منى صفوان |
الدرس الحيوي المهم الذي يجدر بأي
صحفي يحترم مهنته ان يستلهمه من استقالة الزميلة منى صفوان من قناة الميادين، ان
الصحافة والصحفي المحترم هو الذي لا يقبل ان يحابي احدا على حساب المهنة.
ثمة شعرة رقيقة تفصل بين ان تكون
صحفيا، او موظفا في موقع سكرتير، تكتب ما يملى عليك بمهارات صحفي..
المؤسسة الاعلامية المحترمة،
والصحفي المحترم، لا يحتاج لفرض قيود عليه تحت يافطة "السياسة اعلامية".
الحديث عن سياسات اعلامية، يعني ان
الصحافة فقدت وظيفها، وقبلت بالقيود، وهذا مألوف في حالة الاعلام الموجه المملوك
والخاضع للحكومات والاحزاب والتجار (وفي اليمن المشايخ، والجماعات المسلحة)، اما
في حالة الاعلام الحر المستقل، فلا يوجد هذا الامر الذي يفقد الصحافة جوهر
وظيفتها، الاستقلالية..
واذا سمعت احدا في مؤسسة اعلامية
يتحدث عن السياسة الاعلامية، فاعلم انها اداة دعائية، مهنيتها في الحضيض، اذ تراعي
في وظيفتها المهنية مزاج الممول، وتولت مهمة تضليل الجهور..
هناك مبادئ مهنية وضوابط اخلاقية،
تقتضي على كل وسيلة اعلامية وصحفي ان يلتزم بها سواء كان في الولايات المتحدة او
ايران او اليمن او لبنان، او السعودية او قطر، تمويلا او تبعية.. اتحدث عن الاصل
لا عن الواقع..
والاصل في اية استثناءات او قصور
مهني في تلك الضوابط ان تعذر اكمالها، لعقد فنية او اجرائية، ان تكون لصالح
القيمة، كالعدالة، او حقوق الانسان، او خدمة المجتمع، ضد الانتهاك المعلوم
بالضرورة، لا ان تكون لصالح الانظمة الديكتاتورية او الميليشيات الفاشية، التي لم
يعد خافيا جرائمها على احد، لتحجم عن كشف انتهاكاتها بحجة المهنية، كما هو حاصل في
حالة منى صفوان والميادين، مع ان تلك المهنية المزعومة كانت تطفح قبل تسجيل الحلقة
بتعليمات واملاءات مهينة ومعيبة حول ما ينبغي نقاشه والتركيز عليه وما ينبغي
تجاهله..
املاءات وتوجيه لصالح الجلادين ضد
الضحايا، وذلك ما تطرقت له الزميلة منى في توضيحها، فسياسة الممول، وحسابات اخرى
تفرض على ادارة القناة حاليا، التغاضي عن انتهاكات جماعة قروسطية فاشية في اليمن،
ونظام عسكري مستبد في مصر، لا بل وربما تستمرئ الوظيفة لتدفع نحو التورط بتلميعها
والتعتيم على جرائمها..
اخلاقيات الصحافة نابعة اساسا من
التزام ذاتي، وميثاق الشرف لا يمنع الملفقين والكاذبين من الاستمرار في الافتراء
والتضليل، اذا لم يكن الشرف مسؤولية وقناعة راسخة، لا ميثاقا مسطرا على ورق.. واذا
ما غاب الالتزام الذاتي فقد الصحفي وظيفته الانسانية وتحول الى موظف في شركة خاصة..
اذا كنت صحفيا، تؤمن اولا انك تحترم
نفسك، وتدرك انك قمت بعملك بمسؤولية، ثم جاء من يحظر عملك، او يحاول توجيهه تبعا
للاجندات التي تسيره، فعليك ان تتذكر موقف منى صفوان وموقفها الشجاع في قناة
الميادين..
ادرك ان صعوبات جمة تحول دون ثورة
الصحفي اليمني والعربي للعمل الموجه ورفضه، لكن عليه ان يدرك انه متى ما استمرأ
لعب هذا الدور خصوصا فيما يتعلق بحقوق الانسان، فانه سيفقد احترامه لنفسه، قبل ان
يخسر سر نجاحه، انه صحفي.
وان تكون صحفيا، يعني لا تكون بوق
حكومة، ولا مرتزقا لدولة اجنبية ، ولا فردا في كتيبة مدنية لميليشا، ولا مرافقا
لشيخ، ولا اجيرا لصاحب مال.
ان تكون صحفيا يعني ان تكون حرا.
وحرا فقط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق