الجمعة، 24 أبريل 2009

اجهاز على بقايا دولة وحقوق الانسان باسم الغيرة على الدين


سامي نعمان
اسبوع آخر يمضي على هدم وانتهاك حرمة بيتين مأهولين بالسكان وإعدام كل مقتنياتها من اثاث ومتعلقات شخصية، اضافة الى حرق سياريتين من قبل متطرفين مختلفين يرون في "الغيرة على الدين" شرعنة لتطبيق شريعة الغاب والانتصار للدين على حساب حقوق الاخرين، وقبل كل ذلك فإنهم يجهزون بفعلتهم تلك على مؤسسات الدولة الحاضرة الغائبة في القضية، ورغم ذلك لا زالت القضية تدور حتى اللحظة حول نقطة واحدة تنكب عليها النيابة ولجنة مجلس النواب: هل مزق أحدهم المصحف؟ وبعدها لا شيء يهم من التفاصيل..
مجلس الوزراء الذي اجتمع بالامس لم ير ما يستحق في القضية لنقاشها في جدول أعماله، فنائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والامن في السعودية ووزير الداخلية تغيب لمهام أخرى، وذلك كان كافيا بالنسبة للحكومة لعدم ادراج الموضوع في جدول اعماله غير أن الناطق الرسمي للحكومة حسن اللوزي طمأن سائليه فالقضية تحتمل التأجيل، وستبحث الاسبوع القادم، ولم ينش التأكيد على أن ما جرى في حي العنقاء بالحصبة كان خارج النظام، مؤكداً أن أي تصرف يفترض أن يتم وفق الشرعية والنظام والقانون..
وفي ظل صمت مريب من قبل منظمات المجتمع المدني، تحرك البرلمان العقيم، ليشكل لجنة تنظر في نصف القضية على ما يبدو ، بدافع الغيرة على الدين ذاتها التي انتهكت بها حرمة الدولة والمواطن، فالتحيقيق يبدو انه فقط يتجه لتأكيد حادثة تمزيق القرآن،
وفي حديث للجزيرة نت قال عضو لجنة تقصي الحقائق البرلمانية النائب الدكتور غالب القرشي –وزير الأوقاف والإرشاد الأسبق- إن المؤشرات تفيد أنه ثبت فعلا قيام الشخص المتهم بتمزيق نسخة من المصحف الكريم، واعتبرها الحادثة "خطيرة" بالرغم من كونها حالة نادرة في اليمن، لكنه في الوقت نفسه أبدى ارتياحه لما أسماه "غيرة الناس الكبيرة على كتاب الله"... هو كان يأمل ايضاً أن تسارع السلطات الأمنية والشرطية إلى حصر القضية وإلقاء القبض على المتهم قبل قيام الناس بهدم منزله وإحراقه، اما الجزء الاخير من القضية فهو مجرد ردة فعل مبررة بالنسبة للقرشي المحسوب على الجناح الاخواني المستنير في حزب الاصلاح..
مجلس النواب أقر السبت تشكيل لجنة خاصة لمتابعة إجراءات وزارة الداخلية والأجهزة المعنية إزاء اتهام مواطن بتمزيق المصحف وإهانته... حتى هنا يكون المجلس منطقيا، غير انه على ما يبدو يشرعن لما بعده، فالتحقيق سيشمل ما تلى ذلك من ردود أفعال "غاضبة" من قبل أبناء الحارة الذين أقدموا الأربعاء الماضي على إحراق وهدم منزل عبد الملك البيضاني المتهم بإهانة المصحف، وايضا التحقيق في اعتقال الاشخاص عقب احراق المنزل.
شكلت لجنة من النواب غالب القرشي(قيادي اصلاحي) ، أحمد عبد الرزاق الرقيحي (نائب مؤتمري وخطيب الجامع الكبير بصنعاء القديمة وجامع الصالح)، وعبد الله حسن خيرات(نائب وفقيه مؤتمري) ، ومحمد عبداللاه القاضي(نائب عن الحزب الحاكم)، واثار القضية في المجلس نائب قل ان يناقش، عبدالرحمن المحبشي الذي اعتبر حادث إهانة المصحف وتداعياته يستوجب الوقوف إزاءه بجدية، ومطالبا ايضا بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الأشخاص الذين تم اعتقالهم على ذمة إحراق وهدم منزل المتهم بإهانة المصحف، ولم يفوت النائب محمد الحزمي هذه الملحمة ليؤكد إن غياب الأجهزة المعنية هو من دفع المواطنين إلى إحراق منزل المتهم باهانة المصحف، وخاض الملحمة ايضا القاضي احمد الرقيحي الذي دعا إلى الوقوف أمام الحادث بجدية ودون توان، معتبراً الإساءة للمصحف ارتداد عن الإسلام.
مجلس النواب الذي لم ينته بعد من ملحمة استجواب وزير العدل في ظل ما يحسبه عجزاً عن اطلاق نائب برلماني معتقل يخوض ملحمة أخرى بدافع الغيرة على الدين ايضاً، غير انه اعشاءه لم يكلفوا انفسهم التفكير بسيادة الفوضى وانتهاك الدولة اذا وصل الامر حد ان يلجأ كل فريق لتنفيذ العقوبة بنفسه، كما يحدث منذ بضعة عشر عاما في الصومال وحتى الوقت الراهن، على ان بعضاً من الغيرة على مؤسسات الدولة، وحرمة المواطنين وحقوقهم واموالهم واعراضهم، لا تعني بالمطلق التعارض مع مقتضيات الغيرة على الدين. تستمر التحقيقات في القضية في جانب واحد كما سبق حتى في النيابة التي تسرع باجراءات محاكمة المتهم بتمزيق المصحف عبدالملك البيضاني، ورغم تواتر المعلومات عن عدد المعتقلين على ذمة هدم المنزلين التابعين لاسرة البيضاني، الا ان التحقيقات مع المتهمين تراوح مكانها، وربما تؤول الى موضع رفع العتب، خصوصاً بعد اطلاق سراح عدد من المتهمين، وقلة عددهم رغم ان مالكي المنزل قدموا اسماء عديدة يتهمونها بالتحريض والشروع في الهدم، ويستنفر الطرف المعتدي على املاك البيضاني كل مقدراتهم الدينية والقبلية للتأثير على سير القضية، وذكر موقع نيوز يمن الاخباري ان خطيب جامع العنقاء "نبيل العنسي" قال إنهم التقوا بالشيخ صادق الأحمر وشرحوا له أسباب لجوء الناس لهدم المنزل، وأن الشيخ وعدهم التواصل مع الأجهزة الأمنية لإطلاق سراح الشيخ محمد الوادعي، ابرز المتهمين في القضية من قبل البيضاني، ويبدو ان محاولات حثيثة تبذل لاستمالة رئيس الجمهورية إلى صف الغيورين، ولا زالت الاخبار غير مؤكدة عن موقف الرئيس حتى اللحظة.

ليست هناك تعليقات: