حسين الوادعي |
" اليمن ليست سوريا، وليست ليبيا، وليست
العراق... لهذا لن يحصل فيها حرب اهلية او صراع طائفي ولن تتحول الى دولة فاشلة...."
هذا هو منطق "الاستثناء اليمني". المنطق
اللامنطقي الذي يرى ان اليمن خارج قوانين الصراع الاجتماعي والسياسي. فقوانين
التاريخ والصراع والحروب قد تصدق على اي مكان الا اليمن.
اليمن وفقا لهؤلاء ليست من هذا العالم انها من عالم
افتراضي اخر. اما الطائفية التي تشرخ المجتمع وتشوه وعيه، واما الحروب الاهلية
الصغيرة التي تتناثر هنا وهناك منذرة بحرب اهلية شامله، واما انهيار الدولة
واختطاف مؤسساتها وتفكك القبيلة والمجتمع..كل هذه العلامات لا تدل على شيء. انها
مجرد مؤشرات لا معنى لها.
فـ"اليمن" عندهم ليست فقط مختلفة عن سوريا
والعراق وليبيا
انها مختلفة ايضا عن اليمن الذي نعيش جحيمه اليومي!
انهم يستمرون في الحديث عن تقارب المذاهب في اليمن رغم
انها بدات تتقاتل بالدبابة والصاروخ في البيضاء ومارب، ولا زالوا يتحدثون عن تسامح
المساجد بعد ان اصبحت المساجد محتله بقوة السلاح و مفروزة على اساس طائفي لا تخطئه
العين.
اليمن هي "الحكمة" حتى ولو دمرنا كل شيء بغباء
استثنائي على مستوى التاريخ والعالم
واليمن هي بلد "الايمان" حتى ولو تحول الايمان
الى القاعدة وانصار الشريعه وانصار الله والتفجيرات والاختطافات والتكفير والذبح
على الهوية.
واليمن بالنسبة لهم لم ولن تتحول الى دولة فاشلة حتى وهي
الان دولة فاشلة لا ينقصها الا الاعلان الرسمي والختم!
.........................................
وما هو الحل السحري عند سدنة "الاستثناء اليمني"؟
انه بسيط جدا: السكوت!
لا "تتحدثوا" عن الطائفية حتى لا" تخلقوها".
لا تتحدثوا عن الانفصال حتى لا يتحقق. لا تتحدثوا عن الانتهاكات لانكم لو تحدثتم
عنها تزيدونها!
انصار "الاستثناء اليمني" يؤمنون بسحرية
الكلمة. فاذا نطقت بالشر فان الشر سيتحقق بسبب كلمتك لا بسبب ظروف الواقع وقوانينه
التي تتسبب في حدوث هذا الشر. انهم يحملون نفس عقلية الجدات التي تعتقد انك اذا
تحدثت عن الموت ستموت واذا تحدثت عن الجن سيقفزون لك من النافذه.
انهم يتفاءلون بالكلمة الطيبة وتتشاءم بالكلمة "الشريرة".
لهذا لا تنطقوا شرا لئلا يحدث الشر!
الطائفية وفق منطقهم لم يخلقها الطائفيون القبيحون
ببنادقهم ودباباتهم وتكفيرهم وعنصريتهم، بل خلقها "المنتقدون" من
امثالكم. فكلماتكم ومقالاتكم ومنشوراتكم تتحول الى سحر يخلقها من عدم. فانتم اشرار
لانكم تحذرون من الطائفية وانتم طائفيون مقيتون لانكم تدينون الطائفية في السياسة
والمجتمع. اما انهيار الدولة فسببه ليس اسقاط المعسكرات واحتلال المؤسسات وانما
سببه انكم تتحدثون عن انهيار الدولة ليلا ونهارا فتنهار مؤسساتها و بنيانها تحت
وقع كلماتكم الهدامه.
عندما كنا ندين نهب الجنوب وتحويل الوحدة الى احتلال
داخلي كنا نجد من يطالبنا بالسكوت لان انتقاداتنا ستتسبب في الانفصال! بالنسبة
لاولئك فان النهب والتهميش والتحقير والغاء التاريخ والهوية الجنوبية ليست السبب
في تنامي مشاعر كراهية الوحده ومطالب الانفصال..السبب هو "الكلام".
ولكي ننقذ اليمن فعلينا ان "نقول خيرا" او
نصمت. ان نتجاهل الخراب القائم والقادم ونستمر في الحديث عن الايمان والحكمة
وشهامة القبيلة وتسامح الزيدية والشافعية والعشق الخالد بين الشمال والجنوب.
فاليمن استثناء. اليمن خارج قوانين التاريخ..وسيصبح
قريبا خارج التاريخ اذا عملنا وفق هذا المنطق.
=========
عن صفحة الكاتب على الفيسبوك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق