سامي نعمان (نشر التقرير في جريدة النداء)
نفت وزارة الخارجية اليمنية "بشدة" ما وصفته بـ "المزاعم" التي نشرتها وسائل الاعلام، حول تبنيها توجيهات لتقليص عدد الدبلوماسيين العاملين في السفارات اليمنية في الخارج من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية، لكنها لم تشر بالمطلق إلى خبر تقديم دبلوماسي يمني طلب اللجوء السياسي في العاصمة البريطانية لندن الأسبوع قبل الماضي، وهو ما يؤكد الأخبار المتداولة عن لجوئه في لندن.
وصرح مصدر مسؤول في الوزارة لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن الدبلوماسيين اليمنيين يمثلون اليمن الواحد وليس هناك أي تمييز مناطقي في هذا الجانب، مشيرا إلىً أن تعمد بعض وسائل الإعلام تسويق مثل هذه المزاعم داخلياً وخارجياً يستهدف إشاعة البلبلة في إطار المخططات التأمرية التي تسعى إلى غرس بذور للفرقة والشتات ونعرات مناطقية بين أبناء الوطن الواحد بقصد النيل من الوحدة الوطنية.
وتحدثت بعض وسائل الاعلام عن مقترح متداول في أوساط الوزارة والمؤثرين في القرار باتخاذ إجراءات للحد من احتمالات تقديم طلبات لجوء جديدة للدبلوماسيين
المنحدرين من المحافظات الجنوبية، ومنها إحالتهم إلى التقاعد الاجباري المبكر، وتقليص عددهم، وهو ما نفته الوزارة بشدة.
القنصل في السفارة اليمنية بجيبوتي صالح أحمد الجبواني هو الدبلوماسي الثالث الذي يغادر عمله طالباً اللجوء السياسي في غضون السنوات الخمس الأخيرة، إذ سبقه السفير اليمني السابق في دمشق أحمد عبدالله الحسني(قائد القوات البحرية سابقا) منتصف عام 2005، وتبعه الدكتور حسين علي حسن سفير اليمن في ليبيا (مدير دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع منذ قيام الوحدة حتى حرب صيف 94) الذي غادر السفارة ولجأ سياسياً في لندن، في نوفمبر 2008، وينتمي ثلاثتهم إلى المحافظات الجنوبية، وفي حين باشر الحسني معارضته القوية للنظام اليمني مطالباً بالانفصال في إطار التجمع الديمقراطي الجنوبي (تاج)، التزم زميله الدكتور حسين علي حسن الصمت ولم يعرف عنه اصدار أي مواقف او تعليقات حيال لجوئه أو تأطره في كيان سياسي معارض، فيما برر الجبواني سبب طلبه اللجوء السياسي بـ"مجزرة زنجبار" التي وقعت في الثالث والعشرين من شهر يوليو الماضي والتي ادت إلى مقتل 20 شخصاً من المحتجين، وجرح واعتقال العشرات. وينتمي الجبواني إلى ذات المدينة، ويشير موقفه هذا إلى نيته الانضمام لصفوف المعارضة الجنوبية في الخارج.
وتعكس طلبات اللجوء السياسي جانباً من الاشكالية التي تعتري السياسة الخارجية اليمنية، والتدخل المباشر في التعيينات والقرارات والسياسات التي يتم اتخاذها دون اعتبار لحساسية المناصب الدبلوماسية، أو العلاقات التي تربط اليمن بدول العالم، والسياسة الخارجية بشكل عام، رغم أن المسؤولين في وزارة الخارجية يبدون نظرياًعلى الأقل حرصاً شديداً ويتبنون شروطاً صارمة في التعيين، تأخذ بالاعتبار الدرجة العلمية والتخصص واللغات، وتفتح فيها المنافسة للراغبين ويتم القبول وفقا لمعايير المفاضلة في الغالب.
ومؤخراً تم تعيين عباس المساوى ملحقاً ثقافياً في سفارة اليمن في أبوظبي بعد أمد قصير من ظهوره في قناة الجزيرة مدافعا عن النظام اليمني، ومهاجماً بشدة قوى الحراك الجنوبي والمعارضة الجنوبية في الخارج، وهو ما أظهر التعيين في هذا المنصب بأنه جاء مكافأة للمساوى نظير استبساله في الدفاع عن سياسات النظام وتخوين معارضيه، خصوصاً أن مصادر إعلامية ذكرت أن التعيين جاء بأوامرعليا دون موافقة وزير الخارجية أبوبكر القربي.
وقبل عام تقريباً، طلب سفير اليمن في واشنطن عبدالوهاب الحجري الذي يعمل هناك منذ قرابة 15 عاماً نقله للعمل سفيراً لدى جمهورية التشيك، وبعد موافقة رسمية عليا على الطلب، رشحته وزارة الخارجية اليمنية لدى وزارة خارجية التشيك، وبعد قبول الترشيح من قبل الحكومة التشيكية، كان الجانب اليمني، قد تراجع عن قراره بنقل السفير الحجري، وأعاد إلى وزارة الخارجية مهمة ترشيح البديل والاعتذار عن الخطأ.
وترشح وزارة الخارجية اليمنية السفراء سواء بالترقية أو تعيينهم أو نقلهم بعد انتهاء فترة عملهم، إلى الرئيس علي عبدالله صالح، الذي يتدخل احيانا كثيرة في تعديل هذه الاجراءات، كما يقوم بتعيين سفراء أو طاقم السفارات من خارج كادر وزارة الخارجية، وأحيانا تتدخل الوساطة وسياسة الترضيات في قرارات التعيين.
ويبدي عدد من المسؤولين في وزارة الخارجية امتعاضهم الشديد لعدم مراعاة معايير العمل الدبلوماسي في التعيينات ورسم السياسات، وهو ما يسبب للوزارة الكثير من الاشكاليات، فضلاً عن حاجتها لإعادة تأهيل وتدريب المعينين من خارج طاقمها على أبجديات العمل الدبلوماسي.
ولا يقتصر الامر على التعيينات فالعلاقة مع الدول الاخرى تتعرض لخضات متقطعة، حين تؤثر الأوضاع المحلية والمواقف الدولية على المواقف السياسية اليمنية تجاه بعض الدول، وسبق ان استدعت الخارجية اليمنية سفيريها في طهران وطرابلس عام 2007، بعد اتهام اليمن للدولتين بالتورط في دعم الحوثيين، وهو الاتهام الذي لم يبن حينها على قرار حكومي وإنما على توصيات اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام ومطالب قبلية، كما قيل حينها. وكان على الدبلوماسية اليمنية مبكراً إعادة ترميم العلاقات مع الدولتين، التي تتذبذب من وقت لآخر، بعد أن نفت الدولتان عدم ارتباطهما بالمطلق بجماعة الحوثي.