سامي نعمان
عرف الاحتفال بالمولد النبوي كفعالية دينية ارتبطت كثيرا بالنسبة لليمنيين بالطريقة الصوفية والمتأثرين بها من المذاهب الأخرى، وخصوصا الشافعية، ومثلها في ذلك مثل مناسبات دينية أخرى كالاسراء والمعراج ورأس السنة الهجرية والنصف من شعبان.
كانت بعض الأسر تقيم احتفالا عشية الذكرى يطلق عليه "المولد" يشمل مأدبة عشاء، وأناشيد خاصة بالمناسبة، وغالبا ما كان ذلك التزاما متوارثا تبعا لوصية أحد الأجداد الذي خصص لإحيائها وقفا خاصا يغطي نفقاتها..
في بعض المناطق كصنعاء كان الاحتفال بالمناسبة يتم احياؤه في المساجد، بمحاضرات لمشائخ دين وعلماء يستحضرون ارهاصات مولد الرسول الكريم، وظروف ولادته وبعضا من سيرته، يتخللها ارتفاع الاصوات بالصلاة على الرسول الكريم..
وبالنسبة لكبرى المساجد فإنها تحظى بتغطية الاعلام الرسمي، وكان يوم ميلاد الرسول الكريم إجازة رسمية، لكنها ألغيت في السنوات الأخيرة، ربما تبعا لآراء دينية ترى في تمييز الذكرى ”بدعة”، إضافة لمحاولة ترشيد الاجازات الرسمية طبعا..
لكن المناسبة لم تكن تحظى برعاية طرف سياسي.. وعلى مستوى العالم الاسلامي، فإن ما بدا يطفو على السطح على الاقل في غضون السنوات الاخيرة، من ملازمة المناسبة بالسياسة هي المهرجانات التي كان يقيمها الزعيم الليبي السابق معمر القذافي الذي كان يحشد لها شخصيات سياسية واجتماعية بالعشرات ومن معظم دول العالم الاسلامي تقريبا، في اطار محاولات العقيد الراحل لاستعراض شعبيته، وتأثيره المزعوم.
كان يحضرها احتفالات الزعيم الليبي شخصيات يمنية، واتذكر انه قبل بضعة أعوام كان وفد اليمن يضم سبعين شخصية واغلبها اجتماعية، حضرت الفعالية التي اقيمت في مدينة تمبكتو والقى الشيخ سلطان السامعي كلمة كممثل للوفود التي حضرت المهرجان.
الجديد في اليمن، أنه وفي غضون الثلاث السنوات الاخيرة، دأبت جماعة الحوثي على رعاية احتفالات كبيرة تحشد لها عشرات الآلاف من مختلف المحافظات اليمنية، رغم أنه اهتمام طارئ إذ يأتي على هذه الشاكلة من الجماعة ذات المذهب الزيدي، التي كان دأبها بل وخلافاتها مع السلطات سابقا على إحياء المناسبات التي تحمل دلالة معينة في إطار المذهب الزيدي، ومنها على سبيل المثال احتفالية الغدير او عاشوراء..
بعد تجاوز الجماعة لمرحلة الحروب مع نظام صالح، بعد الانتفاضة الشعبية التي شهدتها اليمن وما وفرته لها من مناخ ملائم لها في ظل سعيها المكثف للانتشار واستقطاب أنصار وموالين جدد، وخصوصا من خارج إطار مذهبها، بما يسوقها كحركة متجاوزة لعقدة المذهبية، رغم أنها لم تتحول للإطار السياسي بعد، ونشاطها لازال مختزلا بشكل رئيسي في رؤيتها الدينية، ومواجهاتها المسلحة، رغم انخراطها في مؤتمر الحوار.
اهتمام جماعة الحوثي بالاحتفال بالمولد يأتي في سياق الاهتمام بموروث الأطراف الأخرى من المذهب الشافعي والصوفيين والأشاعرة، والسنة عموما، واظهار الانفتاح على المناسبات التي تعني ذوي الطرق الاخرى من خارج الطرف الشيعي، بما يكسبها الثقة، ويحدث بعض التوازن مع المناسبات الخاصة باتجاههم الديني، التي ان بقيت ملازمة لها فحسب فقد تثير حفيظة الاخرين، أخدا في الاعتبار أن تيارات اخرى سنية كالسلفيين تحرم تلك الاحتفالات، هذا كله بطبيعة الحال بغض النظر عما تعنيه تلك المناسبات في الحالتين للطرف الاخر الا ان كل توجه ديني يحتفظ بخصوصياته اكثر.
اعتقد ان جماعة الحوثي تسعى من خلال احياء المولد لاستعراض شعبيتها، وقدرتها على الحشد المتنوع، واظهار مساحة انفتاحها في مناسبات جامعة للمذاهب والمكونات الاجتماعية، ومن جهة أخرى تعادل بها كفعالية دينية جانبا من حضورها الطاغي كجماعة مسلحة تخوض هذه الايام حروبا في خمس محافظات شمالية في مواجهة قوى دينية نقيضة كالسلفيين او عشائرية اخرى كشطر من قبيلة حاشد.
وبالتالي فهو محاولة لجماعة دينية، لم تتشكل سياسيا في إطار منظم حتى الآن لتوظيف المناسبة لتغطية جانب من الغياب الكبير في الحقل السياسي لمجرد استعراض شعبية، لا تمتلك حتى الان اي مناسبة سياسية لحشدهم فيها ومباراة الاحزاب في مضمار السياسة التي تتلكأ كثيرا في مسيرتها..
هي كذلك توجه بذلك رسائل للاخرين سلطة وتيارات سياسية بثقلها الذي لا يمكن القفز عليه ليؤخذ في الاعتبار في اي ترتيبات سياسية مستقبلية.
عرف الاحتفال بالمولد النبوي كفعالية دينية ارتبطت كثيرا بالنسبة لليمنيين بالطريقة الصوفية والمتأثرين بها من المذاهب الأخرى، وخصوصا الشافعية، ومثلها في ذلك مثل مناسبات دينية أخرى كالاسراء والمعراج ورأس السنة الهجرية والنصف من شعبان.
كانت بعض الأسر تقيم احتفالا عشية الذكرى يطلق عليه "المولد" يشمل مأدبة عشاء، وأناشيد خاصة بالمناسبة، وغالبا ما كان ذلك التزاما متوارثا تبعا لوصية أحد الأجداد الذي خصص لإحيائها وقفا خاصا يغطي نفقاتها..
في بعض المناطق كصنعاء كان الاحتفال بالمناسبة يتم احياؤه في المساجد، بمحاضرات لمشائخ دين وعلماء يستحضرون ارهاصات مولد الرسول الكريم، وظروف ولادته وبعضا من سيرته، يتخللها ارتفاع الاصوات بالصلاة على الرسول الكريم..
وبالنسبة لكبرى المساجد فإنها تحظى بتغطية الاعلام الرسمي، وكان يوم ميلاد الرسول الكريم إجازة رسمية، لكنها ألغيت في السنوات الأخيرة، ربما تبعا لآراء دينية ترى في تمييز الذكرى ”بدعة”، إضافة لمحاولة ترشيد الاجازات الرسمية طبعا..
لكن المناسبة لم تكن تحظى برعاية طرف سياسي.. وعلى مستوى العالم الاسلامي، فإن ما بدا يطفو على السطح على الاقل في غضون السنوات الاخيرة، من ملازمة المناسبة بالسياسة هي المهرجانات التي كان يقيمها الزعيم الليبي السابق معمر القذافي الذي كان يحشد لها شخصيات سياسية واجتماعية بالعشرات ومن معظم دول العالم الاسلامي تقريبا، في اطار محاولات العقيد الراحل لاستعراض شعبيته، وتأثيره المزعوم.
كان يحضرها احتفالات الزعيم الليبي شخصيات يمنية، واتذكر انه قبل بضعة أعوام كان وفد اليمن يضم سبعين شخصية واغلبها اجتماعية، حضرت الفعالية التي اقيمت في مدينة تمبكتو والقى الشيخ سلطان السامعي كلمة كممثل للوفود التي حضرت المهرجان.
الجديد في اليمن، أنه وفي غضون الثلاث السنوات الاخيرة، دأبت جماعة الحوثي على رعاية احتفالات كبيرة تحشد لها عشرات الآلاف من مختلف المحافظات اليمنية، رغم أنه اهتمام طارئ إذ يأتي على هذه الشاكلة من الجماعة ذات المذهب الزيدي، التي كان دأبها بل وخلافاتها مع السلطات سابقا على إحياء المناسبات التي تحمل دلالة معينة في إطار المذهب الزيدي، ومنها على سبيل المثال احتفالية الغدير او عاشوراء..
بعد تجاوز الجماعة لمرحلة الحروب مع نظام صالح، بعد الانتفاضة الشعبية التي شهدتها اليمن وما وفرته لها من مناخ ملائم لها في ظل سعيها المكثف للانتشار واستقطاب أنصار وموالين جدد، وخصوصا من خارج إطار مذهبها، بما يسوقها كحركة متجاوزة لعقدة المذهبية، رغم أنها لم تتحول للإطار السياسي بعد، ونشاطها لازال مختزلا بشكل رئيسي في رؤيتها الدينية، ومواجهاتها المسلحة، رغم انخراطها في مؤتمر الحوار.
اهتمام جماعة الحوثي بالاحتفال بالمولد يأتي في سياق الاهتمام بموروث الأطراف الأخرى من المذهب الشافعي والصوفيين والأشاعرة، والسنة عموما، واظهار الانفتاح على المناسبات التي تعني ذوي الطرق الاخرى من خارج الطرف الشيعي، بما يكسبها الثقة، ويحدث بعض التوازن مع المناسبات الخاصة باتجاههم الديني، التي ان بقيت ملازمة لها فحسب فقد تثير حفيظة الاخرين، أخدا في الاعتبار أن تيارات اخرى سنية كالسلفيين تحرم تلك الاحتفالات، هذا كله بطبيعة الحال بغض النظر عما تعنيه تلك المناسبات في الحالتين للطرف الاخر الا ان كل توجه ديني يحتفظ بخصوصياته اكثر.
اعتقد ان جماعة الحوثي تسعى من خلال احياء المولد لاستعراض شعبيتها، وقدرتها على الحشد المتنوع، واظهار مساحة انفتاحها في مناسبات جامعة للمذاهب والمكونات الاجتماعية، ومن جهة أخرى تعادل بها كفعالية دينية جانبا من حضورها الطاغي كجماعة مسلحة تخوض هذه الايام حروبا في خمس محافظات شمالية في مواجهة قوى دينية نقيضة كالسلفيين او عشائرية اخرى كشطر من قبيلة حاشد.
وبالتالي فهو محاولة لجماعة دينية، لم تتشكل سياسيا في إطار منظم حتى الآن لتوظيف المناسبة لتغطية جانب من الغياب الكبير في الحقل السياسي لمجرد استعراض شعبية، لا تمتلك حتى الان اي مناسبة سياسية لحشدهم فيها ومباراة الاحزاب في مضمار السياسة التي تتلكأ كثيرا في مسيرتها..
هي كذلك توجه بذلك رسائل للاخرين سلطة وتيارات سياسية بثقلها الذي لا يمكن القفز عليه ليؤخذ في الاعتبار في اي ترتيبات سياسية مستقبلية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق