سامي نعمـــان |
أفرج الحوثيون عن فؤاد الهمداني وهو في حالة صحية سيئة بعد اسبوعين من الاختطاف والاخفاء في سجن ميليشاوي ما، كانوا يسومونه فيه سوء التعذيب البشع..
أفرجوا عنه، رمياً على قارعة الطريق، حاملاً جسده إحدى أمارات
العهد الذي تبشر به جماعة الحوثي مواطني هذا البلد المنكوب، فيما يتعلق بحقوقهم وحرياتهم.
تلك البقع الدامية حدها الأعلى في
البشاعة، تؤشر لمدى احترامهم للالتزامات التي أعلنوها في بيانهم الانقلابي، بمسمى
ضمانة الحقوق والحريات..
مقابل الشهامة والنبل والشجاعة التي
ظهر فيها الهمداني مدافعاً عن فتاة كان المسلحون قد شرعوا في اختطافها، برز أولئك
بقمة الخسة والدناءة والوحشية.
أخذوا هويدا مع الهمداني، لكنهم
تركوها بشعر مكشوف بعد جردوها من حجابها، وواصلوا اختطاف النبيل الشهم فؤاد
واودعوه أحد معتقلاتهم وباشروا تعذيبه بتلك الطريقة الوحشية.
وهؤلاء الذين جردوا هويدا من حجابها
ورموا بها على قارعة الطريق بلاحجاب، بعد أن تجردوا هم من القيم والاخلاق، هم الذين
يندسون وسط المظاهرات المناوئة لجماعتهم ويتحرشون بالمتظاهرات، وينتقدون المظاهرات
المختلطة ووجوههن السافرة، باحثين بذلك عن ذريعة لعراك ومشكلة يتخذونها مبرراً
لاستخدام العنف والارهاب بحق المتظاهرين.
وهذا العنف الوحشي هو الميدان الذي
يبرعون فيه، بعيداً عن القيم الانسانية التي طالما استحضروها سابقاً للعويل من
الحكومات السابقة، ليثبتوا لليمنيين أن خبراتهم في التعذيب هي حصيلة تراكمات خبرات
كل الجلادين والمعذبين السابقين
عذبوا فؤاداً بوحشية، وغير فؤاد
الكثير، يعذبون في معتقلات بالعشرات تدار خارج القانون والاعراف، ومتخففة من أي
التزام انساني أو أخلاقي، ليثبتوا لليمنيين أن فنون الجريمة وحدها في ازدهار، إذ
يكشفون مع كل واقعة تخرج للعلن عن عدوانية بلا ضابط..
يقف الضحايا في هذا العهد
الميليشاوي مكشوفين من أي سلطة قانونية كالنيابات تدير بعض الاجراءات وان شكلياً،
وتعطي بعض أمل لذويهم..
يقفون عُزّلا معدومي السند من دعم
حقوقي أو انساني يرقى لمستوى الجرائم التي يجترحها أولئك الصاعدون بقميص المظلومية،
ليفرغوها ظلماً بحق المدنيين والمواطنين، بلا جريرة ولا ذنب، سوى رغبة كامنة في
التنكيل والترهيب بالخصوم أو من يصنفونهم كذلك..
يستقوي أولئك على خصومهم المدنيين
الضعفاء غالباً، بغلبة القوة والسلطة المغتصبة، لتتنامي نزعة عدوانية باسترخاء،
توازياً مع تغييب منظومات العدالة والحماية، ليوظفوا كل الأساليب القذرة لقمع
وارهاب من يصرخون بـ"لا" في مواجهة سطوهم على الدولة والقانون وممارساتهم
الفاشية بحق الانسان، وتعديهم على أحلامه بدولة ومواطنة وكرامة.
والأشد قبحاً أن يستدعى تاريخ
المظلومية لتبرير الظلم، ويستدعى ضعف الدولة وفسادها، لتبرير تغييب وافساد ما تبقى
منها، في مغالطة للعقل والمنطق الذي يستدعي الحلول لا استمراء الجريمة والعدوان
والأخطاء..
وطأة الظلم تبعث لدى الانسانيين الأسوياء
رغبة جامحة في العدالة، وهشاشة الدولة تحفز المخلصين من أبنائها للعمل على بنائها
وتقويتها.
للأسف، لم يكن الفعل المدني
والحقوقي المساند لفؤاد الهمداني قوياً وفعالاً كما كثير من الحالات الأخرى التي
تتعرض لذات الانتهاك للكرامة الانسانية، وأظن تصنيفات مهينة تنال الانسانية انتجت
تخاذلاً قبيحاً إزاء قضية فؤاد وآخرين..
وضع كهذا، وجرائم بربرية على هذه
الشاكلة، مع انفراط عقد الدولة والقانون، لن
يجدي معها التباكي والخنوع فالتسليم.. هذا التجريف الممنهج للدولة الوطنية، والصلف
المتوحش ضد الأبرياء والضعفاء، يجب أن يواجه
بكل حزم وقوة، وبكافة الوسائل السياسية والحقوقية، من احتجاج ورفض ورصد وتوثيق وكتابة
وإدانة وتضامن فعال، وعمل من أجل دولة ومواطنة وعدالة..
بترك الضحايا عزلاً من أي سند او
دعم مؤثر ومجدٍ، وبدون بناء شبكات حماية حقوقية، وحركات مقاومة شعبية مدنية، فإن
أمثال أولئك الجلادون لن يروا في شأن الصمت والصبر على ممارساتهم، تطبيعاً وتسليماً
مجتمعياً يقتضي العقلنة والرشد، بل سيعتبرونها تشجيعاً وتسويغاً لاستخدام الجريمة
كأداة فعالة ومجدية لتأديب الخصوم.
تحية تقدير واعتزاز للشاب النبيل فؤاد
الهمداني..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق