من حق أي مجموعة من المواطنين التعبير عن آرائهم والتظاهر والاعتصام حتى لو
كان ذلك تعاطفاً مع تنظيم القاعدة، ضد حملات الجيش او ضربات الطائرات بدون طيار (على
أن نقد تلك المظاهرات يعد حقاً اصيلاً ايضاً)..
التعبير عن الرأي حق مكفول ومفتوح بالمطلق طالما انه لا يمس بحقوق الآخرين وحرياتهم،
وهذا ما لا يحتاج إلى إعادة تأكيد او جدل..
وحين نتحدث عن التظاهر، فلا داعي لكثرة التأكيد على سلميتها، إذ هي الاصل وما
دونها ضربٌ من العنف والفوضى، وبغير السلمية، ووبتوفر أدوات العنف لا تكون المظاهرات
سوى تمهيداً وتلويحاً صريحاً بحسم المطالب بغير الأدوات المدنية، وكأن المسألة مجرد
درجات ومراتب، وكأن المظاهرة السلمية إحدى مستويات الحسم بالقوة.
لكننا في بلد العجائب، حيث نتفاجأ وننبهر بوجود مسلحين في مظاهرة ضد الجرعة
دعت لها جماعة الحوثي، وتيارات سياسية أخرى، لكأن جماعة الحوثي خاضت تجربة مدنية محترمة
تمتد لعقود، انسلخ منها هذا المظهر المشين اليوم.
ما هي تجربة مركز الجماعة أساساً في العمل السياسي والمدني، حتى ننتظر من اتباعها
استلهامها واخراجها في تجربة مدنية محترمة أو بالحد الأدنى من الاحترام؟!
لديها مجلس سياسي.. شاركت في مؤتمر الحوار الوطني.. ثم ماذا؟
خرجت بتجربة "متميزة"، فكانت الحصيلة كارثية على البلاد ونسيجها الاجتماعي..
خاضت بعدها أو قبل انتهائها أعتى الحروب والمغامرات، بدءاً بتهجير جماعة سلفية
في اقسى مشهد عرفته البلاد في تاريخها الاخير، لتندلع بعده فتوحات حاشد، ثم غزوة عمران
على خلفية التظاهر او محاولة تظاهر مجاميع مدججة بالاسلحة، انتهت بذلك المشهد المأساوي
الذي حصل مخلفاً آلاف القتلى والجرحى من أتباع الجماعة كما من المدافعين عن انفسهم
من غزوتها، وإلى جوارهم عشرات الآلاف من النازحين، لتحكم الجماعة اليوم عمران، وتؤسس
لنسختها الخاصة من دولة الميليشيا، ليصل النموذج المتطرف في الحكم حد إغلاق محلات بيع
الاشرطة والالكترونيات، وانشاء محاكم وسجون خاصة..
المجاهدون بالصرخة، لم يحضروا في خطاب سيد مران حتى بكلمة ترحم على أرواحهم،
وقد ذهبوا بالجملة في معركة كاذبة خاطئة وقوداً لتنفيذ أجندته البدائية المتخلفة، التي
تعود بنا إلى عصور ما قبل الدولة..
فلننتظر أوهام الدولة المدنية التي ستتحقق على بحور من الدماء، ثم لن تكون سوى
مجموعة رعايا ممنوحين حق الحياة مقابل الطاعة العمياء والخرقاء..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق