الأربعاء، 10 سبتمبر 2014

عقدة الحوثي.. تكريس لخصومة طائفية مع الاصلاح.. سامي نعمان


يجهد عبدالملك الحوثي في خطاباته لفصل حزب الاصلاح عن شركاء الحكومة والرئيس هادي -بما هو صاحب سلطة القرار الاول في ادارة الدولة- بتحميل الحزب كل الاخطاء والقاء كل الاتهامات وتصويره باعتباره المسؤول الوحيد عن اخفاقات الحكومة و”جرائمها” وانه الحائل الوحيد دون الاستجابة لمطالب الشعب، رغم ان هناك حكومة ائتلافية فيها كثير من الشركاء، ويستاثر الرئيس هادي بسلطة اتخاذ القرار خصوصا في موضوع الجرعة والعلاقات الدولية التي يشير اليها الحوثي غالبا باعتبارها ضربا من العمالة..
هناك رئيس دولة انبرى لوحده مدافعا جريئا عن قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، ومتبنيا لخيارات الحلول، ومواجها الحوثي في تحركاته-في تصريحاته ومفاوضاته حتى الان على الاقل- لكن ليس له نصيب في هجوم واتهامات الحوثي.
وهناك احزاب شريكة في ذات ”الوزر” الذي يرمى به الاصلاح ويأتلفون في ذات الحكومة التي يطالب الحوثي باسقاطها،( على انه وفي الوضع الطبيعي والخطاب المتعقل ينبغي ان يكون هناك فصل بين حكومة سيئة الاداء منتفض ضدها وحزب يشارك فيها او ينفرد بها)، لكن الرجل يتغافل في خطاباته تلك توليفة الحكومة ويبدو دقيقا مركزا في تحديد خصمه الموصوم بالداعشية والتكفير والذبح وقطع الرقاب.
بذلك يفصح الحوثي عن ملامح معركته، ومدى خطورتها، ويكرس اكثر صورتها الطائفية ونزعتها المتعصبة ضد حزب مخالف له ايديولوجيا وأيا كان وضعه في الحكومة، انما هو احد اقطابها خصوصا فيما يتعلق بالمطالب المنتفض ضدها، لينبري (الحوثي) مبرئا كل شركاء الحكم ومركز القرار ورأس المواجهة ومخليا ساحتهم من المسؤولية، ليختزلها في الغريم الايديولوجي ويظهر بشكل جلي ان اسباب انتفاضته انما هي واجهة تغلف مغزاها الحقيقي المتمثل في مواجهة من حدده خصما لاعتبارات ايديولوجية بحتة، لا تبدد المخاوف والهواجس من صراع طائفي بقدر ما تعززها وتزيد حظوظها..
اكثر ما يحتاجه الحوثي هو الضغط على نفسه لتقييد حدود تحركاته واهدافها عند المطالب التي يفصح عنها ويرفعها اتباعه بسقفها الطبيعي ومسؤوليها المعلومين بالضرورة؛ ممثلين برئيس وحكومة، لا أن يعزز مخاوف الناس وهواجسهم من صراع طائفي - في ذات الوقت الذي يحاول طمأنتهم في ذلك- بالافصاح عن حصر خصومته وعقدته على الغريم الايديولوجي فحسب.. 
يحتاج ان يدرك اساس مخاوف الناس، وعمق هواجسهم الحقيقية، هو ما يؤكده في خطاباته ويعززه في اتهاماته -ايا كانت مسوغاته لسردها- بابعادها عن سياقها الطبيعي الملازم لها بالضرورة وهو البعد السياسي، وليس فيما يكرسه في حديثه بتاكيد حالة انفصام بين المطالب المعلنة بصرفها عن سياقها الطبيعي باتجاه استكمال الصراع ببعد طائفي في مواجهة الخصم المعلن عنه، المبيتة النية ضده في المواجهة..
وذلك هو عمق المشكلة واساس الهواجس في اجندة الحوثي وتحركاته...

ليست هناك تعليقات: