وهي الآن رأس الحربة في قيادة " الثورات المضادة " للثورات الشعبية الأخيرة. لذلك كان دينها وديدنها دائما في مواجهة مصالح الشعوب والقضايا العربية. لقد قدمت خدمة مساوية لتلك التي يقدمها "صهاينة " التوراة والإنجيل بالنسبة لأمريكا في المنطقة!
حيال المجازر والمذابح الوحشية التي ترتكبها إسرائيل في عدوانها على غزة هذه الأيام يبدو علم أمريكا وراية " التوحيد" السعودية ، ونجمة داود اليهودية، عمليا ، كما لو كانوا في الواقع جنبا إلى جنب في المعركة، ضدا على حركة حماس "الإخوانية" .
بالنسبة لأمريكا فهي مخلصة لمنطقها الخاص للمعركة. فبالإضافة إلى الغطاء الكبير الذي توفره للعدوان من خلال تعطيل ما يسمى بالمؤسسات الدولية، يقاتل العتاد الأمريكي في الصفوف الأولى لذبح أطفال غزة بطائرات إف 16 ، والأباتشي ،ومختلف الأسلحة الأمريكية الفتاكة .
هذا أمر لن تحيد عنه أمريكا وهو متوقع ومعروف . لكن ، إذا كان توقع موقف مخالف من واشنطن مستحيل ، فلماذا تبدو مواقف دول وقادة عرب في نفس الخندق المعادي للقضايا العربية خصوصا في الرياض والقاهرة ؟
جميعنا يدرك جيدا السبب، لكن جميعنا لا يعمل من أجل تصحيح الوضع من هذه النقطة تحديدا .
العالم ليس أخلاقيا، وهو لا يرى الدماء والدمار، بل يركز بصره على المصلحة المتحققة من نتائج هذه المحارق، وهو مستعد لان يزج بكل الأيديولوجيات وحتى الأديان من اجل ذلك . وحدها هذه المنطقة الرخوة من العالم، تعمل دوما كجندي مخلص لخصومها، ولديها الاستعداد للزج بكل مقدساتها من اجل هذا الخنوع .
عبدالعزيز المجيدي |
لكي تتحقق عودة المسيح بالنسبة للمسيحيين الصهاينة، لا بد من إقامة دولةيهودية في فلسطين، ويجب أن تذهب التناقضات إلى نهايتها في المنطقة بعد بلوغ " الفساد في الأرض " ذروته، ليتسنى للمسيح لعب دور " المخلّص " ووضع حد للشرور والآثام التي غمرت العالم .
هذا الاتجاه في أمريكا يعبر عنه اليمين المحافظ، وغالبا ما يكون الحزب الجمهوري هو اللافتة "التبشيرية" التي ينشط من خلالها غلاة المسيحيين الصهاينة.
كان بوش الابن يعتقد انه يتصرف بإيحاء من "الرب " عندما كان يشن حروبه " المقدسة " في العراق وأفغانستان. وكان الرئيس الأسبق رونالد ريجان يعتقد أنه سيكون صاحب الحظ في " الضغط على الزر النووي " لخوض معركة "هرمجدون المقدسة" .
مع ذلك فان الاعتقاد بأن الموقف الأمريكي الراسخ والمتعصب لدولة إسرائيل على الدوام، محكوم بهذا الدافع الأيدلوجي، سيكون ضربا من السذاجة. فرغم تعاقب الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي المحسوب على اليسار والأكثر ليبرالية، على البيت الأبيض، لم تتغير مواقف واشنطن المتصلبة، والمؤمنة بضرورة وجود إسرائيل قوية ومتفوقة في المنطقة .
العقيدة السياسية البراجماتية لأمريكا هي دين أمريكا الحقيقي، فهي تسلك كل الطرق لتحقيق هدف وحيد: مصالح الدولة العظمى . لذلك يمكن لهذا البلد الذي ذهب بعيدا في مجال فتوحات العقل العلمية، واحتفى بكل تيارات الحداثة، السير خلف الأساطير، طالما ستقوده لتحقيق ما تر سمه الأدمغة المخططة ومراكز التفكير الإستراتيجي لترسيخ مصالحه في العالم .
شطط الأيدلوجية وتهويماتها قد تستوطن مراكز صناعة القرار في واشنطن، لكن دين هذا البلد العملاق هو المصلحة، وأينما تكون، فثم فرصة " لعودة المسيح المخلّص " !
إسرائيل لا تمانع، بالطبع، أن تكون هدفا تكتيكيا، للأيدلوجية التي تتلبس اليمين المسيحي، فهي أيضا لها تفسيرها الخاص للتاريخ، حيث الوعد في ميثولوجيا التوراة، يجب أن يصبح دولة على الأرض، وعلى يهود العالم "الصهاينة " الانهماك في تدبير خلاصهم الخاص، ولو كان ذلك باضطهاد وطرد وقتل شعب آخر، وحسب.
هي ليست معركة السماء بالنسبة لهم، لكن ذلك لا يمنع من توظيف مزاياها التحشيدية على الأرض . الأرض باعتبارها مجال التنافس على المصالح الاقتصادية والسياسية، إذ يخضع الصراع فيها لمنطق الجغرافيا السياسية، ومقتضيات هذه الأخيرة تحرك الأيدلوجيات وتستدعي الأديان ضمن أدوات صراع يجب أن تضمن لأمريكا أولا، والعالم الغربي تاليا، السيطرة على مصالح اقتصادية وجيوسياسية ضخمة، لا تستهدف السيطرة على هذه المنطقة الحيوية فحسب، بل ووضع اليد على مفاتيح القوة في العالم أيضا .
وجود إسرائيل يصبح مهما بالضرورة لـ "مجمع وول ستريت" الاقتصادي وأذرعه البنتاجون، وشركات الطاقة العملاقة، أكثر من كونها حاجة لأفكار بوش وريجان الفاسدة !
من وجهة النظر الأمريكية ليس ثمة ما يمنع وضع العقل والأسطورة في سلة واحدة، على تناقضهما، طالما كان ذلك يصب في مصلحة الإمبراطورية الأكبر في التاريخ.
بعد الإطاحة بـ" مصدق"، رئيس الوزراء الإيراني في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، وإعادة الشاه محمد رضا بهلوي إلى العرش، كانت هذه هي خلاصة النصيحة التي قدمها رئيس جهاز الاستخبارات الأمريكي للطاووس الإيراني : لكي تستطيع البقاء أكثر على العرش، عليك الحضور مع الناس صلاة الجمعة . قال رومني روزفلت للشاه العائد لتوه من المنفى.
مسئول الاستخبارات، منفذ مهمة الإطاحة بمصدق، بالقطع ، لم يكن مهتما بإنقاذ الشاه من "النار" لعدم تأديته فريضة دينية، وربما لا يكن أي احترام للإسلام أصلا، لكنه يهتم لمصالح أمريكا بالاهتمام بمستقبل حليفها الذي سيصبح معروف لاحقا، بشرطي أمريكا المخلص في الخليج.
كانت نصيحة، لتملق المشاعر الدينية المشبوبة للشارع الإيراني والتأثير على مواقفه حيال حاكم " يؤدي الفرائض " وملتزم دينيا " والهدف في الأصل ابقاء حليف امريكا اطول فترة ممكنة على سدة الحكم ! .
تماما مثلما كان الدافع، حاجة واشنطن للدين الوهابي في السعودية، لضمان الهيمنة على أكبر بحيرة نفط ضخمة تحوزها دولة واحدة في المنطقة، وتحكمها أسرة باسم "الإسلام " ولا تهتم بأكثر من البقاء في السلطة وتوارث الحكم.
هذه الدولة نشأت على أساس تحالف بين أسرة آل سعود وأسرة آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس الاتجاه الأكثر تشددا بين التيارات الدينية السنية. الأسرة الأولى تتولى الحكم، والثانية تقود تيار الشرعنة الدينية وصبغ الحكم بمسوح إسلامية. وإذا سالت عن دستور هذه الدولة سيقولون لك: القرآن ويحكمها الإسلام، ولا أظن أن للاثنين بصورتهما المفترضة، وجودا في الممارسة !
لكن هذا الصنف من الدين الذي يحرم قيادة المرأة للسيارة، ويفتح مناحة لا تنتهي ضد شرب السجائر، لم يتعرض بسوء للشرب والشفط الشره للنفط، الثروة التي كرست لخدمة مصالح الأسرة والحكومات الأجنبية !
هذا التيار يتبنى تفسيرا متشددا ومشوها للإسلام، سيما حيال الأديان الأخرى والمذاهب، خصوصا داخل حدود الدولة الواحدة، لضرب النسيج الاجتماعي متعدد الإثنيات والطوائف، لكنه في نفس الوقت، ليس له موقف واضح من قضية احتلال فلسطين على يد الصهاينة، بل وأخرج شيوخه يفتون، بحرمة الخروج في تظاهرات مناهضة للعدوان على الفلسطينيين !
رغم تشدده فيما يخص الأديان والطوائف، لا يبدو الدين الوهابي نقيضا على المستوى العملي للأيدلوجيات الصهيونية في الإنجيل والتوراة بخصوص وجود إسرائيل، بل هو متطابق ومكمل للأيدلوجيتين من حيث الفعل السياسي. فوق ذلك هو يقدم خدمة جليلة لأتباع هؤلاء حين يفرض نموذجه السلوكي على الناس، فضلا عن الأثر المدمر للمسلمين والعرب أنفسهم الناجم عن انتشار هذا التيار الذي شوه الإسلام وقدمه بصورته المزرية كما يحدث الآن.
لا يمكن مثلا، النظر إلى داعش التي يعمل عناصرها الآن بين سوريا والعرق إلا باعتبارها التطور الطبيعي لذات الاتجاه المتشدد، ولا يبدو أنها مخلوقات غريبة عن مختبرات أجهزة الاستخبارات التي ترعاها السعودية.
في الإجمال، تجني أمريكا من التحالف مع نظام يقوم على مزاعم " دينية " كالسعودية، أكثر مما كانت ستحصده من أي نظام علماني مثلا، وبواسطة نسختها الدينية خاضت حروبا باردة وساخنة، وقوضت محاولات نهوض عربية بإمكانياتها المالية الضخمة، وهي الآن رأس الحربة في قيادة " الثورات المضادة " للثورات الشعبية الأخيرة. لذلك كان دينها وديدنها دائما في مواجهة مصالح الشعوب والقضايا العربية. لقد قدمت خدمة مساوية لتلك التي يقدمها "صهاينة " التوراة والإنجيل بالنسبة لأمريكا في المنطقة!
حيال المجازر والمذابح الوحشية التي ترتكبها إسرائيل في عدوانها على غزة هذه الأيام يبدو علم أمريكا وراية " التوحيد" السعودية ، ونجمة داود اليهودية، عمليا ، كما لو كانوا في الواقع جنبا إلى جنب في المعركة، ضدا على حركة حماس "الإخوانية" .
بالنسبة لأمريكا فهي مخلصة لمنطقها الخاص للمعركة. فبالإضافة إلى الغطاء الكبير الذي توفره للعدوان من خلال تعطيل ما يسمى بالمؤسسات الدولية، يقاتل العتاد الأمريكي في الصفوف الأولى لذبح أطفال غزة بطائرات إف 16 ، والأباتشي ،ومختلف الأسلحة الأمريكية الفتاكة .
هذا أمر لن تحيد عنه أمريكا وهو متوقع ومعروف . لكن ، إذا كان توقع موقف مخالف من واشنطن مستحيل ، فلماذا تبدو مواقف دول وقادة عرب في نفس الخندق المعادي للقضايا العربية خصوصا في الرياض والقاهرة ؟
جميعنا يدرك جيدا السبب، لكن جميعنا لا يعمل من أجل تصحيح الوضع من هذه النقطة تحديدا .
العالم ليس أخلاقيا، وهو لا يرى الدماء والدمار، بل يركز بصره على المصلحة المتحققة من نتائج هذه المحارق، وهو مستعد لان يزج بكل الأيديولوجيات وحتى الأديان من اجل ذلك . وحدها هذه المنطقة الرخوة من العالم، تعمل دوما كجندي مخلص لخصومها، ولديها الاستعداد للزج بكل مقدساتها من اجل هذا الخنوع .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق