الأحد، 14 ديسمبر 2008

في ذكرى استشهاد الصحفي تويني ..رئيس اتحاد الصحف: الحكومات العربية لا زالت تتعامل مع الصحفيين كأعداء


يوم السبت الماضي 13 ديسمبر كان قصر المؤتمرات في انطلياس بالعاصمة اللبنانية بيروت على موعد مع فعالية استثنائية ربما لم تألفها تلك القاعة من قبل رغم أنها تنظم ذات الفعالية منذ عامين.. بالإضافة إلى مئات الفعاليات التي تحتضنها..

هناك تم إحياء الذكرى الثالثة لاستشهاد الصحفي والنائب اللبناني جبران تويني رئيس تحرير جريدة النهار اليومية الذي اغتيل في الثاني عشر من ديسمبر 2005، بعد أشهر قليلة من اغتيال الرئيس رفيق الحريري...

كان الحفل استثنائيا فيه سلمت الجائزة للصحفي المصري المتميز إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور اليومية الذي يحمل ملفه 25 قضية في المحكمة، يؤكد الصحفي عبدالكريم الخيواني الذي شارك في الفعالية: إبراهيم عيسى الأكثر استحقاقا للجائزة وجريدة النهار الأكثر مهنية في العالم العربي..
حفل تكريم جبران تويني كان هذا العام ختاميا لأعمال المنتدى العربي الثالث لحرية الصحافة، وبحضور ممثلين عن رئيس الجمهورية اللبنانية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب وعدد من الوزراء وممثلين عن التيارات اللبنانية المحسوبة على الموالاة والمعارضة، التي لم يشر فيها أو في وسائل الإعلام التي غطت الحدث إلى أي تمثيل لحزب الله... الذي نال تعنيفا شديدا في كلمة تويني نايلة، التي اتهمته بالانقضاض على بيروت في مايو الماضي ودعت إلى التصويت في الانتخابات القادمة لصالح من سيحول دون تكرار ما حدث في مايو ايار الماضي، ونايلة تدرس جديا الترشح لمقعد والدها في دائرة بيروت الاولى عن الارثودوكس بترشيح من قوى 14 أذار...

وعن اغتيال والدها فاعتبرت أن اغتياله هدف الى القضاء على «حلم كان يجسده لقسم من اللبنانيين»، والى إسكات صوت «يذكرهم بحرية الصحافة التي يكرهونها»، والى إسكات جريدة «النهار» والنهاريين.

وطمأنت تويني الى أن هذه الأهداف فشلت. في نهاية حفل التكريم الذي استمر قرابة ساعتين أعلن رئيس مجلس إدارة "الاتحاد العالمي للصحف" تيموثي بالدينغ باسم الفائز بجائزة جبران تويني الدولية السنوية الثالثة، وتسلم عيسى جائزته من السيد غافن أورايلي رئيس الإتحاد العالمي للصحف، ونايله تويني ابنة جبران والمدير العام المساعد لجريدة النهار واعتذر عيسى عن القاء الكلمة التي كان قد أعدها للمناسبة بسبب أصابته بوعكة صحية اختفى معه صوته، واكتفى عيسى المعروف بخفة دمه بالاعتذار ضاحكاً وبصوت خافت: أنت في بيروت يعني ممكن تفقد حياتك مش صوتك بس...
وأضاف: "إن هذه الجائزة تحمل اسماً غالياً لراية من رايات حرية التعبير في عالمنا العربي وهو جبران تويني الذي اختلط حبره بدمه ولم نعد نعرف بأي منهما كان يكتب وبأي منهما كان يعيش، ثم انها جائزة تحمل اسم الاتحاد العالمي للصحف وهو المنظمة العالمية الأرقى والأنبل وجدار صلب نرتكز عليه في مواجهة التحديات والصعاب، يعطي كل صاحب قلم في كل وطن عربي قبلة حياة"، ونوّه باستلام الجائزة في بيروت، العاصمة التي تحمل نصيباً في كل واحد منّا من محبة واخلاص ووفاء.
وهنأ بالدينغ عيسى على الفوز، متمنياً عليه أن يواصل العمل والنضال في سبيل الدفاع عن حرية الصحافة وتعزيز دور الصحافة العربية، لافتاً إلى "ان روح جبران موجودة معنا بحيويته وابتسامته وجرأته وحماسته"، وأعرب عن فخره بهذا الشهيد الذي ناضل من أجل حرية هذا الوطن وعمل لصحافة حرة في المنطقة العربية.
وكان رئيس الاتحاد العالمي للصحف غافن اورايلي، أعرب عن سعادته للمشاركة في هذا الحدث الهام وللاحتفال بذكرى العظيم جبران الذي ناضل من أجل صحافة ديموقراطية حرّة فدفع حياته ثمناً في سبيلها، وعمل جاهداً على حثنا ودعوتنا لعقد لقاءاتنا في بيروت.
وأشاد بروح التفاؤل وحب الحياة والتأقلم لدى الشعب اللبناني الذي عانى الأحداث المريرة على مدى ثلاثين عاماً.
وتطرّق إلى المنتدى العربي الثالث للصحافة الحرّة الذي نظمه الاتحاد وجريدة "النهار"، معتبراً انه شكّل فرصة استثنائية جمعت صحافيين وناشطين حقوقيين حول الشرق الأوسط وشمال افريقيا والخليج، آملاً أن تستمر الشراكة مع جريدة "النهار".
وتحدث عن استمرار القيود والضغوط على حرية التعبير في المنطقة والتي تصل إلى حد إقدام السلطات الحاكمة على سجن الصحافيين وتجريمهم بغرامات مالية بهدف اقصائهم عن أداء واجبهم المهني وإسكات صوتهم المعارض والمطالب بالتغيير والديموقراطية.
ولفت اورايلي إلى "ان الصحافيين لا يزالون يعتبرون أعداء من قِبَل السلطة الحاكمة"، داعياً إلى التركيز على الوضع المأسوي في العراق الذي لا يزال المكان الأخطر للصحافيين حول العالم وإلى التشديد على أهمية احترام حقوق الإنسان في هذه المنطقة التي تتعرض للضغوطات وخصوصاً في الذكرى الستين للاعلان العالمي لحقوق الإنسان من أجل ترسيخ قيم الحرية والعدالة والديموقراطية في المنطقة وحول العالم، تماماً كما أراد جبران، وهذا تحدٍ امامنا.
وكان الاتحاد العالمي للصحف أعلن مطلع هذا الشهر عن إبراهيم عيسى، رئيس تحرير صحيفة "الدستور" اليومية المصرية فائزا بجائزة جبران تويني لعام 2008، التي يمنحها سنويا الإتحاد العالمي للصحف (WAN) تكريما لرئيس تحرير أو ناشر صحفي في المنطقة العربية.وتثمّن هذه الجائزة، الممنوحة لتخليد ذكرى جبران تويني، الناشر الصحفي اللبناني وعضو مجلس إدارة الإتحاد العالمي للصحف الذي سقط ضحية إعتداء بسيارة مفخخة بالمتفجرات في العاصمة اللبنانية بيروت يوم 12 ديسمبر/كانون الأول 2005، إلتزام السيد إبراهيم عيسى بحرية الصحافة وشجاعته وحنكته القيادية وطموحه ومقدراته الإدارية والمهنية العالية.
وقال السيد إبراهيم عيسى إنه فخور بنيل جائزة تحمل اسم جبران تويني وترتبط بالإتحاد العالمي للصحف (WAN)، نظرا لدفاع الأخيرين عن حرية الصحافة داخل حدود العالم العربي وخارجها.
وأضاف: "تمنح الجائزة كذلك 'قبلة حياة' للكتّاب في البلدان العربية التي تعاني فيها الصحافة من حالة إختناق".
وتعرضت صحيفة "الدستور" اليومية، المؤسسة سنة 1995، إلى الإغلاق من طرف السلطات المصرية بين عامي 1998 و 2005 بعد أن نشرت رسالة من عضو ناشط في تنظيم "الجماعة الإسلامية" المصرية، بيد أن الصحيفة شهدت رواجا وازداد عدد نسخها الموزعة من 50000 نسخة عند إستئناف نشرها إلى 120000 نسخة حاليا، نتيجة مواهب السيد إبراهيم القيادية بدرجة كبيرة.
ولا يزال إبراهيم عيسى عازما على تقديم تغطية مهنية وذات جودة للأحداث، برغم الرقابة والتهم والدعاوى القضائية التي تعترض عمله.
ففي شهر سبتمبر/أيلول الماضي حكم القضاء بحبس إبراهيم عيسى مدة شهرين بتهمة "نشر أخبار زائفة وترويج إشاعات أدت إلى الإخلال بالأمن العام والإضرار بالمصلحة العامة"، على خلفية مقالات تتعلق بصحة الرئيس حسني مبارك، لكن الأخير أصدر عفوا رئاسيا عن إبراهيم عيسى بعد شهر من صدور الحكم.
ويستأنف إبراهيم حاليا حكما آخر بإدانته ويوجد طليق السراح بكفالة في إنتظار نتيجة طلب إستئناف حكم الإدانة بالحبس مدة عام واحد، صدر في سبتمبر/أيلول سنة 2007 ضده وضد عادل حموده، رئيس تحرير جريدة "الفجر" الأسبوعية، ووائل الأبراشي، رئيس تحرير جريدة "صوت الأمة" الأسبوعية، وعبد الحليم قنديل، رئيس تحرير جريدة "الكرامة" الأسبوعية بتهمة "سب وقذف ضد رئيس الدولة".
وكان إبراهيم عيسى والصحفية سحر زكي، من صحيفة "الدستور"، قد عوقبا قبل ذلك بالسجن عاما واحدا بتهمة "التطاول على شخص الرئيس" و "ترويج إشاعات زائفة" عبر تغطيتهما الصحفية لوقائع دعوى قضائية مرفوعة ضد الرئيس مبارك خلال شهر إبريل/نيسان 2005، بيد أن إستئناف الحكم أدى لاحقا، في فبراير/شباط 2007، إلى إلغاء عقوبة الحبس وفرض غرامة مالية على الإثنين مقدارها 22500 جنيهة مصري (حوالى 3200 يورو).
ويعمل لدى صحيفة "الدستور" قرابة 30 صحافيا، معظمهم شباب ملتزمون بمبدأ استقلال الصحافة.وتتضمن جائزة جبران تويني منحة دراسية بقيمة 10000 يورو لتمكين السيد إبراهيم عيسى من الحصول على تدريب متقدم في مجال القيادة الصحفية.
كان جبران تويني شخصية من نوع فريد داخل منظمة الإتحاد العالمي للصحف (WAN) على مدى 20 عاما تقريبا، بصفته عضوا قياديا في "لجنة حرية الصحافة"، وعضوا في مجلس إدارة الإتحاد لأكثر من عشر سنوات، ومشاركا منتظما في مهمات معنية بحرية الصحافة في "أماكن ساخنة"، علاوة على تقديمه المشورة والنصح بشكل دائم لإدارة الإتحاد العالمي للصحف حول المسائل العربية والحريات الصحفية.
وقد ارتأى الإتحاد العالمي للصحف وأسرة تويني إستحداث هذه الجائزة لأجل تشجيع الجرأة والإستقلالية التي يتحلى بهما ناشرون ورؤساء تحرير آخرون وصحف في العالم العربي، وقد أعلن أنه سيعقد اجتماعات مجلس ادارته سنويا في بيروت ابتداء من هذا العام في ذكراه السنوية..
وآلت جائزة جبران تويني الأولى، الممنوحة عام 2006، إلى نادية السقّاف، رئيسة تحرير "يمن تايمز" الناطقة بالانجليزية، في حين كانت الجائزة في السنة الماضية من نصيب حاجي جورجيو، أحد كبار المحللين السياسيين في جريدة "لورينت دي جور" اليومية التي تصدر في لبنان باللغة الفرنسية.
والإتحاد العالمي للصحف (WAN)، الذي يتخذ من باريس مقراً له، هو منظمة عالمية لصناعة الصحف تكرس جهودها للدفاع عن حرية الصحافة والترويج لها وللمصالح المهنية والتجارية للصحف في كافة أنحاء العالم.
ويمثل الإتحاد العالمي للصحف 18 ألف صحيفة، ويضم في عضويته 77 مؤسسة صحفية وطنية، وشركات صحافية ومسئولين تنفيذيين عن الصحف في 102 دولة، علاوة على 12 وكالة صحفية و 11 مجموعة صحفية إقليمية وعالمية.

ليست هناك تعليقات: