الخميس، 10 سبتمبر 2009

القربي بحث قضية صعدة مع متكي وموسى.. العطية ومبعوث أوباما التقيا الرئيس...
حـرب صعدة لم تعـد شــأناً داخـلياً

النداء - سامي نعمان

اليوم الأربعاء تطوي شهرها الأول حرب صعدة التي دشنت رسمياً في الـ10 من الشهر الماضي، وتدخل شهرها الثاني في ظل معارك مستمرة وضارية، على كافة الجبهات، ومعاناة إنسانية متفاقمة، ممهورة بفشل سهل لكل المبادرات الخجولة التي تتمخض عن أطراف النزاع لوقف الحرب، ويتزامن ذلك مع قلق عربي ودولي متفاقم من تطورات الأوضاع التي تكاد تودي بالدولة اليمنية في هاوية الفشل.

هذا الأسبوع كان حافلاً –إلى حد ما- بمؤشرات قلق عربي غير معتاد من تطورات الأوضاع في اليمن، فيما اتفق طرفا الصراع الدولي، أميركا وإيران، على الحرص والتأييد لأمن ووحدة واستقرار اليمن، غير أن الرسائل التي فهمت من هذا القلق العربي والغربي المتفاقم أن قضية صعدة تحظى باهتمام مشترك، وخوف على المصالح المترتبة على الانفلات والوصول إلى الانهيار.

وأمس اكتفى أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى بتصريح صحفي مقتضب عن اليمن عقب لقائه التشاوري مع وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي، مشيراً إلى أنهما تطرقا إلى تطورات الأوضاع باليمن، خاصة أن هناك قضايا عديدة باليمن تهم العالم العربي.

ويشير التصريح الحصيف لموسى إلى رغبة يمنية عامة بإبقاء القضية تحت بند الشأن الداخلي، غير أن موسى كان نبيهاً بما يكفي لتسجيل موقف

عربي قلق، فهناك قضايا عديدة في اليمن تهم العالم العربي.

بدوره تحدث الوزير أبو بكر القربي، عن قضية محلية صرفة، متجنباً الخوض في جدل محتدم حالياً عن تورط أطراف دولية في إثارة الصراع، مفضلاً انتظار نتائج تحقيقات الأجهزة المختصة والتي سيعلن عنها في حينه، لكنه عاد إلى ترجيح وجود دعم خارجي بناء على متابعة وتحليل إمكانيات تلك العناصر (الحوثيين).

في ذات الوقت شدد القربي على ضرورة عودة عناصر الحوثيين الى مائدة الحوار مع الحكومة، مشيرا إلى أن الوضع في اليمن يشهد استمرار العمليات العسكرية في مدينة صعدة والتي فرضت على الحكومة وكان علينا أن نتدخل لمنع هذه العناصر من الاستمرار في التخريب وقتل المواطنين وهدم مؤسسات الدولة، مؤملاً عودة "هذه المجموعات الى صوابها والتفاهم مع الحكومة لان كل المطالب المشروعة تلقى من الحكومة معالجات، وهو ما قمنا به بالفعل خلال العام الماضي، إلا أن ما قامت به هذه العناصر من تخريب منع الحكومة من مواصلة جهودها في هذا الإطار".

الأسبوع الماضي ختم بزيارة قصيرة جداً لأمين عام مجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية، حيث أطلع الرئيس علي عبدالله صالح، ووزير الخارجية القربي على نتائج اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الذي عقد في الثالث من الشهر الجاري (قبل الزيارة بيومين)، وأدرج قضية صعدة على أجندة الاجتماع، وأقر ابتعاث العطية إلى صنعاء للتباحث مع القيادة اليمنية حول الأوضاع في اليمن، إضافة إلى تأكيد عام ومعتاد على حرص دول مجلس التعاون على وحدة اليمن وأمنه واستقراره والاستمرار في دعم المشاريع التنموية التي تعهدت بها في اليمن، والحرص على انتهاج أسلوب الحوار والمفاوضات في حل المشكلات الداخلية باعتبارها شأناً داخلياً.

العطية زار صنعاء في يوم إجازة رسمية وغادرها في غضون ساعات بعد لقاء الرئيس والقربي، وتزامنت الزيارة مع مبادرة أمنية لوقف إطلاق النار لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين والنازحين من رحى الحرب، وربطت وسائل إعلامية بين زيارة العطية وقرار تعليق الحرب، الذي لم يستمر أكثر من بضع ساعات تخللتها مواجهات متفرقة، غير أن مصدراً خاصاً بـ"النداء" أكد أن قرار تعليق العمليات العسكرية صدر قبل وصول العطية إلى صنعاء، لكن تأخر بثه وتعميمه على وسائل الإعلام الرسمية، مشدداً أنه لا ربط البتة بين القرار وزيارة العطية.

وتشير الزيارة السريعة للعطية إلى صنعاء، إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تستشعر قلقاً بالغاً لتطورات الأوضاع في اليمن وتبعاتها على تلك الدول. وأكد العطية للرئيس اليمني ما ورد في البيان الختامي للاجتماع الوزاري لوزراء خارجية دول المجلس، بأن دول المجلس حريصة على أمن ووحدة واستقرار اليمن، ومشدداً أن هذا الموقف ينطبق على كل دولة على حدة، سواءً في ما يتعلق بالحرب في صعدة، او الاضطرابات في الجنوب، منوهاً –حسب مصادر "النداء"- أن الوضع الاقتصادي أحد أهم أسباب تلك الأزمات، وأن دول الخليج تأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، وستعمل على زيادة دعمها لجهود التنمية في اليمن، لكنه عبر عن قلق دول الخليج في ذات الوقت من تفاقم الأوضاع وخروجها عن سيطرة السلطة المحلية ودخول أطراف دولية في الشأن اليمني.

ويوم الأحد استقبل الرئيس علي عبدالله صالح مساعد الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن ومكافحة الإرهاب جون بيرنن، الذي سلمه رسالة خطية من الرئيس الأمريكي باراك أوباما تتعلق بالعلاقات الثنائية والشراكة والتعاون القائم بين البلديـن، وفي مقدمتها التعاون في مجال مكافحة الإرهاب.

ورغم أن التركيز الأمريكي الحالي ينصب على الملف الأمني وجهود مكافحة الإرهاب في علاقته مع اليمن، إلا أنه ليس مستبعداً أن يكون الرئيس الأمريكي قد ضمّن رسالته قلقاً أمريكياً من ظروف الحرب في صعدة، وأن يكون المستفيد الأول منها هو تنظيم القاعدة.

ولم تصدر الولايات المتحدة الأمريكية تصريحاً رسمياً يدعم بوضوح الحملة العسكرية الحكومية ضد الحوثيين، كما لم تتخذ موقفاً حيال ما يذكر من تدخل إيراني في الشأن اليمني، بل إنها تدعو إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة الحوار بناء على الاتفاقات السابقة، كما تحدثت السفارة الأمريكية بصنعاء في بيان أصدرته نهاية أغسطس عن مسؤولية الحكومة اليمنية في الدفاع عن أراضيها ضد ما وصفته بـالتمرد المسلح، وحثتها على القيام بهذه المسؤولية بطريقةٍ من شأنها تقليل المخاطر على المدنيين غير المقاتلين.

وبحسب مصدر "النداء"، فإن الإدارة الأمريكية تحجم عن اتخاذ أي موقف تجاه ما تدعي الحكومة اليمنية أنه تدخل إيراني في الشأن اليمني عبر دعم المتمردين الحوثيين، كونها لم تتوصل بمعلومات مؤكدة من الحكومة اليمنية أو عبر أجهزتها الخاصة عن تورط إيراني في قضية صعدة، وأنها لن تبني موقفاً ضد إيران بناء على انحياز إعلامها لصالح الحوثيين.

إيران المتهم الدائم بالوقوف في صف التمرد، دون مسوغ بيّن سوى تغطية إعلامها المتعاطف مع الحوثي، لم تغب هذا الأسبوع عن مسرح اليمن، إذ نفت السفارة الإيرانية بصنعاء الاثنين ما وصفتها بالاتهامات والادعاءات التي تنسب إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالتدخل في الأوضاع بصعدة، وكذبت الأخبار التي تحدثت عن العثور على أسلحة إيرانية في المنطقة، وقالت إنها مجرد أخبار كاذبة لا أساس لها من الصحة، مذكرة بالموقف الرسمي الإيراني بشأن الأحداث الأخيرة في صعدة الذي ورد في خطاب المتحدث باسم وزارة خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتاريخ 24/8/2009.

كما هاتف وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي نظيره اليمني أبو بكر القربي، الاثنين، مجدداً حرص بلاده على وحدة وأمن واستقرار اليمن، ومعربا عن أمله بعودة الهدوء إلى البلد.

وقالت وكالة الأنباء الإيرانية إن متكي حذر من تدخل أطراف إقليمية في أزمة صعدة، معربا عن ثقته بحل المشاكل الراهنة بشكل سلمي وعن طريق الحوار السياسي من خلال حنكة القيادة اليمنية، مشيراً إلى أن إيران بصفتها دولة صديقة تعتبر استمرار الاقتتال في صعدة، والذي أدى إلى مزيد من إراقة الدماء، لا يصب بمصلحة اليمن حكومة وشعبا، وأضاف "إن المشاورات والمحادثات بين المسؤولين الإيرانيين واليمن كانت دوما تخدم تنمية واستقرار وأمن اليمن، وإننا على استعداد لبذل المساعي لإنهاء هذا الاقتتال، وترسيخ العلاقات الثنائية وتطوير التعاون في جميع المجالات السياسية والاقتصادية".

وأطلع القربي متكي على الأحداث الجارية، مشيرا الى العلاقات المتينة بين البلدين. واعتبر المشاورات بين الجانبين بأنها مفيدة، وأعرب عن أمله في توطيد العلاقات الثنائية عن طريق استمرار المحادثات.

وكان وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي قال نهاية أغسطس إن اليمن ستقدم على اتخاذ قرارات صعبة إذا ما استمرت وسائل الإعلام الإيرانية في تبني مواقف المخربين في صعدة بنشر الأكاذيب والتحريض ضد اليمن. وحذر من الانعكاسات السلبية لذلك على العلاقات اليمنية -الإيرانية.

وتثير حرب صعدة، وازدياد عدد اللاجئين والنازحين من نيران الحرب، إضافة إلى ما يمكن أن تخلفه من اختلال في موازين القوى في اليمن، قلق دول الخليج والمجتمع الدولي، لما من ذلك من أثر على أمنهم ومصالحهم، ولا شك أن استمرار المعارك وعجز أي طرف عن الحسم الشامل، وغياب الأمل في الوصول إلى اتفاق مرضٍ للطرفين سيجعل البلاد مرشحة لدخول أطراف كثيرة على خط الصراع الدائر منذ 5 سنوات.

الخميس، 3 سبتمبر 2009

تزامناً مع مآس إنسانية، و معارك شرسة بأدوات يمنية:
حرب اقليمية باردة بالوكالة مسرحها صعده،شاهدها أداء الإعلام وانعاكاسها على علاقات اليمن بالجوار

إيران والعراق في مرمى الحكومة، والحوثيون يشكون السعودية وأمريكا، توجس رسمي من قطر، وليبيا أخذت صك البراءة... والغرب مشغول بالمدنيين

* «النداء»- سامي نعمان

حرب صعده في نسختها السادسة التي دخلت - رسمياً- اسبوعها الثالث، لم تعد شأناً داخلياً وصانع القرار اليمني يكثف من اتصالاته ونشاطاته السياسية والدبلوماسية لاقناع دول العالم خصوصاً دول الجوار بنجاعة الحرب ضد " التمرد الحوثي" في طبعتها السادسة والحاسمة على ما يقول، طالبا منهم الدعم والتأييد والمباركة.

منذ اندلاع الحرب رسمياً في العاشر من أغسطس الماضي، تفاعلت تبعاتها العنيفة على علاقات اليمن ايجاباً وسلباً بدول الجوار... تلك هي العادة منذ اندلاع الحرب الاولى صيف عام 2004، لكن الموقف الرسمي اليمني يبدو أكثر جدية هذه المرة في اتهاماته لإيران بدعم التمرد، وحتى اللحظة لم يعلن عن أدلة ملموسة سوى أداء الاعلام الايراني وما يبدو انحيازاً في تغطية الاحداث الدائرة في صعده لصالح الحوثيين المتهمين بالولاء لإيران.

في المقابل عاود الحوثيون اتهام المملكة العربية السعودية التي ترتبط بحدود برية طويلة مع صعده بالتحريض على الحرب ضدهم، وذهبوا هذه المرة بعيدا في اتهاماتهم حد اتهام "الشقيقة الكبرى" بالمشاركة في الحرب ضدهم عبر سلاح جوها الذي يدعي الحوثيون انه انتهك السيادة اليمنية وشارك السلاح اليمني في قصف عدد من مواقعهم.

***

دول الخليج: انتظار موقف يعزز حظوظ الحكومة اليمنية

لكن مزاعم الحوثيين لم تمنع الحكومة من مواصلة حشد الدعم الاقليمي وراء مجهودها الحربي، انطلاقا من الحق في طلب دعم الاشقاء لتمكينها من ممارسة السيادة على الأرض اليمنية. وقد بالغ الاعلام الحكومي في التعويل على ما سيتمخص عنه الاجتماع الوزاري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في جدة أمس. علما بأن هذا الاعلام هو من كشف أن حرب صعده ستكون بنداً أساسياً مدرجاً على جدول أعمال اجتماع جدة. وقد حرصت الحكومة اليمنية على عرض رؤيتها غير المخفية على الامين العام لدول مجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطيه، عشية الاجتماع، تقول فيها إنها استنفدت كل الخيارات، وكان لا بد من إعلان قرار الحرب ضد الحوثيين. لكن الحصاد لم يكن وافرا. فإلى الموقف الاعتيادي منذ سنوات الذي يؤكد على حرص دول المجلس على استقرار اليمن ووحدته، واعتبار أمنها جزءاً من أمن المنطقة، قرر اجتماع جدة إرسال العطية إلى صنعاء للقاء المسؤولين اليمنيين دون إعلان أية خطوات استثنائية تلبي التوقعات المتعاظمة التي ظهرت في تصريحات مسؤولين يمنيين وروج لها معلقون محسوبون عليهم. خصوصا في ظل موقف سعودي مؤثر يجاهر بوضوح في مساندة الحكومة اليمنية في مواجهتها لجيب معاد في الحدود الجنوبية للمملكة إضافة إلى "فوبيا ايران" التي تسيطر على أغلبية دول الخليج، باستثناء قطر وسلطنة عمان وإلى حد ما الكويت، وهو ما يعزز حظوظ الحكومة اليمنية بالحظوة بدعم صريح تتطلع هي اليه بتفاؤل، ربما لن يخلو من تحفظ قطري، أو على الاقل دعوة الحوثيين إلى وقف اطلاق النار والقاء اسلحتهم، والالتزام بالدستور والقانون، والاستجابة لدعوات الوساطة.

مصادر خاصة بالنداء استبعدت أن يطرح مقترح يدعو للعودة إلى اتفاقية الدوحة، وهو ما ترفضه السعودية، و تعتبره الحكومة اليمنية ميتاً، وينادي الحوثيون بالعودة اليه كمرجعية لإنهاء الصراع. لاغتة إلى اتخاذ مسار الأزمة بين السعودية وإيران خطا تصعيديا واستعار الحرب الدعائية بينهما في وسائل الإعلام التابعة لهما، فضلاً عن أن دولة قطر قد تنازلت عن تبنى المبادرة، بعد أن طالتها انتقادات رسمية يمنية. ورجحت أن يتم التوافق على صيغة عامة لا تحدد موقفاً صريحاً وتترك اليمن لليمنيين

***

إيران: المتهم بلا أدلة سوى مذهبه وأداء اعلامه

الاجتماع الوزاري الخليجي جاء متزامناً مع ثورة غضب يمنية تجاه ايران، بلغت ذروتها هذه المرة بتصريح لوزير الخارجية اليمني ابوبكر القربي يحذر فيه الحكومة الإيرانية من الانعكاسات السلبية في العلاقات بين البلدين إذا تمادت وسائل الإعلام الإيرانية في تبني مواقف المتمردين الحوثيين في محافظة صعده من خلال نشر الأكاذيب والتحريض ضد اليمن، ملوحا بقرارات صعبة قد تضطر اليمن إلى اتخاذها في حال واصلت وسائل الإعلام الايرانية الترويج لعناصر التمرد. وقال في مقابلة مع صحيفة الميثاق الناطقة باسم حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم نشرت الاثنين: " استدعينا السفير الإيراني وأبلغناه احتجاج الجمهورية اليمنية كما احتججنا لدى وزارة الخارجية نفسها حول خطابهم الذي يشوه الحقائق ".

تصريحات القربي تؤكد جدية الحكومة اليمنية في اتهام إيران هذه المرة، خصوصا وقد سبق له ان نفى في مايو الماضي – عقب زيارة رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني إلى صنعاء- وجود توتر في العلاقات اليمنية الايرانية متهما الاعلام بالمبالغات. ومعلوم أن لاريجاني التقى في صنعاء الرئيس علي عبدالله صالح، ونجله، ورؤساء مجالس الوزراء والشورى والنواب ووزير الخارجية، وأكد دعم بلاده لوحدة اليمن واستقراره وسلامة اراضيه، نافياً أن تكون بلاده تقدم دعماً للحوثيين بأي شكل من الاشكال. طالبا من الحكومة اليمنية تقديم اي أدلة تشير إلى تورط اطراف سياسية او مرجعيات دينية ايرانية في دعم الحوثيين.

وعقب اندلاع الحرب الجارية تحدث حسن اللوزي الناطق باسم الحكومة اليمنية عن غطاء اعلامي توفره قناتا العالم والكوثر واذاعة طهران معتبرا أن ذلك " يكشف الجهة التي تدعم وتمول الحوثيين"، لكن القربي تحدث بحصافة يومها عن انزعاج بلاده لدور الاعلام الايراني في تغطية الحرب، مشيراً ان الحكومة تجمع أدلة ووثائق عن الجهات الخارجية المتورطة في دعم الحوثيين..

ولم تفلح الايضاحات الايرانية المتوالية في درء التهمة التي يصر الجانب اليمني على الصاقها بهم، بل ربما تفهم السلطات اليمنية التصريحات الايرانية النافية والمتضمنة للنصح المعتاد بحل المشكلة سلمياً على انه تدخل في شؤونها الداخلية.

فتصريحات الوزير القربي المنبهة والمحذرة لايران جاءت بعد ايام من تصريحات وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي اعرب فيها عن قلق بلاده إزاء أوضاع الشيعة في اليمن، ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية "اسنا" عن متكي قوله خلال استقباله السفير اليمني لدى طهران جمال عبد الله السلال-الذي يبدو أنه سلمه احتجاج اليمن على اداء اعلام بلاده - أن إيران تدعم علاقات طيبة بين الحكومة اليمنية والحوثيين الشيعة في البلاد. وأضاف: "يمكن للحكومة اليمنية والحوثيين اكتساب دعم بعضهما البعض من خلال التفاعل البناء"، مشيراً إلى وساطة دولة إقليمية، لم يسمها، بين الحوثيين والحكومة اليمنية وللاتفاقات التي تم التوصل اليها، وقال: "ان الالتزام بالاتفاقات وسيلة جيدة لاستعادة السلم في اليمن".

وقبله كان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ينفى هو الآخر أن تكون بلاده قد تدخلت في الحرب الدائرة في صعده بأي شكل من الاشكال، مؤكداً أن ما يجري في اليمن شأن داخلي، داعياً الجانب اليمني إلى ضرورة إيجاد حلول سياسية للمشكلة الدائرة في محافظة صعدة بين الحكومة والحوثيين.

وهذا نصح لا يختلف عن ما يبديه الاوروبيون وغيرهم، ولكن لحسابات سياسية غير معروفة لدى الجانب اليمني حتى اللحظة في ظل غياب الأدلة الدامغة على تورط إيران في دعم الحوثيين.

ربما يكون من الصعب تبرئة الساحة الايرانية من الضلوع في دعم الحوثيين بأي شكل من الاشكال، لكن ضعف الحكومة اليمنية وعدم قدرتها على اتبات دليل واحد غير التصريحات المرتجلة، واللجوء للحديث عن دور الاعلام الايراني وتبنيه وجهة نظر الحوثيين يجعل من تلك الاتهامات مجرد دغدغة سياسية ساذجة للدول المعادية لايران والسعي لكسب تأييد دولي ودعم مالي بمزاعم تدخل ايران في حرب تفتقر حتى اللحظة لتفهم العالم بمن فيهم الدولة التي يهتف الحوثيون بموتها (الولايات المتحدة) التي تعتبر إيران عدوها الاول الان، توازيا مع تنظيم القاعدة.

***

الحوثيون والسعودية: الاختلاف العقدي والعلاقة بإيران

وعوداً إلى الاتهامات الحوثية للسعودية بالتدخل والمشاركة في الحرب، وهو الاتهام الذي لا يجدون عليه حتى اللحظة دليلاً سوى تأكيدهم بمصدر الطائرات ومأواها، كما أنهم في ذات السياق يتهمون قناة العربية السعودية بتضليل الرأي العام وتزييف الحقائق وخدمة اسرائيل.

وحال انتفاء التورط المباشر للدولتين العدوتين، السعودية وايران، في صعده، فإن ما يدور لا ينفي وجود حرب باردة بين الدولتين، اليمن احدى ساحاتها، في إطار اقليمي مشبع بالصراع بينهما. ولكل طرف ادواته الداخلية التي تفي بالغرض للحيلولة دون التدخل المباشر.

هذا ما رجحته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية الشهيرة بمراقبة الصراعات وتقدير مؤشرات فشل الدول، في عددها الأخير الصادر قبل بضعة ايام، إذ رجحت "وجود حرب باردة بالوكالة بين المملكة العربية السعودية وإيران على الأراضي اليمنية، وذلك في كواليس الصراع الدائر بين القوات الحكومية اليمنية والمتمردين الحوثيين في محافظة صعدة شمال غرب اليمن"، مشيرة إلى ضآلة الادلة على التدخل الخارجي لكنها اعتبرت استدعاء وزير الخارجية اليمنى للسفير الإيراني إلى مكتبه دليلا يرجح وجود تدخل خارجي في الصراع.

***

قطر: الوسيط النزيه... المتهم!!

ربما لم يكن لقطر من مصلحة من قبول لعب دور الوسيط بين الحكومة والحوثيين سوى حل هذا النزاع، وزيادة رصيدها القومي في حل المشاكل والازمات الداخلية، وعدا ذلك فإنها تعهدت بالقسط الاكبر من كلفة الاعمار... لكن جهودها التي نجحت في حل عقدة لبنان فشلت او اُفشلت في حل معضلة اليمن بين الحكومة والحوثيين، رغم ان فرصها بالنجاح تبدو للوهلة الاولى اكثر حظاً من لبنان، يضاف إليها ما وصفته مجموعة الازمات الدولية في تقرير لها صدر في يناير الماضي بأنها وساطة نزيهة.

الاسبوع الماضي كان الدكتور عبدالكريم الارياني المستشار السياسي للرئيس في قطر. وعلمت النداء أن هدف زيارة الارياني الذي وقع اتفاق الدوحة عن الجانب الحكومي، هو توضيح وجهة نظر الجانب اليمني في اتفاقية الدوحة حتى لا يكون في موقف محرج أمام الحوثيين الذين ينادون بالعودة اليه باعتمادها مرجعية لاي اتفاق لوقف اطلاق النار، موضحاً لأمير قطر أن الحوثيين هم من نكثوا الاتفاق وانقلبوا عليه وليس الحكومة اليمنية، كما برر لامير قطر الانتقاد الذي وجهه الرئيس علي عبدالله صالح للاتفاقية في مارس الماضي، باعتبارها أحد الاخطاء التي وقعت فيها الحكومة لأنها شجعت الحوثيين على الظهور كند للدولة، وأن الرئيس لم يكن يقصد التشكيك في نزاهة الدور القطري، بل في نوايا الحوثيين، غير أن امير قطر بدا منزعجاً ، ورفض العودة لجهود الوساطة تحت اي مسمى.

دخلت قطر على خط الوساطة في نوفمبر 2007، الذي شهد قبل ذلك زيارات لكبار المسؤولين القطريين وفي مقدمتهم امير قطر، ووزير خارجيته عدة مرات، عرضوا على اليمن طلب الحوثيين لها لعب دور الوسيط في غمرة الحرب الرابعة، وهو ما قوبل باستحسان الجانب الرسمي اليمني، لتهدأ المعارك نسبياً بين الطرفين وفقاً لاتفاق مبدئي غير موقع، إلا انها ما لبثت ان استؤنفت مع مطلع العام 2008، لتتوقف نهائياً بتوقيع اتفاق الدوحة، بين الدولة، ويمثلها الدكتور عبدالكريم الارياني واللواء علي محسن الاحمر، ومن جانب الحوثيين الشيخ صالح هبره، ويحيى الحوثي..

هدأت الحرب بشكل شبه تام بعد توقع الاتفاق، الا ان الخروقات عادت مجدداً لتنال من الجهد القطري، وسط سيل اتهامات معتادة من كل طرف للاخر بخرق الاتفاق، وعدم تطبيق اتفاقية الدوحة..

وتنقلت لجنة الوساطة القطرية عدة مرات بين صعده وصنعاء، وايضا الدوحة لتقريب وجهات النظر، إلا ان الاتفاق افشل في نهاية المطاف، في شهر يونيو 2008، لتندلع الحرب الخامسة، التي اوقفت بقرار من الرئيس في ذكرى توليه السلطة عامذاك، وباتفاق مباشر مع الحوثيين.

***

العراق: بلد يحكم من الخارج ويتدخل في شؤون اليمن!!

هذه المرة دخل على خط الصراع مسؤولون عراقيون يتقلدون مناصب سياسية وتمثيلية، أدلوا بدلوهم بطريقة متشنجة، ومستفزة للجانب اليمن، إذ طالب مستشار لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان العراقي، وكلاهما شيعيان، بفتح مكتب للحوثيين في العراق، في مقابل استضافة النظام اليمني لاعضاء حزب البعث في اليمن.

كان اكثر حصافة منهم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي يستلهم موقفه السياسي من ايران، إذ دعا هو الآخر الأطراف المتنازعة في اليمن إلى الوقوف يداً واحدة لحل الأزمة في البلاد، وقال في بيان له: "أدعو الشعب اليمني أولاً، والأطراف المتنازعة ثانياً، سواء الحكومية منها أو الشعبية، لحل هذه الأزمة في هذا الشهر المبارك".

مسؤولون ومراقبون عراقيون أكدوا انها مواقف شخصية لا تعبر عن رأي الحكومة العراقية التي لا زالت هذه الايام فقط تبحث عن الدول الضليعة في تفجيرات بغداد الشهر الماضي التي قتلت واصابت المئات، فضلاً عن تبعية الكثير من مرجعياتها السياسية والدينية للدول الاخرى في ظل استمرار الاحتلال الامريكي للبلد، إلا ان اليمن لم تفوت التصريحات دون رد، ولم تتفهم أن العراق يشكو كثرة الايادي الضالعة في حكمه واختلافها، وأنه في غنى عن التدخل في الشؤون الداخلية لأي من الدول الاخري، فقد ذكرت مصادر اعلامية ان وزير الخارجية ابوبكر القربي، سلم السفير العراقي بصنعاء رسالة من الحكومة اليمنية الى نظيرتها العراقية تحتج فيها على تلك التصريحات، وكما أن اليمن لا تقبل ان تكون منطلقاً لأي اعمال تخريبية تضر بامن واستقرار العراق ، فينبغي على العراق ان تعاملها بالمثل.

***

ليبيا: صك براءة

بالامس وبشكل مفاجئ، أعلن الاعلام الرسمي عن زيارة رسمية للرئيس علي عبدالله صالح إلى ليبيا للمشاركة في احتفالاتها بذكرى اربعينية ثورة الفاتح من سبتمبر، وتعكس الزيارة ذوبانا للجليد المتراكم في علاقات البلدين منذ عام 2007 عقب اتهام الحكومة اليمنية لطرابلس بدعم الحوثيين واستدعاء سفيرها هناك للتشاور، كما تأتي انسجاماً مع أجواء التقارب السائد بين السعودية وليبيا منذ قمة الدوحة نهاية مارس الماضي، التي شهدت

مصالحة بين العاهل السعودي، والزعيم الليبي.

وبعد تعرضه لوعكة صحية ورضوض اثناء ممارسة الرياضة منتصف شهر يوليو الماضي، كان اول اعلان رسمي لعودة الرئيس لمباشرة عمله بكامل لياقته الصحية هو لقاء أحمد قذاف الدم مبعوث والده معمر القذافي، الذي سلمه رسالة من ابيه، أكدت، بحسب مصادر النداء، رفض ليبيا للمس بأمن واستقرار اليمن، وعدم دعمها لأي من الجماعات المعارضة للحكومة اليمنية سواء في صعدة أو في الجنوب.

كما أكد القذافي انه رفض السماح لعلي سالم البيض بدخول بلاده لعرض القضية الجنوبية وحشد التأييد لمطالبه بفك الارتباط مؤكداً على دعم الوحدة اليمنية..

عام 2007 بذلت ليبيا جهوداً للتوسط بين الحكومة والحوثيين، وبحسب الزعيم الليبي فإن الوساطة من قبله جاءت بطلب من الرئيس علي عبدالله صالح، وأوفدت ليبيا سيف الاسلام القذافي الى اليمن للتباحث مع الجانب اليمني حول ارائه في الوساطة، إلا أن الحكومة اليمنية عادت لتتهم ليبيا بالتدخل في شؤونها الداخلية ومساعدة الحوثيين، واستدعت سفيرها في طرابلس للتشاور حينها..

ويرى مراقبون ان التقارب اليمني الليبي المتسارع، ومن قبله التدهور، مرتبط بالموقف السعودي، ومستوى التدهور والتقارب في العلاقات الليبية السعودية، التي اصبحت العلاقات اليمنية الليبية تتأثر بها سلباً وايجاباً ، كما هو الحال أيضا مع ايران وقطر.

***

الاوروبيون وأمريكا: دعوة للسلام.. وخوف على المدنيين

يبدي الاوروبيون والامريكيون حرصاً بالغاً على حياة المدنيين، ويشددون على ضرورة وصول المساعدات الانسانية للنازحين وتمكين المنظمات الاغاثية من الوصول إليهم بشكل طبيعي، لكنهم ايضاً لا يخفون قلقهم من تطورات الحرب ومناداتهم للسلام، ويستشف من موقفهم ذاك، أنهم غير مقتنعين بمزاعم الحكومة اليمنية واتهاماتها للحوثيين بالارهاب والتبعية لايران، كما أنهم في ذات الوقت يرون فيهم متمردين خارجين عن القانون، ويركزون قلقهم وصريح موقفهم في مخاوفهم على المدنيين.

فالولايات المتحدة الامريكية التي يهتف الحوثيون بموتها واسرائيل، دعت سفارتها في صنعاء الحكومة اليمنية وعناصر التمرد إلى العودة لوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه العام الماضي، معربة عن قلقها البالغ ازاء استمرار النزاع المسلح بين الطرفين وطالبتهما بتجنب إتخاذ أي إجراء من شأنه تعريض المدنيين في المناطق المتأثرة للخطر.. ودعتهما لضمان أمن الموظفين الدوليين والمحليين العاملين في مجال الإغاثة في المنطقة وكذا تسهيل العبور الآمن لإمدادات الإغاثة الطارئة إلى المخيمات التي تأوي النازحين.

بدوره دعا الاتحاد الاوروبي الى وقف فوري لاطلاق النار في اليمن، مبديا "قلقه" لتصاعد وتيرة المعارك التي خلفت العديد من الضحايا والنازحين، وقالت الرئاسة السويدية للاتحاد الاوروبي في بيان ان "الاتحاد الاوروبي قلق لاحتدام المعارك اخيرا حول صعدة، ما اسفر عن العديد من الضحايا المدنيين و(اجبر) عددا كبيرا من الاشخاص على النزوح في البلاد"، واضاف البيان ان "الاتحاد الاوروبي يدعو جميع الاطراف الى وقف المعارك فورا"، طالبا منهم "العمل في شكل مكثف على حل تفاوضي". وذكرت رئاسة الاتحاد الاوروبي ايضا ب"واجب احترام شرعة حقوق الانسان والمساعدة الانسانية الدولية

***

الجامعة العربية: حديث خجول عن "الشأن الداخلي اليمني"

جامعة الدول العربية، تبدو مقيدة وعاجزة عن التدخل في قضية صعده، شأنها في ذلك شأن كثير من القضايا الاخرى العربية التي تقف حيالها موقف المتفرج، وتعجز عن اتخاذ قرار مصيري ملزم، ودافعها في ذلك، هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ورفض التدخل الاجنبي، وايضا غياب الدور العربي.

وكشفت جريدة القبس الكويتية الاسبوع الماضي، أن مصر وعدد من الدول العربية على خط دخلت على خط الأزمة بين السلطات اليمنية والحوثيين في محاولة لاحتواء المشكلة التي باتت تهدد اليمن واستقراره، خاصة في ضوء تواتر الأنباء عن ضلوع عدد من الأطراف الخارجية لتأجيج الأزمة وتوسيع رقعتها، حسب الصحيفة، مشيرة إلى أن الحوثيين طلبوا زيارة الجامعة العربية والالتقاء بأمينها العام عمرو موسى، لوضعه في صورة المطالب الشرعية - من وجهة نظرهم - والتي تتعلق بحقوقهم في الشمال، إلا أن الجامعة أحجمت من خلال الاتصالات الجارية، عن الترحيب بهذه الرغبة، بل وأكدت أن الأمر في يد الحكومة اليمنية الرسمية ولا يمكن للجامعة أن تتخطاها، كما وصل طلب شبيه إلى الخارجية المصرية.

وفي هذا السياق كشفت الصحيفة عن مصادرها عن جلسة تشاورية عقدت على هامش الاجتماع الأخير لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية، واستفسرت الأمانة العامة للجامعة من القربي عما يمكن للجامعة القيام به، فقال «يُفضل أن تبقى الجامعة بعيدة عن هذا الملف في الوقت الراهن، ويرجى أن يترك اليمن وحده ليقوم بما تمليه عليه واجباته والتزاماته إزاء الوحدة اليمنية»، وهو الطلب الذي كان الوزراء العرب بانتظاره ليكتفوا بإدراج بند في القرار الصادر عن الاجتماع، أكدوا فيه ضرورة دعم وحدة اليمن ضد دعاوى التقسيم، ودعم استقراره، من دون أن يشير القرار إلى أي تحرك ملموس. وأكد المصدر أن هذا جاء بناء على طلب من القربي بالذات.