السبت، 29 مارس 2014

درس مدني من مأرب.. سامي نعمان



الدرس الوطني الاخلاقي الملهم قادم من محافظة مأرب هذه المرة، رغم أنه حرم كثيرا من حقه الاشادة والتنوية كبادرة نوعية وربما سابقة كما تحظى الاخبار السيئة المتكررة حد الملل بحقها من التعليق..
أن يقدم شيخ من قبيلة مراد بمأرب (الشيخ علي القبيلي نمران) بتسليم نجله المتهم باختطاف مواطن ايطالي الى اجهزة الامن، فذلك موقف مهيب، تقشعر لهالته الابدان، ويستحق الاجلال والاكبار، ويبعث على الفخر والاعتزاز..
أن يسلم رجل نجله للسلطات ويقدم لمحاكمته في جريمة جسيمة ربما يكون جزاؤه مغلظا وصعبا، فذلك الموقف ليس سهلا في بلد كاليمن، اعتاد نافذوه -بل ومسؤولوه أحيانا- حماية المجرمين ومساعدتهم على الافلات من العقاب(قتلة الدكتور درهم القدسي مثلا).
لا؛ بل اعتاد بعضهم تنفيذ جريمة جسيمة كالاختطاف للمطالبة باطلاق سجناء على ذمة قضايا اقل جسامة من الاختطاف والقتل.. واحيانا يتم الرضوخ لمطالبهم والافراج عن مجرمين او ابرياء بارتكاب جريمة اشد قلحا من سابقتها..
هي خطوة متقدمة من رجل يعيش في محيط قبلي وفي مجتمع السائد فيه أن من المعيب أن يسلم أحد أقاربه أو أبناء قبيلته للسلطات بتهمة ارتكاب جريمة، خصوصا أن بمقدوره تحصينه بسهولة لوقت مؤقت فقط، يعود بعدها لمواصلة حياته بشكل طبيعي وربما تكرار جرائمه، إذ تعقب ومتابعة المجرمين هنا اجراء لحظي منفعل ياتي كردة فعل، لا يقتضي الديمومة ويكون مآله النسيان بالتقادم العاجل بعد بضعة أسابيع.
تذكرت لحظة قراءتي للخبر الشيخ علي عبدربه العواضي، وهو عضو قيادي في حزب سياسي وكان عضوا في مؤتمر الحوار يضج الاسماع بالحديث عن الدولة المدنية وكيف انه تستر على قتلة شابين مدنيين بدون جرم اقترفوه، وكيف انه ماطل فيها وتراخت السلطات الامنية عن اداء واجبها حتى باتت القضية في حكم المجهول كأمر واقع فرضه شيوخ ونافذو القتلة.
تذكرت ايضا كيف أن فاروق عبدالحق عاد اليمن للاحتماء بغياب الدولة والعدالة ونفوذ المال فرارا من من ملاحقته بجريمة مشينة وقبيحة، لن يسكت اي يمني عنها لو وقعت بحق اسرته.. تهمة بالاغتصاب والقتل، لكنه يصمت عن متهم بجريمة كهذه بحق انسانة نرويجية تتوسل اسرته المتهم بالعودة الى العدالة.
من هو المدني الاجدر بالاحترام رجل الاعمال الذي يجوب العالم بطائرة خاصة ويدرس ابناؤه واقاربه في ارقى جامعات العالم، ام ذلك الشيخ القبلي الذي لا نعلم الظروف التي وفرتها الدولة له ولاولاده للحياة والتعلم..
شتان بين الموقفين ، والقيم ليست ادعاء بل فعل، فلربما ياتي احيانا من عمق المناطق القبلية التي الف الناس سماع اخبار الاعتداءات والتخريب التي يقوم بها بعض ابنائها، في حين يحرمون من اعلاء موقف كهذا ربما ينتهجه كثير من ابناء مارب اذا ما ارتكب اقاربهم جرما ما اذ التستر على مجرم لا يقل عن جرمه وهو جريمة قائمة بحد ذاتها على الدولة والعدالة والمجتمع..

ليست هناك تعليقات: