السبت، 16 أغسطس 2014

عن مجزرة رابعة وضرب الأخلاق.. أيمن نبيل


أيمن نبيل
 مجزرة ميدان رابعة العدويّة, اثبت التفاعل معها في حينه أنّ الحزازات وصراعات الهويّة بامكانها ضرب الأخلاق بما هي معيار مطلق: بامكانها جعل الأخلاق نسبيّة حيث يكون هناك معايير اخلاقيّة لـ"نا" ولكن لا تطبق عليــ"هم", ولقد كان التبرير لتلك المجزرة في حينه بل واحتفاء البعض بها دلالة واضحة على كارثة اخلاقيّة كبرى تتغلغل في الثقافة السياسية/الاجتماعية (وكانت هناك دلالات اخرى قبلها عند مختلف القوى قادة وقواعد) حيث ان هناك معياراً مهماً لنا نفحص به السلامة الاخلاقية لاي جماعة او قوّة وهو موقفها من القتل والابادة, وما كان في رابعة هو ابادة مصغّرة, تم فيها قتل وذبح الناس, وحين لا يحرّك القتلُ جماعة بشريّة, اعلم بأن هناك كارثة أخلاقيّة تهدد -وهنا نتحدث بكل صرامة علميّة وليس في الامر اي نزعة انشائيّة- النسيج الاجتماعي و"شكل" المجتمع ووجوده.
............................................
اطلعنا اليوم على صورة لشخص يجلد على الملأ في سوريا من قبل جبهة النصرة لسبب تافه, وقتذاك قفزت الى ذهني محادثة دارت بيني وبين صديق لي أكمل دراسته الجامعيّة في سوريا قبل اندلاع الثورة, وفحوى تلك المحادثة كان سرد الاهانات التي يتعرض لها المواطن السوري على يد ضباط الشرطة والمخابرات في الشوارع العامة والاقسام من صفع وضرب وشتائم لاسباب تافهة ,. وكذلك "الفلكة" كأسلوب مكرّس في مراكز الشرطة لإذلال الناس.
............................................
ان تماثل السلوكيات والاساليب المكرّسة عند الانظمة العربية القمعيّة (وعلى راسها النظامان السوري والمصري) وبين هذه الجماعات "الداعشيّة" يجعلنا نفسر كيفية وجود "قابليّة" في الواقع العربي لانتاج حركات وحشيّة كهذه, لانها ماهي الا نتاجات لهذه الانظمة "الداعشيّة" , وتذكروا جيداً بأن الفكر الجهادي المتطرف ظهر في العالم العربي في كتب ودفاتر المعتقلين في سجون الانظمة القمعية العربية في النصف الثاني من القرن العشرين. 

الداعشيّة كارثة اخلاقية, وهذه الكارثة الاخلاقية مكوّن رئيس لبنية النظام القمعي العربي, كما هي مكوّن اساسي في الجماعات الدينية المتطرفة.

==============
تعليق سامي نعمان: 

الصمت عن الجرائم والمذابح والعنف 
كارثة حقيقية بالفعل تهدد النسيج الاجتماعي.. 
عزيزي ايمن انظر لمستوى الحساسية من اعمال القتل التي تدور البلاد.. 
الاستنكار يتناول المبرر (وهو احيانا التخلف السياسي) اكثر من الجريمة الحرب.
الاف القتلى سقطوا في معارك كاذبة خاطئة، لازالت تدور الى اليوم في غير منطقة يمنية ليس في اي منها قضية يمكن لسوي ان يكون متفهما لطبيعتها..
صحيح ثمة فرق بين المتحاربين هنا (رغم اختلال موازين القوى ورجحان كفتها لفئة باتت تكرس كل ما كانت تسوقه كمظلمومية كتسلوك ممنهج لسلطة الامر الواقع ) عن الفعل في رابعة..
لكن ما هي التبعات الكارثية على النسيج الاجتماعي بالنسبة لالاف الاسر فقد او اعيق عائلها او احد ابنائها.. 
كم ستحتاج البلاد للتعافي من اثار هذه الجرائم الوحشية الفتاكة بنسيجها الاجتماعي

===============
تعليق آخر للعزيز أيمن: 

وما يحدث في اليمن كارثي كذلك .. 
انها حالة عربية عامّة, لان مصائب النخب فيها واحدة. الحركة الحوثية الان في الجوف .. 
وقبلها كانت في عمران, وحين كانت التقارير في عمران ايام الحرب تقول بان الجثث في الشوارع, وان ثلاجات المستشفيات لم تعد تتسع لها (بغض النظر عن صحة ذلك) كان اكثر الناس مشغولين بتبرير الجريمة , او التشويش عليها من خلال الاتهامات والالفاظ العنصرية ........ القتل اصبح امراً عادياً في اليمن, وهذا يعني ان المجتمع اليمني في خطر وجودي, حيث الجماعات المختلفة تبرر قتل "الآخر" والاجهاز عليه بوحشية تحت دعاوى مختلفة , وما يهمني هنا هو المبدأ ذاته: تبرير القتل, ووجود معايير لـ"نا" و لـ"هم" .. وكل من "نا" و "هم" ينتميان لذات المجتمع .. المجتمع اليمني!

ليست هناك تعليقات: