وزير الدفاع محمد ناصر أحمد |
في 20 ابريل الماضي طالب بيان صدر عن اجتماع استثنائي
لنادي قضاة اليمن أن يكون القضاء العسكري تابعا لمجلس القضاء الأعلى، لكن هذا
الشرط لم يحضر في الاتفاق الذي ابرمه نادي القضاة مع مجلس القضاء الأعلى، لرفع
الاضراب..
اتحدث عن هذا الأمر بعد أن بالغنا في التعويل على
القضاء، إذ رأيناه يتململ مطالباً باستقلاليته.. تفاءلنا به، لكننا كنا مخطئين،
ويا لحسرتنا.
اتحدث هنا عن القضاء العسكري الذي يخضع لسلطة وزارة
الدفاع، لكنه يحضر في الاضرابات واجراءات شكلية اخرى ملحقاً بمجلس القضاء، ونادي
قضاة اليمن.
اليوم أصدر المحكمة العسكرية الجنوبية حكماً ضد الطيارين
صادق الطيب وطلال الشاوش، قضى بادانتهما بتهم ملفقة تشمل الغياب، والامتناع عن
تنفيذ الأوامر العسكرية بالطيران على طائرة متهالكة مرشحة لقتلهما وربما قتل
مدنيين معهما أي من زملائهما..
قضى الحكم بحبسهما ستة أشهر مع وقف التنفيذ، ضارباً عرض
الحائط بمرافعة مهيبة للمحامي والمستشار القانوني هائل سلام، التي فندت ما شاب
قرار الادعاء من تلفيق وتزوير مثبت بالوثائق الواضحة للطرشان، ولا تحتاج كثير عقل
وتفكير لفطنها.. لا بل ان التزوير والتلفيق الغبي المتناقض ينضح بما تضمنته لائحة
الادعاء، وبقليل من التحري يمكن لقاضٍ أطرش أن يدرك ذلك التناقض بذاته..
لكنه القضاء الذي يكيف ويستخدم من قبل أحد الخصوم لإخراج
إدانة قانونية ضد المشتكى بهم إذا كانوا من الضباط والجنود الذين لا حول لهم ولا
قوة، وتقرير العقوبات وفقاً للنصوص، وفقاً للمعطيات المقدمة من أعضاء النيابة
المرشحين من قبل وزير الدفاع، إلى القضاة الذين يعينهم ذات الوزير بالضرورة..
القضاء العسكري بوضعه الحالي ليس أكثر من دائرة قانونية
تابعة لوزارة الدفاع، وللنيابة فروع في الألوية والمعسكرات، وتمر اجراءات اصدار
القوانين بدائرة مغلقة بلا جدوى، سوى ما تراه وتقرره الدائرة القانونية التي تحمل
مسمى القضاء العسكري..
عن أي قضاء نتحدث إذا لم يستند للمرافعات والإجراءات
القضائية الفعلية وأساسها الجوهري ضمان المساواة بين المتخاصمين.
ليس معقولاً ان يكون قضاة المحاكم العسكرية تابعون لوزير
الدفاع، الذي قد يكون خصماً في بعض القضايا التي تنظر فيها المحاكم العسكرية، أو
أحد مرؤوسيه، في حين يعطلون المحاكم حال الاضرابات التي يدعو لها نادي القضاة،
علاقتهم بالقضاء ليس .
من المهين للسلطة القضائية أن يظل أحد فروعها تابعاً
للوزير.. ليس وزير العدل، بل وزير الدفاع، الذي يرشح القضاة وأعضاء النيابات،
الذين يشترط فيهم ان يكونون ضباطاً في القوات المسلحة وفقاً للقانون رقم (7) لسنة 1996م
بشــأن إجراءات جزائية عسكرية،
فيما يسجل لمجلس القضاء حضور شكلي، لا يتعدى مجرد
الموافقة، كتحصيل حاصل.
المواد التي تطعن استقلالية القضاء.. اقرؤوا هذه المواد
المهينة للقضاء (وفقاً للتعاريف فالوزير هو اما وزير الدفاع او الداخلية حسب
السياق)
المــادة(51): يشترط في القضاة العسكريين ان يكونوا من
ضباط القوات المسلحة والامن .
المــادة(52): يصدر بتعيين القضاة العسكريين قرار جمهوري
بناء على اقتراح الوزير (وزير الدفاع) وبعد موافقة مجلس القضاء الاعلى على ان
تشملهم الحركة القضائية .
المــادة(53): يحلف القضاة العسكريون قبل مباشرتهم
وظائفهم اليمين المنصوص عليها في المادة (26) من هذا القانون وتؤدى امام القائد
الاعلى للقوات المسلحة بحضور الوزير ووزير العدل.
ذات الأمر ينطبق على الادعاء العسكري وفقاً للمواد (23، 24،
25)..
تلك خطيئة، يتحمل تبعاتها مجلس القضاء الأعلى ونادي
القضاة، وعليهم تقع مسؤولية فرض استقلالية القضاء العسكري الذي ينبغي أن يكون
متخصصاً وليس تابعاً.
ينبغي اخضاع القضاء كلياً لسلطة مجلس القضاء الأعلى وليس
لسلطة الخصوم..
ما يحدث معيب بحق الدولة والقضاء والمواطنة..
عموماً خيراً صنع رجلا الدولة الكرام، الطياران
المتهمان، بتقديم طلب الاستئناف، عليهما الاستمرار في نهج سلوك رجال الدولة الكبار
كما عهدناهما، ويتابعان مستويات التقاضي حتى النهاية..
خجلت وأنا اصفهما بالمتهمين.. لو كانت هناك نيابة تدرك
معنى اسمها فقط لكان قائد القوات الجوية، واركان حربه، وقادة قاعدة العند في قفص
الاتهام، بتهمة ارغام الطيارين على الانتحار وتهديد حياة المدنيين..
لكنه زمن الفهلوة يا صديقيّ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق