الجمعة، 20 فبراير 2015

نظرية المعاناة والصِّيَاح

نبيل سبيع
اربطوا الأحزمة!
ضعوا أيديكم على قلوبكم!
أغمضوا أعينكم وتخيلوا وجهاً تحبونه!
ثم خذوا نفَسَاً طويلاً وعميقاً وتوكلوا على الله!
فقد بدأ العدّ التنازلي للتو، وسنقلع بعد لحظات في واحدة من أهم وأخطر الرحلات الجوية التي ستحلِّق بنا في فضاءات العلم والمعرفة الواسعة وتقودنا الى مجاهل وعوالم كونية لم يسبقكم إليها قط إنسٌ ولا جان.
سيداتي آنساتي سادتي!
يمكنكم الآن أن ترفعوا أيديكم عن قلوبكم، وتفكّوا أحزمة الأمان، وتفتحوا أعينكم على إتساع. فقد وصلنا بحمد الله وحفظه الى وجهتنا بأمان.
أهلاً وسهلاً بكم في عالم صالح الصماد!
أهلاً وسهلاً بكم في هذا العالم النادر والفريد من نوعه على مستوى مجرة "درب التبّانة" والمجرات المحيطة بها، والذي اتفقتْ سائر المجرّات على اعتباره "محميةً فضائية" لا تُمَسّ!
إنه عالمٌ واسعٌ ورحْب ومترامي الأطراف يتكون من نيازك وأجرام سماوية وأنقاض كويكبات مُفَجَّرَة وغبار فضائي وسديم ونظريات تهيم جنباً الى جنب مع النيازك والأجرام السماوية. وإليكم آخر وأحدث هذه النظريات: نظرية المعاناة والصِيَاح.
ابتكر الصماد هذه النظرية قبل 24 ساعة فقط، وأعلن فيها عن ميلاد مرحلة جديدة في اليمن. يقول: "كل مايحصل (الآن) هو مخاض لمرحلة جديدة"، أعطاها إسماً جديداً وغير مسبوق في تاريخ التنظير الكوني هو "مرحلة المعاناة والصياح على الجميع".
وترتكز هذه النظرية بشكل رئيسي على مبدأ أساسي هو "مبدأ الأذيّة". يقول الصماد مبشِّراً شعبه: "كل ماسيحصل لن ينال شعبنا فيه سوى القليل من الأذية المؤقته وسيكون النصيب الأكبر من الأذى والمعاناة هو لقوى البغي والنفوذ".
وهنا تبرز أهمية هذه النظرية الفذّة وعبقرية صاحبها كمنظر سياسي خطير لا يشق له غبار. فبينما أعترف لشعبه بما هو مقدِمٌ عليه من "أذى"، فقد طمأنه أنه سيكون أذى قليلاً ومؤقتاً. وبماذا وعد الشعب بالمقابل؟ وعده بكل مايحلم به ويطمح له كل أفراد الشعب اليمني، ألا وهو: إلحاق النصيب الأكبر من الأذى والمعاناة بقوى البغي والنفوذ (العالمي طبعاً).
"فالمرحلة- كما يقول- مرحلة معاناة وصياح على الجميع ولن ينجو منها إلا السائرون في طريق الله بصبر وعزم". وأخذ يتوغَّل أكثر موضِّحاً أن "كل قوى الاستبداد والاستكبار والفساد يصيحون من ثورة شعبنا وعلى رأسهم أمريكا وقوى الاستكبار العالمي ومن يدور في فلكهم اقليميا ومحليا، وجميع العالم يصيح من أمريكا ومن يدور في فلكها".
هنا، يلخص الصماد بشكل مدهش العلاقات السياسية الدولية القائمة في العالم بثلاث كلمات بسيطة وموجزة: "يصيحون مِن ثورتنا" (أي "يصرخون مِن ثورتنا" بسبب الأذى). ويقدّم لنا العلاقة القائمة بين ثورة جماعته وبين العالم ككل بصورة موجزة أيضاً، حيث قال إن "جميع العالم يصيح من" أمريكا وحلفائها. ثم جمع "جميع العالم" مع أمريكا وحلفائها ووضعهم في كفة وقال إن هؤلاء كلهم "يصيحون من" ثورة جماعة الحوثي. (طبيعي جداً: فجماعة الحوثي- كما نعرف جميعاً- هي القوة العظمى المهيمنة على مجرة "درب التبانة"!).
ويمضي الصماد قدماً نحو وضع اللبنة الأخيرة من نظريته: "الأفضل أن نعاني ويصيحوا مننا قوى الاستكبار والفساد مالم فسنبقى نعاني ونصيح منهم كما هو حال اغلب شعوب العالم".
ويخلص في النهاية قائلاً: "ونحن اخترنا الطريق التي سيقف الله معنا ولن نعاني مع الله وهم من سيصيحوا من عظمة هذا الشعب واصراره وصبره".
وهكذا، بعبقريته المعهودة، يضع الصماد الشعب اليمني أمام خيارين لا ثالث لهما: الخيار الأول والأفضل وهو أن نعاني ونتأذى ونتسبب للعالم بمعاناة وأذى أكبر حتى ندفعه للصراخ نيابة عنا، والثاني الأسوأ أن نعاني ونتأذى ونصرخ نحن.
نظرية المعاناة والصياح التي اجترحها الصماد عميقة جداً ولا يمكن سبر أغوارها بمقال بسيط كهذا. لكنّ هذه النظرية، القائمة على مبدأ "الأذيّة"، ستحدث ثورةً كبرى وإنقلاباً جذرياً في العلاقات الدولية، وستكتب إسم صالح الصماد على جبين التاريخ باعتباره أول وأبرز وأهم "منظِّري المعاناة والصِّيَاح والأذيَّة" على مرّ العصور، كما ستقدِّم جماعته كأول جماعة تفتتح عهدها بتبشير شعبها- على لسان أحد قادتها الكبار- بمرحلة من "المعاناة والصِّياح والأذيّة" له وللعالم على حدٍّ سواء.

تهانينا!
====
من صفحة الكاتب على الفيسبوك

ليست هناك تعليقات: