الثلاثاء، 16 فبراير 2010

صعدة.. اتفاقية سلام لا تخلو من ثغرات
كتب سامي نعمان

جريدة النداء
منتصف ليل الخميس الماضي كانت أطراف النسخة السادسة من حرب صعدة، يعلنون انتهاء العمليات العسكرية بناء على شروط حكومية، وليلتها كانت الحرب قد طوت شهرها السادس تماماً، رغم أن التوافق على تلك الشروط كان قد بدر بعد أقل من شهرين على اندلاع جولة الحرب هذه، لكن ذلك لم يحصل.. ربما لأن ما كان ينقص أطراف الصراع هو المزيد من السيطرة على الارض في إطار المساعي لإثبات غرور القوة الذي يتماهى على الأرض.. لا بل كان ينقصهم أكثر: المزيد من الخسائر في الأرواح والعتاد، وأكثر من ذلك المدنيين الذين شردوا وسط ظروف إنسانية بالغة الحرج.. لقد كان أكثر ما ينقصهم حينها هو الشعور بالحاجة لوقفها ربما، فالآثار التي خلفتها وقتئذ لم تكن باعثة على التفكير بخيار السلام.. كان ينقصهم أيضاً لإعلان هذا الخيار حينئذٍ جر طرف إقليمي آخر إلى الصراع ليدركوا جميعا أن الحكومة اليمنية والحوثيين يقاتلون ويجنحون أحياناً لهدنة التقاط الأنفاس. وكما هو خيار الحرب صعبٌ على الجميع، فإن خيار السلام ليس بالأمر السهل في منطقة تتداخل فيها كل العقد القبلية والدينية والعسكرية وحتى الانتهازية.. لا شك أن هذا الطرف الذي طالما اتُّهم بالضلوع في الحروب السابقة، وطالما كانت له مواقف تؤثر إيجاباً في اتخاذ قرار الحرب، وعلى فرص السلام سلباً، قد أدرك الآن أن الحليف اليمني ينتهز فرص السلام أحياناً تحت وطأة خيار "مكرهٌ أخاك لا بطل".
إنها الصورة ذاتها تتكرر، اتفاقيات سلام لا تخلو من ثغرات تبعث على أسباب حرب جديدة، لجان تعمل في ظل واقع مرير وغامض لا يخلو من رغبة شديدة لدى العديد من تجار الحروب والمستفيدين من استعارها، وانتهاكات لا تكاد تتوقف، ولا يمتلك الطرفان من الثقة بالآخر ما يكفي لتبريرها بحسن نية.. دعاة حرب يدعون ليل نهار بفشل فرص السلام، ويرون دخان الحرب أصلح للبلد من غيره، إنهم يرون في حقن الدماء خيانة للشهداء، ويرون في استمرار إراقتها انتصاراً لهم... تصريحات تتحدث عن مرحلة بناء وتنمية قادمة وفقا لرجال السلطة... هذا الكلام سُمع كثيراً، وتلك الشروط تكررت مراراً خصوصاً إثر تدخل الوساطة القطرية لوقف الحرب الرابعة، وإثر التوافق الغامض على وقف الحرب الخامسة في 17 يوليو 2008 بإرادة داخلية صرفة.. وقبلها كانت وقفات لا ترقى الى مستوى يمكن وصفه باستراحة محارب، فقد كانت فترات التقاط الأنفاس لا أكثر في منطقة ألفت الحروب والصراعات العسكرية والفكرية، وتعايشت انسجاماً مع واقع يقول إنها أكثر مناطق الإقليم ازدهاراً في تجارة السلاح.

إرهاصات الاتفاق
منذ ما يزيد عن الأسبوعين كانت طبخة الاتفاق تعتمل بانتظار النضج، وكان اجتماع لندن من أبرز المحفزات للحكومة اليمنية للمضي في خيار إنضاج هذه الطبخة.
تفاعلت خلال الأسبوعين الماضيين، وبشكل متسارع، إرهاصات السلام، بدرت مواقف إيجابية من الطرفين المثقلين بغبار الحرب.. لقد تفهم كل طرف إلى حد ما اشتراطات الآخر، وبدت لهما منطقية، وكان هناك من العوامل الداخلية والخارجية ما يكفي لاتخاذ قرار كهذا، فأزمات البلاد المحدقة تحتاج إلى إعادة ترتيب الأولويات، وبالتأكيد فإن الطرف اليمني الرسمي ليس من يقرر لوحده ما هي أولوية المواجهة في المرحلة القادمة، ولن تتحكم رغباته في تقريرها، فالقضية أكبر من أن تكون شأناً داخلياً في كثير من جوانبها.
في الـ25 من يناير الماضي، أعلن الحوثي انسحابه من الأراضي السعودية، وفي الـ30 من الشهر ذاته بادر بالإعلان عن قبوله بالشروط الحكومية الخمسة، ثم أعلن قبوله بالسادس المضاف مؤخراً من قبل اللجنة الأمنية العليا، والذي يشترط الالتزام بعدم الاعتداء على الشقيقة السعودية.. ليعلن مستشار الرئيس عبدالكريم الإرياني في السادس من فبراير الجاري عن آلية تنفيذية لوقف الحرب وتنفيذ الشروط الستة عبر لجان تراقب تنفيذ تلك الشروط عبر جبهات الحرب الاكثر اشتعالاً، وهي الآلية التي تحفظ عليها الحوثي وأضاف عليها بعض المقترحات التي قوبلت بموافقة حكومية أفضت إلى الإعلان عن وقف الحرب في نهاية شهرها السادس.
ورغم أن الاتفاق لا يبدو مختلفاً عن اتفاقات سابقة في كثير من إرهاصاته، ومؤشراته بعد الاعلان والتوقيت الزمني من حيث الاتهامات المتبادلة والتشكيك والخروقات والتوجس المتبادل، وربما يفتقر لطرف دولي ممول وداعم صريح للإعمال كذاك الذي تكفلت به قطر في الاول من فبراير 2008، إلا أنه يكتسب هذه المرة دعماً دوليا يعزز رصيده في الصمود أكثر، فبعض الدول الغربية قد بادرت إلى مباركة الاتفاق، فضلاً عن أنه يأتي بتنسيق يمني سعودي يزيد ذلك الرصيد حظاً في الاستمرار في خيار السلام.
مباركة دولية
أشارت "النداء" الأسبوع الماضي إلى تحركات دولية تحفز الحكومة اليمنية على بذل جهود أكبر على معالجة المشاكل الداخلية وفي طليعتها قضية صعدة، خصوصاً بعد أن وصلت تلك الدول إلى قناعة شبه مؤكدة بأن إيران ليست ضالعة بصورة مباشرة في الحرب، ولا دليل ملموساً على ما تدعيه اليمن بخصوص التدخل الايراني في شؤونها ومقاتلة الحوثيين بالنيابة عنها في إطار تصفية حسابات إقليمية، فضلاً عن أن الحرب في صعدة تشتت الجهد الدولي المتركز حول اليمن في محور واحد بأبعاده المختلفة: إنه محور القاعدة، وخطرها الذي بات ينبعث من اليمن مهدداً الأمن العالمي. وقد رحبت الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وروسيا والأمم المتحدة بقرار وقف العمليات العسكرية في المنطقة الشمالية الغربية في اليمن.
وعبر مسؤول في الخارجية الأمريكية عن أمل الولايات المتحدة في نجاح الجهود المبذولة لإحلال السلام والأمن وإعادة إعمار المناطق المتضررة والتي من شأنها وضع حلول نهائية لجولات المواجهات المتجددة.
كما رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بقرار وقف العمليات العسكرية في المنطقة الشمالية الغربية في اليمن، معرباً عن أمله في أن يصمد قرار وقف إطلاق النار وأن يكون بمثابة الفرصة الحاسمة لوضع حلول نهائية للصراع الدائر في المنطقة الشمالية الغربية في اليمن.
واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو وقف إطلاق النار بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين "أنباء طيبة للغاية عن اليمن بالنسبة للمسؤولين الفرنسيين"، متمنيا أن "يتطور وقف إطلاق النار ليصبح سبيلا إلى التوصل لتسوية دائمة للنزاع"، داعيا في ذات السياق إلى ما سماه بـ"تعبئة جهود جميع الأطراف المعنية لضمان نجاح عملية اجتماع لندن الذي عقد في 27 يناير للتعامل مع المرحلة القادمة".
وكذا رحبت روسيا، مؤكدة مؤقفها الثابت والداعم لجهود الحكومة اليمنية في سبيل تعزيز دعائم الأمن والاستقرار، ومعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية لتحسين مستوى حياة الشعب اليمني.

استمرار الهدنة رغم تجار الحروب
"الحوثيون يخرقون الهدنة" هكذا كان الخبر متداولاً عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية بعد ساعات من بدء سريان وقف إطلاق النار، بعد أنباء عن تعرض وكيل أول وزارة الداخلية اللواء محمد القوسي لمحاولة اغتيال نجا منها وقتل فيها جندي وجرح آخر، وهو الاتهام الذي ساقته مصادر رسمية، ونسبته لعناصر إرهابية حوثية، لكن الحوثي نفاه ونسبه إلى "تجار الحروب".
وأكد الطرفان رصدهما لبعض الخروقات، لكنهم أكدوا أكثر على استمرار الهدنة رغم ذلك، وبرزت تصريحات حصيفة لمسؤولين حكوميين وقياديين في الحزب الحاكم تغلب حسن النوايا في حديثها عن الخروقات التي يُتهم الحوثيون بارتكابها، باعتبار ذلك أمراً طبيعياً يترافق مع أي وقف لإطلاق النار في أي مكان في العالم. ومن جهته أكد الحوثي أن أتباعه رصدوا خروقات متمثلة في استمرار الزحف العسكري في مناطق المنزالة وصعدة، لكنهم فضلوا التغاضي عنها لإفساح المجال أمام السلام.
وأكد مصدر في جماعة الحوثي في خبر نشر في موقع صعدة أون لاين التابع للجماعة أن الحوثي أمر عناصره بالاستعداد لنزع الألغام وفتح الطرقات، كما سمح للجيش اليمني بانتشال الجثث في منطقتي الصحن وآل عقاب وفي محيط مدينة صعدة، وأبدى استعداده لتقديم مبادرات فورية بعد تثبيت وقف إطلاق النار لإثبات حسن النية ومن أجل البدء في تنفيذ النقاط الست.
اللجنة في صعدة
وباشرت اللجنة المكلفة بالإشراف على تنفيذ النقاط الست ابتداء من السبت عملها حيث التقت محافظ صعدة طه عبدالله هاجر، الذي أكد استعداد قيادة المحافظة التعاون الكامل مع اللجنة، وتذليل كافة الصعاب أمام عملها، مشددا على ضرورة التزام عناصر التمرد بتنفيذ الشروط الستة دون مراوغة أو مماطلة للوصول إلى الأهداف المنشودة وتحقيق الأمن والاستقرار الكامل.
وأشار رئيس اللجنة علي أبو حليقة إلى أن اللجنة تشكلت من أعضاء في مجلسي النواب والشورى وأعضاء من المعارضة والحزب الحاكم، وأن أولى مهام اللجنة هي الإشراف على فتح طريق صعدة -باقم.
وطبقا لموقع سبتمبر نت التابع للجيش فقد عقدت اللجان الوطنية المكلفة بالإشراف الميداني على وقف العمليات العسكرية وتنفيذ النقاط الست وآلياتها التنفيذية في محاور صعدة وسفيان والملاحيظ والشريط الحدودي، اجتماعاتها المحددة لمناقشة سير عملها، ومعرفة طبيعة المهام والمناطق التي سوف يشرفون فيها على تطبيق تنفيذ النقاط الست.
ويرأس لجنة محور الملاحيظ العميد علي بن علي القيسي عضو مجلس الشورى، ويرأس العميد محمد يحيى الحاوري رئيس لجنة الدفاع والأمن بمجلس النواب، لجنة الشريط الحدودي مع المملكة العربية السعودية، ويرأس لجنة محور سفيان علي عبد ربه القاضي عضو مجلس النواب، ويرأس النائب علي أبو حليقة لجنة محور صعدة. وقد التأمت جميع اللجان يوم السبت، ولم ينضم إليها ممثلون عن الحوثيين حتى ساعة كتابة هذا التقرير فجر الأحد، رغم أن الحوثي طالب في آخر رسالة له بانضمام ممثليه وممثلين عن أحزاب اللقاء المشترك، رغم أن الأخيرين انضموا فعلاً لتلك اللجان.
وبحسب مصادر إعلامية فقد باشر الجيش اليمني مساء الجمعة انتشاره على بعض أجزاء الشريط الحدودي مع المملكة العربية السعودية، بعد انسحاب الحوثيين منها.
السعودية تنتظر أسراها!
موضوع الأسرى السعوديين بات مفروغاً منه، ويعتبر من أولويات تنفيذ الشروط، ومن أولى القضايا التي تبناها أعضاء اللجان ويتحمسون لها، واحتلت الصدارة في اهتماماتهم، وقد أكدت مصادر رسمية أن وسيطاً خاصاً سيتسلم الأسرى السعوديين في غضون اليومين الأولين لمباشرة اللجان لعملها، وأن طائرة خاصة ستقلهم إلى صنعاء حيث سيتم تسليمهم إلى لجنة عسكرية سعودية هناك.
إلا أن الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية السعودية، جدد الإعلان عن الشروط السعودية التي يتم تنفيذها على الارض وفقا للاتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين، إذ أعلن وفقا لجريدة الحياة أن السعودية تشترط للتوصل إلى تسوية نهائية للعدوان على أراضيها السيادية المحاذية لليمن أن تحلّ قوات من الجيش اليمني على امتداد الشريط الحدودي لضمان عدم عودة المسلحين اليمنيين إلى التسلل. كما تشترط إعادة 5 أسرى سعوديين إليها في غضون مهلة لا تتجاوز 48 ساعة، إضافة الى عدم بقاء أي متسلل في أراضيها، واعتبر اتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة اليمنية والحوثيين "هو شأن داخلي وأن للمملكة مطالب معروفة للجميع".
غير أن القائد العسكري السعودي الأبرز في الحرب العصيبة التي خاضها بأكبر قوة في المنطقة ضد المتسللين، والذي ما يفتأ يشدد على أن عدم بقاء أي متسلل على الاراضي السعودية قد تحقق ليس برغبة من المتسللين "بل بقوة منا"، لم يعلق بأكثر من ذلك، ولم يبين الخطوة التالية في حال تعذر تسليم الاسرى خلال المدة المحددة.

تاريخ من الحروب الفاشلة
على مدى 6 سنوات خاضت الحكومة اليمنية 6 حروب مع الحوثيين في صعدة، واتسعت رقعة تلك المواجهات إلى مناطق أكثر اتساعاً، حيث شملت منطقة حرف سفيان بمحافظة عمران، كما تمددت في الحرب الرابعة إلى منطقة بني حشيش الواقعة على مشارف صنعاء.
- واندلعت الحرب الأولى رسميا في 20 يونيو 2004، بعد سلسلة اعتقالات ومناوشات تمت في محافظة صعدة وفي صنعاء على خلفية ترديد الشعار الشهير للحوثيين في المساجد "الموت لأمريكا... الموت لإسرائيل"، وقاد الحوثيين فيها حسين بدر الدين الحوثي مؤسس جماعة الشباب المؤمن التي تدرس الفكر الزيدي، إضافة إلى الشيخ عبدالله الرزامي، وهما عضوان سابقان في مجلس النواب عن حزب الحق الزيدي، قبل أن ينشقا عنه وينظما للمؤتمر الشعبي العام الحاكم، حيث حظيا بدعم ورعاية رسميين، وكانت علاقتهما متميزة بالحكومة حتى عام 2003، حيث انتخب يحيى الحوثي في انتخابات أبريل 2003 نائبا عن الحزب الحاكم أيضا، غير أن العلاقة فقدت التوازن بعد دخول القوات الامريكية إلى العراق حين بدأ حسين الحوثي بتبني الشعار، وظهر كرجل دين يحظى بأتباع أصوليين تابعين أثار قلق السلطات، فشنت عليه الحرب التي انتهت بإعلان مقتله في 10 سبتمبر 2004.
- بعدها استدعى الرئيس علي عبدالله صالح العلامة بدر الدين الحوثي (86 عاماًً) إلى صنعاء واستضافه هناك في إطار المساعي لإزالة آثار الحرب، غير أن الحوثي الأب اتهم الرئيس والحكومة بعد أشهر في حوار مع صحيفة الوسط الأسبوعية، بعدم الوفاء بالالتزامات التي قطعتها، وعدم الإفراج عن الشباب المعتقلين على ذمة تلك الأحداث، كما كان موقفه غامضاً في المقابلة حيال شرعية النظام الحالي، وهو ما استدعى عودته إلى صعدة في مارس 2005، حيث حظي باستقبال مهيب، لتندلع الحرب الثانية بقيادته بمعية عبدالله الرزامي في 19 مارس 2005، وانفضت في 12 أبريل 2005، وتحدثت وسائل الاعلام العسكرية والرسمية عن مقتله في تلك الحرب، رغم أنها عادت في الحرب السادسة لتضع اسمه على رأس قائمة المطلوبين للأجهزة الامنية والنيابة العامة.
- بدأت الحرب الثالثة في 12 يوليو 2005 حيث بزغ نجم عبدالملك الحوثي فيها كقائد ميداني للجماعة، ولم يعلم أن لهم قائداً آخر غيره، عدا قيادة عبدالله الرزامي في محور الجوف، والذي خفت نجمه حياً بعد أن كان اسمه مقترنا بحسين الحوثي، وتضاءلت أحلامه عند مستوى العثور على حسين الحوثي حياً أو ميتاً، وقد انتهت تلك الحرب بهدوء في 28 فبراير 2006، في إطار تهيئة مناخات آمنة للانتخابات الرئاسية التي جرت في 20 سبتمبر 2006، وسبقتها دعوة الرئيس علي عبدالله صالح لعبدالملك الحوثي بالنزول من المواقع وتشكيل حزب سياسي، علماً أن الرئيس صالح قد دشن حملاته الانتخابية من مدينة صعدة حينها.
- وما كادت تنفض الانتخابات الرئاسية التي تلاها مؤتمر لندن للمانحين أواخر نوفمبر 2006، حتى كانت أجراس الحرب الرابعة تقرع لتندلع الحرب في 27 يناير 2007، واتسعت هذه المرة إلى نطاق جغرافي أوسع حيث شملت منطقة حرف سفيان بمحافظة عمران كما امتدت إلى منطقة بني حشيش على مشارف صنعاء، لكن دولة قطر بدأت تدخل على خط الوساطة بموافقة من الطرفين، مقدمة تعهدات بتقديم دعم مالي كافٍ لإعادة الإعمار، وأرسلت وفوداً إلى صنعاء التي زارها وزير الخارجية القطري قرابة 4 مرات، كما زارها في نوفمبر 2007 أمير قطر، ورغم الجهود القطرية حينها إلا أن الحرب الرابعة استمرت بصورة مناوشات متقطعة لا تكاد تذكر، لتتوقف الحرب الرابعة تماما في الاول من فبراير 2008 بإعلان اتفاق الدوحة الذي وقعه عن جانب الحكومة كل من عبدالكريم الإرياني واللواء علي محسن الأحمر، وعن جانب الحوثيين الشيخ صالح هبرة، ويحيى الحوثي، وأرسلت قطر لجنة للإشراف على تنفيذ اتفاق الدوحة، كما شكلت لجنة برلمانية بقيادة رؤساء كتل الأحزاب الممثلة في المجلس للإشراف على تنفيذ الاتفاق، إلا أن غياب الثقة بين الطرفين إضافة إلى ضغوط إقليمية، عززت من فرص فشل الوساطة.
- وفي منتصف مايو 2008 كانت بداية الحرب الخامسة في صعدة وحرف سفيان وسط انتقادات رسمية حادة للوساطة القطرية التي قال الرئيس عنها حينها إنها شجعت الحوثيين على الظهور كند للدولة، لكن تلك الحرب انتهت في 17 يوليو 2008، بإعلان مفاجئ للرئيس علي عبدالله صالح عن وقفها في الذكرى الـ30 لتوليه الحكم في اليمن منذ 1978، وأعلن حينها أن المرحلة مرحلة بناء وتنمية وأن الحرب قد انتهت إلى غير رجعة.
- ما لبثت إرادة إيقاف الحرب الخامسة أن خفتت، لتنطلق الحرب السادسة والأخيرة، حتى اللحظة، في 11 أغسطس 2009، وكانت أعنف الحروب على الإطلاق، وشهدت توسعاً غير مسبوق للحوثيين الذين استولوا على معظم أجزاء محافظة صعدة، وتوسعوا غرباً باتجاه البحر الأحمر الذي كادوا يصلون مشارفه، كما استولوا على 3 مديريات كاملة في الجوف، فضلاً عن سيطرة شبه تامة على مديرية حرف سفيان، ووصلت الحرب أكثر مراحلها حرجاً وخطورة بامتدادها إلى أراضي المملكة العربية السعودية في 3 نوفمبر 2009، لتدخل المملكة طرفاً فيها عندما استولى الحوثيون على أجزاء شاسعة من أراضيها بعد أن سمحت المملكة للجيش اليمني باستخدام أراضيها لمهاجمة الحوثيين حسب ادعائهم، وقد أعلن الحوثي الانسحاب من الأراضي السعودية في 25 يناير 2010، وانسحب من العديد من القرى والمواقع السعودية، وأفضت الوساطات والضغوط الأجنبية على اليمن إلى إعلان وقف إطلاق النار منتصف ليل 11 فبراير الجاري.