الأربعاء، 29 أغسطس 2007

قصة اختطاف معلن... الاصابع مهددة بالبتر .. سامي غالب


سامي غالب
يَطوِّر أعداء الديمقراطية تقنيات قمع الصحفيين وترويعهم. وظهيرة الثلاثاء أعلنوا اختراعهم الجديد: تقنية كسر الأصابع. كان على الخيواني، مرة أخرى، أن يُقدِّم إصبعه «السبابة» (!) لتجريب المخترع فداء لليمن وللوحدة الوطنية.

لاحظوا أن الاختيار وقع على «السبَّابة»، فالصحفيون في نظر سادة هذا العهد هم «شوية سفهان». لكن الفنيين المكلفين بإنجاز التجربة اختلفوا في اللحظة الأخيرة: هل المقصود كسر أصابع الخيواني أم بترها؟ بعد اتصال من الخبراء في مصنع القمع علموا أن القصد هو كسر «السبَّابة»، وكذلك أنجزوا المهمة، ثم ألقوا بصاحبها في قرية محالين، منطقة خولان، شرق صنعاء.
عند الثانية ظهر الإثنين، وبينما الخيواني ينتظر «تاكسي» بعيد مغادرة مكتب «النداء»، قام ستة مسلحين باختطافه بطريقة احترافية، في واقعة مشهودة، من زملاء صحفيين ومواطنين وأصحاب محلات تجارية (تفاصيل داخل العدد).
عصبوا عينيه، وانهالوا بالضرب عليه، فيما سيارتهم مطموسة الأرقام تمرق دون رقيب في شوارع العاصمة، وإلى وجهة غير معلومة.
أبلغت وزارة الداخلية بالواقعة المروِّعة عقب حدوثها بثوانٍ. ولاحقاً نفى جهاز الأمن السياسي أية صلة له بالحادث.
بعد 3 ساعات كان سكرتير مكتب وزير الداخلية يبلغ نقابة الصحفيين بأن الوزارة لم تتحصل بعد على أية معطيات عن مصير الخيواني، والجهة الخاطفة.
في الخامسة والنصف مساءً، اتصل الخيواني بأحد زملائه يبلغه بصوت مرهق، أنه الآن في «دار سَلم». وقد توجه إلى مستوصف في المنطقة لتلقي إسعاف أولي. وهناك لحق به زملاؤه، لنقله إلى أحد المستشفيات الأهلية، وفق ترتيبات قام بها الزميلان سعيد ثابت وكيل أول نقابة الصحفيين، ومروان دماج الأمين العام.
فور الاتصال الأول للخيواني من «دار سَلم»، بادرت النقابة إلى الاتصال بسكرتارية وزير الداخلية، لإبلاغه بواقعة «ظهور الخيواني». كان الإبلاغ لغرض تطمين الوزير ومسارعة الأجهزة المختصة إلى التحقيق في ملابسات جريمة الاختطاف.
صباح اليوم التالي ضبطت المؤسسة الأمنية في حالة تلبس. إذ صرَّح مصدر أمني مسؤول في العاصمة بأن القصة مفبركة، وأن العملية مسرحية، والضحية ممثل، يريد تضليل العدالة، وتشويه سمعة الأجهزة الأمنية.
لم يتوقف المصدر الأمني عند هذا الحد. فهو وصف حالة الخيواني لحظة اتصاله بزميله، قائلا بأنه بدا متردداً (هل كانت العناصر الأمنية تتابع عن كثب الأعراض الثانوية للشخص الذي أُخضع لتجريب المخترع الجديد لعلماء القمع؟.. ربما!).
يواصل المصدر الأمني سرد روايته الرديئة، فالخيواني الذي بدا متردداً، لم ينتظر «فرق الإسعاف الأمنية»، بل غادر مستوصف «دار سَلم» إلى مستشفى تابع للقاء المشترك (كذلك تشجع الحكومة القطاع الخاص!).
احتفظ السينارست الأمني بعقدة عمله الأدبي إلى الفصل الأخير. في ختام تصريحه كشف أن الخيواني استغل مشاركته في حفل زفاف أحد الزملاء العاملين في «النداء»، في خولان، لاختلاق قصة الاعتداء عليه. وزاد أن حفل الزفاف حضره أيضاً زملاء العريس من صحيفتي «النداء» و«التجمع».
في بلد متحضر فإن رواية المصدر الأمني كفيلة بالإطاحة برؤوس المؤسسة الأمنية فيه. فإلى الكذب والتضليل والخيال المريض، وهي ركائز الرواية الأمنية، فإن المصدر الأمني دفع بالأجهزة الأمنية إلى قفص الاتهام. وإلا لماذا يجهد «مصدر أمني مسؤول»، من أجل إنكار واقعة خطف مشهودة في قلب العاصمة؟ (أم تراه غيوراً على سمعة الوطن!؟).

Samighalib1@hotmail.com

الأحد، 26 أغسطس 2007

والامن اعتبره عملا مسرحياً..
الخيواني: ثمن باهض لحرية الصحافة ..


* كتب/ سامي وجيه الدين
لم يكد الزميل عبدالكريم الخيواني يتعافى من مضاعفات عملية الاعتقال التي طالته قبل اكثر من شهرين، حتى اصبح على موعد جديد مع عملية اختطاف جديدة، كان باديا انها تلافت كثيرا من الاخطاء التي طالت سابقاتها بحقه وحق غيره.
الاثنين الماضي، الساعة الثانية بعد الظهر، كان الخيواني بانتظار سيارة أجره تقله من امام مكتب صحيفة النداء في الزبيري أكثر شوارع العاصمة حيوية، غير ان مسلحين اجبروه على صعود سيارة أخرى تم التعتيم على لوحتها، واخذوه في رحلة قسرية استمرت ساعتين تخللتها ممارسات لا انسانية، بحقه.
وطبقا للخيواني فقد أخذ الى مكان قريب من منطقة "محالين" التابعة لخولان، في ظروف سجن متحرك طاله فيه شتى انواع التنكيل والتعذيب النفسي والجسدي.
اصابعه المتورمة تظهر جانبا من التنكيل الذي طاله، لمن لم يتمكن من تفحص ما تبقى من جسده رغم حرص شديد ابداه مجهولون كانوا يديرون العملية عبر الهاتف من غرفة عمليات يرجح انها تابعة لجهاز الأمن القومي التابع للرئاسة، المسؤول عن عملية الاقتحام الاولى قبل شهرين تقريباً على عدم تمكينه من آثار جروح انقذته من مقص كان على وشك فصل عقد اصابع يده، غير انها لم تمنع اداء المهمة يدويا بطريقة همجية..
هم حذروه من التطاول على الاسياد، ومن العودة الى الكتابة، مؤكدين ان كلمة واحدة يكتبها بحق الرئيس والوحدة الوطنية مستقبلا، سيدفع ثمنها باهضا قد يعادل حياته وافراد اسرته، مشيرين الى تحقيق نشره في اسبوعية النداء المستقلة قبل اسبوع بعنوان"مرحلة ما قبل الدولة.. وطن خلف القضبان".. اطلق بعدها معصوب العينين كما أخذ، مع زيادة في المعاناة بات معتادا بالنسبة له ان يدفعها ثمنا لما يؤمن به من حقوق، وضريبة حرية صحافة بات يدفعها مضاعفة نيابة عن حرية الصحافة في اليمن، ليترك بعدها في فلاة بعيدة، استغرقته ساعتين للتمكن من الوصول الى اقرب منطقة حياة تتوفر فيها وسائل الاتصال والتواصل. في المستشفى الاهلي حل الخيواني وسط حشد من زملاء المهنة، حيث روى قصة كان ما سبق بعض تفاصيلها.. الأجهزة الأمنية حضرت وأخذت أقواله، وطلبت رحلة اخرى إلى مكان الحادث لاستكمال روتينهم المعتاد الذي أحال قضية رئيس تحرير صحيفة الوسط الى قسم مكافحة الارهاب الذي سجل قضية اختطافه الشبيهة بهذه، والتي تصادف هذه الايام اكمال عامها الثاني، ضد مجهول كان معلوما بالضرورة بأدلة تم تجاوزها هذه المرة.. هو لا يعرف من وجوههم سوى لمحة اولية لحظة الاختطاف، غير انه متيقن من ان احدهم شارك في العملية السابقة بحقه.
وحظيت عملية الاختطاف باستنكار واستهجان محلي وعربي ودولي واسع، اجمعت كلها على مسؤولية الاجهزة الامنية عن حياة الصحفي الذي بات معتادا على مواجهة مخاطر متكررة من وقت لآخر..
ورجحت قيادات في نقابة الصحفيين اليمنيين وقوف الاجهزة الامنية وراء الحادثة، وحملتها مسؤولية الاختطاف الذي تم داخل العاصمة، وتساءلوا عن دور الاجهزة الامنية في حماية المواطنين.. وادان بيان صدر عن نقابة الصحفيين جريمة الاختطاف والتعذيب التي طالت الخيواني واشارت الى شبه الحادثة بحادثتي الصحافيين جمال عامر وقائد الطيري، وان تقصير الحكومة في معاقبة الجناة ادى الى حدوث اعتداءات شبيهة، تقوض مصداقية الاجهزة الامنية.. واذ أدان تحالف اللقاء المشترك عملية الاختطاف وعدها جريمة بشعة، اعتبرها دليلا على المنزع الإجرامي لمنفذي الجريمة التي تستهدف كل الناشطين السياسيين والصحفيين وترهيبهم وإسكات اصواتهم الناقدة للفساد والمفسدين، في شخص عبد الكريم الخيواني، معتبرا تلك الاساليب الاجرامية دأباً لمن وصفهم بعصابات وبلاطجة السلطة المنفلتة من الحساب والعقاب منذ العام 2004م مع الزميل الخيواني الذي تعرض للاعتداء والاختطاف مرارا.
وحمل السلطة المسؤولية الكاملة عن الاعتداء وما يسفر عنه من انعكاسات على صحة الخيواني وحياته وطالبها بالقبض على الجناة وتقديمهم للعدالة فورا وبلا مماطلة ولاتسويف كما جرى في الاعتداءات السابقة التي تعرض لها الصحفيون. الصحف الرسمية خرجت صبيحة الثلاثاء بتصريح لمصدر امني استغرب انجرار احزاب المشترك وراء ادعاءات الخيواني واصفة ذلك بالتلفيق الشبيه بالعمل المسرحي "رُتب له مسبقاً بهدف تشويه سمعة الأجهزة الأمنية .. وبالتالي الإساءة للنظام السياسي وإلى التعددية السياسية والديمقراطية، والتأثير على سير قضية الخيواني المنظورة أمام القضاء ضمن خلية صنعاء الثالثة. ودللت على ذلك بمجموعة مبررات سردا زمنيا للحادثة قيل انه بني على تحريات ومعلومات، شرح تحركات الخيواني وتواصل زملائه معه واصراره على التداوي في المستشفى الاهلي الذي قالت انه مملوك لأحد احزاب المشترك واستقبله نائب المدير، اضافة الى افادة شهود وتقرير المستشفى التي توضح عدم وجود آثار اعتداء على جسمه، رغم ان التقرير يقول غير ذلك، مشيرة الى ان ذلك دليل على فبركة القضية.
وأخلى المصدر مسؤولية الاجهزة الامنية عن القضية، اذ ليس معقولا ان تتحمل الأجهزة الأمنية مسئولية اختلاق المشاكل، مستهجنا لجوء أحزاب المشترك إلى مثل هذه الزوابع المفتعلة وتوظيفها سياسيا وإعلاميا مع أن الجميع يدرك أن الخيواني لا يمثل أي رقم يذكر حتى يتم الاعتداء عليه أو اختطافه من أي جهاز من أجهزة الدولة، وختم بالقول " رحم الله امرئاً عرف قدر نفسه.".
النقابة عبرت عن استغرابها لتصريح المصدر الأمني المسئول معتبرة مسارعة الجهات الأمنية إلى نفي حدوث جريمة وقعت في قلب العاصمة وعلى مرأى من صحفيين ومواطنين كانوا قريبين من مكان وقوعها ـ ليس من شأنه إلا إظهار الجهات الأمنية باعتبارها متواطئة في الجريمة، معتبرة نشر هذه التصريحات غير المسئولة استنزافا لما تبقى من رصيد ثقة للأجهزة الأمنية، وناشدت الرئيس إعمال صلاحياته والعمل على وضع حد للإعتداءات المنهجية التي تستهدف الصحفيين والكتاب وعقاب المتورطين ومحاسبة المسئولين عن الأمن لتقصيرهم أو تواطئهم مع المعتدين.
ومن نيويورك ادانت لجنة حماية الصحفيين الدولية في بيان صدر عنها الاثنين عملية الاختطاف والضرب الوحشي الذي تعرض له الخيواني، واعتبر جويل سيمون مديرها التنفيذي الاعتداء تهديدا خطيرا لمناخ حرية الصحافة، الذي قال انه متدهور اصلا في اليمن، مطالبا السلطات اليمنية ان تحقق في الهجوم الوحشي وتقديم المسؤولين عنه الى العدالة، مؤكدا ان فشل السلطات في ذلك يشير الى ان الحكومة اليمنية راضية عن الاعتداءات العنيفة التي طالت الصحفيين. وأدان الحادثة فرع المشترك بأمانة العاصمة، وحزب اتحاد القوى الشعبية، والمنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية، وعدد من منظمات المجتمع المدني، والشخصيات السياسية والحقوقية، محملة السلطات الرسمية مسؤولية الاختطاف مشيرة الى عدم وجود خلاف للخيواني مع احد عدا السلطة بكافة أجهزتها الأمنية، التي تعتبره كذلك. كما استكر جريمة الاختطاف مركز حماية وحرية الصحفيين في الأردن وطالب الحكومة اليمنية وأجهزتها الأمنية بكشف الجناة ومحاسبتهم حتى لا يفلتوا من العقاب وحتى لا تصبح حياة الإعلاميين غير آمنة، محملا الحكومة اليمنية مسؤولية سلامة الخيواني،وقال "في دولة يحكمها القانون من غير المقبول أن يحدث ذلك"....
وينتظر ان يعقد الزميل عبدالكريم الخيواني ظهر اليوم مؤتمرا صحفيا دعت اليه نقابة الصحفيين في مقرها لتوضيح ملابسات الاختطاف وكشفها للرأي العام

الأربعاء، 1 أغسطس 2007

لجنة حماية الصحفيين الدولية غاضبة على مهاجمة "الشارع" وتطلب تقديم الجناة للعدالة

سامي نعمان
أدانت لجنة حماية الصحفيين هجوم مجموعة مسلحة في العاصمة صنعاء يوم الاثنين على صحيفة الشارع الأسبوعية حديثة الإصدار وعبرت عن غضبها على مهاجمة مقر الصحيفة وتهديد رئيس تحريرها.
وأشارت اللجنة في بيان لها نشر يوم الثلاثاء على موقعها الالكتروني إلى احتمال أن يكون للحادثة صلة بالدعوى القضائية التي رفعتها وزارة الدفاع اليمنية ضد الصحيفة واتهمتها بالإضرار بالأمن القومي، وهي تهمة تسعى الحكومة من خلالها إلى إنزال حكم الإعدام بحق ثلاثة صحفيين.
وابلغ لجنة حماية الصحفيين نائف حسان رئيس تحرير الشارع أن عددا من الأفراد المسلحين بزي مدني كانوا يستقلون سيارتي جيب بلوحتين عسكريتين اقتحموا مكتب الصحيفة وكانوا يطلبون رؤيته وهددوا علناً بقتله وأطلقوا عبارات ازدرائية ضده وهددوا الموظفين أمام الحارس وعاملة النظافة في الصحيفة قبل أن تكسر المجموعة المهاجمة بابين وتفتيش المكاتب.
و قال جويل سيمون المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين الدولية "نشعر بالغضب إزاء الهجوم الذي تعرضت له صحيفة الشارع والتهديدات بالقتل التي صدرت بحق نائف حسان رئيس تحريرها.
وأضاف: ندعو السلطات اليمنية إلى التحقيق في الحادث في ضوء الادعاءات الخطيرة التي تؤكد أن الجناة كانوا يستقلون سيارات عسكرية وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة".
وأضافت اللجنة في البيان أن سبب الهجوم لم يكن واضحاً رغم أن الصحفيين المنتسبين إلى الصحفية يشتبهون بصلة الحادثة بالدعوى الجنائية التي رفعتها وزارة الدفاع مطلع تموز (يوليو) ضد الصحيفة، ودعت فيها إلى إغلاق الصحيفة وإعدام ثلاثة صحفيين بعد أن نشرت الصحيفة سلسلة مواضيع مثيرة للجدل بشأن الصراع في صعده شمال اليمن.
ورفعت وزارة الدفاع شكواها ضد صحيفة الشارع في 7 تموز يوليو بعد أن نشرت الصحيفة الأسبوعية في عددها الأول قبل ذلك بشهر ملفاً عن الصراع في صعدة حسب إفادة نبيل سبيع مدير تحرير الصحيفة.
وأوضح سبيع للجنة أن "ملف الصحيفة كان عن رجال القبائل المتطوعين في صف القوات الحكومية بالإضافة إلى تناوله الفساد والراغبين في إطالة أمد الحرب من الجانبين بغية الاستفادة من استمرارها" .
وأضاف أن المواضيع تناولت تطوع جماعات من جيش عدن أبين الإسلامي، وهي جماعة إرهابية تنشط في اليمن، للقتال في صف القوات الحكومية وأنهم كانوا يدربون المتطوعين من رجال القبائل للقتال في الصراع.
وقال محمد الباشا المسؤول الإعلامي في السفارة اليمنية بواشنطن إن الحكومة اليمنية "على علم بالحادث، وإن التفاصيل المتوافرة عنه هي فقط تلك التي نشرتها الشارع، ولم تؤكد الحادثة حتى الآن أي جهة حكومية.
وأشار إلى أن رئيس تحرير الصحيفة ابلغ وزارة الداخلية بالقضية وأن تحقيقا يجري فيهالكن الباشا لم يعلق على القضية المرفوعة ضد الصحيفة من جهة وزارة الدفاع.
وفي خطوة غير معتادة، أحيلت القضية إلى النيابة الجزائية المتخصصة بقضايا امن الدولة والقضايا الإرهابية عوضاً عن نيابة الصحافة والمطبوعات، وتوجه وزارة الدفاع عدة اتهامات خطيرة وفقا للمادة 176 من قانون العقوبات اليمني ضد نائف حسان ونبيل سبيع ومراسل الصحيفة محمود طه، وتشمل التهم الإضرار بالأمن القومي والاستقرار والتأثير على معنويات الجيش ونشر أسرار عسكرية.
وقد جرى استجواب حسان وسبيع من قبل النائب الأول في النيابة الجزائية المتخصصة بقضايا امن الدولة والإرهاب.
وكان مقررا مثول محمود طه للاستجواب يوم الثلاثاء إلا أن المدعي العام ألغى الموعد ولم توجه النيابة العامة التهم رسميا ضد الصحفيين ولم يتم إحالتهم الى المحكمة حتى الآن.
والشارع صحيفة أسبوعية مستقلة يملكها الصحفيان نايف حسان ونبيل سبيع، وصدر العدد الأول منها في 2 حزيران (يونيو) الماضي.

طلابنا في المغرب.. حين يحتجون على ضياع حقوقهم بصورة فخامته

سامي نعمان
في احتجاج لا زال مستمرا منذ ايام نفذه طلاب يمنيون داخل مبنى سفارتهم في العاصمة المغربية الرباط، رفع المحتجون صور الرئيس في مفارقة كان اقل ما وصفها به صحفي مغربي أنها متناقضة وغير منطقية لطلاب ينتمون لبلد جمهوري..
شيء من الغرابة يضاف الى التناقض حين تعرف ان المحتجين هم في الغالب من طلاب الدراسات العليا، وليسوا حديثي العهد بالثانوية العامة، حتى يؤخذ تصرفهم ذاك بانه يأتي في سياق قلة الفهم او استعطاف رحمة الاب التي اعتادوا عليها قبل تخرجهم من الثانوية..
على شاشة الجزيرة، التي انتقد الطلاب انكار السفارة لحقها في تغطية الاعتصام بطلبها الى الامن المغربي منع طاقمها من الوصول الى السفارة حيث يتواجدون، بدا طلاب يحملون صور الرئيس، وكان هناك آخر يرفع صحيفة 26 سبتمبر، في استجداء لرحمات شخصية ونفياً مقدماً عما قد يثار مستقبلا من انتماءهم للمعارضة كما هو الحال مع كل قضية طلابية او حقوقية تقابل باستهتار معتاد من السلطات على اختلاف مستوياتها حين تحيل ازمات الوطن الى مناكفات سياسية مدفوعة من قبل قوى معارضة في بلد تضج اسماع العالم بتجرتها الرائدة في التعددية..
تكشف القضية غيابا واضحا للمؤسسات وفهما فطريا لدى الغالبية بأن مفاتح كل شيء بيد الرئيس الذي ما يفتأ يتحدث عن دولة مؤسسات حتى تأتي قضية تكون فيها التوجهات الرسمية ضداً على التصريحات (المؤسساتية)، وتكون صورة الرئيس حاضرة في الاذهان والمطالب اكثر من الدستور والقانون وقد يفهم من غياب الصورة في ظل الملق القائم أن المحتجين ساخطون على الوضع العام، ومعارضين للسياسات القائمة، وهو في ظل وضع سوي في حده الادنى لا يعني حرمانهم من ابسط حقوقهم.
ايلاجا في قضية الطلاب، يتكشف جانباً من مأساة ومهزلة التعليم العالي والمبتعثين للدراسات العليا والدنيا من (طأطأ لا السلام عليكو)، وهو ما لم يكن الدكتور صالح باصره وزير التعليم العالي يتحفظ على البوح به كلما سنحت الفرصة او ضاقت مذكرات الوجهاء والنافذين وكلما أصبحت الوزارة مزاراً لكثير من المنتسبين لمصلحة شؤون القبائل- على كثرتهم- والمدججين بأكوام المرافقين والاسلحة، والذين في كثير من الاحيان يأخذون مبتغاهم بالرضا والا بالصميل البلدي، وربما لم يخف عن الكثيرين ان تهديدات الوزير بمراجعة ارشيف البعثات وتعهده بـ(فتح الملفات) كانت السبب وراء حريق التهم ذات الارشيف بعد ايام قليلة من أحاديثه.
تبدأ المهزلة بحصول كثير من المبتعثين من ابناء المسؤولين والنافذين والوزراء والمشايخ والمقربين منهم أو المحسوبين عليهم على حقوق غيرهم من اولاد الفقراء الذين طارت حقوقهم بمذكرة كاذبة من قيادات عسكرية او أخرى تسمى جدلاً "مدنية"، تفيد ان غيرهم ابناء شهداء او مناضلين(او مشاريع شهداء او مناضلين) لهم اولوية الاستحواذ على حقوق من لا يترسهم مركز قوة او نفوذ، لتكون المحصلة صراع مراكز قوى على حقوق لها اصحابها المغيبون..
وحين تختل موازين المواطنة المتساوية وتظهر بجلاء بوادر المحسوبية والفساد والمتاجرة بالحقوق وابتزاز اصحابها ونقلهم الى معارك جانبية باعتبارهم مدفوعين سياسياً، ولا يجيدون الملق مشكوك في وطنيتهم بسبب رفع شعارات المواطنة وتغييب صور الزعيم عن جدران منازلهم، وعدم حفظها الى جانب هوياتهم ان كانت لهم، تكون النتيجة اختلال كامل في موازين الحياة واستمرار في نمو معايير التمييز وغياب اسس العدالة والمساواة وإن في ادنى مستوياتها..
نتيجة منطقية لذلك، يحظى الاكثر قربا من مركز صنع القرار والاكثر قوة وتأثيراً بالنصيب الاوفر مسترجعين في هذا السياق تحقيقا رائعاً نشرته صحيفا الوسط بعنوان منح اولاد الفقراء تذهب لأولاد المسؤلين والوزراء، تعرض رئيس تحريرها على اثره الى عملية اختطاف واعتداء بسبب تماديه على (الاسياد)، رشحته لجائزة دولية هي الاولى لصحفي يمني، وربما كانت هي المحمدة الوحيدة لمأساة نهب حقوق ابناء المواطنين الـ(بدون)..
مشاكل الطلاب داخليا وخارجيا، وهي جزئية من مجموعة كلية متمثلة في مهزلة التعليم العام والجامعي، باتت تضع مستقبل الوطن على كف عفريت في ظل تأهيل اشخاص ليسوا بمستوى يؤهلهم لذلك، ليعودوا صفراً الى مناصب يستحوذوا عليها كما استحوذوا مسبقاً على المنح الدراسية..
قبل اسابيع كان (طلابنا) في تونس يطلبون مساواتهم ماليا بنظرائهم في المغرب، خصوصاً أن المعيشة في الاولى اغلى من الثانية، لكن الطلب ربما وصل عكسياً ليراجعوا ملفات الدارسين في المغرب وينفذوا قصاصاً جائرا بحقهم دون سابق محاكمة قطعا لوساوس (حسادهم) في تونس، واخراساً لأصواتهم..
قطعاً ليس ما سبق تعريضا بـ(طلابنا) في المغرب أو اتهاما لهم، بل خواطر اثارتها طريقة احتجاجهم، وهم مشاريع اكاديميين ونخب للمجتمع، وقعوا ضحايا (صحوة ضمير) مفاجئة وربما متأخرة انتابت المسؤولين اكتشفوا على اثرها ان اولئك الطلاب مجموعة فشلة ارهقوا الخزينة العامة، بقدر ما هو محاولة لتطرق اليها بعيدا عن تضامن مطلق وفقا لنظرية المعارضة، وكونهم يطلبون حقوقهم من سلطة نعارض كثيرا من سياساتها، ما يستدعي وقوفاً افتراضيا معهم، رغم اني اجدني مشدودا للتضامن مع الطلاب بالفطرة باعتبارهم ضحايا، وان كان محتملا ان بعضهم قد استفادوا من وضع مختل خارج اطار المواطنة المتساوية، وكل ذلك لا يمنع بأي حال من الاحوال منحهم حقوقهم كاملة في اطار النظم واللوائح المنظمة للابتعاث، طالما واصبحوا مبتعثين من قبل سلطات بلادهم.
غير ان احتجاجهم بتلك الطريقة، حين ترتفع صورة الرئيس ويغيب علم دولتهم، يضفي عليها طبيعة رعوية قبلية توحي ان طريقة حصولهم على تلك المنح كانت قريبة او شبيهةً، للبعض منهم، من الطريقة التي يطالبون بها عودة حقوقهم الآن..
لم يكن هناك من داعٍ للاعتصام وحمل صور الرئيس في مظهر قد يعده كثيرون اساءة للرئيس نفسه وللبلد الذي ينتمون اليه، في مملكة لا يحتج نخبتها وربما عامتها او يطلبون حقوقهم برفع صورة الملك صاحب الصلاحيات المحدودة مقارنة برؤسائنا، وآلت كثير من الاحتجاجات الشبيهة ان كتب لها الاستمرار بذات الطريقة الى مساومة شخص او شخصين على حساب البقية..
عدا مآخذ الصورة، كانت بيانات الطلاب، رقم 1 ورقم 2 ، واقعية ومنطقية ومطالبهم لا تخرج في مجملها عن توضيح اسباب الاجراءات المتخذة بحقهم، وانتقائية القرارات، والمطالبة بحقوق يقولون انها مثبتة لهم، وسط اعتصام سلمي اكدوا تمسكهم به كحق تكفله لهم نظم وقوانين بلادهم، و(الملكية) التي يدرسون بها.
وفي حين كان السفير يصرح في صنعاء انهم مجموعة فشلة، قال بيانهم رقم 2 ان السفير اقترح مبلغ 300 دولار لـ 24 طالبا(لكل منهم)، غير انهم رفضوا ذلك مؤكدين على 1000 دولار، اي 50% من مستحقات ربع عام تقريبا، ومشترطين ان يشمل الحل الجميع وليس 24 طالبا فقط، ما يعني ان مرحلة مساومة بالحقوق قد اطلت خلافا للتصريحات الرسمية للسفير -ومسؤولين غيره- تتهم الطلاب بالفشل، وينفي مسؤولية السفارة عن مشكلتهم ذات الوقت، ولم يرد تفسير من قبل الطلاب عن تغيب عشرين طالبا آخرين عن الاعتصام رغم انهم مشمولين بقرار الحرمان.
ان كان اعزاؤنا في المغرب يشعرون بان لهم حقا وانهم ليسوا مجموعة فشلة تجاوزا بسنوات الفترة المقررة لدراستهم فعليهم تصعيد اجتجاجهم بطريقة اكثر جدية، فالحقوق تنتزع ولا تاتي استجداء، وليسألوا زملاءهم في الهند وروسيا وماليزيا والاردن وغيرها، ولا عيب ان يتعلموا من سائقي الدراجات النارية، ولا ضير ان ينشروا مناشداتهم في صحف الثوري والنداء والوسط والشارع والصحوة والمواقع المعارضة والمستقلة كما سبتمبر والثورة والمواقع التابعة للحزب الحاكم، ان كانوا يؤمنون بحقوقهم وعدالة قضيتهم.
أما ان كانوا يفهمون غياب المؤسسات والمواطنة والحقوق بطريقة مختلفة ويؤمنون ان صورة الرئيس واثبات الولاء ونفي تهمة انتسابهم للمعارضة هي اقرب الطرق لاستعادة حقوقهم او ما اعتادوا عليه من مستحقات، وهو الاسهل لحرق المراحل امام ما يفترض ان تكون الاحتجاجات الجدية سبيلهم للمطالبة به، المواطنة والحقوق والمؤسسات، ان كانوا يؤمنون بأن ذلك اقرب لهم فليعتصموا بصور مختلفة لفخامته تتناسب مع اختلاف تخصصاتهم وقبائلهم، تستجدي الحقوق عبر مؤسسات مغيبة ظاهرها بوابة وصورة، وباطنها فساد وشللية ومحسوبية وبؤر نفوذ ودرجات مواطنة متفاوتة، في أسوأ الاحتمالات سيشكرون رسميا لأنهم قدموا نموذجاً راقيا لاحتجاجات لا تشوه صورة الوطن، وساوموا عن مواطنة وحقوق ومؤسسات بصورة زعيم لبلد ديمقراطي جمهوري، وتبقى الحقوق مسألة فيها نظر.
saminsw@gmail.com

الأربعاء، 18 يوليو 2007

بعد 37 سنة سجن صدر حُكم بإعدامهزز علي موسى: أبي أروِّح - عبدالكريم الخيواني

قبل أشهر أيدت المحكمة الاستئنافية حكماً بإعدام السجين في مركزي صنعاء علي موسى.
المثير هنا أن السجين قضى 30 عاماً في السجون. يقال أن الحكم من إنجازات القاضي حمود الهتار قبل مغادرته منصة القضاء إلى منبر الوزارة. لكن المعلومة غير مؤكدة. الرأي القانوني أن التسوية التقريرية للقصاص 10 سنوات سجن..
الحكم من غرائب القضاء والقضاة في اليمن، وما أكثرها، إنما دعونا نتوقف مع السجين، الذي فقد كل شيء، لكنه لم يفقد الاحساس بمغادرة بوابة السجن.لم يكن يرغب علي موسى بتحقيق رقم قياسي لقضاء أطول فترة عقوبة في السجن، إنما يبدو أنه كذلك، ولعله سيدخل موسوعة غينيس رغما عنه بعد أن خفف الرقم القياسي كأقدم سجين وصاحب اطول فترة عقوبة ربما ليس في اليمن أو المنطقة بل في العالم بعد وفاة الجنرال الألماني (هس).
السجين علي موسى لا يدعي فضلاً في تحقيق هذا الرقم، بل الفضل كله يحسب للنظام القضائي القائم، للقضاة، للنيابة، وإدارات السجن المتعاقبة.
أما موسى فغير معني بكل ذلك ولا بنتائجه، إنه خارج إطار الوعي العام، والإدراك، حتى أنه لا يعرف إلى أين يغادر لو سُمح له.
يتفق الجميع أن علي موسى موجود في السجن المركزي بصنعاء منذ افتتاحه قبل حوالي 29 عاماً، جاء إليه قادماً من السجن الحربي، وقبل ذلك من سجن محافظة البيضاء حيث قضى 7 سنوات.
مجموع ما قضاه موسى سجيناً يتراوح ما بين 32 إلى 37 عاماً. لكن علي موسى يقول إنها أربعون عاماً وشهران وخمسة أيام.
هذا التحديد الدقيق هو الأجدر بالتوقف عنده، من رجل لا يتكلم إلا نادراً.
علي موسى، رجل في منتصف العقد السادس من العمر، لا يخفي أنه سجن بسبب قتله لابن عمه في «عفار» إحدى قرى محافظة البيضاء. لا تعجبه كلمة «عم» ويجيب بلهجة بدوية كهيئته التي لم يفقدها رغم طول مدة سجنه. لا يتسول، ولا يقبل الصدقة، إنما يطلب من الحارس «قروش».لا يعرف غير الحارس، ولا يعنيه غير الحارس.
لا يعرف القاضي، ولا الرئيس، ولا الوزير.لا يخاف، ولا يفرح، محتفظاً بهدوئه دائماً، والقرن بادر على محياه، إلا مرة كل عام أو عامين يحضر فيها أخوه (أحمد) يعطيه «معوز» و«شميز» ومبلغ 700 ريال، حد قول أحد قدامى الحراس الذين باتوا يتعاملون مع علي موسى كأحد أشياء السجن المألوفة التي لم تعد تلفت النظر.
قال الحارس: «هذا هو علي موسى الذي عرفته كأقدم «شيء» في السجن المركزي بصنعاء، لم يتغير إلاَّ شعر رأسه ولحيته من الأسود إلى الأبيض، وبطنه المنتفخة غير المتدلية».
فقد علي موسى الاحساس بكل شيء حوله. لا يشكو، لا يتألم، لا يسأل، لا يجيب إلاَّ باقتضاب ومتى أراد، لا يثق بأحد، ولا يصدق بسهولة، ولا يهتم بشيء... لكنه كل يوم يذهب إلى البوابة قائلاً لحارسها أياً كان: «أبي أروِّح» ويتوقف عندها فترة وبين حين وآخر يكرر العبارة كأنها لازمة لا ينساها كلما أقترب من باب السجن المؤدي إلى مكان الزيارة والمغادرة ربما هو بابه إلى الذاكرة والعالم الخارجي، وربما باعتباره آخر معالم ما وراء القضبان.
يقول الحراس إنه إذا حارس ما -على سبيل المزاح- رد بالإيجاب على طلبه «أبي أروح» وفتح له الباب، يتراجع علي موسى قائلاً: «أروح أجيب «البطانية» التي لن يغادر السجن بدونها، ولا يعلم احد قصة «البطانية» واهميتها البالغة لدى موسى. وينتهي الطلب والرد في الزحمة اليومية للسجان والسجين ليعاود علي موسى طرح طلبه اليوم الثاني.
«القروش» من فئات الخمسة والعشرة والعشرين، هي الأهم لدى السجين موسى يذهب إلى أي دكان في السجن ويشتري حليب، بسكويت... ويسلم خمسة، طالباً الباقي. وأما إذا أخذ دجاجة فإنه يسلم الخمسة الريالات كاملة ثمناً لها، وعن طيب خاطر، ولا يمانع بدفع ريال ثمناً لكوب الشاي.. ويرفض أن يأخذ ذلك مجاناً مشترطاً أخذ الثمن الذي حدده، ويقبل الباعة في السجن ذلك عن طيب خاطر متفهمين أن لائحة أسعار علي موسى تعود إلى ما قبل دخوله السجن، حيث توقف به الزمان، والوقت، والاحساس.لا يمكن القول أنه مجنون، ومن الصعب الحكم بأنه عاقل.
المعلومات تشير إلى أن علي موسى محكوم بالإعدام إنما لا يعلم أحد السر في عدم التنفيذ عند صدور الحكم، ولا يتذكر أحد في السجن ان موسى مثل أمام محكمة، ويعتقد أنه دخل السجن المركزي محكوماً، خلافاً للمعلومة الواردة في المقدمة.
معلومات أخرى تفيد أن ثمة من يأتون بين حين وآخر لرؤية موسى ويسلم، له «مائتين ريال» يعتقد أنهم أولاد عمه، يتأكدون من وجوده. وأما مبلغ المائتين إلى معرفة مدى سلامة تمييزه. سجين قال أن طول المدة لا يعني نسيان الثأر عند «العثيلي»، حد تعبيره. وقال: «من يقول ان القصة لم تعد محل متابعة؟» معلومة محيرة اشارت إلى أن إدارة السجن طلبت من موسى قبل أشهر قليلة البصم على أوراق رسمية يعتقد أنها تخص تنفيذ العقوبة، لكنه رفض وبشدة وقاوم واقتنع لأنه اعتبرها تنازلاً عن ميراثه وأرضه وأملاكه، ولم تجبره الإدارة على التوقيع والبصم، لكن ذلك لا يمنع أن يفاجأ صباح يوم ما بأخذه لتنفيذ عقوبة الأعدام.
وسواء كان علي موسى قد سجن 35 أو 40 عاما فما الرأي القانوني هنا؟ وهل يجوز تنفيذ حكم بعد كل هذه المدة؟ أين القضاء و العدل والنيابة وادارة السجن طول هذه المدة؟ ولماذا سمحت بإهدار حياة انسان؟ من يتحمل مسؤولية ما تعرض له هذا الرجل، ومن يحاسب على الاهمال؟ لا تحتاج إلى دليل على غياب العدل، والإنصاف والضمير والقضاء والادارة، بل وحتى الانسانية في حالة علي موسى.
السجناء في المركزي يخشون تنفيذ عقوبة الاعدام بموسى، وبينما ينشغل البعض بذلك، يبقى علي موسى غير معني أو منشغل بالأمر، حاصراً همه ومركزاً اهتمامه على البوابة و«أبي أروِّح».ترى أليس اعدام احساسه، والقضاء على حريته 40 عاماً كافياً، جريمة أخرى تضاف إلى سجل الجرائم القضائية والاهمال الرسمي ضد موسى وغيره في وطن الانسان هو الأقل قيمة?!.

الأحد، 15 يوليو 2007

الخيواني .. وتناقض مرحلتين..

سامي نعمان

عندما حوكم الاستاذ عبدالكريم الخيواني عام 2004، على خلفية احداث صعده، كان السياق مختلفا تماماً عما هو عليه الآن، كانت التهم متعلقة بالنشر وإن كان لها خلفياتها، كان يحس بمتعة نشر التحقيقات التي كان يحرص على نشرها في صحيفته، ويشعر بان نقابة حيوية تقف خلفه، ويحس بزملاء مهنة كثر يتحمسون لقضيته ويشعر بقربهم ويتدلل عليهم "لا زلت وحدي"، كانت السوسوة وزيرة حقوق الانسان وكان اتحاد الادباء والكتاب -وهو أحد اعضاءه- قائما بلا صورة تذكارية مع الرئيس.
الليلة لا تشبه البارحة عدا بعض التفاصيل، فالتهم وان ارتبطت بالنشر الا انها فبركت الى الارهاب، والنقابة تعيش اسوأ مراحلها ولم تف بالالتزام الذي قطعته على نفسها في بيان الايوم الاول، الخيواني بلا صحيفة ولا موقع ولا منصب حزبي ولا وظيفي، تضامن زملائه وإن كان وجه الشبه الوحيد تقريبا في المرحلتين الا انهم لم يبلغوا ذات المستوى الذى كانوا عليه سابقاً، وفيما ذهبت السوسوة واستقال محبوب علي وانتهت فترة مجلس اتحاد الادباء السابق، جاءت قيادات جديدة قصيرة النظر لا تبالي – ان لم تكن تفرمل- قضايا الحقوق والحريات..
القضية السابقة تلقى بموجبها الخيواني حكما بالسجن لعام في محاكمة ماراثونية شابها عديد من العيوب والقصور، غير ان التهم الحالية، ان تبتت الادانة تستحق –طبقا للمحامي الآنسي- حكم الاعدام، وهو الحكم المعروف اقراره سلفا عندما تكون المحاكمة في محكمة امن الدولة المطعون في دستوريتها، بحسب خبرة وتجربة منظمة هود الحقوقية..
صحياً، يعاني الخيواني من تدهور حالته الصحية وسط ظروف سجن سيئة، وإن كان بريقها الظاهر أنه في جناح كبار النزلاء، ويحرم وفقا لها القراءة والاطلاع والاتصال الهاتفي الا وفقا لرؤية عُلْوية.
السوسوة، امة العليم، ابان توليها حقيبة حقوق الانسان، بعثت برسالة الى رئيس الجمهورية تطالب بالافراج عن الخيواني، وتنتقد الانتهاكات الممارسة بحقه، غير ان صمت الوزارة بوزيرتها البان المطبق على هذه القضية وقضايا أخرى بات باعثا على القلق من رضا الوزارة بالانتهاكات التي تحدث على الواقع. اتحاد الادباء كان اصدر بيانا طالب باطلاق الخيواني يوم كان دماج رئيسا وهيثم أمينا عاماً.. صمت اليوم عنوان المرحلة..
ربما اسقاطا للواجب اصدر اتحاد القوى الشعبية بيان ادانة ومطالبة بالافراج عن الخيواني، الذي جاء اعتقاله قبل ان يجف حبر الاستغناء ورسالة الشكر الشبيهة برسالة الرئيس لباجمال عند تعيين مجور، ولاذ الصمت ايضاً مع الاكتفاء بنشر بعض الأخبار عن المعتقل في الموقع.. هو لم يعد رقما صعبا بالنسبة لهم اليوم، فلا هو عضو في الامانة العامة كما كان سابقاً رغم أنه لم يستلم يوما مكافأة هذا المنصب من الحزب اسوة بأقرانه، ولا رئيسا لتحرير وسيلة اعلامية تابعة للحزب تلزمه الدفاع عنه كالتزام اخلاقي..
وعدا تصريحات باتت سمة بارزة للتكتل المعارض الابرز في البلاد، غاب عن اللقاء المشترك اصدار بيان رسمي يوضح موقفه من اعتقال الخيواني والتهم الموجهة ضده، وصمتوا في حضرة الرئيس في اجتماع ضمه بقادة الاحزاب الممثلة في البرلمان بعد اتهامه للخيواني بالتآمر لقلب نظام الحكم استنادا لمكالمة هاتفية تطوع وزير الداخلية باسماعها اياهم، عدا اعتراض الدكتور ياسين على اعتبارها دليلا على التهمة "فالذي يسعى لقلب نظام الحكم لا يتحدث بالتلفون"، وأعاد الحزب الاشتراكي صورة الخيواني ممهمورة بعبارة"الحرية للخيواني" على ترويسة صحيفته كما كانت في فترة اعتقاله الاولى.. واحجمت دائرة الاصلاح الاعلامية عن اصدار موقف رسمي كما هو عادتها في بعض القضايا وهو ما يضع علامات استفهام على معايير تعامل الحزب مع الانتهاكات الاعلامية، أم ان الشمس لا تمر بغرناطة.
كان الخيواني يبدي ارتياحا بالغا وهو يقرأ تصريحات الدكتور ياسين وقحطان والصبري والعزب وغيرهم من قادة المشترك بسبب تقدم مواقفهم المعارضة، كان كثيرا من يتحدث عنهم اعجاباً، لكنهم على ما يبدو لم يأخذوا القضية بمحمل الجد حتى اللحظة.
اما قبيلة الخيواني كما سماها سلفا فلها "حدّوْتة" أخرى بعد تغيرات مبكرة طرات عليها قبل ان تبلغ سن الرشد، وبعد أن كانت الطرف الاكثر فعالية في قضية الخيواني عامي 2004- 2005.
حافظت النقابة في بيانها الصادر عقب الحادثة على الحد الادني من مستوى الواجب المحتوم عليها ازاء قضية كهذه، رغم أنه لم يرق الى مستوى البيانات التي كانت تصدر عنها قديما، في حقبة محبوب علي.
كان البيان حصيفا بما فيه الكفاية، اكتفى بتوثيق واقعة الاعتقال وملابساتها وانتهى بالادانة والمطالبة بالافراج..
كانت كثير من بيانات النقابة ورسائلها شديدة اللهجة تاتي ممهورة باسم وتوقيع محبوب علي النقيب السابق(قدس الله سره)، الذي لم يكن بمعزل عن اتهامات بالتبعية للسلطة، وغمز ولمز اعضاء النقابة من الحسوبين على الطرفين..
استقال محبوب لمبررات صحية ربما ورثتها حالة عدم الانسجام التي كانت سائدة بينه وبين المجلس- إن لم تكن الحالة ذاتها هي السبب- ليأتي نصر طه مصطفى برديف علاقة متميزة تربطه بالرئيس، وواجه الخيواني الذي كان ينافسه على المنصب قبل الانسحاب بأن النقابة بحاجة الى قائد نقابي وليس الى زعيم سياسي.
في السجن الاحتياطي قال الخيواني ان نصر اتصل بأحد قيادات النقابة وعبر عن استيائه للحادثة، غير انه اغلق تلفونه وقد ادى الواجب من المهجر، وواصل اكمال مهمته براحة بال دون صداع دوشة القضية..
عاد نصر وانضم الى زفة الصمت المريب، بل ربما عاد محتجا او معتذرا عن بيان النقابة المتهور الذي صدر في غيابه، والذي خلا من تعابير الحكمة والاشادة بالمنجزات كما البيانات التي تصدر بتوقيعه، ولم تف النقابة بالالتزمات التي قطعها بعض اعضاءها بأنها ستواصل الاعتصامات حتى الافراج عن الزميل، وخرج الوكيل بعد زيارة الخيواني باستجداء الرئيس والمسؤولين تفهم الحالة الصحية للخيواني واعادته الى السجن الاحتياطي مراعاة لذلك حتى تقر محكمة الارهاب الحكم ضده..
يبدو مجلس النقابة في وضعه الحالي اشبه بحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية ورئيس السلطة محمود عباس، غير انها تراعي مساحة الود، وتغلب التواءم بين الطرفين على حساب الحقوق، والا فلا شيء يبرر فتور موقف النقيب والنقابة عموما من القضية وقضية نائف حسان رئيس تحرير الشارع الذي اخطاته نيابة الصحافة ايضا في مؤشر على تحول قضايا النشر الى قضايا من اختصاص أمن الدولة، ويلاحظ أن لجنة حماية الصحفيين من نيويورك اكثر متابعة للقضية من مشايخ القبيلة، أم أنهم باتوا يعولون على منظمة صحفيات بلا قيود للعب الدور نيابة عنهم، بأنشطتها الحيوية..
نصر أول ناطق رسمي للحكومة كان شاهدا على كثير من الانتهاكات التي طالت الخيواني منذ توليه المنصب الاول في النقابة، فهو يعرف خفايا ارجاعه من المطار حينما كان عازما السفر الى المغرب اواخر العام الماضي، ولولا تواصله المستمر بزملاءه لحظة بلحظة منذ ساعة المنع لكان هناك تطبيقا اوسع لبروفة اعتقال علي حسين الديلمي اثناء محاولةسفره للدنمارك، وهو ذاته الذي كان حلقة الوصل بين المسؤولين والخيواني حينما كان عازما السفر الى تركيا للدراسة، غير ان الرسالة الواضحة التي فهمها الخيواني من الوسيط هي انه سيلاقي مصيراً ليس بالهين استيعابه..
تبدو العلاقة بين النقيب والرئيس التي عُوّل كثيرا على استثمارها لمعالجة كثير من مشاكل الصحفيين وازماتهم والانتهاكات التي تطالهم قد ذهبت ادراج الوعود الانتخابية، وتحول النقيب الى مبرر لسياسات القمع التي تطال الصحفيين وحرية الصحافة والا فماذا يعني السكوت المخزي للنقابة حيال قضية كهذه..
معروف عن نصر نزعته التحرريه من الايديولوجيا وقيود العصبية مذ كان قياديا في حزب الاصلاح قبل انضمامه للمؤتمر، حين كان يخالف حزبه في كثير من قضاياه السيادية، وليس معقولا ان يكون اسر المنصب والعلاقة الاسترتيجية هي السر وراء التقصير في قضية الخيواني، ووراء الفتور ورسائل الاستجداء التي غلبت على النقابة بعد عودته من مصر، ناهيك عن الحديث عن مبادرة تاريخية يقوم بها فخامة النقيب بزيارة الخيواني لسجنه تيمنا بسيرة محبوب علي الذي فعلها ذات مرة رغم كل ما كان يروج عنه من تهم بسبب القضية..
الخيواني يعاني من ظروف صحية سيئة والتقرير الطبي يقول انه من اللازم ان يخضع للعناية المستمرة باشراف اخصائي، لذا فليس على النقابة انتظار المؤمل من الجهات الرسمية تقديره واستيعابه، ويجدر بالنقيب القفز ولو مرة واحدة على استراتيجية العلاقة للمطالبة باحترام النظام والقانون والقيام بمهامه كنقيب يراعي مصالح رعيته وفقا لنظرية الشيخ والرعوي، دون اعتبار لمنصب الوكالة، والا فالمنصب مجردا عن النقابة يعفيه من المسرولية ووجع الدماغ وهو أجدى له من فقدان ثقته لدى رعيته.
شهر اجازة قضائية قادم، وشهر رمضان يليه وما بين العيدين مهزلة دوام وترتيب اجراءات حج ليعود المسؤولون والقضاة، كيوم ولدتهم امهاتهم، و النقيب لم يقرر بعد متى يناقش القضية المتروكة للتفاهم بينه وبين وزير الداخلية ان لم يتحرك عكسيا ليعتبر القضية خارجة عن كون الرجل صحفياً، ويبقى الخيواني وحيدا في ظل اجواء من الاحباط السياسي والمهني، والتنصل اللا أخلاقي من الالتزامات..
بقي الاشارة لصحيفة طازجة، ضجت الاسماع بالحديث عن خط مهني راق للصحافة وامل مشرق بالمستقبل تصنعه ولم تذكر على مدى اربعة اعداد صدرت منذ اعتقال الخيواني حتى لقطة في اقصى الصفحات الداخلية على استحياء، وحتى ان ارادوا توجيه الخبر لدعم الادانة، لكن ادعاء المهنية دون التطرق حتى بخبر مهني -موجه رسميا- لقضية كانت الاولى في معظم الصحف (المستقلة) امر مناقض للاعاءات.
ليس من مصلحة أحد ان تسير القضية بهذه الوتيرة، وان تتضامن المنظمات المعنية بحرية الصحافة والحقوقية من للخارج وسط تخاذل مثيلاتها في الداخل ، واستجداء الحقوق لم يكن يوما خلاصا وحلا لاي انتهاكات طالت اي قضية. تصريحات قيادات المشترك لا تغني ولا تسمن من جوع، خصوصا ان احدا من قياداتهم لم يز الخيواني في معتقلة، ولم تدخل القضية حيز الاهتمام اللازم في حوار الاحزاب او في البرلمان اما الاكتفاء بالتصريحات فـ"لو صمتوا كان افضل" طبقا للخيواني، و ليعلنوا عجزهم وليوكلوا المهمة ايضا لتوكل كرمان والنائب فؤاد دحابة الذين لم يملوا الاعتصام في ساحة الحرية التي سماها الصبري كذلك، تضامنوا من أجل اليمن والا فالاولى نعي الديمقراطية وحرية الصحافة وحقوق الانسان والنضال السلمي في بيان مشترك، وليبحث الشعب عن وطن بديل..
* saminsw@gmail.com

السبت، 14 يوليو 2007

في الهند ينامون في المساجد .. ويعيشون على تبرعات المصلين.. طلاب اليمن في الخارج.. ضحايا فساد وتنازع صلاحيات وغياب الرؤى المؤسسية

سامي نعمان

"المعاناة"، هي ابرز قاسم مشترك يجمع الطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج أمام مقرات بعثاتهم في معظم الدول في تقليد اصبح معتادا مع بداية كل ربع سنوي، بيد ان تلك المعاناة ربما تطول لدى البعض حتى تدخل ربعا او ارباعا تالية في ظل غموض سافر يكتنف اسباب تلك المعاناة والمسؤولين عنها، وتملصٍ من المسؤوليات في ظروف تكشف جانبا من هشاشة البنية المؤسسية، وتنازع الصلاحيات، وغياب الرؤية الواضحة في تنظيم اعمال البعثات وشؤون المبتعثين.
ثمة مؤشرات جلية تكشفت ايضا أن ما تشهده الساحة الدبلوماسية خارجيا يعد امتدادا لازمات الداخل، فالمواجهات الشديدة بين الطلاب والمسؤولين في السفارات وصلت في كثير منها الى تنظيم اعتصامات وفعاليات وتكتلات ، تواجهها ردود رسمية لا تبدو في كثير من الاحيان بعيدة عن ما ترد به السلطة على فعاليات الداخل الاحتجاجية والتكتلات وحتى الحلول أو انصاف الحلول، ليعكس الحال بعض ما يعتمل في الساحة المحلية.
تأخذ القضية منحى انسانيا بحتاً، حين ينقطع مصدر الدخل الوحيد للطلاب، ويصبحون اسرى ظروف لا تمكنهم حتى من متابعة المسؤولين في السفارات لمتابعة فتات المستحقات التي يؤكد اكاديمي معني بقضايا التعليم العالي انها الأسوأ في اليمن من بين جميع دول العالم بما فيها دول القرن الافريقي.
حسب معلومات خاصة حصلت عليها الوسط، فإن عددا من الطلاب اليمنيين المبتعثين مؤخرا إلى الهند من خريجي الثانوية اتخذوا من المساجد الهندية مأوى لهم، ويعيشون على ما يجود به الهنود من تبرعات، دون ان تكلف الملحقية اليمنية هناك نفسها عناء السؤال عنهم، او متابعتهم، مع ان مستحقاتهم تقر من وقت دخولهم البلاد وتسجيل اسمائهم لدى السفارة وفقا للقوانين.
ورغم ان الوفر في ميزانية الملحقية فائض عن مئة الف دولار حسب مصادر الوسط، الا انه لم يتم صرف حتى سلف للطلاب حتى تقر حقوقهم ان كان هناك مبرر لعرقلتها، ما دفع السفير مصطفى النعمان الى دفع 100 دولار لكل واحد منهم خارج حساب السفارة والملحقية.
يؤكد الدكتور صالح السنباني عضو لجنة التعليم العالي بمجلس النواب أن مشكلة عدم تسليم مستحقات الطلاب الدارسين في الخارج باتت ظاهرة تشمل كافة الدول التي يتواجد فيها الطلاب اليمنيون، وليست قضية دولة بعينها.
هو عزا ، في تصريح لـ"الوسط"، المشكلة الى تداخل صلاحيات وزارتي التعليم العالي والمالية، بممثليها في البعثات، الملحقين الثقافي والمالي، مشيرا إلى أنه وفي ظل هذا الوضع لا تتمكن وزارة التعليم، وهي المعني الاول بقضايا الطلاب، من متابعة سير الدراسة وصرف المستحقات أولا باول وهناك تدخل واضح من قبل وزارة المالية فيما يتعلق بمستحقات الطلاب، "لان الوزارة ومن خلال المسؤول المالي التابع لها تتحكم بالمبالغ المالية التي ترسل للطلاب، اذ يعتبر شخصية مستقلة عن الملحق الثقافي وإن كان في ظاهر الامر الملحق المساعد".
على مدى الثمانية الاشهر الفارطة من عام 2007، انتفض الطلاب اليمنيون في الخارج لأسباب تراوحت بين المطالبة برفع المستحقات وفي كثير منها المطالبة بصرفها، والشكوى من تأخرها، وأحيانا الاحتجاج من عبث مسؤولي السفارات، وهو ما يدفع الطلاب اضطراريا الى البحث عن خيارات بديلة عن تكرار التردد على ابواب السفارات والملحقيات الثقافية.
السنباني أشار ايضا الى ضعف في الصلاحيات التي تمنح للسفارة باعتبارها ممثلة لليمن، "فهي تحتوي عددا من الملحقيات، كل ملحقية تتبع وزارتها ولها صلاحيتها المستمدة من تلك الوزارة، بعيدا عن سلطة السفارة، وهو ما يعد مخالفة للقانون المنظم لاعمال السفارات، ما ادى الى ظهور دويلات صغيرة داخل السفارة لا تخضع لسيطرتها"، داعيا الحكومة ان تجعل القرار بيد السفير وبيده السيطرة على الملحقيات، حفاظا على مصالح الطلاب وغيرهم.
الاثنين الماضي اكد الدكتور صالح باصرة وزير التعليم العالي والبحث العلمي تحويل مستحقات 190 طالبا من المستفيدين من التمويل الحكومي والمبتعثين للدراسة في ماليزيا وألمانيا وعدد من الدول الأخرى عبر البنك المركزي الى حسابات الملحقيات الثقافية والسفارات في الخارج.
مشيراً الى ان تأخير المستحقات يعود إلى عدم استكمال إجراءات اعتمادها في وزارة المالية كونهم لم يدرجوا ضمن موازنة العالم 2007م وتم اعتمادهم بشكل استثنائي.
وأوضح وزير التعليم العالي ان اللجنة المشتركة من المالية والتعليم العالي برئاسة وكيل وزارة التعليم العالي لقطاع البعثات ووكيل وزارة المالية لقطاع الحسابات وتنظيم الحكومة أنهت أعمالها وأقرت الإجراءات والمعالجات المناسبة للذين تم ايقاف مستحقاتهم او تنزيل أسمائهم وتم تعزيز المستحقات المالية لمن يستحقون الاستمرارية ومنح فرصة أخيرة للمتعثرين والخريجين بالاضافة الى اعتماد المستحقات المالية لـ200 طالب من الدارسين في الخارج دراسات عليا وجامعية وتحويلها لحساب الملحقيات والسفارات .
ابرز الاحتجاجات التي نفذها الطلاب:
ومن خلال رصد للشكاوى التي ترد على البريد الالكتروني للصحيفة، اضافة الى متابعة ما ينشر في المواقع الاخبارية،
وتميز برصدها موقع مأرب برس، من شكاوى للطلاب، في تلك الفترة تبين ان خللا دائما يشوب حالات الابتعاث وطريقة التعامل مع مشاكل الطلاب، وعدم الانتظام في صرف المستحقات وسوء تعامل كثير من مسؤلي السفارات مع الطلاب، يضاف اليها فساد وروتين اداري معقد تتشاركه المالية والتعليم العالي، لا يستثني منه الخارج بظروف معيشته التي تنعدم معها الخيارات الاخرى امام الطلاب، سوى الاعتصام كملاذ أخير..
كانت ابرز الاحتجاجات التي رصدتها الصحيفة ابتداء من يناير 2007، وحتى تاريخ الصدور، كالتالي :
10 يناير : طلاب اليمن في ايران يشكون عدم صرف الرسوم الدراسية وتعرضهم للمضايقات في مطار صنعاء عند عودتهم.
*في 25 يناير وزير التعليم العالي يعلن ان وزارته ستصرف مستحقات الطلاب المبتعثين للربع الاول من عام 2007 مع الزيادة بعد سلسلة احتجاجات نفذها الطلاب في عدد من الدول.
27 يناير : وزارتا التعليم العالي والمالية تعلنان حل مشكلة 1171 موفدا للدراسة في الخارج، بعد اعتصامات نفذت في مصر والاردن والجزائر.
1 فبراير : طلاب اليمن في روسيا يشكون استقطاعات دائمة من مرتباتهم ويشكون تعسفات السفارة والقنصلية الى الرئيس.
3 فبراير: الطلاب الدارسين في ايران ينفذون اعتصاما طلابيا في السفارة اليمنية بطهران أطلق عليه ( ثورة الجياع).
28 فبراير : طلاب الهند يطالبون بصرف الزيادات المقررة من قبل الرئيس بواقع 100 دولار لكل طالب.
مارس 2007 طلاب روسيا يناشدون وزيري التعليم العالي والمالية صرف مستحقات سبعة أشهر متراكمة..
1 ابريل : الطلاب في القاهرة يرفضون لقاء لجنة من وزارة التعليم العالي لمتابعة مشاكلهم بسبب تغيب مسؤولي الملحقية الثقافية التي يعتبرونها الجهة المسؤولة عن ما يطالهم من تعقيدات.
10 ابريل 2007 طلاب بلغاريا يشكون إثر تدهور العلاقة بين السفير والمسئول المالي على وضع ومستحقات الطلاب المبتعثين.
5 مايو : بدأ طلاب اليمن الدارسين في ايران تنفيذ اعتصام داخل السفارة اليمنية بطهران بسبب تأخر مستحقاتهم المالية، وللمطالبة بتحسين وضعهم.
6 مايو: طلاب اليمن في بلغاريا يناشدون وزير التعليم العالي ورئيس جامعة عدن صرف مستحقاتهم للربع الثاني.
12 مايو : طلاب الهند يطالبون السفير وقف تعنت مسؤولي الملحقية الثقافية التي تتعمد احتجاز مرتباتهم، ورفع تقارير ضدهم.
يونيو : طلاب وزارة الدفاع في ماليزيا يناشدون الرئيس ووزير التعليم العالي سرعة صرف مستحقاتهم المالية والزيادات.
23 يونيو : طلاب السودان يناشدون وزير التعليم العالي السماح بمقابلتهم للتعريف بتردي اوضاعهم والشكوى من الملحقية.
1 يوليو : طلاب اليمن في ايران بناشدون الرئيس ووزيري التعليم العالي والمالية رفع مستحقاتهم المالية لغلاء المعيشة هناك وطلاب روسيا يشكون الملحق المالي.
8 يوليو : طلاب تونس يطالبون برفع مرتباتهم ومساواتهم بنظرائهم من الدارسين في المغرب ويناشدون رئيس الجمهورية التدخل.
14 يوليو : طلاب وزارة الدفاع الدارسون في الهند يناشدون الوزير ورئاسة الأركان التوجيه بصرف مستحقات الربع الثاني المتأخرة لأكثر من ثلاثة اشهر..
22 يوليو 2007 طلاب اليمن في المغرب يناشدون وزيري التعليم العالي والمالية النظر في قرار تنزيل مستحقات 50 طاليا في الدكتوراة والماجستير
22 يوليو طلاب اليمن بالأردن يهددون باعتصام مفتوح اذا لم يتم صرف مستحقاتهم التي تأخرت بسبب تأخر السفير عن التوقيع على الشيكات، كونه في اجازة..
22 يوليو 2007: طلاب اليمن في المانيا يناشدون وزيري التعليم العالي والمالية صرف مستحقات الربع الثالث.
26 يوليو : طلاب اليمن في الصين يناشدون وزيرا التعليم العالي والمالية صرف مستحقات الربع الرابع من عام 2005، رافضين رد السفارة بانها سقطت بالتقادم..
24 يوليو 2007 : طلاب اليمن في المغرب يبدأون اعتصاما مفتوحا احتجاجا على تنزيل المستحقات المالية لقرابة 50 طالبا من الدارسين في الدكتوراة والماجستير، ويشكون تهديدات نائب السفير.
24 يوليو 2007 : المبتعثون في المانيا يشكون تأخر مستحقاتهم الى الربع الاخير من العام الحالي، ويشكون الملحقية الثقافية.
1 اغسطس: طلاب المغرب يؤكدون انهم سيقطنون في السفارة بسبب عدم قدرتهم على سداد الايجارات، وطلاب السودان يناشدون صرف مستحقات الربع الثالث، وجميعهم ناشدوا الرئيس التدخل.
1 اغسطس: طلاب ماليزيا يشكون عدم صرف مستحقاتهم ويناشدون وزيري التعليم العالي والمالية التدخل.
2 اغسطس: طلاب ايران يبدأون اعتصامهم ويهددون بالاضراب عن الطعام، ويناشدون الرئيس التدخل، ويشكون تهديدات السفير .
13 أغسطس 2007 وزير التعليم العالي يعلن تحويل مستحقات الطلاب الدارسين في ماليزيا وألمانيا ويدعوهم الى عدم التسرع في اللجوء للاعتصامات كونها تسيء لسمعة البلاد، ووزارتا التعليم العالي والمالية تقران منح فرصة اخيرة للمتعثرين.
"الوسط" حاولت لمرتين مساء الاثنين الماضي الاتصال بوزير التعليم العالي لمعرفة أسباب هذا التعثر المستمر والمشاكل المتوالية في معظم الدول، غير ان سكرتاريته، اعتذروا وطلبوا الاتصال بعد ساعة بسبب اجتماع هام للوزير، غير انهم عادوا ثانية ليعتذروا بسبب تعب الوزير وعدم قدرته على الرد، بعد الاجتماع وعودته من ذمار.
الوزير كان دعا الاثنين ايضا الطلاب الى عدم التسرع في اللجوء للاعتصامات والإساءة الى سمعة البلاد وإثارة الشوشرة التي لا تخدم قضيتهم ولا تسهم في حلها.
لا تبدو مشكلة الطلاب مجرد غواية للتصعيد والاحتجاج، اذ تأتي بعد مناشدات عدة يرفعونها مفتتح كل ربع (مالي)، ووسط سوء المعيشة وتدني المستحقات يكون الطلاب امام خيار الضغط الاخير المتمثل في الاحتجاجات، غير ان الحلول المطروحة تبقى معالجات مؤقتة لمشاكل مؤسسية مزمنة تتجدد مع بداية كل موسم لصرف المستحقات، وتبقى الاعتصامات الحل المقفل اضطراريا امام الطلاب خارجا عن حسابات تشويه السمعة، وإن كان البعض يعدونه مظهرا حضاريا طالما اتسم بالسلمية يدل على ديمقراطية البلاد ونضج الطلاب. يضع الدكتور السنباني مجموعة حلول هي من وجهة نظره، كفيلة بإنهاء المعاناة المعتادة للطلاب، اولاها اختيار الملحقين خصوصا الثقافيين من ذوي الخبرة والكفاءة باعتبارهم يشكلون حجر الزاوية في متابعة قضايا الطلاب وتلمس مشاكلهم واعتبارهم الهدف الاول بالنسبة لهم لتوفير الاجواء المناسبة للطلاب، بعيدا عن الهموم المتكررة، على ان تتولى وزارة التعليم العالي المتابعة المستمرة للملحقيات والعمل على حل مشاكل الطلاب بدلا من تركها تتراكم يضطر الطلاب جراءها الى اللجوء الى وسائل الضغط التي نراها حاليا كالاعتصامات السلمية، التي اعتبرها حقا مقراً لهم، كما اكد السنباني على ضرورة وجود مصدر وحيد متمثل في الملحقية الثقافية التابعة لوزارة التعليم العالي تتاح لها صلاحيات الرعاية والاشراف وصرف المستحقات، في حين يخضع المسؤول المالي لادارة الملحقية الثقافية لا ان يكون مستقلا عنها.
وعن رؤيته لحل مشكلة الطلاب فيما يتعلق بأزمات الاعاشة وغلاء بعض الدول، اشار عضو لجنة التعليم العالي والشباب والرياضة بمجلس النواب ان الطالب اليمني يعيش اسوأ ظروف مالية، ويتقاضى اقل منحة مالية في العالم حتى مقارنة بالصومال واثيوبيا وجيبوتي" وليس مقابل ما يتقاضاه نظراؤهم من دول الخليج، لن نقارن انفسنا بالخليج"، مضيفا ان على اية دولة تحترم العلم وتحترم الطالب الذي يفترض انه تم اختياره من صفوة الطلاب وخيرتهم ليحظى بتعليم راق ليعود مسهما في خدمة وطنه، ان تهتم بتحسين المستوى المالي والاعاشي للطالب ما يجعله يعيش بكرامة ولا يضطروهم ، بفعل تعسف الملحق المالي او شحة المستحقات الى ترك الدراسة او التقصير فيها او البحث عن فرصة عمل اخرى لا تليق بطالب يمني، وقد وجدنا طلابا يمنيين لجأوا للعمل في المطاعم في الهند لتغطية النقص في تكاليف دراستهم، وهو ما يؤثر على استقرارهم النفسي وتحصيلهم العلمي.
ذهب اكثر من ذلك الى التشديد على ضرورة اعتماد مبالغ خارج اطار المنح المالية لمستلزمات البحث وحضور المؤتمرات العلمية، تشجيعا للطلاب، وتحفيزا لهم على التحصيل لأجل وطنهم .
وعن الدور الرقابي للمجلس عموما ولجنة التعليم العالي بصفة خاصة، في متابعة قضايا الطلاب، قال السنباني إن اللجنة استدعت وزراء التعليم العالي والمالية، ووكلاءهم "وناقشنا الموضوع فوجدنا ان هناك تداخل صلاحيات، تفضي الى ممارسات تعسفية بحق الطلاب".
واضاف: على سبيل المثال وجدنا ان منح الطلاب المتعثرين تنزل بموجب خبر او رسالة من المسؤول المالي التابع للبعثة، وهذا خطأ كبير فهذا من لب اختصاص وزارة التعليم العالي، وملحقيتها، فهي أعلم بمن يستحق الاستمرارية من عدمه.
وقال ان لجنة مشتركة شكلت من الوزارتين مهمتها النظر في تظلمات الطلاب الذين انزلت منحهم المالية من قبل وزارة المالية لبحث اسباب التعثر واعادة المنح لمن يستحقونها، "وألزمنا اللجنة بتصحيح الاختلالات بعد صرف مستحقات الطلاب المتأخرة، ونأمل أن تكون اللجنة قد قامت بواجبها واوصلت الحقوق الى اصحابها".
غير ان استمرار احتجاجات الطلاب خصوصا من تعرض منهم للتنزيل كما حدث مع طلاب المغرب يؤكد ان اللجنة قامت بمهمة متعلقة بحدث وليست موكلة بحل جميع الاختلالات في هذا الجانب، اذ شارف الطلاب في مساق الدكتوراة والماجستير على اكمال شهر من الاعتصام في مبنى السفارة اليمنية بالرباط دون ان يتم التوصل الى حلول لقضيهم، بل يتم جرهم الى معارك جانبية باتهامهم بالخيانة والتآمر حسب شاكاوى وردت في بيانات الطلاب المتكررة، وتهديدهم بالترحيل، كما جاء في شكوى مرفوعة للجنة التعليم العالي والحقوق بمجلس النواب وكافة المنظمات المعنية، والمرفوعة من قبل الباحثة ابتسام المتوكل المبتعثة من جامعة صنعاء، والتي ذكرت تعرضها لتهديد من قبل نائب السفير ورئيس الجامعة .
حتى لا يتحول طلابنا الى شحاتين:
الضجة الدورية التي يثيرها الطلاب بسبب ما يطالهم من تعسفات وتأخر في صرف المستحقات، بات انعكاسا لازمات تعيشها البلاد في الداخل، فتنزيل المستحقات وفقا للمسؤولين الماليين، وتأخير المستحقات بصفة منتظمة، وعدم النظر في استرتيجية تضع معايير خاصة بالمستحقات التي لا زالت بحسب متابعين حسب هيكليتها مطلع الثمانينات، تدفع بالطلاب الى تصعيد احتجاجاتهم، وترغم الكثيرين على البحث عن مهن جانبية تغطي مصاريف حياتهم، وقد تكون من اسباب انهيار الطلاب وفقدان الثقة والامل ببلدانهم، وربما الوصول الى ما هو اخطر من ذلك كما حصل مع الطالب عبدالجبار القدسي الذي قتل في موسكو مارس الماضي، وهو في السنة السادسة طب، بعد ثلاث سنوات من تنزيله، وإن كانت مبررات التنزيل قانونية الا انها تظل منظومة غير عادلة في ظل عدم توفر معايير المساواة والضغط المستمر على الطلاب، وانتهاج سياسة ترقيع مؤقتة توحي ان مسؤولي البلاد لا يفكرون سوى بمعالجات مؤقتة مرتبطة بمدة بقائهم في الكراسي لا اكثر.
الاعتصامات والضغط لنيل الحقوق هي اجدى لليمن وأكرم لسمعتها من السكوت الذي يحول الطلاب الى مجرد شحاتين، يعيشون عالة على غيرهم، كأنهم ينتمون الى بلد تعيش بلا نظام او حكومة او رجل رشيد.