37
قتيلاً و66 جريحاً في تفجير سيارة مفخخة في طابور المتقدمين لكلية الشرطة بصنعاء
شخصان أوقفا باصاً صغيراً مكشوفاً وابتعدا
عنه وقاما بتفجيره وسط الطابور
المتقدمون يصطفون في طوابير منذ المساء وبعضهم
ينتهي الدوام دون ادخالهم للتسجيل
نائب مدير شرطة العاصمة: الضحايا من
منتسبي الأمن ويرغبون في الالتحاق بالكلية للحصول على ترقية
ستة جثث مجهولة الهوية، ومصابون يرقدون في
العناية المركزة نظراً لحالتهم الحرجة
الرئيس يعد باصدار قرار لترقية القتلى إلى
ملازم ثاني والجرحى إلى مساعد أول
صحيفة المصدر- صنعاء
بدأت صنعاء نهارها، أمس، على تفجير دامٍ جديد بسيارة
مفخخة استهدف هذه المرة، شباباً يحملون شهادات جامعية، كانوا يصطفون في طابور طويل
منذ المساء، أملاً في الالتحاق بكلية الشرطة.
لكن حلم الالتحاق بالكلية الأمنية الذي طالما كان الوصول
إليه عزيزاً بل ومستعصياً على البسطاء عديمي السند، تبعاً لزيادة الاقبال، وتدخل
الوساطات والمحسوبيات والنفوذ في تحديد المقبولين، غدا في هذه الدورة قاتلاً،
بسقوط عشرات المتقدمين جراء التفجير، بين جريح وقتيل تناثرت أشلاؤهم على قارعة
شارع كلية الشرطة.
بمرور الوقت؛ كانت السلطات تعلن احصائيات جديدة لضحايا
التفجير يرتفع معها عدد القتلى وينخفض عدد المصابين الذين يلفظون أنفاسهم تبعاً
لخطورة.. مع حلول المساء كانت آخر الاحصائيات تشير لمقتل 37 شخصاً من المتقدمين،
وإصابة 66 آخرين، بعضهم في حالة حرجة، جراء انفجار سيارة مفخخة عند السابعة
صباحاً، قرب المصطفين في طابور الالتحاق بالكلية..
وفقاً لنائب مدير عام شرطة العاصمة، عبدالعزيز القدسي،
فإن باصاً صغيراً مكشوفاً، يستقله شخصاً، أوقفا الباص بمحاذاة المتقدمين المصطفين
في طابور طويل بمحاذاة سور البوابة الغربية لكلية الشرطة، منذ ساعات الصباح
الأولى، وترجلا الباص سريعاً، وبعدها وقع الانفجار عند السابعة صباحاً مخلفاً
عشرات القتلى والجرحى.
ونقلت سيارات الاسعاف المصابين والقتلى إلى مستشفيات
عدة، ولا زال عديد من الجرحى في غرف العناية المركزة، تبعاً لحالتهم الحرجة، فيما
باشر فريق البحث الجنائي وخبراء الأدلة، جمع الاستدلالات.
وتمكنت أجهزة الأمن من التعرف على هويات أغلب الضحايا،
ذلك أنهم جميعاً، كانوا يحملون ملفات تتضمن هوياتهم وشهاداتهم الجامعية اللازمة
للقيد ضمن المتقدمين للقبول في الكلية، والتي تبعثرت كثير منها في مكان التفجير،
ووفقاً للقدسي فلازال ستة من القتلى مجهولي الهوية.
ترقية الضحايا.. وسياسة قبول مختلة
أشار القدسي، نائب مدير شرطة العاصمة، أن الضحايا هم من
منتسبي أجهزة الشرطة، ويحملون شهادات جامعية، ويرغبون بالتقديم للالتحاق بكلية
الشرطة، بما يؤهلهم للحصول على رتبة ملازم ثاني، وكانوا يصطفون بمحاذاة السور الذي
يربط بين بوابتي كلية الشرطة ونادي ضباط الشرطة من الجهة الغربية، حيث وقع
الانفجار.
غير ان الضحايا والمصابين حازوا على الترقية التي كانوا
يحلمون بالحصول عليها، إذ أعلن الرئيس عبدربه منصور هادي أنه سيصدر قرارا جمهوريا
باعتبارهم ضباطا على قوائم وزارة الداخلية برتبة ملازم ثاني، فيما سيمنح الجرحى درجة
مساعد أول.
وإضافة لذلك التجمع لحاملي الشهادات الجامعية من منتسبي
أجهزة الأمن، وبعيداً عن مكان التفجير، من ناحية البوابة الجنوبية للكلية، كان
مئات الطلاب من خريجي الثانوية يصطفون منذ أيام في طوابير اكثر ازدحاماً، بغية
الالتحاق بالكلية التي باتت محل اقبال واسع من الطلاب كونها تضمن لهم وظيفة رسمية
بمجرد القبول النهائي الذي اصبح أمراً بالغ التعقيد لأولاد العامة بعيداً عن
معايير المفاضلة المعلنة، قريباً من سلطة الوساطة والمحسوبية، في البلد الذي يعاني
عشرات الآلاف من خريجي جامعاته من البطالة.
وخلال الأيام الماضية أدت الاختلالات في سياسة القبول
للمتقدمين إلى تفاقم غضبهم، ونفذا احتجاجات امام الكلية للمطالبة بعدم التفضيل
بينهم، ورغم أنه كان هناك استجابة لمطالبهم إلا أن طلاباً شكوا استمرار التمييز في
قبول الطلاب وادخالهم إلى الكلية وتقييدهم في كشوفات المتقدمين.
انكشاف أمني فاضح
لم تخف الرواية الرسمية انكشافاً فاضحاً في الاجراءات
الأمنية المصاحبة لاجراءات التسجيل والقبول في الكلية والتي يتقدم لها الآلاف،
خصوصاً أن التفجيرات الدموية غدت تتكرر باستمرار في العاصمة والمحافظات الأخرى،
وتتجه في كل مرة لتستهدف هدفاً جديداً.
فجوار الكلية التي فتحت أبوابها للمتقدمين منذ الأحد
الماضي، يصطف مئات الطلاب يومياً للتقدم بطلب الالتحاق بالكلية، ويتسابقون على
مقدمة الطوابير منذ المساء، غير أن كثيراً منهم يضطرون لمعاودة المبيت ليالٍ أخرى،
لأن الكلية توصد ابوابها دون استيعاب جميع المنخرطين في طوابير المتقدمين يومياً.
ويبدو أنه لم يكن هناك جهد جدي لتوفير قدر من الحماية
لتلك الجموع خارج اسوار الكلية، التي شهدت إحدى مرافقها هجوماً انتحارياً مماثلاً
منتصف عام 2012، وخلف العديد من القتلى والجرحى، فضلاً عن معلومات متواترة عن
تهديدات باستهداف كلية الشرطة خلال الأيام الماضية.
بدا الانكشاف جلياً من وقوف سيارة مفخخة بجوار سور
الكلية حيث يتجمع المتقدمون بكثافة، رغم أن منع الوقوف قرب المنشآت الأمنية
والعسكرية والحيوية إجراء مألوف في كل الأوقات، تبعاً للمحاذير الأمنية، فضلاً أنه
بالامكان تنظيم آلية قبول الطلاب، وتنظيمهم في باحات كلية الشرطة الواسعة، واخضاع
المتقدمين لاجراءات أمنية مشددة.
مخاوف متفاقمة من شبح الطائفية
وإضافة لذلك، وقع التفجير امتداداً لسلسلة تفجيرات
بعبوات ناسفة وأخرى نفذها انتحاريون خلال الاسابيع الماضية، في عدد من المحافظات،
كان أكثرها دموية التفجير الذي وقع في المركز الثقافي بمحافظة إب قبل نحو أسبوع،
بينما كان يتجمع هناك العشرات، بينهم محافظ المحافظة، ومسؤولين آخرين، في فعالية
احتفالية بذكرى المولد النبوي، تلتها كما سبقتها تفجيرات أخرى في العاصمة وذمار
والحديدة ومحافظات أخرى.
لكن أجهزة الأمن عديمة الكفاءة والفعالية في الوضع
الطبيعي، تعيش حالة ارباك وتدهور مطردة، منذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء
في 21 سبتمبر الماضي، وبعدها محافظات أخرى انضمت إلى سابقاتها التي وقعت تحت يد
الجماعة، وما ترتب عليها من فرض مسلحيها على مؤسسات الدولة، بما فيها أجهزة الأمن،
التي وضعت اليد عليها كما غيرها، ونازعتها وظيفتها، وفرضت سلطتها عليها.
وكلية الشرطة، حيث وقع التفجير، هي احدى المؤسسات
الأمنية التي يتواجد فيها مسلحو جماعة الحوثي بمسمى اللجان الشعبية التي تتواجد في
معظم المؤسسات الحكومية بصنعاء، كما وتنشر نقاطها ودورياتها في مختلف انحاء
العاصمة ومدن أخرى.
ويحمل التفجير بصمات تنظيم القاعدة أو تفرعاته النشطة في
اليمن، وذلك ما اشار اليه نائب مدير شرطة العاصمة، رغم انه لم يعلن حتى الآن
مسؤوليته عن التفجير حتى مساء أمس، رغم أنه أعلن مسؤوليته عن هجمات أخرى.
ويخوض الحوثيون مواجهات مع بعض مجاميع تتبع تنظيم
القاعدة في مناطق قبلية بمديريات رداع، وبالتوازي مع مجاميع قبلية ترفض تواجد
المسلحين الحوثيين في مناطقهم القبلية.
ويبعث التفجير، كما غيره من التفجيرات الأخرى المتزايدة
على مخاوف متفاقمة من انحدار البلاد نحو مواجهات طائفية مفتوحة، على غرار دول أخرى
في المنطقة، ولن يكون الخلاص منها ممكناً اذا ما استمر غياب الدولة، ومعها غياب
أية جهود سياسية لاستعادتها، واستعادة وظيفة أجهزتها، وتعزيز كفاءتها، وتوليها
مهمة مكافحة الارهاب وحماية السلم الأهلي، ومنع انزلاق البلاد نحو الطائفية.
======
نشر التقرير بجريدة المصدر بتاريخ 8 يناير 20141
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق