الخميس، 10 سبتمبر 2009

القربي بحث قضية صعدة مع متكي وموسى.. العطية ومبعوث أوباما التقيا الرئيس...
حـرب صعدة لم تعـد شــأناً داخـلياً

النداء - سامي نعمان

اليوم الأربعاء تطوي شهرها الأول حرب صعدة التي دشنت رسمياً في الـ10 من الشهر الماضي، وتدخل شهرها الثاني في ظل معارك مستمرة وضارية، على كافة الجبهات، ومعاناة إنسانية متفاقمة، ممهورة بفشل سهل لكل المبادرات الخجولة التي تتمخض عن أطراف النزاع لوقف الحرب، ويتزامن ذلك مع قلق عربي ودولي متفاقم من تطورات الأوضاع التي تكاد تودي بالدولة اليمنية في هاوية الفشل.

هذا الأسبوع كان حافلاً –إلى حد ما- بمؤشرات قلق عربي غير معتاد من تطورات الأوضاع في اليمن، فيما اتفق طرفا الصراع الدولي، أميركا وإيران، على الحرص والتأييد لأمن ووحدة واستقرار اليمن، غير أن الرسائل التي فهمت من هذا القلق العربي والغربي المتفاقم أن قضية صعدة تحظى باهتمام مشترك، وخوف على المصالح المترتبة على الانفلات والوصول إلى الانهيار.

وأمس اكتفى أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى بتصريح صحفي مقتضب عن اليمن عقب لقائه التشاوري مع وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي، مشيراً إلى أنهما تطرقا إلى تطورات الأوضاع باليمن، خاصة أن هناك قضايا عديدة باليمن تهم العالم العربي.

ويشير التصريح الحصيف لموسى إلى رغبة يمنية عامة بإبقاء القضية تحت بند الشأن الداخلي، غير أن موسى كان نبيهاً بما يكفي لتسجيل موقف

عربي قلق، فهناك قضايا عديدة في اليمن تهم العالم العربي.

بدوره تحدث الوزير أبو بكر القربي، عن قضية محلية صرفة، متجنباً الخوض في جدل محتدم حالياً عن تورط أطراف دولية في إثارة الصراع، مفضلاً انتظار نتائج تحقيقات الأجهزة المختصة والتي سيعلن عنها في حينه، لكنه عاد إلى ترجيح وجود دعم خارجي بناء على متابعة وتحليل إمكانيات تلك العناصر (الحوثيين).

في ذات الوقت شدد القربي على ضرورة عودة عناصر الحوثيين الى مائدة الحوار مع الحكومة، مشيرا إلى أن الوضع في اليمن يشهد استمرار العمليات العسكرية في مدينة صعدة والتي فرضت على الحكومة وكان علينا أن نتدخل لمنع هذه العناصر من الاستمرار في التخريب وقتل المواطنين وهدم مؤسسات الدولة، مؤملاً عودة "هذه المجموعات الى صوابها والتفاهم مع الحكومة لان كل المطالب المشروعة تلقى من الحكومة معالجات، وهو ما قمنا به بالفعل خلال العام الماضي، إلا أن ما قامت به هذه العناصر من تخريب منع الحكومة من مواصلة جهودها في هذا الإطار".

الأسبوع الماضي ختم بزيارة قصيرة جداً لأمين عام مجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية، حيث أطلع الرئيس علي عبدالله صالح، ووزير الخارجية القربي على نتائج اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الذي عقد في الثالث من الشهر الجاري (قبل الزيارة بيومين)، وأدرج قضية صعدة على أجندة الاجتماع، وأقر ابتعاث العطية إلى صنعاء للتباحث مع القيادة اليمنية حول الأوضاع في اليمن، إضافة إلى تأكيد عام ومعتاد على حرص دول مجلس التعاون على وحدة اليمن وأمنه واستقراره والاستمرار في دعم المشاريع التنموية التي تعهدت بها في اليمن، والحرص على انتهاج أسلوب الحوار والمفاوضات في حل المشكلات الداخلية باعتبارها شأناً داخلياً.

العطية زار صنعاء في يوم إجازة رسمية وغادرها في غضون ساعات بعد لقاء الرئيس والقربي، وتزامنت الزيارة مع مبادرة أمنية لوقف إطلاق النار لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين والنازحين من رحى الحرب، وربطت وسائل إعلامية بين زيارة العطية وقرار تعليق الحرب، الذي لم يستمر أكثر من بضع ساعات تخللتها مواجهات متفرقة، غير أن مصدراً خاصاً بـ"النداء" أكد أن قرار تعليق العمليات العسكرية صدر قبل وصول العطية إلى صنعاء، لكن تأخر بثه وتعميمه على وسائل الإعلام الرسمية، مشدداً أنه لا ربط البتة بين القرار وزيارة العطية.

وتشير الزيارة السريعة للعطية إلى صنعاء، إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تستشعر قلقاً بالغاً لتطورات الأوضاع في اليمن وتبعاتها على تلك الدول. وأكد العطية للرئيس اليمني ما ورد في البيان الختامي للاجتماع الوزاري لوزراء خارجية دول المجلس، بأن دول المجلس حريصة على أمن ووحدة واستقرار اليمن، ومشدداً أن هذا الموقف ينطبق على كل دولة على حدة، سواءً في ما يتعلق بالحرب في صعدة، او الاضطرابات في الجنوب، منوهاً –حسب مصادر "النداء"- أن الوضع الاقتصادي أحد أهم أسباب تلك الأزمات، وأن دول الخليج تأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، وستعمل على زيادة دعمها لجهود التنمية في اليمن، لكنه عبر عن قلق دول الخليج في ذات الوقت من تفاقم الأوضاع وخروجها عن سيطرة السلطة المحلية ودخول أطراف دولية في الشأن اليمني.

ويوم الأحد استقبل الرئيس علي عبدالله صالح مساعد الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن ومكافحة الإرهاب جون بيرنن، الذي سلمه رسالة خطية من الرئيس الأمريكي باراك أوباما تتعلق بالعلاقات الثنائية والشراكة والتعاون القائم بين البلديـن، وفي مقدمتها التعاون في مجال مكافحة الإرهاب.

ورغم أن التركيز الأمريكي الحالي ينصب على الملف الأمني وجهود مكافحة الإرهاب في علاقته مع اليمن، إلا أنه ليس مستبعداً أن يكون الرئيس الأمريكي قد ضمّن رسالته قلقاً أمريكياً من ظروف الحرب في صعدة، وأن يكون المستفيد الأول منها هو تنظيم القاعدة.

ولم تصدر الولايات المتحدة الأمريكية تصريحاً رسمياً يدعم بوضوح الحملة العسكرية الحكومية ضد الحوثيين، كما لم تتخذ موقفاً حيال ما يذكر من تدخل إيراني في الشأن اليمني، بل إنها تدعو إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة الحوار بناء على الاتفاقات السابقة، كما تحدثت السفارة الأمريكية بصنعاء في بيان أصدرته نهاية أغسطس عن مسؤولية الحكومة اليمنية في الدفاع عن أراضيها ضد ما وصفته بـالتمرد المسلح، وحثتها على القيام بهذه المسؤولية بطريقةٍ من شأنها تقليل المخاطر على المدنيين غير المقاتلين.

وبحسب مصدر "النداء"، فإن الإدارة الأمريكية تحجم عن اتخاذ أي موقف تجاه ما تدعي الحكومة اليمنية أنه تدخل إيراني في الشأن اليمني عبر دعم المتمردين الحوثيين، كونها لم تتوصل بمعلومات مؤكدة من الحكومة اليمنية أو عبر أجهزتها الخاصة عن تورط إيراني في قضية صعدة، وأنها لن تبني موقفاً ضد إيران بناء على انحياز إعلامها لصالح الحوثيين.

إيران المتهم الدائم بالوقوف في صف التمرد، دون مسوغ بيّن سوى تغطية إعلامها المتعاطف مع الحوثي، لم تغب هذا الأسبوع عن مسرح اليمن، إذ نفت السفارة الإيرانية بصنعاء الاثنين ما وصفتها بالاتهامات والادعاءات التي تنسب إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالتدخل في الأوضاع بصعدة، وكذبت الأخبار التي تحدثت عن العثور على أسلحة إيرانية في المنطقة، وقالت إنها مجرد أخبار كاذبة لا أساس لها من الصحة، مذكرة بالموقف الرسمي الإيراني بشأن الأحداث الأخيرة في صعدة الذي ورد في خطاب المتحدث باسم وزارة خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتاريخ 24/8/2009.

كما هاتف وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي نظيره اليمني أبو بكر القربي، الاثنين، مجدداً حرص بلاده على وحدة وأمن واستقرار اليمن، ومعربا عن أمله بعودة الهدوء إلى البلد.

وقالت وكالة الأنباء الإيرانية إن متكي حذر من تدخل أطراف إقليمية في أزمة صعدة، معربا عن ثقته بحل المشاكل الراهنة بشكل سلمي وعن طريق الحوار السياسي من خلال حنكة القيادة اليمنية، مشيراً إلى أن إيران بصفتها دولة صديقة تعتبر استمرار الاقتتال في صعدة، والذي أدى إلى مزيد من إراقة الدماء، لا يصب بمصلحة اليمن حكومة وشعبا، وأضاف "إن المشاورات والمحادثات بين المسؤولين الإيرانيين واليمن كانت دوما تخدم تنمية واستقرار وأمن اليمن، وإننا على استعداد لبذل المساعي لإنهاء هذا الاقتتال، وترسيخ العلاقات الثنائية وتطوير التعاون في جميع المجالات السياسية والاقتصادية".

وأطلع القربي متكي على الأحداث الجارية، مشيرا الى العلاقات المتينة بين البلدين. واعتبر المشاورات بين الجانبين بأنها مفيدة، وأعرب عن أمله في توطيد العلاقات الثنائية عن طريق استمرار المحادثات.

وكان وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي قال نهاية أغسطس إن اليمن ستقدم على اتخاذ قرارات صعبة إذا ما استمرت وسائل الإعلام الإيرانية في تبني مواقف المخربين في صعدة بنشر الأكاذيب والتحريض ضد اليمن. وحذر من الانعكاسات السلبية لذلك على العلاقات اليمنية -الإيرانية.

وتثير حرب صعدة، وازدياد عدد اللاجئين والنازحين من نيران الحرب، إضافة إلى ما يمكن أن تخلفه من اختلال في موازين القوى في اليمن، قلق دول الخليج والمجتمع الدولي، لما من ذلك من أثر على أمنهم ومصالحهم، ولا شك أن استمرار المعارك وعجز أي طرف عن الحسم الشامل، وغياب الأمل في الوصول إلى اتفاق مرضٍ للطرفين سيجعل البلاد مرشحة لدخول أطراف كثيرة على خط الصراع الدائر منذ 5 سنوات.

الخميس، 3 سبتمبر 2009

تزامناً مع مآس إنسانية، و معارك شرسة بأدوات يمنية:
حرب اقليمية باردة بالوكالة مسرحها صعده،شاهدها أداء الإعلام وانعاكاسها على علاقات اليمن بالجوار

إيران والعراق في مرمى الحكومة، والحوثيون يشكون السعودية وأمريكا، توجس رسمي من قطر، وليبيا أخذت صك البراءة... والغرب مشغول بالمدنيين

* «النداء»- سامي نعمان

حرب صعده في نسختها السادسة التي دخلت - رسمياً- اسبوعها الثالث، لم تعد شأناً داخلياً وصانع القرار اليمني يكثف من اتصالاته ونشاطاته السياسية والدبلوماسية لاقناع دول العالم خصوصاً دول الجوار بنجاعة الحرب ضد " التمرد الحوثي" في طبعتها السادسة والحاسمة على ما يقول، طالبا منهم الدعم والتأييد والمباركة.

منذ اندلاع الحرب رسمياً في العاشر من أغسطس الماضي، تفاعلت تبعاتها العنيفة على علاقات اليمن ايجاباً وسلباً بدول الجوار... تلك هي العادة منذ اندلاع الحرب الاولى صيف عام 2004، لكن الموقف الرسمي اليمني يبدو أكثر جدية هذه المرة في اتهاماته لإيران بدعم التمرد، وحتى اللحظة لم يعلن عن أدلة ملموسة سوى أداء الاعلام الايراني وما يبدو انحيازاً في تغطية الاحداث الدائرة في صعده لصالح الحوثيين المتهمين بالولاء لإيران.

في المقابل عاود الحوثيون اتهام المملكة العربية السعودية التي ترتبط بحدود برية طويلة مع صعده بالتحريض على الحرب ضدهم، وذهبوا هذه المرة بعيدا في اتهاماتهم حد اتهام "الشقيقة الكبرى" بالمشاركة في الحرب ضدهم عبر سلاح جوها الذي يدعي الحوثيون انه انتهك السيادة اليمنية وشارك السلاح اليمني في قصف عدد من مواقعهم.

***

دول الخليج: انتظار موقف يعزز حظوظ الحكومة اليمنية

لكن مزاعم الحوثيين لم تمنع الحكومة من مواصلة حشد الدعم الاقليمي وراء مجهودها الحربي، انطلاقا من الحق في طلب دعم الاشقاء لتمكينها من ممارسة السيادة على الأرض اليمنية. وقد بالغ الاعلام الحكومي في التعويل على ما سيتمخص عنه الاجتماع الوزاري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في جدة أمس. علما بأن هذا الاعلام هو من كشف أن حرب صعده ستكون بنداً أساسياً مدرجاً على جدول أعمال اجتماع جدة. وقد حرصت الحكومة اليمنية على عرض رؤيتها غير المخفية على الامين العام لدول مجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطيه، عشية الاجتماع، تقول فيها إنها استنفدت كل الخيارات، وكان لا بد من إعلان قرار الحرب ضد الحوثيين. لكن الحصاد لم يكن وافرا. فإلى الموقف الاعتيادي منذ سنوات الذي يؤكد على حرص دول المجلس على استقرار اليمن ووحدته، واعتبار أمنها جزءاً من أمن المنطقة، قرر اجتماع جدة إرسال العطية إلى صنعاء للقاء المسؤولين اليمنيين دون إعلان أية خطوات استثنائية تلبي التوقعات المتعاظمة التي ظهرت في تصريحات مسؤولين يمنيين وروج لها معلقون محسوبون عليهم. خصوصا في ظل موقف سعودي مؤثر يجاهر بوضوح في مساندة الحكومة اليمنية في مواجهتها لجيب معاد في الحدود الجنوبية للمملكة إضافة إلى "فوبيا ايران" التي تسيطر على أغلبية دول الخليج، باستثناء قطر وسلطنة عمان وإلى حد ما الكويت، وهو ما يعزز حظوظ الحكومة اليمنية بالحظوة بدعم صريح تتطلع هي اليه بتفاؤل، ربما لن يخلو من تحفظ قطري، أو على الاقل دعوة الحوثيين إلى وقف اطلاق النار والقاء اسلحتهم، والالتزام بالدستور والقانون، والاستجابة لدعوات الوساطة.

مصادر خاصة بالنداء استبعدت أن يطرح مقترح يدعو للعودة إلى اتفاقية الدوحة، وهو ما ترفضه السعودية، و تعتبره الحكومة اليمنية ميتاً، وينادي الحوثيون بالعودة اليه كمرجعية لإنهاء الصراع. لاغتة إلى اتخاذ مسار الأزمة بين السعودية وإيران خطا تصعيديا واستعار الحرب الدعائية بينهما في وسائل الإعلام التابعة لهما، فضلاً عن أن دولة قطر قد تنازلت عن تبنى المبادرة، بعد أن طالتها انتقادات رسمية يمنية. ورجحت أن يتم التوافق على صيغة عامة لا تحدد موقفاً صريحاً وتترك اليمن لليمنيين

***

إيران: المتهم بلا أدلة سوى مذهبه وأداء اعلامه

الاجتماع الوزاري الخليجي جاء متزامناً مع ثورة غضب يمنية تجاه ايران، بلغت ذروتها هذه المرة بتصريح لوزير الخارجية اليمني ابوبكر القربي يحذر فيه الحكومة الإيرانية من الانعكاسات السلبية في العلاقات بين البلدين إذا تمادت وسائل الإعلام الإيرانية في تبني مواقف المتمردين الحوثيين في محافظة صعده من خلال نشر الأكاذيب والتحريض ضد اليمن، ملوحا بقرارات صعبة قد تضطر اليمن إلى اتخاذها في حال واصلت وسائل الإعلام الايرانية الترويج لعناصر التمرد. وقال في مقابلة مع صحيفة الميثاق الناطقة باسم حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم نشرت الاثنين: " استدعينا السفير الإيراني وأبلغناه احتجاج الجمهورية اليمنية كما احتججنا لدى وزارة الخارجية نفسها حول خطابهم الذي يشوه الحقائق ".

تصريحات القربي تؤكد جدية الحكومة اليمنية في اتهام إيران هذه المرة، خصوصا وقد سبق له ان نفى في مايو الماضي – عقب زيارة رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني إلى صنعاء- وجود توتر في العلاقات اليمنية الايرانية متهما الاعلام بالمبالغات. ومعلوم أن لاريجاني التقى في صنعاء الرئيس علي عبدالله صالح، ونجله، ورؤساء مجالس الوزراء والشورى والنواب ووزير الخارجية، وأكد دعم بلاده لوحدة اليمن واستقراره وسلامة اراضيه، نافياً أن تكون بلاده تقدم دعماً للحوثيين بأي شكل من الاشكال. طالبا من الحكومة اليمنية تقديم اي أدلة تشير إلى تورط اطراف سياسية او مرجعيات دينية ايرانية في دعم الحوثيين.

وعقب اندلاع الحرب الجارية تحدث حسن اللوزي الناطق باسم الحكومة اليمنية عن غطاء اعلامي توفره قناتا العالم والكوثر واذاعة طهران معتبرا أن ذلك " يكشف الجهة التي تدعم وتمول الحوثيين"، لكن القربي تحدث بحصافة يومها عن انزعاج بلاده لدور الاعلام الايراني في تغطية الحرب، مشيراً ان الحكومة تجمع أدلة ووثائق عن الجهات الخارجية المتورطة في دعم الحوثيين..

ولم تفلح الايضاحات الايرانية المتوالية في درء التهمة التي يصر الجانب اليمني على الصاقها بهم، بل ربما تفهم السلطات اليمنية التصريحات الايرانية النافية والمتضمنة للنصح المعتاد بحل المشكلة سلمياً على انه تدخل في شؤونها الداخلية.

فتصريحات الوزير القربي المنبهة والمحذرة لايران جاءت بعد ايام من تصريحات وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي اعرب فيها عن قلق بلاده إزاء أوضاع الشيعة في اليمن، ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية "اسنا" عن متكي قوله خلال استقباله السفير اليمني لدى طهران جمال عبد الله السلال-الذي يبدو أنه سلمه احتجاج اليمن على اداء اعلام بلاده - أن إيران تدعم علاقات طيبة بين الحكومة اليمنية والحوثيين الشيعة في البلاد. وأضاف: "يمكن للحكومة اليمنية والحوثيين اكتساب دعم بعضهما البعض من خلال التفاعل البناء"، مشيراً إلى وساطة دولة إقليمية، لم يسمها، بين الحوثيين والحكومة اليمنية وللاتفاقات التي تم التوصل اليها، وقال: "ان الالتزام بالاتفاقات وسيلة جيدة لاستعادة السلم في اليمن".

وقبله كان الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ينفى هو الآخر أن تكون بلاده قد تدخلت في الحرب الدائرة في صعده بأي شكل من الاشكال، مؤكداً أن ما يجري في اليمن شأن داخلي، داعياً الجانب اليمني إلى ضرورة إيجاد حلول سياسية للمشكلة الدائرة في محافظة صعدة بين الحكومة والحوثيين.

وهذا نصح لا يختلف عن ما يبديه الاوروبيون وغيرهم، ولكن لحسابات سياسية غير معروفة لدى الجانب اليمني حتى اللحظة في ظل غياب الأدلة الدامغة على تورط إيران في دعم الحوثيين.

ربما يكون من الصعب تبرئة الساحة الايرانية من الضلوع في دعم الحوثيين بأي شكل من الاشكال، لكن ضعف الحكومة اليمنية وعدم قدرتها على اتبات دليل واحد غير التصريحات المرتجلة، واللجوء للحديث عن دور الاعلام الايراني وتبنيه وجهة نظر الحوثيين يجعل من تلك الاتهامات مجرد دغدغة سياسية ساذجة للدول المعادية لايران والسعي لكسب تأييد دولي ودعم مالي بمزاعم تدخل ايران في حرب تفتقر حتى اللحظة لتفهم العالم بمن فيهم الدولة التي يهتف الحوثيون بموتها (الولايات المتحدة) التي تعتبر إيران عدوها الاول الان، توازيا مع تنظيم القاعدة.

***

الحوثيون والسعودية: الاختلاف العقدي والعلاقة بإيران

وعوداً إلى الاتهامات الحوثية للسعودية بالتدخل والمشاركة في الحرب، وهو الاتهام الذي لا يجدون عليه حتى اللحظة دليلاً سوى تأكيدهم بمصدر الطائرات ومأواها، كما أنهم في ذات السياق يتهمون قناة العربية السعودية بتضليل الرأي العام وتزييف الحقائق وخدمة اسرائيل.

وحال انتفاء التورط المباشر للدولتين العدوتين، السعودية وايران، في صعده، فإن ما يدور لا ينفي وجود حرب باردة بين الدولتين، اليمن احدى ساحاتها، في إطار اقليمي مشبع بالصراع بينهما. ولكل طرف ادواته الداخلية التي تفي بالغرض للحيلولة دون التدخل المباشر.

هذا ما رجحته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية الشهيرة بمراقبة الصراعات وتقدير مؤشرات فشل الدول، في عددها الأخير الصادر قبل بضعة ايام، إذ رجحت "وجود حرب باردة بالوكالة بين المملكة العربية السعودية وإيران على الأراضي اليمنية، وذلك في كواليس الصراع الدائر بين القوات الحكومية اليمنية والمتمردين الحوثيين في محافظة صعدة شمال غرب اليمن"، مشيرة إلى ضآلة الادلة على التدخل الخارجي لكنها اعتبرت استدعاء وزير الخارجية اليمنى للسفير الإيراني إلى مكتبه دليلا يرجح وجود تدخل خارجي في الصراع.

***

قطر: الوسيط النزيه... المتهم!!

ربما لم يكن لقطر من مصلحة من قبول لعب دور الوسيط بين الحكومة والحوثيين سوى حل هذا النزاع، وزيادة رصيدها القومي في حل المشاكل والازمات الداخلية، وعدا ذلك فإنها تعهدت بالقسط الاكبر من كلفة الاعمار... لكن جهودها التي نجحت في حل عقدة لبنان فشلت او اُفشلت في حل معضلة اليمن بين الحكومة والحوثيين، رغم ان فرصها بالنجاح تبدو للوهلة الاولى اكثر حظاً من لبنان، يضاف إليها ما وصفته مجموعة الازمات الدولية في تقرير لها صدر في يناير الماضي بأنها وساطة نزيهة.

الاسبوع الماضي كان الدكتور عبدالكريم الارياني المستشار السياسي للرئيس في قطر. وعلمت النداء أن هدف زيارة الارياني الذي وقع اتفاق الدوحة عن الجانب الحكومي، هو توضيح وجهة نظر الجانب اليمني في اتفاقية الدوحة حتى لا يكون في موقف محرج أمام الحوثيين الذين ينادون بالعودة اليه باعتمادها مرجعية لاي اتفاق لوقف اطلاق النار، موضحاً لأمير قطر أن الحوثيين هم من نكثوا الاتفاق وانقلبوا عليه وليس الحكومة اليمنية، كما برر لامير قطر الانتقاد الذي وجهه الرئيس علي عبدالله صالح للاتفاقية في مارس الماضي، باعتبارها أحد الاخطاء التي وقعت فيها الحكومة لأنها شجعت الحوثيين على الظهور كند للدولة، وأن الرئيس لم يكن يقصد التشكيك في نزاهة الدور القطري، بل في نوايا الحوثيين، غير أن امير قطر بدا منزعجاً ، ورفض العودة لجهود الوساطة تحت اي مسمى.

دخلت قطر على خط الوساطة في نوفمبر 2007، الذي شهد قبل ذلك زيارات لكبار المسؤولين القطريين وفي مقدمتهم امير قطر، ووزير خارجيته عدة مرات، عرضوا على اليمن طلب الحوثيين لها لعب دور الوسيط في غمرة الحرب الرابعة، وهو ما قوبل باستحسان الجانب الرسمي اليمني، لتهدأ المعارك نسبياً بين الطرفين وفقاً لاتفاق مبدئي غير موقع، إلا انها ما لبثت ان استؤنفت مع مطلع العام 2008، لتتوقف نهائياً بتوقيع اتفاق الدوحة، بين الدولة، ويمثلها الدكتور عبدالكريم الارياني واللواء علي محسن الاحمر، ومن جانب الحوثيين الشيخ صالح هبره، ويحيى الحوثي..

هدأت الحرب بشكل شبه تام بعد توقع الاتفاق، الا ان الخروقات عادت مجدداً لتنال من الجهد القطري، وسط سيل اتهامات معتادة من كل طرف للاخر بخرق الاتفاق، وعدم تطبيق اتفاقية الدوحة..

وتنقلت لجنة الوساطة القطرية عدة مرات بين صعده وصنعاء، وايضا الدوحة لتقريب وجهات النظر، إلا ان الاتفاق افشل في نهاية المطاف، في شهر يونيو 2008، لتندلع الحرب الخامسة، التي اوقفت بقرار من الرئيس في ذكرى توليه السلطة عامذاك، وباتفاق مباشر مع الحوثيين.

***

العراق: بلد يحكم من الخارج ويتدخل في شؤون اليمن!!

هذه المرة دخل على خط الصراع مسؤولون عراقيون يتقلدون مناصب سياسية وتمثيلية، أدلوا بدلوهم بطريقة متشنجة، ومستفزة للجانب اليمن، إذ طالب مستشار لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان العراقي، وكلاهما شيعيان، بفتح مكتب للحوثيين في العراق، في مقابل استضافة النظام اليمني لاعضاء حزب البعث في اليمن.

كان اكثر حصافة منهم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي يستلهم موقفه السياسي من ايران، إذ دعا هو الآخر الأطراف المتنازعة في اليمن إلى الوقوف يداً واحدة لحل الأزمة في البلاد، وقال في بيان له: "أدعو الشعب اليمني أولاً، والأطراف المتنازعة ثانياً، سواء الحكومية منها أو الشعبية، لحل هذه الأزمة في هذا الشهر المبارك".

مسؤولون ومراقبون عراقيون أكدوا انها مواقف شخصية لا تعبر عن رأي الحكومة العراقية التي لا زالت هذه الايام فقط تبحث عن الدول الضليعة في تفجيرات بغداد الشهر الماضي التي قتلت واصابت المئات، فضلاً عن تبعية الكثير من مرجعياتها السياسية والدينية للدول الاخرى في ظل استمرار الاحتلال الامريكي للبلد، إلا ان اليمن لم تفوت التصريحات دون رد، ولم تتفهم أن العراق يشكو كثرة الايادي الضالعة في حكمه واختلافها، وأنه في غنى عن التدخل في الشؤون الداخلية لأي من الدول الاخري، فقد ذكرت مصادر اعلامية ان وزير الخارجية ابوبكر القربي، سلم السفير العراقي بصنعاء رسالة من الحكومة اليمنية الى نظيرتها العراقية تحتج فيها على تلك التصريحات، وكما أن اليمن لا تقبل ان تكون منطلقاً لأي اعمال تخريبية تضر بامن واستقرار العراق ، فينبغي على العراق ان تعاملها بالمثل.

***

ليبيا: صك براءة

بالامس وبشكل مفاجئ، أعلن الاعلام الرسمي عن زيارة رسمية للرئيس علي عبدالله صالح إلى ليبيا للمشاركة في احتفالاتها بذكرى اربعينية ثورة الفاتح من سبتمبر، وتعكس الزيارة ذوبانا للجليد المتراكم في علاقات البلدين منذ عام 2007 عقب اتهام الحكومة اليمنية لطرابلس بدعم الحوثيين واستدعاء سفيرها هناك للتشاور، كما تأتي انسجاماً مع أجواء التقارب السائد بين السعودية وليبيا منذ قمة الدوحة نهاية مارس الماضي، التي شهدت

مصالحة بين العاهل السعودي، والزعيم الليبي.

وبعد تعرضه لوعكة صحية ورضوض اثناء ممارسة الرياضة منتصف شهر يوليو الماضي، كان اول اعلان رسمي لعودة الرئيس لمباشرة عمله بكامل لياقته الصحية هو لقاء أحمد قذاف الدم مبعوث والده معمر القذافي، الذي سلمه رسالة من ابيه، أكدت، بحسب مصادر النداء، رفض ليبيا للمس بأمن واستقرار اليمن، وعدم دعمها لأي من الجماعات المعارضة للحكومة اليمنية سواء في صعدة أو في الجنوب.

كما أكد القذافي انه رفض السماح لعلي سالم البيض بدخول بلاده لعرض القضية الجنوبية وحشد التأييد لمطالبه بفك الارتباط مؤكداً على دعم الوحدة اليمنية..

عام 2007 بذلت ليبيا جهوداً للتوسط بين الحكومة والحوثيين، وبحسب الزعيم الليبي فإن الوساطة من قبله جاءت بطلب من الرئيس علي عبدالله صالح، وأوفدت ليبيا سيف الاسلام القذافي الى اليمن للتباحث مع الجانب اليمني حول ارائه في الوساطة، إلا أن الحكومة اليمنية عادت لتتهم ليبيا بالتدخل في شؤونها الداخلية ومساعدة الحوثيين، واستدعت سفيرها في طرابلس للتشاور حينها..

ويرى مراقبون ان التقارب اليمني الليبي المتسارع، ومن قبله التدهور، مرتبط بالموقف السعودي، ومستوى التدهور والتقارب في العلاقات الليبية السعودية، التي اصبحت العلاقات اليمنية الليبية تتأثر بها سلباً وايجاباً ، كما هو الحال أيضا مع ايران وقطر.

***

الاوروبيون وأمريكا: دعوة للسلام.. وخوف على المدنيين

يبدي الاوروبيون والامريكيون حرصاً بالغاً على حياة المدنيين، ويشددون على ضرورة وصول المساعدات الانسانية للنازحين وتمكين المنظمات الاغاثية من الوصول إليهم بشكل طبيعي، لكنهم ايضاً لا يخفون قلقهم من تطورات الحرب ومناداتهم للسلام، ويستشف من موقفهم ذاك، أنهم غير مقتنعين بمزاعم الحكومة اليمنية واتهاماتها للحوثيين بالارهاب والتبعية لايران، كما أنهم في ذات الوقت يرون فيهم متمردين خارجين عن القانون، ويركزون قلقهم وصريح موقفهم في مخاوفهم على المدنيين.

فالولايات المتحدة الامريكية التي يهتف الحوثيون بموتها واسرائيل، دعت سفارتها في صنعاء الحكومة اليمنية وعناصر التمرد إلى العودة لوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه العام الماضي، معربة عن قلقها البالغ ازاء استمرار النزاع المسلح بين الطرفين وطالبتهما بتجنب إتخاذ أي إجراء من شأنه تعريض المدنيين في المناطق المتأثرة للخطر.. ودعتهما لضمان أمن الموظفين الدوليين والمحليين العاملين في مجال الإغاثة في المنطقة وكذا تسهيل العبور الآمن لإمدادات الإغاثة الطارئة إلى المخيمات التي تأوي النازحين.

بدوره دعا الاتحاد الاوروبي الى وقف فوري لاطلاق النار في اليمن، مبديا "قلقه" لتصاعد وتيرة المعارك التي خلفت العديد من الضحايا والنازحين، وقالت الرئاسة السويدية للاتحاد الاوروبي في بيان ان "الاتحاد الاوروبي قلق لاحتدام المعارك اخيرا حول صعدة، ما اسفر عن العديد من الضحايا المدنيين و(اجبر) عددا كبيرا من الاشخاص على النزوح في البلاد"، واضاف البيان ان "الاتحاد الاوروبي يدعو جميع الاطراف الى وقف المعارك فورا"، طالبا منهم "العمل في شكل مكثف على حل تفاوضي". وذكرت رئاسة الاتحاد الاوروبي ايضا ب"واجب احترام شرعة حقوق الانسان والمساعدة الانسانية الدولية

***

الجامعة العربية: حديث خجول عن "الشأن الداخلي اليمني"

جامعة الدول العربية، تبدو مقيدة وعاجزة عن التدخل في قضية صعده، شأنها في ذلك شأن كثير من القضايا الاخرى العربية التي تقف حيالها موقف المتفرج، وتعجز عن اتخاذ قرار مصيري ملزم، ودافعها في ذلك، هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ورفض التدخل الاجنبي، وايضا غياب الدور العربي.

وكشفت جريدة القبس الكويتية الاسبوع الماضي، أن مصر وعدد من الدول العربية على خط دخلت على خط الأزمة بين السلطات اليمنية والحوثيين في محاولة لاحتواء المشكلة التي باتت تهدد اليمن واستقراره، خاصة في ضوء تواتر الأنباء عن ضلوع عدد من الأطراف الخارجية لتأجيج الأزمة وتوسيع رقعتها، حسب الصحيفة، مشيرة إلى أن الحوثيين طلبوا زيارة الجامعة العربية والالتقاء بأمينها العام عمرو موسى، لوضعه في صورة المطالب الشرعية - من وجهة نظرهم - والتي تتعلق بحقوقهم في الشمال، إلا أن الجامعة أحجمت من خلال الاتصالات الجارية، عن الترحيب بهذه الرغبة، بل وأكدت أن الأمر في يد الحكومة اليمنية الرسمية ولا يمكن للجامعة أن تتخطاها، كما وصل طلب شبيه إلى الخارجية المصرية.

وفي هذا السياق كشفت الصحيفة عن مصادرها عن جلسة تشاورية عقدت على هامش الاجتماع الأخير لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية، واستفسرت الأمانة العامة للجامعة من القربي عما يمكن للجامعة القيام به، فقال «يُفضل أن تبقى الجامعة بعيدة عن هذا الملف في الوقت الراهن، ويرجى أن يترك اليمن وحده ليقوم بما تمليه عليه واجباته والتزاماته إزاء الوحدة اليمنية»، وهو الطلب الذي كان الوزراء العرب بانتظاره ليكتفوا بإدراج بند في القرار الصادر عن الاجتماع، أكدوا فيه ضرورة دعم وحدة اليمن ضد دعاوى التقسيم، ودعم استقراره، من دون أن يشير القرار إلى أي تحرك ملموس. وأكد المصدر أن هذا جاء بناء على طلب من القربي بالذات.

الخميس، 13 أغسطس 2009

الترضيات والوساطة تتدخل في رسم السياسة اليمنية
دبلوماسي ثالث لاجئاً في لندن.. والخارجية تنفي "مزاعم" تقليص الكادر "الجنوبي"

سامي نعمان (نشر التقرير في جريدة النداء)

نفت وزارة الخارجية اليمنية "بشدة" ما وصفته بـ "المزاعم" التي نشرتها وسائل الاعلام، حول تبنيها توجيهات لتقليص عدد الدبلوماسيين العاملين في السفارات اليمنية في الخارج من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية، لكنها لم تشر بالمطلق إلى خبر تقديم دبلوماسي يمني طلب اللجوء السياسي في العاصمة البريطانية لندن الأسبوع قبل الماضي، وهو ما يؤكد الأخبار المتداولة عن لجوئه في لندن.

وصرح مصدر مسؤول في الوزارة لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن الدبلوماسيين اليمنيين يمثلون اليمن الواحد وليس هناك أي تمييز مناطقي في هذا الجانب، مشيرا إلىً أن تعمد بعض وسائل الإعلام تسويق مثل هذه المزاعم داخلياً وخارجياً يستهدف إشاعة البلبلة في إطار المخططات التأمرية التي تسعى إلى غرس بذور للفرقة والشتات ونعرات مناطقية بين أبناء الوطن الواحد بقصد النيل من الوحدة الوطنية.

وتحدثت بعض وسائل الاعلام عن مقترح متداول في أوساط الوزارة والمؤثرين في القرار باتخاذ إجراءات للحد من احتمالات تقديم طلبات لجوء جديدة للدبلوماسيين

المنحدرين من المحافظات الجنوبية، ومنها إحالتهم إلى التقاعد الاجباري المبكر، وتقليص عددهم، وهو ما نفته الوزارة بشدة.

القنصل في السفارة اليمنية بجيبوتي صالح أحمد الجبواني هو الدبلوماسي الثالث الذي يغادر عمله طالباً اللجوء السياسي في غضون السنوات الخمس الأخيرة، إذ سبقه السفير اليمني السابق في دمشق أحمد عبدالله الحسني(قائد القوات البحرية سابقا) منتصف عام 2005، وتبعه الدكتور حسين علي حسن سفير اليمن في ليبيا (مدير دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع منذ قيام الوحدة حتى حرب صيف 94) الذي غادر السفارة ولجأ سياسياً في لندن، في نوفمبر 2008، وينتمي ثلاثتهم إلى المحافظات الجنوبية، وفي حين باشر الحسني معارضته القوية للنظام اليمني مطالباً بالانفصال في إطار التجمع الديمقراطي الجنوبي (تاج)، التزم زميله الدكتور حسين علي حسن الصمت ولم يعرف عنه اصدار أي مواقف او تعليقات حيال لجوئه أو تأطره في كيان سياسي معارض، فيما برر الجبواني سبب طلبه اللجوء السياسي بـ"مجزرة زنجبار" التي وقعت في الثالث والعشرين من شهر يوليو الماضي والتي ادت إلى مقتل 20 شخصاً من المحتجين، وجرح واعتقال العشرات. وينتمي الجبواني إلى ذات المدينة، ويشير موقفه هذا إلى نيته الانضمام لصفوف المعارضة الجنوبية في الخارج.

وتعكس طلبات اللجوء السياسي جانباً من الاشكالية التي تعتري السياسة الخارجية اليمنية، والتدخل المباشر في التعيينات والقرارات والسياسات التي يتم اتخاذها دون اعتبار لحساسية المناصب الدبلوماسية، أو العلاقات التي تربط اليمن بدول العالم، والسياسة الخارجية بشكل عام، رغم أن المسؤولين في وزارة الخارجية يبدون نظرياًعلى الأقل حرصاً شديداً ويتبنون شروطاً صارمة في التعيين، تأخذ بالاعتبار الدرجة العلمية والتخصص واللغات، وتفتح فيها المنافسة للراغبين ويتم القبول وفقا لمعايير المفاضلة في الغالب.

ومؤخراً تم تعيين عباس المساوى ملحقاً ثقافياً في سفارة اليمن في أبوظبي بعد أمد قصير من ظهوره في قناة الجزيرة مدافعا عن النظام اليمني، ومهاجماً بشدة قوى الحراك الجنوبي والمعارضة الجنوبية في الخارج، وهو ما أظهر التعيين في هذا المنصب بأنه جاء مكافأة للمساوى نظير استبساله في الدفاع عن سياسات النظام وتخوين معارضيه، خصوصاً أن مصادر إعلامية ذكرت أن التعيين جاء بأوامرعليا دون موافقة وزير الخارجية أبوبكر القربي.

وقبل عام تقريباً، طلب سفير اليمن في واشنطن عبدالوهاب الحجري الذي يعمل هناك منذ قرابة 15 عاماً نقله للعمل سفيراً لدى جمهورية التشيك، وبعد موافقة رسمية عليا على الطلب، رشحته وزارة الخارجية اليمنية لدى وزارة خارجية التشيك، وبعد قبول الترشيح من قبل الحكومة التشيكية، كان الجانب اليمني، قد تراجع عن قراره بنقل السفير الحجري، وأعاد إلى وزارة الخارجية مهمة ترشيح البديل والاعتذار عن الخطأ.

وترشح وزارة الخارجية اليمنية السفراء سواء بالترقية أو تعيينهم أو نقلهم بعد انتهاء فترة عملهم، إلى الرئيس علي عبدالله صالح، الذي يتدخل احيانا كثيرة في تعديل هذه الاجراءات، كما يقوم بتعيين سفراء أو طاقم السفارات من خارج كادر وزارة الخارجية، وأحيانا تتدخل الوساطة وسياسة الترضيات في قرارات التعيين.

ويبدي عدد من المسؤولين في وزارة الخارجية امتعاضهم الشديد لعدم مراعاة معايير العمل الدبلوماسي في التعيينات ورسم السياسات، وهو ما يسبب للوزارة الكثير من الاشكاليات، فضلاً عن حاجتها لإعادة تأهيل وتدريب المعينين من خارج طاقمها على أبجديات العمل الدبلوماسي.

ولا يقتصر الامر على التعيينات فالعلاقة مع الدول الاخرى تتعرض لخضات متقطعة، حين تؤثر الأوضاع المحلية والمواقف الدولية على المواقف السياسية اليمنية تجاه بعض الدول، وسبق ان استدعت الخارجية اليمنية سفيريها في طهران وطرابلس عام 2007، بعد اتهام اليمن للدولتين بالتورط في دعم الحوثيين، وهو الاتهام الذي لم يبن حينها على قرار حكومي وإنما على توصيات اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام ومطالب قبلية، كما قيل حينها. وكان على الدبلوماسية اليمنية مبكراً إعادة ترميم العلاقات مع الدولتين، التي تتذبذب من وقت لآخر، بعد أن نفت الدولتان عدم ارتباطهما بالمطلق بجماعة الحوثي.

الأربعاء، 12 أغسطس 2009

القلق الغربي المشترك: فشل الدولة سيخلق بيئة ملائمة للقاعدة

بريطانيا كلفت المسؤول السابق عن العراق بملف اليمن، وأمريكا ابتعثت نائب وكالة الاستخبارات مرتين في ستة أشهر..


لقاء رسمي جمع العليمي والقربي بسفراء بريطانيا والمانيا والمحققين الامنيين في يوم اجازة رسمية



كتب سامي نعمان (نشر في جريدة النداء)


تحتل اليمن هذه الأيام مستوى عالٍ في اهتمام صناع القرار في الدول الغربية، في ظل متغيرات محلية باعثة للقلق، ومن المحتمل أن تتسبب في الاضرار بمصالح تلك الدول، ليس في اليمن فحسب وإنما على مستوى العالم، ويأتي في ناصية محاور الاهتمام تلك، القلق من تحول اليمن إلى بيئة مفضلة لنشاط تنظيم القاعدة، حال استمرت الاوضاع الامنية بالتدهور، وبالتأكيد، فإن القضية في الوقت الحالي تعدت مشكلة الوضع الامني وفوبيا الارهاب، إلى الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، في بيئة مؤهلة للصراع، ولم يعد من السهولة بمكان التعامل مع الخرق الامني – رغم أولويته بالنسبة لهم- وإغفال ازمات البلاد الاخرى..


وشهد هذا الاسبوع لقاءات رسمية ببعض السفراء الغربيين.. وعلى شحة المعلومات التي تنشر في وسائل الاعلام الرسمية عن اللقاءات الحكومية مع مختلف الاطراف، خصوصا الوفود والسفراء الغربيين، وايضاً رتابة اخراج اخبار تلك اللقاءات، كان لافتاً ان يعقد لقاء رسمي استثنائي و"طارئ" في يوم إجازة رسمية، الجمعة الماضية، جمع نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والامن الدكتور رشاد العليمي - المكلف حالياً برئاسة الحكومة في ظل اجازة الدكتور مجور- ومعه وزير الخارجية الدكتور ابوبكر القربي، بسفراء بريطانيا وألمانيا وفريقا التحقيق التابعين للبلدين في قضية الاختطاف الغامض لتسعة أطباء في صعده قبل شهرين تقريباً، وقتل ثلاثة منهم، واستمرار الاختفاء للستة الباقين، في ظروف غير طبيعية وجغرافيا غير خاضعة لسيادة الدولة بشكل شبه تام..


لقد حمل هذا الاجتماع رسالة جادة من الطرفين المعنيين بالقضية، غير ما نقلته وكالة سبأ عن اشادتهما بمستوى التعاون مع فريقي التحقيق: الاوضاع لا تحتمل التأخير.


بحسب المعلومات التي حصلت عليها النداء، فإن فرق التحقيق وصلت الى طريق مسدود، فاشتعال المعركة في صعده تحول دون تمكنهم من القيام بالمهمة الموكلة اليهم، وتشكل الاوضاع الأمنية المتدهورة هناك خطراً على حياة أعضاء فريق التحقيق، وتحد بشكل شبه تام من قدرتهم على تتبع خيوط الجريمة، وبحسب مصدر خاص بالنداء لا يؤمل الجانبان على بقائهم أحياء، ويرجحان فرضية ان تكون الجثث قد رميت او دفنت في مكان ما في إطار منطقة الصراع، أو أي من المناطق القبلية المجاورة التي لا تخضع لسيطرة الدولة، وغموض العملية وتعقد بيئة التحقيق تجعل من الصعب اتهام اي طرف بما فيها القاعدة في الضلوع بالامر، يضيف "لكن ليس مستبعداً أن يكون هناك معجزة تحفظهم على قيد الحياة، وكلها فرضيات".


يوم الاثنين التقى الرئيس بسفراء الولايات المتحدة، وبريطانيا، وهولندا، والقائم بالاعمال الالماني، وأشارت الوكالة الرسمية للأنباء أن اللقاء ناقش الوضع الاقتصادي وعلاقة اليمن مع الدول المانحة، وكان الابرز فيما تناوله الخبر الرسمي الاشارة الى استيعاب العمالة اليمنية في دول مجلس التعاون الخليجي، والاهم من ذلك "دراسة امكانية تخفيض دعم المشتقات النفطية دون التأثير على المواطن" و"تعزيز فرض سيادة القانون والمضي قدما في عملية الاصلاحات".


وعاد مجدداً إلى الواجهة الحديث عن رفع الدعم عن المشتقات النفطية بنسبة 40%، وهو الخيار الذي تضغط باتجاهه دول الاتحاد الاوروبي، وفي ذات الوقت يستحضرون مشهد الاحتجاجات التي شهدتها اليمن منتصف عام 2005، حينما نفذت الحكومة جرعة سعرية جديدة، وشهدت معظم المحافظات مواجهات عنيفة بين المواطنين وقوات الامن سقط جراءها عشرات القتلى والجرحي، وفي ذات الوقت وبحسب مصادر النداء، فإن دول مجلس التعاون الخليجي، تتحفظ، بل وتعارض تطبيق جرعة سعرية جديدة في ظل الوضع الحالي، والتدهور الاقتصادي في البلاد، ويرون في ذلك تعزيزاً لفرص عدم الاستقرار في اليمن وتأثيراً مباشراً يمس حياة الناس، وربما يتجاوز هذه المرة تأثيره إلى دول الجوار، خصوصاً في ظل الاوضاع المهترئة شمالاً وجنوباً.


وفي إشارة لافتة أشار الخبر الرسمي إلى أن الرئيس ناقش مع السفراء " تعزيز فرص سيادة القانون"، وهو ما يشير أن النقاش تطرق الى الحرب المستعرة في صعده، والاوضاع في الجنوب، والفساد، ومع كل ذلك الحرب على الارهاب...


وجاء اللقاء متزامنا مع افراج السلطات القضائية بالولايات المتحدة الامريكية على الشيخ محمد المؤيد بعد أن قضى ازيد من ست سنوات في السجون الامريكية، - حكم عليه بالسجن 75 عاماً- وذلك بعد ان اسقطت عنه تهم دعم القاعدة، واقراره، في تسوية قضائية، بدعم حماس، والاكتفاء بمدة السجن السابقة عقاباً لهذه التهمة..


وبالاضافة لما يراه البعض انسجاماً مع توجهات الادارة الامريكية الجديدة في تحسين العلاقة مع دول العالم الاسلامي، وازالة الصورة التي كرستها 8 سنوات من حكم الرئيس الجمهوري بوش، والتي ادت إلى تنامي مشاعر الكراهية والعداء لامريكا في العالمين العربي والاسلامي، وبالتالي، زيادة التعاطف مع القاعدة، يرى آخرون في الخطوة أنها اثبات حسن نوايا تجاه اليمن، وتخفيف ردة الفعل المتوقعة تجاه الولايات المتحدة وتقليص مشاعر العداء تجاه أمريكا، حال تدهورت الاوضاع في اليمن لمصلحة القاعدة، في ظل المتغيرات الداخلية.


ويقابل تسوية الافراج عن المؤيد، الذي ترى فيه السلطة السياسية في اليمن انتصاراً لها، فشل ذريع في التوصل إلى تسوية مرضية للجانبين اليمني والامريكي، في اعادة المعتقلين اليمنيين في جوانتانامو وهم الذين يشكلون الرقم الاكبر والتحدي الابرز أمام قرار اوباما بإغلاق جوانتانامو، في ظل الشكوك الامريكية بقدرة الحكومة اليمنية على اعادة تأهيلهم وعدم الثقة بقدرتها على عدم انخراطهم مجدداً في القاعدة أو أعمال معادية او انتقامية للمصالح الامريكية، وهذا الامر، يشكل اخفاقاً للسلطة السياسية اليمنية التي تصر على إعادة جميع مواطنيها إلى اراضيها، وبالنسبة للادارة الامريكية يشكل تحدياً أمام اغلاق المعتقل، ومخاوف من تأثير ذلك على المتعاطفين مع المعتقلين، أو حصول ردة فعل من قبل خلايا القاعدة.


وقد ذكرت سبأ أن الرئيس تلقى الاثنين إتصالا من مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي روبرت موللر والذي أبلغه أن الافراج عن المؤيد ورفيقه محمد زايد، كان استجابة من الادارة الامريكية لجهوده واتصالاته المكثفة للافراج عنهما.


وكانت تقارير صحافية أمريكية اشارت منتصف يونيو الماضي أن ثمة أدلة على فرار عشرات المقاتلين المنتمين للقاعدة من المناطق القبلية في باكستان إلى الصومال واليمن، وقال مسؤولون أمريكيين إن الاستخبارات الأميركية والبيت الأبيض والبنتاغون رصدوا زيادة في معدل الاتصالات بين المجموعات الإرهابية في المناطق الثلاثة لتنسيق نقل هذه العناصر من باكستان إلى الصومال واليمن وعزوا تلك التحركات إلى الضغط الذي تتعرض له القاعدة وعناصرها في باكستان جراء الهجمات المكثفة من القوات الأميركية والباكستانية أو نتيجة لتزايد الحملات الجهادية في الصومال واليمن على نحو استقطب المزيد من المتشددين مثلما حدث في العراق بعد الغزو الأميركي عام 2003.


وقد التقى الرئيس علي عبدالله صالح في تعز نهاية مارس الماضي، نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية، الذي زار اليمن، للمرة الثانية في غضون ستة أشهر، وكان الملف الأمني هو الطاغي على مباحثات المسؤول الامريكي مع المسؤولين اليمنيين، وكذا كانت زيارات مسؤولين عسكريين امريكيين في غضون الفترة الماضية، التي شهدت زيارات مكثفة للمسؤولين البريطانيين، ورغم أن الاعلام الرسمي يبرز تأكيدات الدول الغربية على دعمها لوحدة اليمن، واستمرار الدعم الاقتصادي، إلا أن الملف الامني يسيطر على الزيارات، وقد كان ملاحظاً أن الحكومة البريطانية كلفت مسؤولاً رفيعاً في الوزراة وكان معنياً إلى وقت قريب بالملف العراقي منذ ما قبل سقوط نظام صدام حسين، بمهام الملف الامني في اليمن، وهو ما يشير إلى مدى الاهتمام البريطاني بتطورات الوضع في اليمن، وتشابهها مع العراق، على صعيد افرازات الصراع الداخلي على الأقل.


وتبدي الدول الغربية دعماً صريحاً للوجدة اليمنية، لكنها لا تؤيد السياسات الحكومية المتخذة في معالجة الاحتجاجات التي تشهدها الجنوب، وتتخوف الدول الغربية من أن يستفيد تنظيم القاعدة من المشاعر المتأججة في المحافظات الجنوبية، والمناطق القبلية ليمارس انشطته بحرية.


وبشكل عام تبدو الصورة غير واضحة بالنسبة للغربيين، ولا يدركون إلى اين تتجه الاوضاع في اليمن، وما هي المخارج المتاحة للانقاذ، وما هي سيناريوهات المستقبل، في ظل تطورات متفاقمة لا تشير إلى بوادر انفراج وشيكة، لكن ما يهمهم بالدرجة الاولى هو الحد من الاضرار التي قد تتسبب بها اليمن على مصالحهم، حال انحدرت إلى هاوية الفشل، ويسعون بالدرجة الاولى لتكثيف أنشطتهم وجهودهم الامنية من أجل عدم تمكين القاعدة من الاستفادة من الوضع الحالي لصالح مخططاتها في المنطقة والعالم.

الأربعاء، 5 أغسطس 2009

في مربع الحرية...الرئيس ابتسم: تسقط حكومة مجور!


سامي نعمان (نشر هذا الموضوع في جريدة النداء)


قبل أسابيع غادر رئيس الجمهورية فناء مجلس الوزراء وسط زحمة جماعات احتجاجية مختلفة ملوحاً بيده للجموع في الساحة المقابلة لبوابة المجلس.


لا أعتقد أنه حسبهم جموع هتافين: "بالروح بالدم" يساقون أثناء مرور موكب فخامته في مختلف المحافظات. لقد لوح لهم متضامناً ومحيياً نضالهم السلمي، وقد سبق في علمه جيداً أن هذا الفضاء أصبح المتنفس الوحيد والأمثل للاحتجاج.


لوح مزهواً بنشوة الأمر الواقع الذي يخالف كل ادعاءات المعارضة التي تقول بحكم الفرد، وتحتج أمام الحكومة. إنها حقا مفارقة تستحق وقفة الرئيس وتحيته للجمهور.


فمشهد مواطنين من ذوي الحقوق والمظالم يحتجون بانتظام كما جلسات الحكومة يشير إلى دولة ديمقراطية تكفل حرية التعبير، ودولة مؤسسات يدرك فيها الناس أن مشكلتهم في أداء الحكومة ويحتجون على سوء إدارتها. وهؤلاء ليسوا فقط من العامة الذين يدْعون على دولة الدكتور مجور وأعضاء حكومته، بل فيهم نخبة المجتمع: قادة الأحزاب، أساتذة الجامعات، أرباب العمل المدني، أعضاء مجلس النواب، إضافة إلى شرائح اجتماعية ومدنية وشعبية واسعة، ومنهم من يضجون الأسماع بالشكوى من حكم الفرد!


إنها ديمقراطية نموذجية في بلد محدود الموارد، ومن الطبيعي أن تترافق مع تجربته الديمقراطية مشاكل وأزمات اقتصادية واجتماعية لا تخلو منها الديمقراطيات المثالية. هذا ما تحكيه الصورة التي اكتملت بظهور الرئيس ملوحاً ومسانداً ومشجعاً على مواصلة الاحتجاج أمام الحكومة الفاسدة.


يحق له أن يبتسم للصورة الماثلة أمامه، ولولا "ايتيكيت" الرئاسة، لنزل وتنقل بين جموع المعتصمين، ولوح للكاميرات بالسبابة والوسطى، وهتف معهم تسقط حكومة مجور.


لم لا؟ وهو يقرأ في المشهد إخلاءً لطرف مسؤوليته من مظالم كل هؤلاء، بما فيها كبرى معضلات الفشل في البلاد في الوقت الحالي، كأزمة صعدة وانتفاضة الجنوب.


منذ تدشين فعاليات الاحتجاج أمام رئاسة الوزراء منتصف العام 2007، والساحة تشهد تزاحما متزايداً كل أسبوع، وأصبحت بمثابة منطقة حرة لا يجد فيها المحتج هراوة أو رصاصات طائشة أو قوات مكافحة الشغب، رغم أنها كانت تتواجد أحيانا في بداية الاعتصامات هناك، قبل أن يستوعب المعنيون أهمية حريتها في هذا الحيز. وقد وصل عدد جماعات الضغط –على حكومة مجور– المتواجدة فيها أحيانا إلى 15 جماعة، لكل منها قضية مختلفة (بالأمس فقط كان عدد الاعتصامات التي نفذت قرابة عشرة).


حين أطلق القيادي المعارض محمد الصبري على هذا المكان اسم "ساحة الحرية"، في بداية مشوار الاعتصامات، داعياً إلى فعاليات مستمرة فيه لكل أصحاب الحقوق والجماعات المدنية، التقط مصدر رسمي الفكرة وتبناها، وأُعلن عن توجيهات رئاسية بتخصيص "هايد بارك" أمام مقر الحكومة، تكون متنفسا للمعارضة وأصحاب الحقوق. وأتذكر يومها أن الأستاذ علي الصراري علق على ذلك بالقول: "إنهم يريدون تقييد حركتنا في قطعة أرض مساحتها بضعة أمتار!".


لقد أدت ما تسمى بـ"ساحة الحرية" دورها بشكل جيد حتى الآن، فهي أسهمت في تعزيز ثقافة المواطنين بسلوك طريق النضال السلمي والاحتجاج المدني الراقي، وأوصلت كثيراً من القضايا إلى وسائل الإعلام، وأصبحت في صدارة الاهتمام ولم تتركها للموت السهل، وربما تكون قد حلت بعض القضايا الصغيرة التي تقدر عليها حكومة مجور، وقدمت صورة ايجابية عن التجربة الديمقراطية في اليمن، ولفتت انتباه كثير من العامة ممن لم يسبق لهم أن فكروا بمظاهر احتجاج أخرى غير الصميل، إلى وسائل ضغط أخرى لاستخراج الحقوق، أو عدم دفن القضايا، وإن كانت لا تزال قاصرة في هذا الميدان العقيم.


وطالما حسب للمعارضة ومنظمات المجتمع المدني ترسيخها لمبدأ الاحتجاج السلمي والاعتصامات الحضارية، فإن عليها أن تنتقل إلى خطوة أخرى متقدمة، تنسجم مع ما تدعيه من غياب دولة المؤسسات وديكورية أداء الحكومة. عليهم المبادرة بالاعتصام أمام رئاسة الجمهورية.


أليس هذا منطقياً؟ أم أن ديمقراطية "ساحة الحرية" لا يمكن أن تغامر بالاقتراب من المكان الذي تدرك نخب تلك الساحة أن بيده الحل والعقد.


تلك خطوة متقدمة، نفذت قبل اختراع "ساحة الحرية"، ونفذ الصحفيون اعتصامات ناجحة في فترة سجن الأستاذ عبدالكريم الخيواني عام 2004، وكنت أنا ضمن عشرات الطلاب المحتجين عام 2003 أمام رئاسة الجمهورية بعد أن مللنا الاعتصام لأسابيع أمام رئاسة حكومة باجمال -عافاه الله- في خلاف لنا مع عمادة الكلية استعصى على الحكومة القول بغير الوقوف في صف الجانب الرسمي. تجمعنا في الضفة الأخرى للرئاسة، وشرعنا في رفع شعاراتنا؛ إلا أن حرساً مدنيا وعسكريا اقتربوا منا، وبدا أنهم مستعدون لكل شيء، لكنهم فضلوا البدء بالإجراء الأسهل مع طلاب يحسبونهم غاوين مشاكل، ومخدوعين بالديمقراطية، ومتجرئين على دولة المؤسسات، قالوا: "عطفوا الشعارات! هذه الفوضى ما تنفعش! جيبوا رسالة بمطالبكم ونوعدكم نوصلها لمكتب فخامة الرئيس ونتابعها". وبطبيعة الحال، كان علينا أن نثبت لحرس الرئاسة أننا متحضرون، ونحن مقتنعون أن خير الغنيمة من هذا المكان هي العودة بكرامتنا، فكيف إذا أضيف لها وعد من حراسة الرئيس. عطّفنا وقفلنا منتظرين وعد الحراسة بتجاوب رئاسي، جاء لاحقا ليعيدنا إلى مرمى الحكومة ووزارة التعليم العالي، التي بدأت تناقش المشكلة هذه المرة بقليل من الجدية، لأنها عادت من بوابة فخامة الرئيس!


قد يكون متفهماً اصطفاف الجماعات الشعبية والاجتماعية العادية أمام رئاسة الوزراء، باعتبار قصر نظرهم بالوضع السياسي وآلية صنع القرار؛ لكن اصطفاف أمناء عموم أحزاب المشترك وهيئاتهم التنفيذية وممثليهم في مجلس النواب، ومنظمات المجتمع المدني في مربع الحرية –على دلالته الرمزية بالتضامن– لا يمكن تفهمه، في ظل تأكيدهم غياب دولة المؤسسات، وحكم الفرد، وغياب القدرة في اتخاذ القرار عن الحكومة. وحتى القول بأن الاعتصامات تأتي للضغط على الحكومة لممارسة صلاحياتها في إدارة البلاد، ليس مقنعاً، وهم يعلمون أن ممارسة الحكومة لصلاحياتها تحتاج لقرار سياسي رفيع المستوى، ولن تستطيع الحكومة أن تمارس صلاحياتها حتى إن نزلت هي بكامل أعضائها للاعتصام في ساحة الحرية مطالبة بإطلاقها.


هناك بالتأكيد ساحة أخرى أكثر جدوى من الخدمة المجانية في "القاع"، في تقليد أسبوعي يمثل ترويجاً للديمقراطية التي يدعون زيفها، وربما تدرك الحكومة أو من يقف وراءها أن تلبية مطالب هؤلاء يعني التخفيف عن الساحة وتغييب أبرز مظاهر الديمقراطية، التي تظهر في شاشات الفضائيات، من حين لآخر.


هناك ساحة أخرى أكثر جدوى، سيكون على الرئيس أن يلوح يومياً للمتجمهرين فيها لدى دخوله وخروجه منها، وستعكس صورة أكثر جدية للديمقراطية في نسختها اليمنية، إن سُمح لهم بتجاوز مربع الحرية في قاع الحكومة.


أما الاستمرار في هذه الساحة فهذا يعني أن على الرئيس أن يحجز له مقعداً فيها ويمد رجليه، ويترك مطمئنا للمعارضة مهمة تكذيب ادعاءاتها، ويهتف مع جموع المعتصمين وفيهم نخب ساحة الحرية: تسقط حكومة مجور!

الثلاثاء، 2 يونيو 2009

لجنة حماية الصحفيين تخاطب أوباما قبيل خطابه المرتقب للعالم الاسلامي: الانتهاكات الاميركية لحرية الصحافة شجعت الانظمة الاستبدادية على تهميش الصحفيين


مع اقتراب موعد خطاب القاهرة، بعض الأقتراحات لرئيس اوباما


السيد الرئيس،
تكتب لكم لجنة حماية الصحفيين قبيل خطابكم المقرر أن تلقوه في القاهرة يوم الرابع من حزيران/ يونيو لتلفت انتباهكم إلى مسائل هامة وحاسمة لضمان النجاح على المدى الطويل لهدفكم المعلن والمتمثل في التواصل مع شعوب العالم العربي والإسلامي – وليس مع الأنظمة فيه وحسب.
ففي غضون بضعة أيام، سوف يستمع لحديثكم مئات الملايين من العرب والمسلمين فيما يساورهم مزيج من الشك والترقب المفعم بالأمل. وأود أن أقترح عليكم سيادة الرئيس وعلى إدارتكم خطوات ملموسة من شأنها أن تجعل سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة منسجمة مع الالتزام الذي لا يتزعزع في هذا البلد بضمان حرية الصحافة وحرية التعبير ليس داخله وحسب وإنما في كافة أنحاء العالم.
لقد ألحق قيام الولايات المتحدة باحتجاز الصحفيين في الخارج دون مراعاة الأصول القانونية ضرراً كبيراً بهيبتها في جميع أنحاء العالم ولا سيما في العالم الإسلامي. بل ويحتمل إنه قد ساهم أيضا في زيادة إجمالية في عدد الصحفيين المسجونين من قبل الأنظمة الاستبدادية التي استخدمت هذه السياسة كذريعة لتهميش الصحفيين الناقدين لها. ولغاية الآن، قامت الولايات المتحدة باحتجاز 14 صحفياً لفترات زمنية طويلة في العراق وأفغانستان وغوانتانامو دون مراعاة كافية للقوانين. ولا يزال أحد هؤلاء الصحفيين قيد الاحتجاز.
اعتقلت القوات الأمريكية المصور المستقل الذي يعمل مع وكالة رويترز إبراهيم جسام في منزله الواقع على مشارف بغداد يوم 2 أيلول/ سبتمبر 2008. وفي 30 تشرين الثاني/ نوفمبر أصدرت المحكمة الجنائية المركزية العراقية قرارها بعدم وجود دليل يستدعي احتجاز إبراهيم جسام. وصدر أمر بأن تقوم القوات الأمريكية بإطلاق سراحة، بيد أن السلطات العسكرية الأمريكية رفضت ذلك حيث خلصت إلى أنه "ما زال يمثل تهديداً خطيراً لأمن العراق واستقراره." ولم يقدم الجيش دليلاً يؤيد صحة ما خلص إليه. وفي إحدى المراسلات المؤرخة في 9 شباط/ فبراير 2009، أخبر رئيس مكتب الشؤون العامة الرائد نيل فيشر لجنة حماية الصحفيين بأن إبراهيم جسام "ينتظر الإفراج عنه... كبقية المحتجزين البالغ عددهم 14,800 تقريباً" وفقا "لترتيب يستند إلى تقييم مستوى التهديد الذي يمثلونه" ولم يقدم فيشر أي تفاصيل إضافية حول موعد القيام بذلك.
إن من شأن الإفراج الفوري عن إبراهيم جسام، وهو آخر صحفي لا يزال محتجزاً من قبل الولايات المتحدة، وإبداء التزام راسخ بمنح أي صحفي يُعتقل مستقبلاً مراجعة قضائية ضمن وقت معقول أن يبعث برسالة واضحة إلى شعوب العالم الإسلامي مفادها بأن الولايات المتحدة قد طوت فصلاً عسيراً من فصول التاريخ وأنها تحفظ التزامها المعلن بضمان حرية الصحافة.
لقد سقط منذ عام 2003 ما لا يقل عن 16 صحفيا قتيلا بنيران القوات الأمريكية في العراق بينما أُصيب عدد غير محدد بجراح خطيرة. وتظهر أبحاث لجنة حماية الصحفيين بأن الجيش الأمريكي لم يجرِ تحقيقات سوى في عدد قليل من هذه الوفيات، وبرأ جنوده من ارتكاب أي خطأ في جميعها. كما لم يتم الإعلان عن النتائج الموضوعية لهذه الحالات، ومنها الضربة الجوية التي استهدفت في عام 2003 مكتب قناة الجزيرة في بغداد وأودت بحياة مراسلها طارق أيوب.
ينبغي للسلطات العسكرية الأمريكية إجراء تحقيقات شاملة في جميع الحالات التي قضى فيها صحفيون حتفهم بنيران أمريكية. كما يتعين الإعلان عن نتائج هذه التحقيقات وينبغي إدماج الاستنتاجات المتمخضة عنها في الإجراءات التنفيذية للجيش. ولا تعد خطوة من هذا القبيل مفيدة وحسب في تحقيق أهداف عسكرية أمريكية مستقبلية، بل إنها عامل أساسي أيضا في كسب جماهير المسلمين الذين خابت آمالهم بالانعدام الحقيقي أو المتصور للمساءلة عن مقتل الصحفيين والمدنيين في العراق وأفغانستان. وقد خلص تقرير أعدته لجنة حماية الصحفيين حول قيام دبابة أمريكية بقصف فندق فلسطين في عام 2003 وقتل المصور الإسباني خوسيه كوسو والمصور الأوكراني تاراس بروتسيوك إلى أن خللاً واضحاً في القيادة والسيطرة على العمليات كان عاملاً مساهماً في الحادثة.
سيادة الرئيس أوباما، عندما كتبنا لكم في كانون الثاني/ يناير قبيل توليكم منصبكم، طلبنا منكم ضمان أن يتم تدريب الجنود الأمريكين، الذين يجدون أنفسهم منخرطين أكثر فأكثر في عمليات قتالية ضد خصوم يتحركون ضمن صفوف السكان المدنيين، على مراعاة حضور الصحفيين الذين لديهم كل الحق في تغطية الصراع. وكثيرة جداً هي الحالات التي تتلقى لجنة حماية الصحفيين فيها تقارير من صحفيين محليين في بلدان كأفغانستان والعراق عن قيام القوات الأمريكية باحتجازهم وبإساءة معاملتهم لفظيا بل وجسدياً أحيانا.
وكما تعلمون، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحوي بعض أكثر البيئات قمعاً للصحفيين في العالم. إذ يتعين على الصحفيين في مصر، على سبيل المثال، أن يحتملوا تهديدات ضمنية وصريحة عديدة تستهدف أمنهم ولامتهم الجسدية في سبيل نقل أخبار الفساد، وسوء الإدارة، والإهمال إلى جمهور القراء.
ونحن إذ نشيد بالبيان الذي أصدرتموه في 3 أيار/ مايو بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة والذي قلتم فيه بأن الولايات المتحدة "تدق ناقوس الخطر إزاء تزايد عدد الصحفيين الذين يتم إسكاتهم إما بالقتل أو الحبس عند محاولتهم نقل الأخبار اليومية للعامة،" فإننا نطلب منكم التأكيد على هذا الالتزام وأنتم في قلب العالم العربي بالسعي لإطلاق سراح الصحفيين المسجونين ظلماً لمجرد أنهم يقومون بما يقوم به زملاؤهم في الولايات المتحدة كل يوم ألا وهو نقل الخبر كما يرونه.
مع خالص التقدير،
جويل سايمون
المدير التنفيذي

نسخة الي:
هيلاري رودهام كلنتن، وزيرة الخاجية الامريكية
الجمعية الأمريكية لمحرري الصحف
منظمة العفو الدولية
منظمة المادة 19 (المملكة المتحدة)
صحفيون كنديون لحرية التعبير
قسم حرية التعبير والديمقراطية في اليونسكو
ملتقى الحرية
فريدوم هاوس
هيومن رايتس ووتش
مؤشر الرقابة
المركز الدولي للصحفيين
الاتحاد الدولي للصحفيين
نادي القلم الدولي
المعهد الدولي للصحافة
رابطة الصحف
اتحاد وسائل البث في أمريكا الشمالية
نادي الصحافة الأجنبية

As Cairo speech nears, concerns for Obama


June 1, 2009
President Barack Obama
The White House
1600 Pennsylvania Avenue, NW
Washington, D.C. 20500
Via facsimile 202-456-2461
Dear Mr. President,
The Committee to Protect Journalists is writing ahead of your scheduled speech in Cairo on June 4 to bring to your attention important matters that are crucial to the long-term success of your stated goal of engaging the people—and not just the regimes—of the Arab and Muslim worlds.
In a few days, hundreds of millions of Arabs and Muslims will be listening to you with a mix of skepticism and hopeful anticipation. I would like to suggest concrete steps that you and your administration can take to bring U.S. policy in the region in line with the country’s unwavering commitment to press freedom and free expression, not just at home but also across the globe.
The overseas detention of journalists without due process has markedly damaged U.S. prestige worldwide and especially in the Muslim world. It is likely that it has also contributed to an overall increase in imprisoned journalists by authoritarian regimes that have used this policy as a pretext for sidelining critical journalists in their own countries. To date, 14 journalists have been held by the United States for extended periods of time without adequate legal consideration in Iraq, Afghanistan, and Guantanamo. One remains in custody.
Reuters freelance photographer Ibrahim Jassam was detained by U.S. forces at his home just outside Baghdad on September 2, 2008. A November 30 Iraqi Central Criminal Court decision found that there was no evidence to hold Jassam, and an order that U.S. forces release him was rejected by U.S. military authorities, who concluded that he “continued to pose a serious threat to the security and stability of Iraq.” The military did not provide evidence to corroborate that finding. In correspondence dated February 9 of this year, Chief of Public Affairs Major Neal Fisher told CPJ that Jassam “is awaiting release ...as [are] the other remaining approximate 14,800 detainees” in accordance with a “ranking based on their assessed threat” level. Fisher could not provide more detail as to when that would take place.
The prompt release of Ibrahim Jassam, the last remaining journalist in U.S. custody, and a firm commitment that any journalists detained in the future will be guaranteed a timely judicial review would send a clear message to the people of the Muslim world that the United States has brought a difficult chapter of history to an end and is upholding its stated commitment to press freedom.
Since 2003, at least 16 journalists have died and an undetermined number have been seriously injured by U.S. fire in Iraq. CPJ research indicates that the U.S. military has investigated less than a handful of these deaths, and has absolved troops of wrongdoing in all of them. The substantive results of these cases, such as the 2003 strike on Al-Jazeera’s Baghdad bureau that killed correspondent Tareq Ayyoub, have not been made public.
U.S. military authorities should conduct thorough investigations into all instances of journalists killed by U.S. fire. The results of these investigations must be made public and their conclusions should be integrated into the military’s operational procedures. Such a step is not only beneficial for future U.S. military objectives, it is also an essential element in winning over the masses of Muslims who have been disillusioned by the real or perceived lack of accountability for journalist and civilian deaths in Iraq and Afghanistan. CPJ’s own report into a U.S. tank shelling of the Palestine Hotel in 2003, which killed Spanish cameraman Jose Couso and Ukrainian cameraman Taras Protsyuk, concluded that an apparent breakdown in operational command and control was a contributing factor.
President Obama, when we wrote to you in January just before you assumed office, we asked you to ensure that as U.S. troops find themselves increasingly engaged in fighting foes that move among the civilian population, they are trained to accommodate the presence of journalists who have a legitimate right to cover the conflict. Far too often CPJ gets reports from local journalists in countries such as Afghanistan and Iraq of verbal and sometimes physical abuse and detention by U.S. troops.
As you know, the Middle East and North Africa have some of the most repressive environments for journalists in the world. Journalists in Egypt, for example, must endure numerous implicit and explicit threats to their safety and physical integrity to bring news of corruption, mismanagement, and negligence to their audiences.
We commend you for your statement on May 3, World Press Freedom Day, in which you said that the United States “sound[s] the alarm about the growing number of journalists silenced by death or jail as they attempt to bring daily news to the public.” We ask that you reaffirm this commitment when you travel to the heart of the Arab world by seeking the release of journalists unjustly jailed merely for doing what their colleagues in the United States do every day: Report the news as they see it.
Sincerely,
Joel Simon
Executive Director
CC:
Hillary Clinton, U.S. Secretary of State
American Society of Newspaper Editors
Amnesty International
Article 19 (United Kingdom)
Artikel 19 (The Netherlands)
Canadian Journalists for Free Expression
Freedom of Expression and Democracy Unit, UNESCO
Freedom Forum
Freedom House
Human Rights Watch
Index on Censorship
International Center for Journalists
International Federation of Journalists
International PEN
International Press Institute
Karen B. Stewart, Acting U.S. Assistant Secretary of State for Democracy, Human Rights, and Labor
The Newspaper Guild
The North American Broadcasters Association
Overseas Press Club

The Committee to Protect Journalists is a New York-based, nonprofit, nonpartisan organization dedicated to defending press freedom around the world.


English URL: http://cpj.org/2009/06/as-cairo-speech-nears-concerns-for-obama.php

Arabic URL: http://cpj.org/ar/2009/06/011312.php

الجمعة، 29 مايو 2009

لجنة حماية الصحفيين تدعو الرئيس لوضع حد فوري للهجمات ضد الصحافة


ترجمة خاصة بمدونة أحرار
إلى الرئيس علي عبدالله صالح
نسخة إلى السفارة اليمنية في واشنطن
2600 طريق فرجينيا , نيويورك واشنطن دي سي 20037عبر الفاكس : 202-337-2017

فخامة الرئيس،
تخاطبكم لجنة حماية الصحفيين للتعبير عن قلقها ازاء الحملة الحكومية على وسائل الاعلام التي تغطي الاحتجاجات المدنية في الجزء الجنوبي من اليمن.
في الاسابيع الاخيرة رصدت لجنة حماية الصحفيين عدداً مذهلاً من الهجمات من قبل الحكومة على العديد من الصحف والمواقع الالكترونية الناقدة لها، ابتداء من منع الصحف من البيع لابقاء الصحفيين بمعزل عن العالم الخارجي، إلى مهاجمة واحراق مكاتب الصحف، والاكثر اثارة للقلق، انشاء محكمة خاصة للنظر في جرائم النشر.
منذ 1 مايو ، سجلت لجنة حماية الصحفيين الهجمات التالية على الصحافة المستقلة الناقدة في اليمن :
- في 1 مايو، أحرقت جماعة مسلحة آلاف النسخ من صحيفة الايام التي تصدر في عدن، ويؤكد العاملون في الصحيفة أن المسلحين كانوا يقومون بذلك نيابة عن السلطات. وفي اليوم التالي، صادرت نقطة عسكرية قرابة 50 الف نسخة من الصحيفة التي كانت بصدد التوزيع للقراء في جميع انحاء البلاد. وفي 3 مايو حاصرت قوات الامن مبنى مطابع الايام ومنعت إصدار الصحيفة. ومن ذلك الحين ، لم تصل الصحيفة إلى أكشاك بيع الصحف.
- في 2 مايو، تناقلت وسائل اعلام محلية ودولية خبراً عن صدور توجيهات وزارة الاعلام بحظر بيع صحف المصدر، الوطني، الديار، المستقلة، النداء، الشارع. وكانت هذه الصحف كافة قد غطت الاحتجاجات الاخيرة في جنوب اليمن. والاسبوع الماضي، سمحت الوزارة لصحف الشارع والديار بالطباعة، لكن صحفيين محليين اخبروا لجنة حماية الصحفيين أن ثمان صحف اخرى حظرت من الطباعة حتى 20 مايو، وأفادوا أنها منعت بأوامر من وزارة الاعلام.
- في 4 مايو، اعتقلت قوات الامن فؤاد راشد رئيس تحرير موقع المكلا برس خلال عملية مداهمة في مدينة المكلا، ووضع في حجز انفرادي، طبقا لصحفيين محليين. وقد وجدت اللجنة أن موقع المكلا برس كان محجوباً حتى 20 مايو.
- في 8 مايو، وجهت النيابة العامة في عدت استدعاء لرئيس تحرير الايام هشام باشراحيل، في مكتبه، وعلى ما يبدو أنه كان متعلقاً بقضية رفعتها وزارة الاعلام. ورغم عدم تحديد تهم معينة في الاستدعاء، إلا ان المدير العام للايام باشراحيل باشراحيل قال انه من المحتمل بأن الاستدعاء متعلق بتغطية صحيفة الايام الناقدة للاحتجاجات في جنوب اليمن.
- وفي 10 مايو، داهمت قوات الامن منزل يحيى با محفوظ، وهو مدون ومحرر سابق في موقع حضرموت، وقامت باعتقاله، وتم مصادرة جهاز الكمبيوتر والوثائق الخاصة خلال المداهمة، وتم احتجازه منفرداً مذاك، طبقا لصحفيين محليين.
- في 11 مايو، قرر مجلس القضاء الاعلى انشاء محكمة خاصة بالصحافة للنظر في قضايا الصحافة. وقد ادعت السلطات انه ومن خلال انشاء هذه المحكمة الخاصة فإن القضاة سيكونون قادرين على التسريع من انجاز اجراءات التقاضي في قضايا الصحافة، لكن توقيت هذا القرار يثير تساؤلات جدية عن حملة منسقة تستهدف الصحافة الناقدة. فيما احتج الصحفيون المحليون على المحكمة، واعتبروها غير دستوريةز
- في 18 مايو، حجبت السلطات موقع التغيير الاخباري المستقل، ومقره صنعاء، على الزائرين من داخل اليمن، طبقا لعرفات مدابش رئيس تحرير الموقع في حديث ادلى به للجنة حماية الصحفيين. ورغم ان السلطات لم تقدم اي تبرير لهذا الاجراء، إلا أن مدابش يؤكد أن الحجب متعلق بتغطية الموقع للاحتجاجات في الجنوب. ولا زال الموقع محجوباً في اليمن حتى 21 مايو الجاري، طبقا لمدابش. واضافةالى ذلك، فإن مواقع صحف الشارع والمصدر والايام، حجبت عن التصفح داخل اليمن كما أفاد صحفيون محليون اللجنة.
- في 18 مايو، تم استجواب رئيس تحرير صحيفة النداء سامي غالب، من قبل النيابة العامة بتهم "التحريض على العصيان المسلح، والتحريض ضد الوحدة الوطنية ونشر مقالات ومواضيع تثير الطائفية"، يضيف غالب أن وزارة الاعلام تقاضيه إضافة إلى ثلاثة من طاقم الصحيفة. وطبقا لصحفيين محليين فإن الوزارة تقاضي صحفاً أخرى كالشارع والمصدر والديار، والوطني بتهم شبيهة.وطبقا لغالب فإنه اذا ما تمت ادانة الصحفيين، فإن العقوبة قد تصل إلى الاعدام.
- كانت صحيفة الايام هدفا لهجمة قوية من قبل السلطات. وفي 13 مايو حاصرت قوات الامن مجمع صحيفة الايام في عدن ثم هاجمته. وقال مدير عام صحيفة الايام أنه قبيل الظهر هاجمت مجموعة من قوات الامن مكاتب الصحيفة من عدة اتجاهات. وأدت الاشتباكات بين المهاجمين وحراس الصحيفة والتي استمرت نحو ساعة إلى مقتل أحد المارة، وجرح اثنين من حراسة الصحيفة. وقد بررت قوات الامن هذا الاجراء بأنها كانت تحاول تنفيذ امر المثول امام المحكمة لرئيس تحرير الايام هشام باشراحيل، ونجله هاني باشراحيل، والموظف الذي استدعي من قبل نيابة صنعاء للرد على الاسئلة المتعلقة بقضية 2008 التي قتل فيها حراس الصحيفة المعتدي عليها. وتعود جذور القضية إلى حادثة وقعت في 12 اكتوبر 2008، حينما هاجمت جماعة مسلحة مكاتب صحيفة الايام في صنعاء، في محاولة للاستيلاء على المبنى، طبقا لمحامي باشراحيل. وقد اندلعت المواجهات بين المهاجمين وحراس الصحيفة وادت إلى مقتل احد المهاجمين. وأكد محامو باشراحيل للجنة حماية الصفيين أنه وفي تحريات النيابة بعد الحادثة، تم تبرئة هشام باشراحيل ونجله هاني من ارتكاب اي جريمة. وقد جاء امر المثول بعد اتهام اسرة القتيل باشراحيل ونجله بتحريض الحارس على قتل المهاجم. يؤكد محامو باشراحيل أن النيابة العامة انتهكت القانون لأن الاستدعاء صدر دون الحصول على أدلة جديدة. ويضيف المحامون بأن الاستدعاء يخالف القانون الاجرائي، الذي ينص أن على المواطنين أن يمثلوا أمام النيابة العامة في المدينة التي يتواجدون بها. وفي هذه القضية، استدعي باشراحيل للمثول في نيابة صنعاء عوضاً عن عدن.


إننا نحثكم لتوجيه جميع الجهات ذات العلاقة في حكومتكم لوضع حد فوري لهذه الهجمات، وتوجيه اوامركم لوزارة الاعلام لاسقاط الدعاوى القضائية المعلقة المرفوعة لمضايقة الصحف، وتوجيه الامر بإطلاق سراح الصحفي والمدون المعتقلين دون تأخير.. يجب أن لا يخضع الصحفيون للرقابة خلال فترة حرجة في بلدك.
نحن نطالب حكومتكم بإلغاء المحكمة الخاصة بالصحافة، واحالة جميع القضايا المتعلقة بالعمل الصحفي إلى المحاكم العادية. هذه المحكمة سيكون لها فقط تأثير مروع على الصحفيين، الذين سيتخوفون كثيراً من الملاحقة لمحجرد ممارستهم لعملهم.
شكرا جزيلا لاهتمامكم بهذه القضايا العاجلة، ونتطلع إلى تسلم ردكم.

مع خالص التقدير ،

جويل سايمون

المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين.
تاريخ الرسالة 22 مايو 2009

الأحد، 24 مايو 2009

CPJ appeals to Yemen to end crackdown on media


May 22, 2009
President Ali Abdullah Saleh
C/o Embassy of the Republic of Yemen
2319 Wyoming Avenue, NW
Washington, D.C. 20008

Via facsimile 202-337-2017

Your Excellency,

The Committee to Protect Journalists writes to express its concern about your government's recent crackdown on media outlets that have covered civil unrest in the southern part of Yemen.

In recent weeks, CPJ has documented a staggering number of attacks by the government on critical newspapers and Web sites--from the barring of newspapers sales to holding journalists incommunicado to attacking and firing at the offices of a newspaper and, most disturbingly, the establishment of a special court to try press offenses.

Since May 1, CPJ has noted the following attacks on independent and critical press in Yemen:

· On May 1, thousands of copies of the Aden-based Al-Ayyam newspaper were burned by a group of armed men who newspaper staffers believe were acting on behalf of authorities. The next day, military checkpoints outside Aden confiscated around 50,000 copies of the newspaper that were destined for readers throughout the country. On May 3, security forces besieged Al-Ayyam's printing house, preventing the production of the newspaper. Since then, Al-Ayyam has not been able to reach newsstands.
· On May 2, local and regional news Web sites reported on an order issued by the Ministry of Information to ban the sale of Al-Masdar, Al-Wattani, Al-Diyar, Al-Mustaqila, Al-Nida, and Al-Share. All of those newspapers had covered the recent unrest in southern Yemen. Last week, the ministry allowed Al-Share and Al-Diyar to be printed, but local journalists told CPJ that eight other newspapers have been forbidden to print as of May 20, reportedly by order of the Ministry of Information.
· On May 4, during a raid in Al-Mukalla city security forces detained Fuad Rashid, editor-in-chief of the Mukalla Press Web site. He has been held incommunicado, local journalists said. CPJ found that Mukalla Press was inaccessible as of May 20.
· On May 8, the prosecutor's office in Aden sent a summons to Al-Ayyam's editor-in-chief, Hisham Bashraheel, to appear at his office in relation to a lawsuit filed by ‎the Ministry of Information. Although specific charges were not mentioned in the order, Bashraheel Bashraheel, general manager of Al-Ayyam‎, said he ‎believed that they were likely ‎related to the newspaper's critical coverage of the unrest in the south of the country.‎‏
· On May 10, security forces stormed the house of Yahya Bamahfud, a blogger and former editor of the Hadhramaut Web site, and detained him. His computers and documents were confiscated during the raid, and has been held incommunicado since, local journalists told CPJ.
· On May 11, the High Judicial Council decided that it would establish "a special press court" to try press offenses. Authorities have claimed that by establishing this special court judges would be able to speed up legal proceedings of press offenses, but the timing of the announcement raises serious questions about a concerted campaign targeting critical media. Local journalists protested the court, saying that it was unconstitutional.
· On May 18, Al-Tagheer, a Sana'a-based independent news Web site, reported that authorities have blocked access to the site inside the country, Arafat Mudabish, editor-in-chief, told CPJ. Although authorities have not provided any justification for this action, Mudabish said he believed that it might be the result of the site's coverage of the southern unrest. The site remained blocked inside Yemen as of May 21, he told CPJ. Additionally, the sites of Al-Share, Al-Masdar, and Al-Ayyam have also been blocked inside the country, local journalists told CPJ.
· On May 18, Sami Ghaleb, editor-in-chief of the weekly Al-Nida, was ‎investigated at the Sana'a prosecution office on charges of ‎"inciting armed ‎disobedience, incitement against national unity, and publishing articles ‎and ‎subjects that promote sectarianism," he told CPJ. Ghaleb and three of the ‎newspaper staffers have been sued by the Ministry of Information‎‏, he said. ‏‏ ‏According to local journalists other newspapers such as Al-Share, Al-Masdar, Al-‎Diyar, and Al-Wattani have been sued by the Ministry of Information on similar ‎charges. If the staffers are convicted, the punishment could be the death penalty, Ghaleb told CPJ.
· Al-Ayyam's has been the target of a harsh crackdown by authorities. On May 13, security forces surrounded and then attacked the compound that houses Al-Ayyam in Aden. Al-Ayyam's general manager told CPJ that just before noon a group of security forces attacked the offices from multiple directions. The clashes between the attackers and the newspaper's guards lasted about an hour; a passerby was killed and two guards were injured.
Security forces justified their attack, saying that they were attempting to enforce an order to appear before a court for Al-Ayyam editor-in-chief Hisham Bashraheel, his son Hani Bashraheel, and a staffer who had been summoned by the Sana'a prosecutor's office to answer questions relating to a 2008 case in which the newspaper's guards killed an assailant.

The case stems from an incident that occurred on February 12, 2008, when a group of gunmen attacked the offices of Al-Ayyam in Sana'a in an attempt to take over the buildings, Bashraheel's lawyers told CPJ. Clashes between the assailants and the newspaper's guards broke out and resulted in the death of one assailant. In a police investigation after the incident, Hisham Bashraheel and his son Hani Bashraheel were cleared of committing any offense, their lawyers told CPJ.

The order to appear in court was issued after the family of the killed assailant accused the three men from Al-Ayyam of inciting guards to kill the attacker. Bashraheel's lawyers told CPJ that the prosecutor's office violated the law because the summons was issued without obtaining new evidence. His lawyers also said that the summons violates procedural law, which states that citizens should appear before the prosecutor in the town where they reside. In Bahsraheel's case he has been summoned to appear before Sana'a's instead of Aden's prosecutor.

We urge you to direct all relevant agencies within your government to put an immediate end to these attacks, order the Ministry of Information to drop pending harassing lawsuits filed against the media, and order the release of the detained journalist and blogger without delay. Journalists must not be censored during such a critical time for your country.

We ask that your government dissolve the special press court and refer all journalism-related offenses to Yemen's ordinary ‎courts. ‎This special court will only have a chilling effect on journalists, who will more greatly fear prosecution for merely doing their jobs.

Thank you for your attention to these urgent matters. We look forward to your reply.

Sincerely,


Joel Simon Executive Director

الجمعة، 22 مايو 2009

بيان من صحيفة الشارع بشأن منع رئيس تحريرها من مزاولة المهنة لمدة عام


أيدت محكمة استئناف أمانة العاصمة صنعاء حكماً ابتدائياً قضى بإيقاف الزميل خالد سلمان, رئيس التحرير السابق لصحيفة الثوري, عاماً كاملاً عن رئاسة تحرير أي صحيفة, وإيقاف الزميل نائف حسان, رئيس التحرير, عن مزاولة مهنة الصحافة لمدة عام؛ على خلفية قضية رفعتها وزارة الدفاع اليمنية, قبل نحو 3 سنوات.
وقد سلمت نيابة الصحافة والمطبوعات الزميل نائف حسان صورة من منطوق حكم الاستئناف رغم مُضي أكثر من 8 أشهر على صدوره؛ إذ صدر في 12 أكتوبر 2008, مؤيداً للحكم الابتدائي, الذي صدر عن محكمة غرب الأمانة في 8 يوليو 2006. وتُطالب النيابة بتنفيذ الحكم الذي قضى أيضاً بتغريم الزميلين نائف حسان, وخالد سلمان (يعيش اليوم في بريطانيا كلاجئ سياسي) 10 آلاف ريال كحق عام, ومليون ريال تعويضاً لوزارة الدفاع.
إن هذا الحكم, والتأييد الاستئنافي له, يُمثلان سياسة بالغة الخطورة؛ لأن المنع من مزاولة المهنة يُمثل ضربة حقيقية فادحة للصحافة وحرية الرأي والتعبير, عبر هكذا أحكام الهدف منها فرض حصار على الصحفيين, ومنعهم من العمل والحياة الكريمة.
وإذ تدين صحيفة الشارع هذا الحكم, تُحذر من خطورة دفع القضاء إلى إصدار مثل هذه الأحكام الغرائبية, التي تتجاوز سياسة تضييق وإرهاب الصحافة, إلى تهديد حياة الصحفيين, بشكل فعلي, بمنعهم من مزاولة عملهم المهني استناداً إلى أحكام قضائية لم يعد لها وجود اليوم حتى في الدول الأكثر شمولية وتضييقاً على الصحافة.
وتدعو صحيفة الشارع الأحزاب السياسية, والمنظمات المحلية والعربية والدولية, إلى إدانة هذا الحكم, الذي جرى تحريكه في ظل حالة الطوارئ الاستثنائية, التي تعيشها الصحافة في اليمن؛ بعد أن دشنت السلطات الرسمية, منذ أكثر من 3 أسابيع, حملة هستيرية بدأت بسحب ومصادرة صحيفة الشارع, و7 صحف مستقلة أخرى, من مكتبات وأكشاك البيع, ثم وصلت إلى فرض رقابة مسبقة على هذه الصحف, ومنعها من الطباعة استناداً إلى قرارات إدارية شفوية مازالت سارية المفعول حتى اليوم.
وتود صحيفة الشارع التأكيد بأن مطابع مؤسسة الثورة الرسمية رفضت أيضاً, اليوم الجمعة, طباعة العدد الـ97 منها؛ بحجة وجود تعليمات من قِبل وزارة الإعلام قضت بمنع طباعة الصحيفة, وهي تعليمات المنع ذاتها التي حالت دون إصدار عدد الأسبوع المنصرم من صحيفة الشارع, وبقية الصحف التي استهدفتها حملة الرقابة والمنع الرسمية. وكانت صحيفة الشارع واجهت, الأسبوع قبل المنصرم؛ قرار المنع من الطباعة؛ إذ لم تتمكن من إصدار عددها الـ96 إلا بعد جهود مضنية استمرت أكثر من 24 ساعة.
تعيش الصحافة في اليمن محنة حقيقية, وتداعيات كارثية, تستهدف ضرب هذه المهنة, وإخضاعها لسقف رسمي في العمل يراعي السياسة الرسمية وتوجهاتها, عبر سياسة التضييق التي وصلت إلى عمليات المصادرة, والرقابة المسبقة, والمنع من الطباعة.
وتُعبر صحيفة الشارع عن بالغ أسفها من التوجهات الرسمية التي تُحاول تحميل الصحافة المستقلة مسؤولية فشل السياسات الرسمية التي فاقمت الأزمة, ولم تتمكن من ضمان حماية الوحدة وضمان الاستقرار في البلاد, جراء تعاظم الفساد, وتدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي لليمنيين.
إن حالة الطوارئ غير المعلنة المفروضة اليوم على الصحافة في البلاد؛ تقتضي من جميع المهتمين بالديمقراطية وحرية الرأي والتعبير, في اليمن والعالم العربي والعالم, التدخل لدى الحكومة اليمنية, والضغط عليها لحماية الهامش الديمقراطي في اليمن, ورفع حالة الحصار المفروضة على الصحافة. وتجدر الإشارة إلى أن حالة الحصار المفروضة حالياً على الصحافة ألحقت, بالصحف الـ8, أضراراً مادية فادحة أصبحت تُهدد اليوم, بدخولها الأسبوع الثالث على التوالي, مصدر رزق, وحياة أكثر من 200 صحفي وفني وعامل توزيع في هذه الصحف.