الجمعة، 9 مايو 2014

حوادث السير.. حرب غير معلنة تهدد السلم الإجتماعي




الداخلية تكتفي بسرد إحصائيات مفجعة للضحايا والخسائر المادية وتتنصل عن المسؤولية

وفيات يومية بمعدل 7 أشخاص، و35 إصابة نصفها عاهات مستديمة خلال 2013
حوادث السنوات الخمس الأخيرة تسجل 13360 حالة وفاة و76000 إصابة نصفها خطرة
من عام 2000 إلى 2011: وفاة قرابة 30 الف واصابة 193 ألف في 151 ألف حادث سير
شرطة السير تعزو أسباب الحوادث للسرعة والاهمال والطرقات وتغفل دورها في انفاذ القانون
عرف الثلثين بثلث يطغى على القانون والمعنيون يفضلونه على بطء نيابات ومحاكم المرور
30 % حصة ادارات المرور من مخالفات السير والبقية للمجالس المحلية
لجنة حكومية للسلامة تعتبر حوادث السير “خطراً يهدد السلم الاجتماعي” وتشدد على مواصفات الطرق


المصدر- سامي نعمان
من النادر جداً أن يمر على اليمنيين يوم في حياتهم، دون أن تنكب أسرة بفقدان عائلها، أو أحد أبنائها في حادث سير.. ومن النادر جداً أن يمر يوم دون أن تسجل اصابات بالجملة في تلك الحوادث قد لا تقل تبعاتها كارثية عن حالات الوفاة في بعض الاصابات الخطرة، خصوصاً في ظل انعدام التأمين على المركبات، وطغيان العرف على القانون في تقرير المسؤولية في تلك الحوادث.
تشير احصائيات العام الماضي لمعدل وفيات يومية مرتفعة بنسبة 7 أشخاص، واصابة 35 شخصاً نصفهم تقريباً أصيبوا بعاهات مستديمة.
مطلع الأسبوع الجاري دشنت وزارة الداخلية من صنعاء، فعاليات أسبوع المرور العربي تحت شعار "نحو بيئة مرورية آمنه للجميع "، والذي يستمر من 4 - 10 مايو الجاري.
وتزامناً مع ذلك، تستمر حوادث السير في دون أن تلوح في الأفق أي إجراءات تحد من سطوة هذا القاتل في خطف أرواح مئات اليمنيين شهرياً، باستثناء التفاؤل بيوم نادر مر دون تسجيل وفيات كما حصل في 16 مارس الماضي، رغم انه سجل اصابة 20 شخصاً في حوادث مرورية.
أكثر ما تتقنه وزارة الداخلية، ممثلة بالإدارة العامة لشرطة السير، هو احصاء أرقام الضحايا، ومعها الخسائر المادية، وعدد الحوادث ونوعيتها إذ تنشر بانتظام بالغ، احصائيات يومية، اسبوعية، شهرية، دورية، وسنوية، للحوادث المرورية وضحاياها، بيد أن بعض الحوادث خصوصاً في المناطق البعيدة والريفية قد تبقى بعيداً عن احصائيات السلطات الرسمية.
تنشر الداخلية احصائيات مفجعة عن ضحايا حوادث السير وخسائرها، لكن ما لا تشير إليه في هذا السياق آثارها الاجتماعية الكارثية التي تتسبب بها، وعدد المتأثرين بها خصوصاً الأطفال الذين يصبحون عرضة للتشرد والضياع تبعاً لوفاة عائلهم، أو إصابته إصابة مقعدة تبعا لحادث سير.
ومقابل سردها للعديد من أسباب الحوادث، تغفل الحديث عن مسؤوليتها في هذا الجانب، واتخاذ إجراءات فعالة للحد من الحوادث المرورية، وتخفيف كلفة الخسائر البشرية والمادية.
إحصائيات مروعة للضحايا..
في حفل تدشين أسبوع المرور بصنعاء، الأحد، بحضور وزير الداخلية، كشف نائب مدير عام شرطة السير العقيد عبد الرزاق المؤيد عن وفاة 2494 شخصاً، وإصابة 12.622آخرين بإصابات مختلفة (6164 إصاباته بليغة، و6458 إصاباتهم طفيفة)، في 8962 حادث سير، قدرت خسائرها المادية بأكثر من 2 مليار و175 مليون ريال، في مختلف المحافظات، وسجلت العاصمة صنعاء، ومحافظات تعز والحديدة وحجة أكثر الحوادث المرورية.
غير أن وزارة الداخلية نشرت الثلاثاء الماضي إحصائية رسمية عن وقوع 9333 حادث سير خلال العام الماضي، تسببت السرعة في 3441 منها (37%)، فيما يحل ثانياً اهمال السائقين كسبب للحوادث، متسبباً في 2423 (26%)، واهمال المشاة في المرتبة الثالثة متسبباً في 1642 حادثة (17.6%) من إجمالي الحوادث.
وفقاً للاحصائيات الرسمية، أودت الحوادث المرورية خلال السنوات الخمس الأخير 2009-2013 بحياة 13360 شخصاً من مختلف الفئات العمرية، فيما أصيب 76074 في تلك الحوادث، 45% منهم كانت إصاباتهم خطيرة، تسبب فيها 56071 حادث سير في مختلف المحافظات وقدرت خسائرها بـ 19 مليار و 152 مليون ريال.
سجل عام 2010 أعلى عدد للوفيات إذ بلغ 3063 شخصاً، فيما سجل عام 2009 أقل عدد بـ 2185، وبين الرقمين يتراوح ضحايا حوادث السير بين اليمنيين خلال السنوات الأخرى.
إحصائيات رسمية سابقة أشارت لوقوع 151 ألف و253 حادثا مروريا نتج عنها وفاة 29 ألف شخص وإصابة 193 ألفا آخرين، خلال الفترة من عام 2000 إلى نهاية العام 2011.
جدول يوضح حجم الأضرار البشرية والمادية لهذه الحوادث
العام
عدد الحوادث
الوفيات
الإصابات
الخسائر المادية بالريال
ملاحظات
1996
6223
1267
6740
257.038.800

1997
8032
123
8106
579.222.796

1998
8145
1460
8651
415.394.868

1999
9207
1243
9786
541.110.010

2000
9958
1527
10998
635.105.515

2001
9792
1779
12343
645.817.719

2002
10523
2101
12544
1.289.707.704

2003
10749
2447
14545
2.301.315.796

2004
12257
2249
14117
2.459.169.155

2005
12869
2510
16147
2.651.905.219

2006
13011
2711
17673
2.836.360.422

2007
14741
2781
19253
3.476.458.032

2008
16362
2833
20412
3.205.888.813

2010
14131
2959
19700
4.212.007.806

2011
8360
2152
1203
1.843.079.311

2012
8066
2382
11598
1.888.317.000

2013
8962
2494
12622
2.175.000.000

الإجمالي
181388
36128
227538
31.412.898.966



















 أسباب كثيرة.. والسلطات بعيدة عن المسؤولية
خلال حفل تدشين أسبوع المرور العربي، أكد وزير الداخلية اللواء عبده الترب على ضرورة تطبيق رجال المرور لقوانين السير على المخالفين، مشيراً أن أسباب الحوادث المرورية تكون غالباً أما الطريق أوالمركبة والمستخدم وتتطلب تظافر كافة الجهود للحد منها والتوعية بمخاطرها وتجنيب المجتمعات آثارها السلبية.
ضمن الأسباب التي تسردها وزارة الداخلية للحوادث المرورية، تحضر السرعة الزائدة واهمال السائقين والمشاة ضمن أهم أسباب الحوادث المرورية، اضافة لأسباب أخرى، كالانشغال بتعاطي القات، واستخدام الهاتف، والأعطال الفنية المفاجئة في المركبات، وهطول الأمطار على الطرقات والتجاوز الخاطئ، لكنها تغفل كثيراً الاشارة لمسؤوليتها في تطبيق القانون بصرامة، وتغليظ المخالفات على تجاوز السرعة في المدن الرئيسية والخطوط الطويلة.
وإذ أوجز مدير إدارة شرطة السير بمحافظة المحويت العقيد زيد النونو، أسباب الحوادث المرورية، على تعددها وكثرتها، في أربعة جوانب تتعلق بالسائق و الطرقات،  والمركبات وجانب رابع وهي العوامل الطبيعية، أكد على اهمية تطبيق تفعيل قانون المرور بشكل عام في المدن الرئيسية وعواصم المحافظات والمديريات.
وأضاف بأن هناك قانون موجود خاص بالمرور (رقم41 لسنة 1990)، وعدل مؤخراً، لكنه بحاجة إلى تفعيل، والتفعيل بحاجة إلى إمكانيات.
وأشار أنه من غير الممكن انفاذ القانون إلا في ظل دولة قوية وتجاوب الناس وتعاون جميع الجهات، خصوصاً في ضل هذه الأوضاع الأمنية المتدهورة.
وقال النونو للمصدر إن الحوادث المرورية تشكل حرباً غير معلنة، وهي مشكلة تعاني منها جميع الدول بما فيها الدول المتقدمة، لما تخلفه من خسائر بشرية ومادية كبيرة، مشدداً على ضرورة تظافر الجهود لمعالجة المشكلة المرورية.
لجنة للسلامة المرورية.. اجتماعات نادرة ودور غائب
وتنبثق من وزارة الداخلية لجنة يرأسها نائب الوزير اسمها اللجنة الوطنية للسلامة المرورية..
اللجنة وفي احد اجتماعاتها النادرة، منتصف العام الماضي اعتبرت حوادث السير “خطراً يهدد السلم الاجتماعي”، وناقشت سبل الحد من وقوعها.
الاجتماع اقترح تفعيل السلامة المرورية، وتصحيح أوضاع عملية السير من خلال الدراسات الميدانية في عملية التصميم الفني  للطرقات وبما يتلاءم والبيئة بتدشين برنامج مكثف للتوعية وتوصية الجهات المعنية بعدم إعطاء تصاريح بناء طرق جديدة لا تطابق المواصفات الفنية الآمنة، وإنفاذ القانون الخاص بقواعد وآداب السير.
يلاحظ تردي وضع الطرق الطويلة الضيقة بين المحافظات، التي انشئت منذ عقود، رغم تضاعف أعداد المركبات، من التآكل وكثرة الحفر والمطبات، التي تضطر معها السلطات أحياناً لترميمها بعد تدهورها بشكل كبير.. وخلال السنوات الأخيرة أعلن عن بدء مشاريع بناء خطوط طويلة مزدوجة بين المدن، لكنها تعثرت كثيراً وغالباً ما كانت تتضرر أثناء العمل عليها بفعل العوامل الطبيعية ومخالفة المواصفات.
اللجنة الوطنية للسلامة المرورية حثت في ذلك الاجتماع الجهات ذات العلاقة على عدم إعطاء أي تصاريح بناء جديدة لا تتطابق المواصفات الفنية الآمنة بما فيها إيجاد مواقف للسيارات منعا للازدحمات المرورية، مع إنفاذ القانون الخاص بقواعد وآداب السير على سائقي المواصلات العامة والخاصة.
كذلك أقر انتظام اجتماعات اللجنة من دورية إلى شهرية لتفعيل أدائها، دون أن يسجل للجنة أي اجتماع يشار اليه في خبر رسمي، أو نشاط على الأرض.
طرق رديئة.. وآليات بدائية بحاجة لتطوير وتفعيل
وتفتقر الخطوط الطويلة بين المحافظات والشوارع الرئيسية في المدن، بما فيها العاصمة، لأية أنظمة تقنيات مراقبة حديثة بما فيها الكاميرات، لضبط المخالفات المرورية، بما يسهم في الحد من حوادث السير في الطرقات والفوضى المرورية التي تطغى في شوارع المدن، كذلك تفتقر لسلطة انفاذ القانون ومحاسبة المتسببين في الحوادث بما يسهم في الحد منها.
ومن شأن تسجيل المخالفات وتغليظها، سواء بالطريقة التقليدية أو بطريقة الكترونية غائبة أن يسهم في تطوير تقنيات المراقبة المرورية وتمويلها ذاتياً من المخالفات.
وأوضح العقيد النونو إن إدارات شرطة السير في المحافظات تحتاج لربط شبكي،  يربطها ببعضها وبالأدارة العامة لشرطة السير، لضبط المخالفات، التي بين أن أنها تذهب للمجالس المحلية، ويتبقى منها نسبة  بسيطة تقدر بــ30% من قيمة المخالفة للإدارة العامة للمرور والإدارات المسجلة في نطاق الأختصاص المكاني.
وعن التلاعب بالمخالفات والغاءها بالوساطات أشار أن المخالفات المدونة والمفرغة بالسجلات والحاسوب لا يمكن الغائها إلا بتسديد قيمة المخالفة، وإذا ما الغيت من قبل شرطي السير بعد تقييدها يتم محاسبته، عندما يريد استبدال دفتر المخالفات الذي يتم فحصه عندما ينتهي.
يطغي في الحوادث المرورية عرف الثلثين بالثلث على القانون، حتى لدى بعض المعنيين في شرطة المرور، في ظل عدم فعالية نيابات ومحاكم المرور وطول اجراءات التقاضي وطول أمد التقاضي فيها.
لكن العقيد النونو يؤكد أن عرف الثلثين بالثلث حالة نادرة عند بعض الناس اذا ما حلت القضية عن طريق الصلح في الحوادث البسيطة، أما قانون المرور فيحدد نسبة الخطاء مثلاً 20% او25% او70% او50%..
ويشير أن الحوادث الجسيمة تحال إلى النيابة رسمياً، لكن بعض المعنين بالحوادث يلجؤون إلى الصلح نظراً لطول فترة التقاضي امام القضاء والنيابات.
تنتهي أسابيع المرور، لكن الحوادث المرورية مستمرة بذات الوتيرة.. غياب الدولة في هذا الجانب إجمالاً، وتفاصيله من طغيان العرف على سلطة القانون، وغياب الاستراتيجية الفعالة وتحديث أدوات المراقبة المرورية، وضعف فعالية إدارات المرور، تعني شيئاً واحداً أن آلاف اليمنيين سيقضون سنوياً وتهدد تبعاً لذلك آلاف الأسر بالضياع والأطفال بالعمالة المبكرة لتعويض غياب العائل، حتى تلتفت الدولة لمسؤوليتها في حفظ أرواح مواطنيها، ضحايا تلك الحرب غير المعلنة.
==============
نشر التقرير في صحيفة المصدر عدد الأربعاء 07 مايو 2014، ونشر في موقع المصدر أونلاين يوم الخميس 08 مايو 2014
http://almasdaronline.com/article/57511

ليست هناك تعليقات: