الثلاثاء، 21 يناير 2014

مأزق الفهلوة الدبلوماسية اليمنية.. سامي نعمان



يوم أمس غادر جثمان الدبلوماسي الإيراني الذي قتل في صنعاء، في جريمة بشعة يوم السبت كنتيجة طبيعية للرخوة الأمنية، والاجراءات الشكلية الهزيلة، التي تستأسد على الدراجات، وتتراخى عن السلاح وحامليه.. ها قد قتل الرجل دون الحاجة للاستعانة بدراجة نارية، فماذا أنتم فاعلون للنظر أبعد من حدود الوسيلة المساعدة، دون أداة الجريمة المباشرة.
اغتيال أبو القاسم أسدي جريمة بشعة، لا تعني دبلوماسياً إيرانياً فقط، بل تصيب الدولة اليمنية في العمق.. اغتيال أسدي جاء بعد أشهر من اختطاف زميل آخر له، لا زال مجهول المصير حتى اللحظة.
وأمام عجز السلطات عن تحقيق شيء على صعيد الإفراج عن الأول، تعرضت لصفعة قوية ومحرجة بمقتل الآخر، إذ تجد نفسها عاجزة عن القيام بدورها الأساسي الجوهري في تأمين الدبلوماسيين الأجانب، وفقاً للقوانين الدولية المنظمة لعمل البعثات الدبلوماسية.
قتل الدبلوماسيين سيجر مزيداً من الخراب على البلاد، وسيغلق كثيراً من أبوابها القليلة التي لا زالت مفتوحة مع العالم، وان كان الباب الإيراني موصداً بطريقة انتهازية وسخيفة، إذ استمرأ صانع القرار اليمني مواجهة إيران إعلامياً، دون أن يلجأ للوسائل المتعارف عليها في كل بلدان العالم، بما فيها جمهوريات الموز، برسائل الاحتجاج الدبلوماسية، استدعاء السفراء، تقليص التمثيل الدبلوماسي، او حتى إغلاق السفارات، ولا بأس حينها ان كان الطرف هنا يرغب في تسريب إعلامي، يكون اقل حرجا حينها ويبعد عن سياسة الدولة الرسمية صفة الفهلوية لتزامنه مع رسائل دبلوماسية.
بقيت السفارة الايرانية في صنعاء مفتوحة، وسفارتنا في طهران على تمثيلها ذاته الذي خلفه نظام صالح، وسط مخاض متعسر لتعيينات السفراء.. غادر السفير الإيراني السابق قبل أشهر خارج البروتوكول، كان رئيس مجلس النواب أرفع مسؤول يمني وربما الوحيد الذي التقاه للتوديع.. لم يلتقه الرئيس هادي ولا رئيس حكومته (كانت بعض اللقاءات التي يطلبها السفير الإيراني مع رئيس الحكومة او بعض الوزراء، تحال إلى وزير الدولة المستقيل حسن شرف الدين).. قبلها رفضوا استقبال نائب وزير الخارجية الإيراني الذي زار اليمن لتسليم دعوة للرئيس لحضور قمة دول عدم الانحياز في طهران.
كلاهما مثلتا مناسبتين ملائمتين للغاية لتوجيه رسائل دبلوماسية راقية مهما كانت غاضبة وحادة، لكنها ستأتي في سياق الأعراف الدبلوماسية للدول، لكن الدولة تصر على مخالفة أعرافها، وانتهاج سياسة محرجة، لها، ومهما حاولت استغلالها إرضاء لتكتلات إقليمية فإنها لن تحظى بمقابل مغرٍ يعوضها جانب من تخليها عن قيم وأعراف الدولة.
في ظل كل تلك الاتهامات الموجهة لإيران عبر الأعلام، بعيداً عن القنوات الدبلوماسية، جاءت الحادثتان الأخيرتان لتوجها صفعة محرجة للحكومة اليمنية وسياستها، إذ وجدت نفسها في مواجهة احتجاجات ومطالب ايرانية قانونية وجادة، ومن الصعب ان تستمر في تصعير الخد تجاه إيران، وقد أضحت صاحبة ادعاء قانوني مثبت ضد الحكومة اليمنية.
على بقية عقل هذه الدولة أن يعي هذا الأمر، ويدرك ان التعامل بقيم وأعراف الدولة عندما يظن ان بيده ورقة ضغط ضد دولة أخرى، يوفر عليه كثيراً من الحرج، عندما تتكاثر الأوراق المحرجة بيد خصمه ضده.
رحمك الله يا أسدي، وخالص التعازي لأشقائنا الإيرانيين، وأمنياتنا لدبلوماسيتنا اليمنية بالتعافي، وللأمن بأن يصحو ليفي بالحد الأدنى من مهامه الجوهرية المتوافق عليها دولياً بما يحفظ بعضاً من الاحترام للدولة في الخارج، اذا كانت لا تعبأ باحترام الداخل.
http://almasdaronline.com/article/53884
نشر المقال بتاريخ 21 يناير 2014

ليست هناك تعليقات: