الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

الحوثي يدرك أين يذرف الدموع!


سامي نعمان

التفجيرات التي استهدفت متظاهرين في عمران، الخميس الماضي، وخلفت قرابة عشرين مواطناً بين قتيل وجريح، لا تحضر في اهتمام الجميع، وخصوصاً جماعة الحوثي، التي تدرك جيدا أين تذرف الدموع وتُصعّد وتزايد لتجني الارباح، وأين تتحدث عن الفشل الأمني الذريع والحكومة الفاشلة.
يبدو ذلك جليا في تغطية قناتها إذ عرضت للجريمة بشكل خاطف، وكالعادة حمّلت على الاعداء الخياليين (غالبا) المخابرات الامريكية  والاسرائيلية وادواتهم "الداعشية"، مع أن الأمن مسؤوليتها الأكيدة في ظل اغتصابها لسلطة الحكم في تلك الاراضي.
صمت ناطق الجماعة، وربما هو وقياداته مشغولون بما هو أجدى، عن الخروج بتصريح يكشف عدوانية الجماعة وترهاتها السلمية، أحصي فيه خسائر العدو في عملياته الانتقامية رداً على الاعتداء على المتظاهرين السلميين أمام مقر الحكومة، فيما تعامل معه إعلام الحوثي وناشطوه ومنظروه كحدث عابر، لا سبيل للتباكي والنواح والحديث عن الفشل الأمني.
هكذا درجت  الجماعة على التعامل مع الاحداث التي تجري في اطار مناطق نفوذها، إذ تعمل على لملمتها سريعا وتعلق ملفاتها كأنها من جرائم الشرف، في حين ما تفتأ تستغل أي مناسبة لتذكر بالفشل الامني للسلطات الحكومية في جميع القضايا، وتتخذ من الذرائع الأمنية مبرراً قوياً لتنفيذ أجندتها وزيادة حضورها في المناطق غير الخاضعة لنفوذها.
جماعة الحوثي هي سلطة الامر الواقع غير الشرعية في المناطق الممتدة من محيط صنعاء وصولا الى عمران وصعدة ومناطق في محافظات اخرى رغم كل التضليل  الذي يمارسه اتباعها "اللبقين" عن قدرة الميليشيا عن ضبط  الأمن، بل والمغالطة بالحديث عن وجود الدولة في عمران، لاستغلالها وتحميلها الوزر في مثل هكذا حالات، على أنها تتحمل مسؤوليتها لا تنفك تجاه مواطنيها وأراضيها في ذلك تلك المناطق ..
مجاهدو جماعة الحوثي، وهم سلطة تتجاوز صلاحيتها مهام الشرطة الى مهام هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية، هم من يفتشون الداخل والخارج ويديرون شؤون تلك المناطق ويتدخلون في ابسط خصوصيات الناس وحتى الشجار بين اطفالهم، وبالتالي فهي المسؤولة عن تلك الجرائم، تماما كما تتحمل سلطة عبدربه منصور هادي مسؤولية الجرائم التي تقع في نطاق اختصاصها.
ثمة فرق بائن بين سلطة الدولة وسلطة الميليشيا.. فالدولة برغم كل ترهلها تبقي ملفات القضايا مفتوحة لعل يوما يصادف ان تتلمس خيوطها تزامنا مع طارئ آخر، لكن سلطة الميليشيا تعجل بلملمة انكشافها الذي يعري الزيف فيما تسوقه للراي العام من قدرتها الاسطورية على ضبط الامن في مناطق نفوذها، رغم ان ما يصل الاعلام من الوقائع التي تدور في نطاق سلطتها هو النزر اليسير.
قبل استحداث فزاعة داعش، وقبل ولادتها اساسا، حدثت خلال الاعوام الماضية العديد من التفجيرات والعمليات التي طالت مظاهرات واسواق واماكن اخرى في صعدة، وما ان يتسرب الخبر عبر وسائل الاعلام حتى تسارع الجماعة لادانة الجريمة الظالمة وتحميل الامر على المخابرات الامريكية والاسرائيلية وعملائها في الداخل، ثم تغلق القضية دون ان يسمع خبر حتى عن تشييعهم..
مؤلم جدا ان يذهب العشرات ضحايا بالمجان دون ان يتسبب حدث كهذا حتى ارباكاً لسلطات التحقيق الامنية والقضائية، ودون ان يفتح للقضية ملف في النيابة، لأنه لا وجود لتلك الاجهزة اساسا في دولة "المجاهدين" المدنيين.
وأياً كان الواقع المفروض في عمران وصعدة، لكن المسؤولية لا تنفك عنا جميعاً، ابتداء  بسلطة هادي والمنظمات والصحافة، والرأي العام.
كان التحرك خلال فترة حروب صعدة، أكثر جدية والتزاماً تجاه الانسان والقيم المدنية منه في الوقت الحالي حيث تطغى السلبية، رغم أن تلك المنطقة وامتداداً إلى عمران ترزح تحت سلطة فاشية تحبس الأطفال على شجار بينهم، وحولت ملعباً هو المنشأة الترفيهية الوحيدة في المحافظة إلى معتقل!
لا يجب التسليم بالمطلق بالأمر الواقع والتعامل مع قضايا كهذه وكانها مجرد حدث في إحدى دول أمريكا اللاتينية، فما يحدث خيانة لجزء من الوطن بأرضه وسكانه.
========
نشر المقال في جريدة الشارع اليومية الثلاثاء 16 سبتمبر 2014
 

ليست هناك تعليقات: