بيتر ساليسبر
ان ترحيل الصحفي الامريكي المستقل ادم بارون من اليمن ،هو امر يسلط الضوء الى اي مدى تعتمد وسائل الاعلام الدولية في تغطياتها للدول الهامشية على مجموعة من الصحافيين المستقلين الذين لا يتمتعون بالحماية الكافية.
خلال السنوات الثلاث الماضية ، كان ادم بارون من محل اقامته في العاصمة اليمنية صنعاء ، قد اصبح ماضغا ماهر في مجالس القات بصحبة الناشطين الشباب والنخبة السياسية على حد سواء ، وهو يمضغ ببطء العشبة الخضراء المخدرة قليلا بينما تتم مناقشة قضية اليوم.
كان له حضور بارز في اي مقيل اجتماعي ، ودائما ما يصل مرتديا "المعوز" او الثوب الابيض الناعم ، بينما ضجرته منتفخة باعواد القات الذي يكون عادة قد عمل على تجهيزها خلال اليوم المعني. من النادر ما كانت صحبته مملة ، ولطالما كان محبوبا لمقالاته التي يكتبها لجرائد مكلاتشي وجريدة كريستيان ساسنس موتار والعديد غيرها من المطبوعات ، عن الحياة في افقر بلد في العالم العربي.
وفي الشهر منذ ترحيل ادم ، فقد هيمن على العديد من الاحاديث في جلسات القات ، ولكن هذه المرة كموضوع الحديث بدلا من طرفا فيه كما في السابق. "لقد كان تصرفا غبيا " ، قال احد اصدقائه في احد هذه المجالس مواصلا " ما قام به النظام في الحقيقة يسلط الانتباه عليه ك عدوا للصحافيين ، بدلا من تكميم افواههم ".
ولكن ان كان الهدف من ترحيل بارون هو تقليل عدد المقالات الصحافية القادمة من اليمن ، فان ترحيله قد حقق غرضه. . قد يكون الامر من قبيل المصادفة ، لكن الاحداث في اوكرانيا والعراق وسوريا قد هيمنت على عناوين الصحف الدولية على حساب تلك التي تتحدث عن اليمن ، فمنذ رحيل بارون من اليمن ، وتبعه بفترة قصيرة مراسلة التايمز في اليمن ايونا كريج ، ، فان عدد الاعمدة الصحافية في الاعلام الدولي عن اليمن قد انخفضت بشده. لو انهما بقيا ، فمن غير الارجح ان احتجاجات الوقود و محاولة الانقلاب "المزعومة" سيمران دون تغطيتهما كما حدث حتى الان.
هذا ليس لانه لم يعد يبقى هناك صحفيين جيدين محليين او اجانب في اليمن. ولكن ، فحتى اولئك الموجودين حاليا ، يخشون رفع رؤوسهم اعلى من المتارس كما عملت ايونا وادم احيانا في السابق . وبسب الضجة التي اثارها رحيلهم
في الصحافة المطبوعة وتويتر ،فقد انتبه اكثر مدراء التحرير الاجانب حول العالم الى لما يحدث في اليمن.
كما هو الحال مع العديد من البلدان التي تقع على هامش اهتمام وسائل الاعلام الدولية ، فان القليل من المؤسسات الاعلامية الدولية لديها موظفين دائميت في اليمن. وعادة الحال هي ، انها عادة تميل الى استكتاب الصحفيين المستقلين ( الذين يكتبون بالقطعة بدلا من ديمومتهم وحصريتهم لوسيلة اعلامية معينة) الذين لديهم اهتمام بالاحداث التي تجري ، حتى وان كانت تلك القضايا قد تمت تغطيتها في الصحافة المحلية باللغة العربية.
حاليا ، بارون في طي النسيان ، بانتظار معرفة ان كان سيتم السماح له بالعودة الى اليمن. على ان جزء من المشكلة هو معرفة سبب ترحيله في الاصل. وكان قد تم ابلاغه – كما قال سابقا- بانه "غير مرحب به في اليمن" ، ولكن الحكومة لم تقدم اي تفسير يذكر عن سبب الغائها فيزة صحافية رسمية.. لدى اصدقائه العديد من النظريات لتفسير ترحيله ، ولكنهم في النهاية يعتقدوا ان قرار ترحيله قد كان نوعا من الثأر الشخصي ، كماهو بنفس القدر بسبب كتاباته. أن كان هذا هو الحال ، فانه يجعل ترحيل ادم امرا مضاعف الحزن ، ليس فقط بسبب تحليلاته الممتازة للمشهد اليسياسي ، ولكن ايضا لان مقالاته لطالما حضت باهتمام في الصحف الانجليزية اليمنية ، وكذلك تقييماته الدقيقةللمشهد السياسي.
ان ترحيل الصحفيين هو خطر وظيفي يواجهه الصحافيين في جميع انحاء العالم. ومع ذلك ، فهو خطر مفضل ، اذا ما قورن بالمعاملات التي يواجهها الصحافيين المحليين ، الذين يواجهون مخاطر جمة في سلامتهم الشخصية للكتابة عن الاحداث في الداخل بصدق ، او مقارنة بمصير الكثير من الصحافيين في مناطق الحروب كالعراق وسوريا.ولكن بينما تقلص المؤسسات الاعلامية الكبرى من ميزانيتها بتخفيظ عدد موظفيها للشوون الخارجية ، رافعة اعتمادها على الصحافيين المستقلين ذو الحماية الركيكة والذين اقامتهم الدائمة غير مضمونة ابدا ، او باعتمادها على روايات وسائل الاعلام الرسمية او وكالات الانباء ، فان خطر اختفاء قصص هامة في بلدان كاليمن سيرتفع مع ارتفاع التصدعات.
ان ترحيل ادم بارون هو دليل على تلك الخسارة ، واليمن بلد اكثر فقرا من ان يحتمل كلفة هكذا خسارة.
يتر سالسيبري هو كاتب مستقل – بالقطعة – مقيم في صنعاء ، اليمن عمل في السابق محررا لشؤون الطاقة في ميدل ايست دايجست وقد عمل عن اليمن في معهد تشاتوم هاوس للشؤون الخارجية في المملكة المتحدة.
الشرق الاوسط
http://almasdaronline.com/article/59273
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق