الأربعاء، 14 مايو 2014

افتتاحية صحيفة الجمهورية: القوات المسلحة ماضية في مهمتها حتى النهاية




الجيش والأمن.. أمجاد وطنية
..  كتب المحرر السياسي..
الأربعاء 14 مايو 2014 12:05 ص
.. تسطر القوات المسلحة والأمن، هذه الأيام، واحدة من أنصع صفحاتها الوطنية المشرقة في تاريخ اليمن، إذ تخوض معركة جادة وحاسمة ضد معاقل وأوكار تنظيم القاعدة في محافظتي أبين وشبوة، وتطهرها من شروره، وتعيدها إلى حضن الدولة، بعد أن اتخذت منها العناصر الإرهابية منطلقاً لجرائمها الوحشية البشعة التي كلفت البلاد ثمناً باهظاً من أمنها واستقرارها واقتصادها وسكينة أبنائها وغدت تشكل تهديداً خطيراً لسلمها الاجتماعي.
.. يتقدم الجيش والأمن، بكافة تشكيلاته، في معاقل الإرهاب بمسؤولية وطنية عالية، وتصميم وعزم لا يلين، واضعاً نصب عينيه سلامة المدنيين في تلك المناطق، الذين عانوا أيما معاناة من تغوّل عناصر الإرهاب في كافة تفاصيل حياتهم، مسجلاً انتصارات وطنية عظيمة، تضاف إلى سجل أمجاده الخالدة.
.. وما من دلالة تؤكد عدالة الملحمة الوطنية التي انبرى لها أبطال القوات المسلحة والأمن بمختلف رتبهم ومستوياتهم وتشكيلاتهم، أبلغ من ذلك التلاحم والالتفاف الشعبي والاجتماعي المهيب في تلك المحافظات حول قواته الوطنية، التي تتقدم معليةً راية الدولة وحدها، لتعلن للجميع بجلاء أن لا موطئ قدم، ولا شبر في أرض الوطن يتسع لقوىً تتربص شراً بالبلاد، وتضمر العداء لأبنائها.
.. ليس ذلك فحسب، بل يسترسل ذلك الاصطفاف والتلاحم الشعبي، بفيض وحماس وتأييد منقطع النظير إلى كافة المحافظات، بريفها وحضرها، ليؤكد حقاً أن الشعب اليمني بكافة مكوناته السياسية والاجتماعية، يقف مع قوات الجيش والأمن في ملاحمها البطولية الوطنية.. مع الدولة كخيار لا رجعة عنه ولا بديل.
.. قطعاً لا يمكن لشعب بحضارة عريقة، أن يستعيض عن ذلك الخيار بمشاريع الإرهاب والعنف التي لا تؤمن بالدولة والمواطنة، مهما رفعت من شعارات، هي على بريقها زائفة، تضلل بها البعض، في فترة فاصلة وحرجة تتجاذب البلاد فيها تحديات جسيمة، سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً.
.. وهذه الملحمة البطولية، التي تخوضها القوات المسلحة والأمن، ويقدم منتسبوها لأجل تحقيق أهدافها تضحيات ثمينة، ليست من قبيل الترف، بل هي أهم استحقاق وطني ينبغي إنجازه في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الوطن بما يترتب عليها من تهيئة الأجواء لتحقيق بقية الاستحقاقات الوطنية سياسية واقتصادية وتنموية، يصعب إنجازها، ويد، بل وأيادٍ آثمة تتطاول بالغدر والإرهاب لتهدد أمن الوطن واستقراره، وتنال من مكتسباته الوطنية، وتهدد مستقبل أبنائه وتنسف أحلام أجياله القادمة في الرخاء والتنمية والازدهار.
.. ليست ترفاً، بل جاءت بعد طول صبر وأمل أن تراجع عناصر الإرهاب أفكارها، وتعود إلى جادة الصواب، وينخرط المغرر بهم من أبناء الوطن، مع بقية إخوانهم في كافة ربوع الوطن في معركة البناء والتنمية والتنافس لتحقيق الأهداف المشروعة تحت مظلة الدولة، لا أن يوفروا أرضاً خصبة تلجأ إليها عناصر الإرهاب من دول مختلفة، لتتكالب في مشروع إرهابي متخلف يناوئ الدولة، ويدمر اقتصادها، ويهدر مصالح ومستقبل أبنائها، ويتطاير شرره مهدداً أمن الإقليم والعالم.
.. جاءت بعد أن استمرأت عناصر الإرهاب جرائمها بحق الوطن، لتنفذ اعتداءات وحشية ضد جنود، يخدمون بعيداً عن أهلهم، في المواقع والثغور والمعسكرات النائية، مكرسين حياتهم لحماية أمن المجتمع، ومصالح أبنائه.
.. ليس ذلك فحسب، بل تطاولت يد الإرهاب، بكل وحشيتها المتراكمة، لتستهدف مؤسسات الدولة، وأمن المجتمع، دون أن تفرق الأيادي الآثمة، وهي تقترف جرمها الأنكر، بين جندي يخدم وطنه، ويسهر على أمن مجتمعه، وطبيب يعالج، ومريض ينشد الشفاء، وامرأة وطفلاً يناشد القاتل في ذروة وحشيته حفظ حقه في الحياة، فيهديهم جميعاً الموت..
.. تلك قسمتهم وعدالتهم لليمنيين، وبهكذا وحشية يسعون إلى تحقيق أجنداتهم، وإنجاز مشروعهم الذي يقوم على نهر من الدماء.. تجلى المشهد بكامل قبحه في جريمة قل أن يشهد العالم المعاصر جرماً ووحشية نظيرةً له، بما وثقته كاميرات مستشفى العرضي صبيحة اقتحامه في ديسمبر الماضي، وما هو أكثر بشاعة مشاهد قتل جنود نائمين في ثكناتهم ينتظرون توقيت الخدمة، وإن لم تسجلها الكاميرات.
.. ومع توالي ضربات الجيش القاصمة لظهر الإرهاب، بعد كل تلك التضحيات، ينبري بعض المرجفين، ممن يسكنون في أوساط المجتمع، وقلوبهم متعاطفة مع من يقتله، متلفّعين بثوب النصح والحرص الزائف، ليتحدثوا تدليساً عما يجب، ومالا يجب على الدولة القيام به في مواجهة آلة القتل والعدوان الهمجية.
.. يستحضرون في المشهد خصوماتهم الجاهلية، ليشوشوا على الجيش انتصاراته الخالدة، والمجتمع في حملته الوطنية المؤازرة.
.. يثيرون جلبة ولغطاً حول قضية عادلة ومعركة وطنية، لتهوين بأسها، وهم الصامتون أمداً طويلاً حتى عن جملة إدانة، إسقاطاً لواجب، عن كل الجرائم المتوالية على مدى عامين، تنوعت بين هجمات إرهابية وحشية يندى لها جبين الإنسانية، واغتيالات منظمة طالت خيرة ضباط وجنود الجيش والأمن، ومواطنين يمنيين في مناصب رسمية أو بدونها، وموظفين أجانب، في غير مدينة يمنية، في بلد ينزف اقتصاده، تماماً كما ينزف دم أبنائه الطاهر.
.. الدولة ليست فرس رهان لأحد، ولن تتوانى عن أداء وظيفتها المقدسة في حماية وجودها، وحفظ مصالح أبنائها دونما مراعاة لرأيٍ، يتحجج بالمصلحة تارة، وبعدم ملائمة الوقت تارةً أخرى، وثالثة باستدعاء جماعات مسلحة ووضعها في كفة موازية لتنظيم القاعدة، دونما إجراء مراجعة أو مقارنة لنهج العنف، وعقيدة القتل، والموقف من خيار الدولة، في محاولة لثنيها عن أداء واجبها في هذه الجبهة، أو إغراقها وتشتيت قواها في جبهات متعددة.
.. ما ينبغي التأكيد عليه، دونما حاجة للنكاية والمماحكة، أن الدولة ممثلةً بقواتها المسلحة والأمن لن تتخلى يوماً عن أداء وظيفتها تلك في مواجهة أي جماعة مسلحة، أياً كانت، متى ما انحرفت إلى مسار يهدد السلم الأهلي والمصالح الاستراتيجية ويتعارض مع خيار الدولة المدنية، وأحلام الشعب في التغيير.
.. المعركة الحالية، ليست الأولى، إذ سبقتها حملة السيوف الذهبية منتصف عام 2012، وكان من بين أبرز قادتها قائد المنطقة الجنوبية سابقاً الشهيد البطل اللواء الركن سالم قطن الذي دفع حياته ثمناً لفرض خيار الدولة، في تلك المعركة، التي سجل انتصاراتها أبطال قواتنا المسلحة بدحر عناصر الإرهاب من محافظة أبين، ومناطق أخرى، لكن تلك العناصر لم تستوعب الدرس جيداً، وعادت لتمارس عدوانها وطغيانها ضد أبناء الشعب اليمني.. ليست الأولى لكنها ستكون حاسمة ولن تترك ملاذاً للإرهاب في أرض اليمن.
.. القوات المسلحة والأمن ماضية في إنجاز مهمتها حتى النهاية، ولن تتوقف حتى تطهر جميع مناطقها من نفوذ عناصر الإرهاب، كالتزام جوهري تجاه مواطنيها، بأداء وظيفتها التي لن تتخلى عنها، وإن الفرص التي تمنحها للعودة والمراجعة ليست ضعفاً، بقدر ما هي مسؤولية وحرص على تجنيب البلاد تبعات الحروب، وذلك ما يجب أن يدركه المتربصون شراً بمستقبل الوطن ومصالح أبنائه.

ليست هناك تعليقات: