جلال بلعيد المرقشي.. أحد قادة القاعدة في صورة تذكارية أمام متحف سيؤون في غزوة سيؤون الجمعة الماضية |
وأكثر ما يبعث على التقزز في هذه
البلاد أن تضج العصابات الارهابية والميليشيات المسلحة بالحديث عن السيادة، وكأن
ما تقوم به من اعمال يقع في صلب السيادة..
تحضر أوهام السيادة كثيراً عند الحديث
عن استهداف عناصر القاعدة بطائرات أميركية بدون طيار، وفقا لاتفاقيات مبرمة مع الدولة،
نتساءل حتى عن نشاط واحد لتلك العناصر يتماشى مع جوهر السيادة..
أطراف نقيضة تستدعي تلك الأوهام وضتج
حولها أكثر من سابقتها، كجماعة الحوثي التي تعبث بالسيادة وتسرح وتمرح وتتوسع
جغرافياً وبالقوة، وتقيم صلات غير قانونية مع دول إقليمية، وتفتك بخصومها
ومناوئيها، وفي انتهازية فاضحة، لا تتسق سوى مع شعارها الأجوف الهاتف بالموت
لأمريكا واسرائيل، لتستدعي أيضاً الطائرات من دون طيار للحديث عن السيادة.. ذات
الأمر ينطبق على جماعات أخرى، لكن الجماعتان اياهما هما الأكثر ضجيجاً عن السيادة،
على أنهما الأكثر اغتصاباً لها بوحشية لا تضاهي، مع فارق في الأدوات.
السيادة، سيادة الدولة على
أراضيها واستقلالية قرارها، تعني السلطة القانونية المطلقة التي تحتكر الحق القانوني
في مطالبة الآخرين بالالتزام والخضوع على النحو الذي يحدده القانون.. ثمة نعريف
آخر للسيادة يشير لسيادة القانون داخل سلطات الدولة ونفاذه في المجتمع..
أتحدث عن القاعدة، في هذا السياق:
ما هو الفعل الوحيد الذي تمارسه وينسجم مع السيادة..
لا شيء سوى أنهم عوضا عن فتكهم السيادة
في الصميم، تسببوا في استدعاء ادوات لمحاربتهم، تنال منها أيضا، بشكل أو بآخر، ادركوا
معها معنى السيادة وفقا لرؤاهم الخاصة باعتبار استعانة الدولة بأدوات فعالة لا تملكها
لمواجهتهم مساسا بسيادة دولة لا يعترفون بها اساسا، بل ويسعون لهدمها، واستمروا في
هجماتهم ردا على ضرباتها لكانها من بدأت ضربهم آمنين في مساكنهم مع اطفالهم.
في غير مرّة؛ تجاسر الرجل الأول في الدولة
ليكاشف شعبه بمسؤوليته عن ضربات الطائرات بدون طيار، وتأكيد استمراريتها، كضرورة لدولة
لا تمتلك مقومات كافية لمواجهة تلك الجماعات، التي تجاوزت في قدراتها وامكانياتها أرقى
التقنيات الأمنية العالمية، وليس المحلية، وفقاً لاتفاقيات بين الطرفين، هي من عهد
سلفه الذي كان يقول اقتلوهم وسأقول أني أنا من فعل ذلك.
ما يقوم به هؤلاء لا يمت للسيادة بصلة
بل يغتصبها وينتهكها وينالها في الصميم.
جماعة تنتهج العنف في اقبح صوره إذ تجتزئ
مساحات شاسعة من البلاد، تبسط نفوذها عليها وتحكمها احيانا، لتخيم وتعسكر وتدرب أتباعها
بنية محاربة الدولة للقضاء عليها، وقتل رجالها وأبنائها، عسكريين ومدنيين..
وفي أشد صور انتهاك السيادة سفوراً يستقدمون
الأجانب من كل الجنسيات للمشاركة في قتل أبناء وطنهم، ثم يضجون بالنواح على السيادة
حينما يطالهم شرر متطاير بفعل قذائفهم العدوانية على الدولة أرضاً وانساناً وسيادة،
ليصبح انتهاك السيادة مبررهم الاصيل للدفاع عن اجندتهم لكأنها وليدة اللحظة بعد تلك
الضربات.
السيادة، بنظر هؤلاء، ليست سوى أداة
انتهازية، يستدعونها لتأليب الرأي العام على الدولة والنظام والحكومة "العميلة"،
واظهار أو تعزيز المظلومية وتبرير الأفعال والجرائم التي يرتكبونها، وتطعن السيادة
في مقتل.. السيادة ليست أكثر من "حصان طروادة" يستدعونها لتبرير أفعالهم
أو للمزايدة مع أنهم في وضع غير مثالي لا يسمح لهم بالحديث عنها من حيث الأساس،
واقصد أكبر جماعتان مسلحتان تنتهكان سيادة الدولة وتحكمان اليمنيين بالسلاح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق