الجمعة، 6 فبراير 2015

مواطنون لا رعايا ..




هائل سلام
مجلس وطني إنتقالي مكون من 551 عضوا ( لا ينتخبه الشعب ) ، بل يشكل بقرار من " اللجنة الثورية " ، يختار مجلس رئاسة مكون من 5 أعضاء تصادق على إختيارهم " اللجنة الثورية " . وعلى أن تحدد إختصاصات وصلاحيات المجلس الوطني ومجلس الرئاسة والحكومة بقرار مكمل للإعلان تصدره " اللجنة الثورية ".
بمعنى أن المجلس الوطني ، ومجلس الرئاسة، ومن ثم الحكومة ، هيئات شكلية لاتملك من أمرها شيئا. فـ " اللجنة الثورية العليا " ، المختصة وحدها بـ " اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الضرورية لحماية سيادة الوطن وأمنه واستقراره وحماية حقوق وحريات المواطنين " هي المرجعية العليا للسلطات .
هذا لايصادر كل ضمانات، أساليب ، وآليات الممارسة الديمقراطية فحسب، بل ويرهن ، فوق ذلك ، مصير البلاد والعباد بيد لجنة ثورية عليا مجهولة الهوية ، وإن أعلن أنها بقيادة شخص يدعى محمد علي الحوثي ، فهذا لايغير من كونها " غامضة " وأن القائد المعلن هذا ليس سوى واجهة " بشرية " لقيادة أعلى تدعي " العصمة " وتتوهم أنها " كلية القدرة " .
بتعبير آخر أن القرار السياسي سيؤول، أو بالأحرى أريد له أن يؤول ، بدءا من الليلة ، الى سلطة كهنوتية ، لاهوتية ، لا شأن لها بالناسوت ، الا بوصفه لفظا يشير الى " الرعايا " وليس الى " المواطنين " .
فالمواطنة شأن آخر ، يقوم على أساس من الإقرار بحق المواطنين جميعا ، بلا إستثناء أو تمييز على أي أساس ، في تقرير مصيرهم الجمعي، المتمثل بإختيار شكل نظامهم السياسي ،ومن يمثلهم في إدارة شأنهم العام ،مجتمعا ودولة .
لايمكن لأي " مواطن " حر ، يحترم أنسانيته ، أن يقبل بهذا ، بمافي ذلك ، بالطبع، أعضاء جماعة الحوثي والمناصرين لها ، أو أن هذا هو المفترض بكل من يحترم ذاته وإنسانيته، على أية حال .
واضح أن " المرجعية العليا " لحركة " أنصار الله " تنسى ، أو تتناسى ، أن صعود حركتها وتصدرها ، إنما جاء في سياق ، وبفضل ، ثورة شبابية شعبية سلمية عارمة ، وتغفل أو تتغافل، مع الأسف ، عن إدراك أن الثورة الشعبية السلمية هذه، لا تعترف، ولن تعترف ، بأي مرجعية ، عليا أو دنيا ، مالم تكن مستمدة من الشعب، ومعبر عنها ، بـ " الإرادة العامة " لمجموعه ، وفق آليات ديمقراطية تعكس ، حقا ، الإرادة العامة تلك .

ليست هناك تعليقات: