السبت، 30 أغسطس 2014

بيان مجلس الامن.. ومنطق الضرات .. سامي نعمان

  • سامي نعمان
    بقاء اليمن موضوعا تحت المراقبة على جدول اعمال مجلس الامن الدولي يعني ان البلاد ليست بخير، وهي كذلك بالفعل دون مواقف مجلس الامن..
    ليس هناك ما يدع للابتهاج ببيانات مجلس الامن وقرارتها ضد طرف معين من ابناء جلدتك مهما بلغت درجة الخصومة معهم؛ كما وليس هناك ما يدعو للشعور بالعظمة والبطولة، فالمغامرة والمراهقة وتصفية الحسابات لا تكون بالاوطان.. وان تحل الازمات محليا باكبر قدر من التنازلات والتضحية بالمصالح افضل من انتصار مضمون يجلبه مجلس الامن..
    الامر برمته انتقاص من السيادة الوطنية التي تنهش اطراف من الداخل ابتداء، ولا داعي لمنتهكي السيادة ان يذرفوا الدموع او يصطنعوا البطولات لما ترتب على افعالهم من انتهاكها من الخارج.
     مجلس الامن الدولي استدعاه علي عبدالله صالح (الذي بات يشكو العصا الغليظة)، في ابريل 2011 بعد ان تعثرت مساعي توقيع المبادرة الخليجية ومن حينها وهو مدرج على جدول اعمال المجلس بانتظام..
     المجلس خمس دول تحتكر قرار السلم والحرب ضد دول العالم او دعمها او الوصاية عليها.. خمس دول متباينة الانظمة والتوجهات ترى العالم بعين مصالحها فقط، وان تتوحد الخمس الدول في موقفها من الشأن اليمني بقدر ما يراه البعض امرا ايجابيا الا انه من المحتمل ان يكون له اثاره السلبية ايضا.
     موقف مجلس الامن نتاج طبيعي للافعال التي تدور في الداخل، وليس معقولا ان يظل البلد تحت المراقبة وتدور فيه كل تلك المعارك الوحشية وتقترب البلاد من حرب اهلية بفعل اخفاقات سلطتها الرخوة ورداءة الاحزاب، ومقامرات زعماء الميليشيات وامراء الحروب، ويظل هذا المجلس صامتا.. ان فعل فهو بذلك يخون.. مصالحه.
     الاخوة المبتهجون باشارة البيان الى الحوثيين،
    عصا مجلس الامن ان دخلت، فلن تسلط على فصيل ضد آخر، بل ستنهال ضرباتها يمنة ويسرة لتطال الجميع والاولى ان تبحثوا عن نقاط التقاء تؤسس لدولة ترعى الجميع ويشارك في بنائها وحكمها الجميع وبوسائل ديمقراطية شفافة، عوضا عن ان تستقووا ضد خصوم الداخل بوحوش الخارج..
     الاخوة الحوثيون،
    الامر ليس مدعاة للفخر وادعاء البطولات الفارغة.. الامر ليس فتكا بالداخل وايصاله لمشارف حرب اهلية لتحظوا بالتفاتة الخارج لتروجوا للبطولة والقومية وتكملوا سبناريو المؤامرات وتسوقوا امراء الحروب كابطال شعبيين خاضوا معارك دموية حمقاء في مدن اهلة بالسكان قتل فيها عشرات النساء والاطفال والمدنيين وهجر ونزح الالاف.
     ثم يا اعزائي،
    اتذكر خلال فترة حروب صعدة، حين كان معظمكم يتهافتون على المقيل لدى قيادات المؤتمر والتقرب اليهم بالتبرؤ من الحوثي وجماعته درءا لاي تهمة لهم بالحوثية، اتذكر ان بعض ناشطيكم الحقيقيين في الخارج كانوا يوزعون ملفات قضية صعدة وجرائم نظام صالح وعلي محسن الاحمر للامم المتحدة والاتحاد الاوروبي ومحكمة الجنايات الدولية!!
    فهل يعني ذلك انهم كانوا يريدون خدمتهم وليصنعوا منهم ابطالا شعبيين ووطنيين وقوميين.
     ثمة من يواسي نفسه ويضللها بالقول ان نظام صالح فرض الامر الواقع في الجنوب عام 1994 وثبت الوحدة بالقوة رغم صدور قرارت مجلس الامن بعدم فرض الوحدة بالقوة، وان المجلس سيتعامل مع الامر الواقع في الشمال..
     عليهم ان يميزوا بين امر واقع تفرضه دولة لها حيثياتها، وامر واقع تفرضه ميليشيا طائفية مسلحة، تستدل على عدم طائفيتها بخطيب ويؤم في ساحة اعتصامها السلمية المسلحة وهو ضام يديه وتنسى تصفياتها العنصرية من دماج (طريق طريق) وصولا الى ضروان وهمدان..
     التدليس والضحك والفهلوة مكانها الفيسبوك والمقايل وليس مجلس الامن الدولي ايها الفتوات..
     جميعا؛ لديكم وطن،ومتغيرات اقليمية مرعبة، وهناك عالم مصلحي انتهازي، قد يصنع ابطالا شعبيين يجيدون الخطابة والحديث عن القومية والمؤامرات والمظلومين وفلسطين وازدواجية المعايير (على شاكلة صدام حسين) تتجاوز شعبيتهم جغرافيتهم وطائفتهم لكنهم في المقابل ان لم يدمروا دولهم بايديهم بمغامراتهم ويقتلوا ابناءها بالجملة لاتفه الاسباب، استدعوا من يفعل ذلك من الخارج باستمراء مغامرات ومراهقات دموية مكلفة على البلاد والعباد ومستقبلها حروب اهلية وتصفيات بالهوية..
     بامكاننا -جميعا- ان نتعاضد ونؤسس لدولة افضل بكثير مما هي عليه ، بقليل من التعقل والتنازلات والايمان بقيم التعايش والمواطنة والايمان بالدولة بكل اركانها ، لا بقوة السلاح وكثرة المقاتلين او بسطوة السلطة.
     لم نفقد الكثير بعد؛ وبيان مجلس الامن لا يعني شيئا باكثر من جرس انذار ان تم التعامل معه بغير منطق الضرات العقيم.. بامكاننا ان نتدارك دولة، او ننحدر الى دويلات تتسيدها صراعات طائفية ستكون مضرب الامثال للعالم اذ انها ستفتقد حتى لزاوية خضراء مؤمنة لسلطتها والبعثات الدبلوماسية المعتمدة فيها..

ليست هناك تعليقات: