الأربعاء، 23 يناير 2008

لأجل رغد وخطاب وأطفالنا ايضا..

سامي نعمان

"لا أريد أن أنسى في السجن"، فؤاد الفرحان عميد المدونين السعوديين قبل ايام من اعتقاله.
لا اسوأ من ان تجد نفسك متهماً بممارسة حقوقك، مداناً بلا جناية سوى غواية الحرية، معتقلا بلا سبب عدا حلم بالعدل والمساواة، وأسوأ من ذلك كله ان تقاسي الغربة في وطن اختلت العلاقة فيه بين الحاكم والمحكوم، فصارت القوانين سلاحا بيد الاول يبرزه متى ارتأى ان الاخير يمارس نشاطا لا ينسجم مع مزاجه، والاسوأ اطلاقا ان تعيش عمرك وانت مدين للحاكم بما جاد عليك من حرية الاكل والشرب والحياة المشروطة بأن لا تتعداها، ذلكم هو حال عميد المدونين السعوديين الزميل فؤاد الفرحان، وكثرون امثاله على طول بلاد العرب وعرضها.
منذ اعتقاله قبل شهر ونصف تقريباً من مكتبه بجده، وانا افكر في الكتابة عنه ولا اجد القدرة، ربما لا اعرف المعلومات الكافيه عن نشاطه الاخير، وإن كانت معرفتي به كافية لأن اتكهن بطبيعته، وأحيانا اخرى بسبب حسن نيه موروثة من زميلي المعتقل ذاته، تقنعني ان عقلاء السلطة السعودية سيطلقون سراحه قبل ان يجد مقالي طريقه للنشر، خصوصا ان الفرحان نفسه اعطى انطباعا جيداً ولم يلق الاتهامات جزافاً تجاه معتقليه عندما تلقى تهديدا صريحا، اذ قال في وصيته التي دونها قبل اعتقاله " طلب المصدر الامني –الذي اتصل به- أن أتعاون معه و أن أكتب اعتذاراً. لكني لا أدري عن ماذا يريدونني أن أعتذر؟ أأعتذر عن أنني قلت أن الحكومة كاذبة في ادعاءاتها باتهام الإصلاحيين بأنهم يدعمون الإرهاب؟ (وان لم افعل) طلب أن أتوقع الأسوأ وهو أن يتم اعتقالي لمدة 3 أيام لحين كتابة تقرير جيد عني ومن ثم يفرجوا عني. و قد لا يكون هناك اعتقال أو حتى اعتذار لكن لو طالت المدة عن 3 ايام أريد أن تصل رسالتي هذه للجميع….لا أريد أن أنسى في السجن.
حتى هنا كان يفترض حسن النية قبل ان يفترض سوءها تجاه الطرف الآخر، وهو مثال على السمو في الاحقاد.
طال الاعتقال شابا لا يملك من ادوات اقلاق الامن شيئا، لكن قلمه ومدونته في الفضاء الالكتروني، ان جاز ان يحسبا ضمن ادوات الارهاب، طبقا للمعايير الرسمية في المملكة السعودية.
ما اتضح في الايام الاخيرة ان المسؤولين تحدثوا عن عملية الاختطاف التي صاموا عن الحديث عنها لأسابيع، خرجوا ليتحدثوا وليتهم استمروا في صمتهم، تحدثوا عن مشروعية الاعتقال ذاكرين ان السبب هو الاخلال بأنظمة غير امنية، التصريح وان كان ايجيابيا في التعريف بأن تهم الرجل ليست خطيرة الا انه تثار تبعا لذلك تساؤلات عن النظام والقانون المتبع في الاعتقال بهذه الطريقة.
لستَ بحاجة الى ان تعرف فؤاد الفرحان، كم نفسه شفافة، وتفكيره راق، وسجيته نقية، يكفي ان تكتشف ذلك من قراءة عنوان مدونته، " بحثاً عن الحرية، الكرامة، العدالة، المساواة، الشورى، وباقي القيم الإسلامية المفقودة.. لأجل رغد وخطاب.. ".
لا اظن السلطة الحاكمة في المملكة تعتبر البحث الحرية والكرامة والمساواة تهديدا لأمنها، بل اجزم انها هي تنادي بذلك وتزعم انها تسعى لأجلها، لا اظنها تفهم ان فؤاد يعمل لأجل اسرته فقط كونه ذكر رغد وخطاب، وذاك حقه، وانما يرمز بهما لكل اطفال المملكة، وهو ذاته ما تدعي الحكومة السعودية ايضاُ انها تعمل لأجله، هو لا يدعو الى قلب نظام الحكم لا يدعو الى الثورة على النظام الملكي، لا يدعو الى العنف، بل يدعو الى حقوق ومواطنة متساوية، وحرية وعيش كريم ، ومستقبل اكثر استقرار لرغد وخطاب وزملائهم.
ستعرف ان ابا رغد وخطاب مثقف سلمي من طراز رفيع حينما تقرأ له في مدونته تعليقا عن استخدام العنف والعمليات الارهابية التي تشهدها المملكة فيكتب واصفا غواة الارهاب: لا يلجأ للسلاح والتفجير والعنف إلا عاجز بلغ من الإحباط درجة جعلت له فكرة سفك الدماء وتيتيم الأطفال وأرملة النساء فكرة مقبولة لتحقيق أهدافه وتحقيق الإنتقام.
على ذكر هذا الامر في دولة تعاني كثيرا كما غيرها الكثير من دول المنطقة من تفجيرات ارهابية واستهداف للمدنيين ربما بسبب عقود من تنمية الفكر المتطرف بعيدا عن اعين الرقابة، فقد وجدت دراسة اميركية اجريت في جامعة "جون كندي" عام 2004، ان هناك علاقة وثيقة بين الارهاب وانعدام الحقوق السياسية والمدنية، اذ تزداد موجات الارهاب في البلدان التي لا تتوافر فيها الحريات السياسية والمدنية وابرزها حرية الرأي والتعبير، هناك استثناءات بطبيعةالحال، ومن هذا المنطلق نجد هذا هو القاسم المشترك بين معظم بلداننا العربية، شكوى دائمة من الارهاب وتضييق مستمر على حرية القول والتعبير، رغم ان غالبية دول المنطقة موقعة على الاعلان والعهد العالمي لحقوق الانسان وغيره من المواثيق التي تكفل الحقوق والحريات..
رغم ذلك تواصل السلطات العربية العزف على ذات الاسطوانة المشروخة، بل ربما تصل بعضها الى التعاطف مع المتطرفين والتضييق على حملة الاقلام، في مفارقة لم يعد أحد قادر على ادراك المغزى منها او استيعاب طبيعة العقلية التي تعتمدها.
الفرحان رغم انه ليبرالي الا انه لا ينصب نفسه عدوا للدين، وتحميله تبعات ازماتنا وتخلفنا التي نصنعها بأيدينا، بل كما يقرأ من شعاره السابق انه يبحث فيما يبحث عنه عن القيم الاسلامية المفقودة، هو يدعو الى الليبرالية لكن بعقلية لا تلغي طبيعة مجتمعاتنا المتدينة بالفطرة، كي لا يطغى الخلاف على التعايش، يؤمن بقيم الليبرالية لكن اذا استمدت او انسجمت مع روح الاسلام الحنيف، لا يسعى الى نشر الحرية على حساب قيم الدين.
اذكر في هذا السياق انني كنت وفؤاد نتمشى في شوارع الدار البيضاء بالمملكة المغربية التي وصلناها في يوم شهد ثلاث تفجيرات انتحارية استهدفت رجال امن، حينها وجدنا ان وزارة الاوقاف والشئون الاسلامية المغربية –لا اذكر الاسم بالتحديد – بدات بتدشين حملة توعية دينية وتعليق شعارات دينية في الشوارع تشير الى تعاليم الاسلام بانه دين يحض على السلم، "كل المسلم على المسلم حرام"، اتفقنا فؤاد وانا على ان الحل للفكر هو الاقناع بالفكر، اعجبتنا طريقة المعالجة، واتفقنا ايضا على ان الحاكم العربي ينظر الى الدين كاداة يسخرها غالبا متى دعت المصلحة لذلك، ولا يوظفها منذ البداية. يومها كان فؤاد متألما من تفجيرات الدار البيضاء كتألمه على تلك التي تقع في الرياض او جده، بل ربما تحسر اكثر بسبب الفرق بين مستويات التعايش التي هي في المغرب اكثر مما هي عليه في المملكة او اليمن.
يمتلك فؤاد من الروح الانسانية ما يجعلك تحترمه وتقدره ويصير محل اعجاب، لم يحدثني عن نفسه وانشطته الخاصة الكثيرة الا نادرا، لكن طغى على حديثه عن المملكة التعريف بالمعاناة التي يقاسيها كثيرون، معتقلون وممنوعون من الكتابة، وممنوعون من التعبير، وتجاوز الخطوط الحمراء على كثرتها، لم يتحدث عن نفسه كثيرا حتى انني يومها لم اعرف ان مدونته محجوبه عن التصفح في المملكة وهو ما منعه من التحديث، رغم انه استدعي لمؤتمر المغرب بصفته مدونا.. http://www.alfarhan.org /..
اعتقلوا فؤاد، صحيح تمكنوا من منعه من الكتابة عن الاصلاحيين السعوديين المعتقلين، حجبوا صوته بزنزانه انفرادية دون تهمة، لكن في المقابل اصبح صوته المعتقل حديث العالم من ادناه الى اقصاه، فحكاية فؤاد الفرحان اصبحت موضوعا دسما قفي القنوات الاخبارية، كما اصبح كابوسا مزعجا للسلطات السعودية بسبب كثرة نداءات المنظمات الحقوقية المطالبة الملك بالافراج عنه، حتى راعي الديمقراطية الكاذب، والذي يمالئ مصالحه في العالم العربي خصوصا السعودية، عض على اسنانه وتحدث من الخارجية الاميركية عن فؤاد الفرحان، في بادرة نادرة من سادة البيت الابيض، وذاك ثمار الاعتقال، التي لم تكن السلطات السعودية تعتبرها في الحسبان ولا زال كثير من مسؤولي المملكة يعدون الفرحان هامشا في احاديثهم موداخلاتهم لوسائل الاعلام التي تبحث القضية، لا بأس ليظل هامشاً..
ربما يُعذّب هناك في المحتجز بصور عشر شخصيات تشمل تجارا ومسؤولين ورجال دين كان كتب عنهم قبل ايام، بأنه لا يحبهم ولا يتمنى رؤيتهم، لكنهم فتحوا بابا جديدا للحرية، لن تقف السجون حائلا دونها، اليوم آلاف السعوديين والعرب صحفيين ومدونين وغيرهم من دول شتى حول العالم يكتبون عن فؤاد عميد المدونين السعوديين، وأحد رواد الحرية هناك.
اسلوب القمع لم يعد مجديا في هذا الزمن المفتوح، عصر الانترنت والفضائيات والاقمار الصناعية، عصر العولمة والديمقراطية وحقوق الانسان، اسكات الاصوات يطلق الاف الاصوات بالنيابة، تكميم الافواه لا يمنع الحديث بأي طريقة عن اسباب التكميم، الحرية اصبحت خيار العصر وحلم كل طفل يقطن بيتا عربيا متهالكا بغياب العدالة والمواطنة، هو يفكر فيها بطريقة اخرى حتى وان لم نفهمها وان كانت مقتصرة حاليا على العيش الكريم..
يتوجب على عقلاء المملكة من اصحاب القرار تدارك الامر، اذ ليس معقولا ان يخلو صناع القرار هناك من مسؤول عاقل او رجل رشيد، ليس معقولا ان ينصرفوا لحل العقد الاقليمية في فلسطين ولبنان والصومال، والبيت الداخلي يعاني خللاً ليس فيه من شيء سهل سوى الحل، وبقليل من التفكير وليس التحقيق يدركون ان الفرحان هو الهدف الخاطئ الذي وضع في غير موضعه، ليس عيبا ان تصحح الخطأ و الاعتذار عنه لكل طفل يعمل فؤاد لأجله، فهم يتعاملون مع احد مواطنيهم وبني جلدتهم، وليس مع غاز قادم من كوكب آخر..
كما يتوجب على انصار الحرية في العالم خصوصا في اليمن، حيث لا مدونات، ان نلتفت الى هكذا قضية في بلد جار كان فؤاد يتحدث عن مظلومين يمنيين فيه، عن اطفال يساء معاملتهم واستخدامهم، عن حقوق لا يؤمن بها صناع القرار لكن ينبغي ان ندفع ضريبة ايماننا بها .. نحن... بالامس كان كريم عامر واليوم فؤاد وغيره ربما العشرات لا نعلمهم، وغدا لا نعلم على من سيكون الدور..
يدير فؤاد شركة برمجيات، هو مالكها، وكان بإمكانه العيش برفاهية كما ملايين العرب، ممن لا يتعدى تفكيرهم شهواتهم، بامكانه العيش بأرقى مستويات العيش الكريم لكنه فضل ان يعيش حياة اخرى مليئة بالصعاب لكنها مريحة للضمير وللمسؤولية التي ادركها..
من أجل ذلك... ومن اجل كل القيم السامية التي تحملها..
نتضامن معك.. لن ننساك مشعل الحرية ، داعية الفرح والسعادة..
لن ننساك فؤاد .. من أجل رغد وخطاب، من أجل اطفالنا ايضاً..
saminsw@gmail.com
مراجع:
مدونة فؤاد الفرحان: http://www.alfarhan.org /
موقع الحرية لفؤاد..
http://ar.freefouad.com /
للتضامن مع فؤاد...
وقع هنا .. ( http://ar.freefouad.com/wp-content/uploads/2008/01/ar_petition.gif )

الأربعاء، 16 يناير 2008

بعد أن تعهد الرئيس يومها بإعمارها... استياء لبناني من تخلف اليمن عن إعمار"البرج الشمالي"

سامي نعمان
يسود الاستياء أوساطاً سياسية وشعبية لبنانية جراء تخلف اليمن عن الوفاء بالتزاماتها بإعادة إعمار بلدة البرج الشمالي الواقعة في جنوب لبنان، والتي كان الرئيس علي عبدالله صالح تعهد بإعادة إعمارها بعد حرب يوليو، تموز 2006، التي شنتها إسرائيل على الجنوب للبناني.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "المصدر" فإن إعادة الإعمار تكلف 7 ملايين دولار، إضافة إلى بعض المقترحات الإضافية من الجانب اللبناني كإنشاء مدخل للبلدة، وإقامة مجسم تذكاري لبعض المعالم التي تشير إلى اليمن كما جرت العادة في البلديات التي تتولى إعمارها دول أخرى، وتصل التكلفة في مجملها إلى 9 ملايين دولار.
وكان الرئيس أعلن باسم الشعب اليمني إعادة إعمار البلدة. وذكرت مصادر رسمية أن التمويل سيكون من حصيلة تبرعات شعبية تم جمعها في اليمن لدعم لبنان، بالإضافة إلى التبرعات التي قدمها رجال أعمال يمنيون لتمويل حملة الرئيس الانتخابية والتي بلغت مليار ريال وأعلن حينها عن تحويلها لصالح لبنان، وأوفد عبدالملك المخلافي إلى بيروت حيث التقى بالرئيس ايميل لحود وكبار المسؤولين حاملا تعهدات اليمن بهذا الشأن.
وأعرب مسؤولون لبنانيون عن استيائهم من التلكؤ اليمني في إعادة إعمار البلدة خصوصا أن دولاً خليجية قدمت عروضا لإعادة إعمارها، ولم يتم البت فيها نظرا للالتزام اليمني في هذا الجانب، خصوصا أن كثيراً من قاطني البلدة من أصول يمنية.
واجتمع رئيس مجلس الجنوب الدكتور قبلان قبلان منتصف نوفمبر الماضي بالسفير فيصل أمين أبو راس، حيث جدد مطالبة اليمن بإعادة إعمار بلدة برج الشمالي الواقعة في قضاء صور التي تضررت جراء العدوان الإسرائيلي، وأكد السفير «التزام بلاده تنفيذ ما تعهدت به بأسرع وقت، لتمكين الأهالي من إعادة بناء منازلهم وإصلاحها»، طبقا لجريدة الأخبار البيروتية..
جاء الاجتماع بعد أكثر من أسبوعين على مؤتمر صحفي عقده رئيس بلدية برج الشمالي، انتقد فيه ضمنيا الموقف السلبي اليمني من إعادة إعمار المنطقة التي يعاني أهلها في فصل الشتاء جراء التصدع الذي لحق بالمنازل، وعدم قدرة أصحابها على ترميمها، إضافة إلى أصحاب المنازل المهدمة الذين يعانون ظروفا صعبة لعدم قدرتهم على إعادة بناء منازلهم أو شراء بديل عنها.
وقال "رغم مباشرة الفرق الفنية من المهندسين التابعين لمجلس الجنوب بالكشف على الأضرار وإنجاز الملفات اللازمة بهذا الخصوص، إلا أن المساعدات لم تصل لغاية اليوم، رغم الاتصالات التي حصلت مع سفير دولة اليمن"، وأضاف مصطفى شعيتلي رئيس البلدية: فوجئنا باستبدال السفير، وبإفادة السفير الجديد بعدم علمه بتفاصيل الموضوع، بحسب خبر أوردته جريدة اللواء.
شعيتلي جدد أمله في أن يوضح "الأشقاء في اليمن مصير هذا الملف الذي بحوزتهم قبل فصل الشتاء تفاديا للظروف الصعبة التي يمكن أن يواجهها الأهالي، وخصوصا أن العديد من منازل البلدة لا تصلح للسكن.
حل الشتاء ولم تف اليمن بالتزاماتها، وعُلم من مصادر دبلوماسية أن الجانب اليمني يعزو التأخر إلى الاضطرابات السياسية التي تشهدها لبنان والتي اندلعت عقب الحرب، غير أن مسؤولين لبنانيين أكدوا أن إعادة الإعمار غير مرتبطة البته بالاضطرابات التي تشهدها الساحة، ورعت عدة دول إعمار بلدات أخرى دون أن تتأثر بتلك الاضطرابات.
وسبق أن أبدى رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري استياءه من عدم إنجاز الرئيس علي عبدالله صالح وعده ببناء قرية برج الشمالي، بعد خمسة أشهر من انتهاء الحرب.
وجال عبدالملك المخلافي عضو مجلس الشورى، الموفد الشخصي للرئيس، بمعية السفير عبده علي قباطي وعلي حمدان مسؤول العلاقات الخارجية بحركة أمل، في مناحي البلدة مطلع سبتمبر 2006، بعد أن التقى الرئيس إيميل لحود وسلمه رسالة من الرئيس تضمنت تعهدا بإعادة إعمار البلدة التي شهدت قتالا عنيفا بين مقاتلي حزب الله والقوات الإسرائيلية.
ولم تتمكن الصحيفة من الاتصال بالمخلافي لمعرفة مستجدات ملف بلدة الشمالي، في حين فضل مسؤولو السفارة في بيروت عدم التعليق على الموضوع، ما يشير إلى ارتباط الموضوع بصناع القرار في صنعاء..

السبت، 12 يناير 2008

منظمة المادة 19: حرية التعبير في اليمن في حالة خطر


:: سامي نعمان
طالبت منظمة "المادة 19" السلطات اليمنية بالإلغاء الفوري للإجراءات القضائية التي بدأتها ضد الصحفيين أمام المحكمة الجنائية الخاصة بالإرهاب، وإلغاء التهم التي وجهت ضد الإعلاميين والأفراد الآخرين الذين حوكموا بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير، معتبرة الإحالة الأخيرة لرؤساء التحرير للمحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة حيث يواجهون عقوبة الإعدام، سابقة مقلقة للغاية وإشارة إسكات أكثر قمعا للاعلام.
ودعت المنظمة إلى العمل على إجراء تحقيقات فعالة في التهديدات التي طالت الصحفيين وفي حوادث الاعتداء عليهم، وخصت حالات الاختطاف، وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة، وإنهاء التحقيقات بفعالية في الحوادث السابقة التي طال أمد انتظار نتائجها.
المنظمة وفي تقرير مطول لها صدر مطلع يناير، ويحمل عنوان "اليمن حرية الصحافة في خطر"، نادت بوقف حملات ومقالات تشويه السمعة، خصوصا تلك "القائمة على أساس التمييز الجنسي والتي تهين كرامة الصحفيات أو الناشطات وشرفهن وتحط من مصداقيتهن وتضعهن في خطر أذية المجتمع".
وطالبت الحكومة بعدم الاستمرار في احتكار وسائل البث ووكالات الأخبار وإطلاق المنافسة في الاعلام المسموع والمرئي ووكالات الأخبار، ووضع حد لكل السياسات المقيدة لحرية التعبير، كمنح الرخص أو سحبها ومنع الصحفيين من النشر و"استنساخ" المنظمات غير الحكومية والصحف ومواقع الانترنت.
وأوصت بإصلاح القضاء وتقويته لضمان فعاليته وعدم تحيزه واستقلاله، وتطبيق توصيات لجنة حقوق الإنسان لضمان التوافق التام بين قانون الصحافة والمطبوعات المستقبلي والمادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ويتضمن ممارسات تقدمية عالمية متعلقة بها، كما أوصت بتطبيق توصيات معاهدة إزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وبخاصة تلك المتعلقة بالتشريعات التمييزية لمساعدة المرأة على ممارسة حقها بحرية التعبير.
استعرضت المنظمة في تقريرها الذي يأتي في إطار الحملة العالمية لحرية التعبير ومولته المنحة الوطنية للديمقراطية، بالتفصيل واقع حرية الصحافة في اليمن والانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون والصحف، وشمل البحث دراسة البيئة السياسية والاقتصادية المحيطة بالوسط الإعلامي.
ذكر التقرير انه وفي خلال السنوات القليلة الأخيرة تم حجب حرية التعبير، وبخاصة في وسائل الإعلام، بشدة. كما تعرض الصحفيون لقمع متزايد من قبل السلطات، وقد تعرض الصحفيون للمحاكمة والسجن والاخافة والاعتداء الجسدي من قبل عملاء يشك في أنهم يعملون لحساب السلطات. مضيفاً أن هذه الممارسات تصبح أسهل مع وجود قانون الصحافة والعقوبات الذي ينتهك التزامات اليمن الدولية بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي يجرّم التهم الصحافية.
وأشارت المنظمة إلى أن استمرار التهديدات الجدية لحياة الصحفيين وسجنهم سيضع اعلان الرئيس بعدم حبس الصحفيين موضع شك، مضيفة أن الانتهاكات الشديدة لحق حرية التعبير تتزايد في ظل قضاء ضعيف وغالباً فاسد ويفشل في تنفيذ الضمانات الدستورية ويعوض عن الأخطاء التي ارتكبت بحق الصحفيين، وهو ما ألزم الصحفيين بممارسة الرقابة الذاتية.
وأفردت المنظمة في تقريرها جزءاً خاصاً بقضية الصحفي عبدالكريم الخيواني ومحرري صحيفة الشارع الذين يحاكمون أمام محكمة امن الدولة المتخصصة بقضايا الإرهاب.
إذ ذكر تقرير المنظمة أن وزارة الدفاع اتهمت في يوليو 2007، نبيل سبيع، مدير تحرير صحيفة "الشارع" الأسبوعية المستقلة ونائف حسن، رئيس تحريرها والمراسل محمود طه، بعدة تهم تندرج تحت المادة 126 من قانون العقوبات، تشمل الإضرار بالأمن القومي والاستقرار، والاستخفاف بالجيش ونشر أسرار عسكرية. وجاءت تلك التهم على خلفية ملف نشرته الصحيفة عن النزاع في صعدة، تناول الصلات المزعومة بين الحكومة ورجال القبائل المتطوعين للحرب في صفها ضد المتمردين. مشيرا إلى أنها المرة الأولى التي يستدعى فيها متخصصون في الإعلام إلى النيابة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب عوضا عن نيابة الصحافة والمطبوعات، حيث يواجهون الإعدام.
استطرد التقرير "وبعد 3 أسابيع من إسقاط وزير الدفاع الشكوى، اقتحم رجال مسلحون في سيارة عسكرية مكتب الصحيفة وهددوا بقتل نائف حسان، وقالوا إن لديهم أوامر من وزارة الدفاع. وحين وجدوا أن نائف حسان ليس موجوداً، قام الرجال بخلع الأبواب وبحثوا في الموقع وهددوا طاقم الصحيفة.
وعدت المنظمة اعتقال عبد الكريم الخيواني، رئيس التحرير السابق في جريدة الشورى، في 20 يونيو، سابقة مقلقة أخرى، إذ اتهم من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية الخاصة بالإرهاب، بانتمائه إلى خلية إرهابية قامت بقتل جنديين وتنفيذ عمليات إرهابية، ذلك ضمن تهم أخرى، مستدلة بوثائق، حسب ما تذكره التقارير، متعلقة بعمله الصحافي استولت عليها قوى الأمن التي اقتحمت منزله. وأفرج عن الخيواني لحالته الصحية، فيما استمرت محاكمته. وفي حال إدانته، فإنه سيكون معرضا لحكم الإعدام.
واعتبرت أن تحويل القضايا المتعلقة بحق حرية التعبير إلى محكمة امن الدولة يشكل انتهاكاً خطيراً لأحكام العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي تعتبر اليمن عضوا فيه.
منظمة المادة (Article19)، هي منظمة حقوقية، مقرها لندن، تهتم بالدفاع عن حرية التعبير وتركز أكثر على قضايا الاعلام، وتعود تسميتها إلى المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص في بنده الأول على "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير. ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية".