لا يتذكر الصحافيون انهم صادفوه مرة ببذلة رسمية و ربطة عنق،
المظهر يقول شيء واحد فقط عن الشخصية التي مشت شبه حافية في شارع الصحافة ، قادمة
من مقهى الأدب ..
الذين صادفوا "عبد الباري طاهر" في حياتهم احتفظوا به
الى الأبد ، حتى من اختلفوا معه ، ومن عرفوه عن بعد قد لا يتصورون حضور النكته و
السخرية في شخصيته ، و كذلك جرءته، و نقده الجسور، وإلا لما كان معتقل سياسي سابق .
صدقني.. لا يغرك مظهره بانه الشخص البسيط، فقير الحيلة و التأثير، ..
فهو بسيط ، لكنه خطير، و مؤثر جدا ، بطريقه لا تفك شفرتها بسهولة.
قليلا ما يفهم، انه ليس الشخص المعزول عما حوله، برغم عزوفه عن خدع
الحياة و قيمها المزيفة، و صدقه سمح له بالاحتفاظ بكثير من بريقه الحقيقي، في
سابقة لم يبرع فيها كثيرون. " قلما تصادف أشخاص حقيقيون في حياتك .. صدقني "
ففي هذه المهنة أما ان تكون جسورا، و تقلل دوائر الأصدقاء حولك،
حتى لو كنت صادقا فيما تقول، او تختار ان تقفل فمك ، لتحافظ على الدائرة الهلامية
، نقيب الصحافيين الأشهر ليس اي من الرجلين.
وبرغم انتهاء مدة المنصب القانونية ، الا انه ما يزال نقيب
الصحافيين الحقيقي، في وقت ننسى فيه .. نحن منتسبوا هذه النقابة اسم النقيب الحالي
" هل تذكر لي اسمه من فضلك؟"
فهو المتواجد في كل معركة حرية، هو القريب من كل منتهك ، دون فرض
وصاية الأب، وهذه نقطة بالغة الاهمية ، اخر ما قام به انه وقف مع الزرقة و زملاؤه
في مطالبهم ، و ضمن لهم حقوقهم و استمرار عملهم، لذلك لم تعد تسمع شيئا عن "زوبعة
الساحات" .
شخص مثله تحتاجه المؤسسة الصحافية و الإعلامية ، في وضع ينتهك فيه
، من يناط به حماية حقوق الناس.
و ربما يتعدى دوره للشارع الحقوقي بشكل عام، و دقق في الصورة .. هذا
الرجل بلا منصب رفيع في الدولة، لكنه رجل رفيع.
قدم اعتراضه، من اخر منصب عين فيه في هيئة الكتاب لأسباب يمكن ان
تعرفها، ان عرفت من هو "طاهر" ، لذلك لا تتوقع ان تراه يوما في منصب
حكومي كبير .. فليس هو نقيب الصحافيين الأسبق الذي سيصبح وزير الاعلام مثلا، الا
في حال وجود أمور اكثر نزاهه في الحكومة.
عني لن أتوقع الا ان يبقى " طاهر" رجل بلا مناصب، واكبر
ملاذ للصحافين واهم مدافع عنهم، لو عرفت انه صنف من اهم 100 شخصية عالمية مدافعة
عن حرية الصحافة في العالم، ستقول ومن غيره يستحقها في اليمن، للحق هو الصحافي
الذي لم يسيس الصحافة، برغم انه كان معتقل سياسي سابق، هنا تتعرف على قمة الحرفية
في هيئة رجل بسيط، بلا ادعاء بطوله، يحرجنا امام أنفسنا.. عموما " عمو باري"
لم نفشل بعد، لأننا نتعلم منك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق