الأحد، 26 أغسطس 2007

والامن اعتبره عملا مسرحياً..
الخيواني: ثمن باهض لحرية الصحافة ..


* كتب/ سامي وجيه الدين
لم يكد الزميل عبدالكريم الخيواني يتعافى من مضاعفات عملية الاعتقال التي طالته قبل اكثر من شهرين، حتى اصبح على موعد جديد مع عملية اختطاف جديدة، كان باديا انها تلافت كثيرا من الاخطاء التي طالت سابقاتها بحقه وحق غيره.
الاثنين الماضي، الساعة الثانية بعد الظهر، كان الخيواني بانتظار سيارة أجره تقله من امام مكتب صحيفة النداء في الزبيري أكثر شوارع العاصمة حيوية، غير ان مسلحين اجبروه على صعود سيارة أخرى تم التعتيم على لوحتها، واخذوه في رحلة قسرية استمرت ساعتين تخللتها ممارسات لا انسانية، بحقه.
وطبقا للخيواني فقد أخذ الى مكان قريب من منطقة "محالين" التابعة لخولان، في ظروف سجن متحرك طاله فيه شتى انواع التنكيل والتعذيب النفسي والجسدي.
اصابعه المتورمة تظهر جانبا من التنكيل الذي طاله، لمن لم يتمكن من تفحص ما تبقى من جسده رغم حرص شديد ابداه مجهولون كانوا يديرون العملية عبر الهاتف من غرفة عمليات يرجح انها تابعة لجهاز الأمن القومي التابع للرئاسة، المسؤول عن عملية الاقتحام الاولى قبل شهرين تقريباً على عدم تمكينه من آثار جروح انقذته من مقص كان على وشك فصل عقد اصابع يده، غير انها لم تمنع اداء المهمة يدويا بطريقة همجية..
هم حذروه من التطاول على الاسياد، ومن العودة الى الكتابة، مؤكدين ان كلمة واحدة يكتبها بحق الرئيس والوحدة الوطنية مستقبلا، سيدفع ثمنها باهضا قد يعادل حياته وافراد اسرته، مشيرين الى تحقيق نشره في اسبوعية النداء المستقلة قبل اسبوع بعنوان"مرحلة ما قبل الدولة.. وطن خلف القضبان".. اطلق بعدها معصوب العينين كما أخذ، مع زيادة في المعاناة بات معتادا بالنسبة له ان يدفعها ثمنا لما يؤمن به من حقوق، وضريبة حرية صحافة بات يدفعها مضاعفة نيابة عن حرية الصحافة في اليمن، ليترك بعدها في فلاة بعيدة، استغرقته ساعتين للتمكن من الوصول الى اقرب منطقة حياة تتوفر فيها وسائل الاتصال والتواصل. في المستشفى الاهلي حل الخيواني وسط حشد من زملاء المهنة، حيث روى قصة كان ما سبق بعض تفاصيلها.. الأجهزة الأمنية حضرت وأخذت أقواله، وطلبت رحلة اخرى إلى مكان الحادث لاستكمال روتينهم المعتاد الذي أحال قضية رئيس تحرير صحيفة الوسط الى قسم مكافحة الارهاب الذي سجل قضية اختطافه الشبيهة بهذه، والتي تصادف هذه الايام اكمال عامها الثاني، ضد مجهول كان معلوما بالضرورة بأدلة تم تجاوزها هذه المرة.. هو لا يعرف من وجوههم سوى لمحة اولية لحظة الاختطاف، غير انه متيقن من ان احدهم شارك في العملية السابقة بحقه.
وحظيت عملية الاختطاف باستنكار واستهجان محلي وعربي ودولي واسع، اجمعت كلها على مسؤولية الاجهزة الامنية عن حياة الصحفي الذي بات معتادا على مواجهة مخاطر متكررة من وقت لآخر..
ورجحت قيادات في نقابة الصحفيين اليمنيين وقوف الاجهزة الامنية وراء الحادثة، وحملتها مسؤولية الاختطاف الذي تم داخل العاصمة، وتساءلوا عن دور الاجهزة الامنية في حماية المواطنين.. وادان بيان صدر عن نقابة الصحفيين جريمة الاختطاف والتعذيب التي طالت الخيواني واشارت الى شبه الحادثة بحادثتي الصحافيين جمال عامر وقائد الطيري، وان تقصير الحكومة في معاقبة الجناة ادى الى حدوث اعتداءات شبيهة، تقوض مصداقية الاجهزة الامنية.. واذ أدان تحالف اللقاء المشترك عملية الاختطاف وعدها جريمة بشعة، اعتبرها دليلا على المنزع الإجرامي لمنفذي الجريمة التي تستهدف كل الناشطين السياسيين والصحفيين وترهيبهم وإسكات اصواتهم الناقدة للفساد والمفسدين، في شخص عبد الكريم الخيواني، معتبرا تلك الاساليب الاجرامية دأباً لمن وصفهم بعصابات وبلاطجة السلطة المنفلتة من الحساب والعقاب منذ العام 2004م مع الزميل الخيواني الذي تعرض للاعتداء والاختطاف مرارا.
وحمل السلطة المسؤولية الكاملة عن الاعتداء وما يسفر عنه من انعكاسات على صحة الخيواني وحياته وطالبها بالقبض على الجناة وتقديمهم للعدالة فورا وبلا مماطلة ولاتسويف كما جرى في الاعتداءات السابقة التي تعرض لها الصحفيون. الصحف الرسمية خرجت صبيحة الثلاثاء بتصريح لمصدر امني استغرب انجرار احزاب المشترك وراء ادعاءات الخيواني واصفة ذلك بالتلفيق الشبيه بالعمل المسرحي "رُتب له مسبقاً بهدف تشويه سمعة الأجهزة الأمنية .. وبالتالي الإساءة للنظام السياسي وإلى التعددية السياسية والديمقراطية، والتأثير على سير قضية الخيواني المنظورة أمام القضاء ضمن خلية صنعاء الثالثة. ودللت على ذلك بمجموعة مبررات سردا زمنيا للحادثة قيل انه بني على تحريات ومعلومات، شرح تحركات الخيواني وتواصل زملائه معه واصراره على التداوي في المستشفى الاهلي الذي قالت انه مملوك لأحد احزاب المشترك واستقبله نائب المدير، اضافة الى افادة شهود وتقرير المستشفى التي توضح عدم وجود آثار اعتداء على جسمه، رغم ان التقرير يقول غير ذلك، مشيرة الى ان ذلك دليل على فبركة القضية.
وأخلى المصدر مسؤولية الاجهزة الامنية عن القضية، اذ ليس معقولا ان تتحمل الأجهزة الأمنية مسئولية اختلاق المشاكل، مستهجنا لجوء أحزاب المشترك إلى مثل هذه الزوابع المفتعلة وتوظيفها سياسيا وإعلاميا مع أن الجميع يدرك أن الخيواني لا يمثل أي رقم يذكر حتى يتم الاعتداء عليه أو اختطافه من أي جهاز من أجهزة الدولة، وختم بالقول " رحم الله امرئاً عرف قدر نفسه.".
النقابة عبرت عن استغرابها لتصريح المصدر الأمني المسئول معتبرة مسارعة الجهات الأمنية إلى نفي حدوث جريمة وقعت في قلب العاصمة وعلى مرأى من صحفيين ومواطنين كانوا قريبين من مكان وقوعها ـ ليس من شأنه إلا إظهار الجهات الأمنية باعتبارها متواطئة في الجريمة، معتبرة نشر هذه التصريحات غير المسئولة استنزافا لما تبقى من رصيد ثقة للأجهزة الأمنية، وناشدت الرئيس إعمال صلاحياته والعمل على وضع حد للإعتداءات المنهجية التي تستهدف الصحفيين والكتاب وعقاب المتورطين ومحاسبة المسئولين عن الأمن لتقصيرهم أو تواطئهم مع المعتدين.
ومن نيويورك ادانت لجنة حماية الصحفيين الدولية في بيان صدر عنها الاثنين عملية الاختطاف والضرب الوحشي الذي تعرض له الخيواني، واعتبر جويل سيمون مديرها التنفيذي الاعتداء تهديدا خطيرا لمناخ حرية الصحافة، الذي قال انه متدهور اصلا في اليمن، مطالبا السلطات اليمنية ان تحقق في الهجوم الوحشي وتقديم المسؤولين عنه الى العدالة، مؤكدا ان فشل السلطات في ذلك يشير الى ان الحكومة اليمنية راضية عن الاعتداءات العنيفة التي طالت الصحفيين. وأدان الحادثة فرع المشترك بأمانة العاصمة، وحزب اتحاد القوى الشعبية، والمنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية، وعدد من منظمات المجتمع المدني، والشخصيات السياسية والحقوقية، محملة السلطات الرسمية مسؤولية الاختطاف مشيرة الى عدم وجود خلاف للخيواني مع احد عدا السلطة بكافة أجهزتها الأمنية، التي تعتبره كذلك. كما استكر جريمة الاختطاف مركز حماية وحرية الصحفيين في الأردن وطالب الحكومة اليمنية وأجهزتها الأمنية بكشف الجناة ومحاسبتهم حتى لا يفلتوا من العقاب وحتى لا تصبح حياة الإعلاميين غير آمنة، محملا الحكومة اليمنية مسؤولية سلامة الخيواني،وقال "في دولة يحكمها القانون من غير المقبول أن يحدث ذلك"....
وينتظر ان يعقد الزميل عبدالكريم الخيواني ظهر اليوم مؤتمرا صحفيا دعت اليه نقابة الصحفيين في مقرها لتوضيح ملابسات الاختطاف وكشفها للرأي العام

ليست هناك تعليقات: