الاثنين، 13 يناير 2014

الكاتب سامي نعمان:الحوثيون يوظفون المناسبة لتغطية غيابهم في المحفل السياسي
المولد النبوي في اليمن.. استعراض قوة «سياسي»

مقاعد فارغة عليها رايات الاحتفال بالمولد النبوي في ملعب المريسي بصنعاء (تصوير: خالد عبدالله - رويترز)
وكالة الأناضول- زكريا الكمالي
ارتبطت ذكرى المولد النبوي الشريف في أذهان اليمنيين كفعالية دينية تتم غالباً في المساجد ومنازل شيوخ الصوفية والمتأثرين بها من المذاهب الأخرى وخصوصاً الشافعية، حيث كان اولئك الشيوخ يقيمون احتفالات عشية الذكرى يُطلق عليها «المولد»، يحضر إليها الناس من مختلف القرى حاملين «المواشي» التي يتم وقفها منذ شهور للمناسبة المنتظرة، وتشمل المناسبة بجانب مأدبة العشاء، اناشيد خاصة واحتفالات حتى مطلع الفجر في كثير من المحافظات اليمنية.. إلا أن تلك الصورة بدأت في التلاشي في الأعوام الأخيرة.
فمنذ ثلاث سنوات مضت، انحرفت المناسبة الدينية عن مسارها لتأخذ بعدا سياسيا، حين دأبت جماعة الحوثي (جماعة زيدية مسلحة خاضت 6 حروب مع الدولة وتتخذ من صعدة، شمال البلاد، مقراً لها) على رعاية احتفالات كبيرة تحشد لها عشرات الالاف من مختلف المحافظات اليمنية الى محافظة صعدة، وتحديداً بعد تجاوز الجماعة لـ«مرحلة الحروب» مع نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، مستفيدة من الانتفاضة الشعبية التي شهدتها اليمن في واستقطاب انصار وموالين جدد، وخصوصا من خارج اطار مذهبها.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي سامي نعمان أن اهتمام جماعة الحوثي بالمولد «ربما يأتي في سياق الاهتمام بموروث الاطراف الاخرى في اليمن من المذهب الشافعي والسنة عموما بما يسوقها كـ«حركة متجاوزة لعقدة المذهبية».
والعام الماضي، حشدت جماعة الحوثيين عشرات الالاف للمشاركة في احتفالين بهذه المناسبة، اكبرهما في محافظة صعدة، حيث معقلها الرئيس، والآخر في مديرية سنحان (موطن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح)، بعد رفض السلطات اليمنية حينها منحهم «الصالة الرياضية» وسط العاصمة صنعاء للاحتفال بالمولد النبوي، قبل ان تتراجع هذا العام وتمنحهم الملعب الرياضي الأبرز في العاصمة للاحتفال فيه.
وتحرص جماعة الحوثي على دعوة كافة مراسلي الصحف ووكالات الأنباء الخارجية والمصورين الصحفيين عبر مكتب خاص يتكفل بنقلهم الى من العاصمة صنعاء الى محافظة صعدة شمالاً.
ويقول المحلل السياسي نعمان إن «الجماعة تسعى لاستعراض شعبيتها وقدرتها على الحشد المتنوع، واظهار مساحة انفتاحها في مناسبات جامعة للمذاهب والمكونات الاجتماعية، ومن جهة اخرى تعادل بها كفعالية دينية جانبا من حضورها الطاغي كجماعة مسلحة تخوض هذه الايام حروبا في خمس محافظات شمالية في مواجهة قوى دينية نقيضة كالسلفيين او عشائرية مناهضة لها كشطر من قبيلة حاشد».
وخلال الأيام الفائتة، امتلأت شوارع العاصمة صنعاء وبعض المدن الاخرى مثل صعدة وحجة (شمال) بعشرات الشعارات واللافتات البيضاء التي تدعو الناس للاحتفال بالمولد النبوي مقرونة بشعار جماعة الحوثي المنادي بـ«الموت لأمريكا، والموت لإسرائيل»، وتذكرهم «بولاية علي ابن أبي طالب»، باعتبارهم من سلالته.
ويعتقد متابعون للشأن اليمني أن جماعة الحوثي تستغل المناسبات الدينية للتوغل اكثر في المناطق التي طالما كان محرماً عليها ممارسة طقوسها الدينية فيها وخصوصا العاصمة صنعاء، اضافة الى إرسال رسائل للأحزاب السياسية بامتلاكها قواعد جماهيرية موازية لها واكثر.
وفي السياق، يشير الكاتب اليمني سامي نعمان إلى أن «جماعة الحوثي تقوم بتوظيف المناسبة لتغطية جانب من غيابها الكبير عن المحفل السياسي وللتأكيد في الوقت نفسه على أن ثقلها الشعبي لا يمكن القفز عليه ويجب ان يؤخذ في الاعتبار عند إقرار أي ترتيبات سياسية مستقبلية».
وتُحرم جماعات دينية مثل «السلفيين» (وهي الجماعة التي خاضت حرباً مع الحوثيين في بلدة دماج بصعدة لأكثر من شهر مؤخرا) الاحتفالات بالمولد النبوي، من منظور شرعي، كما تُقلل من صدقية احتفالات جماعة الحوثي بالمولد، ويقولون ان انصاره يشتمون الصحابة.
وتطورت الملاسنات بين الجماعتين حول هذه المسألة الى مواجهات مسلحة في الأيام القليلة الماضية، ففي مدينة تعز (جنوب) اصيب يمني إثر تبادل لإطلاق النار بين أنصار للحوثيين والسلفيين في حي «الجحملية» الشعبي وسط المدينة يوم الأحد بسبب نزع منشورات تدعو للاحتفال بالمناسبة من جانب الحوثيين وتقطيعها من قبل جماعات سلفية.
وفي محافظة ذمار (وسط اليمن)، والتي تعرف بأنها «كرسي الزيدية»، دارت يوم السبت مواجهات مسلحة في بلدة «آنس» بين أنصار لجماعة الحوثي وعناصر قبلية في البلدة أدت الى مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين بسبب خلافات على شعارات الاحتفال بالمولد النبوي.
وكان يوم ميلاد الرسول الكريم إجازة رسمية في اليمن، لكنها ألغيت في السنوات الأخيرة، ربما اتباعاً لآراء دينية ترى في تمييز الذكرى «بدعة»، اضافة لمحاولة ترشيد الاجازات الرسمية.

ليست هناك تعليقات: